أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - تسلق قمة جبل المعبد















المزيد.....

تسلق قمة جبل المعبد


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 7408 - 2022 / 10 / 21 - 19:47
المحور: الادب والفن
    


كان يا ما كان في قديم الزمان ، و سالف العصر و الأوان ، المهندس الفاشل "باصق" ، الذي استحضر ربه ، و اشتكى له وهو يبرك بين يديه :
- مولاي ، يا ربي الحبيب "أردجوك" ، أدركني أرجوك ، فوضعي النفسي قد تدهور تدهوراً بالغاً ، حتى بتُّ على شفير الجنون !
- هوِّن عليك يا عبدنا ، يا حمار الطمّة ، فلكل مشكلة حل ـ ليس حلاً واحداً فقط ، بل و عدة حلول . قل لي يا عبدي "باصق" ، ما دواعي تدهور وضعك النفسي ، و أنت مهندس فاشل ، تحوَّلت للاشتغال حائفاً فاغتنيت ، و مركزك الحساس سفيراً لحزب جبل المعبد يسمح لك بالهبر و الطبر ليل نهار ، حتى بتَّ من أغنى أغنياء عبادي الحمير في جبل المعبد هذا ؟
- إنه الطموح الرهيب الذي ما برح يأكل فؤادي : أريد تسلق مراقي سلطة جبل المعبد بأسرع ما يمكن ، لأتربَّع على كرسي أم قمته ، فأمارس الطبر و الهبر على راحتي وبكل أريحية وسعة صدر حين أصبح رئيساً مهاباً : أأمر فأطاع ، و أغدوا أغنى أغنياء العالم بلا منافس . أليس كل هذا الطموح المتواضع أمراً مشروعاً ، بل و مستحباً في دينك الحنيف ، يا ربي الكريم "أردجوك" ؟
- أجل ، بالتأكيد ، بل إنه فضيلة مباركة . طوبى لك يا عبدي حمار الطمّة ؛ دونك سلالم سلطة المعبد ، تقحَّمها و أنا ظهيرك – تسلَّق على أكتاف الآخرين واحداً بعد واحد ، وانظر اليهم و انت تصعد فوقهم باحتقار و أنفة من عُلاك . ثم اشغلهم بتلقّط الفتات الذي ترميه إليهم ، وتكفّل أنت بغرف و احتضان الذهب المصفّى لنفسك . واصل تسلق الأكتاف حتى تتربع على القمة بلا منازع .
- المشكلة هي كثرة عدد المنافسين ممن تجب ازاحتكم ، و أغلبهم من أقارب "ألج الحنقباز" ؛ و أنا – مثلما تعلم أيها الرب الجليل – ولوع بالعمل وفق مبدأ حرق المراحل ، فالعمر قصير .
- بسيطة ، ضع نفسك في خدمة "ألج الحنقباز" مباشرة بترتيب لقاءات متواصلة له مع رؤساء بقية المعابد ، و أغرقه مدحاً و تقريضاً . أخدم لكي تًخدم ، و تمَسْكَن لتتمكَّن .
- حاولت طويلاً وبشتى الطرق ، ولكن ما من فائدة لكثرة حاشيته من الكهنة المتزلفين .
- بسيطة ، أغرقه و أهله بسيل من أنفس الهدايا من سفاراتك الكثيرة .
- ولكنها غالية ، و أنا أرتعب من الفاقة و العوز .
- وا مرحباً بعوز اليوم ما دام يؤدي للإثراء الفاحش في الغد .
- هل ستنجح هذه الخطة ؟
- تنجح بالتأكيد إن أردفتها بالمدائح الطنّانة ؛ و إن رتبت له اللقاءات مع رؤساء بقية المعابد ، وهو ما سيتيح لك التفرد به و تلقيط قراده ؛ و إن نوّمته مغنطيسياً بالترديد المتواصل أمامه للشعارات الرنانة .
- مثل ماذا ، مولاي المعظم ؟
- مثل امتلاكك لرؤية عميقة وخطة محكمة لإصلاح حزب المعبد بما يثير اعجاب رؤساء بقية المعابد . أسمعه عبارات مخادعة مثل : "حزبنا لا يريد أن يكونَ شعبنا وقوداً لصراعاتِ الآخرين ، وهو يرفض كل مظهر من مظاهر الاستبداد و الفساد والمحاصصة" .
- وكيف نصلحه وهو مبني على الطبر و الهبر ، و رياح جيفه واصلة لبلاد الواقواق ؟
- يبدو أنك حمار طمّة بالوراثة ، وهذا أمر مفهوم ، لأن العرق دسّاس . إسمع ، يا هذا ، كل هذا هو مجرد كلام أجوف لذر الرماد على العيون ؛ هو وسيلة لإقناع "ألج الحنقباز" بحاجته الماسة اليك قريباً منه لعبقريتك وفائدتك له و لأهله .
- و لكنني مثلما قال جنابكم العظيم مجرد "حمار طمّة" بالوراثة ، فكيف سأستطيع اقناعه بعبقريتي ؟
- دعه يركبك ، فكل راكبي الحمير يؤمنون بعبقرية حميرهم في ايصالهم لما يبتغون ؛ و لا تنس ترديد أغنية "حب إيه" كلما تطرق حديثكما الى أحد من أقرب المقربين اليه . لتنتقل من بعدها مباشرة الى أغنية "واثق الخطوة ، يمشي مَلَكاً" اشارة للمقام السامي لممتطيك .
- وَجَبْ ، مولاي العظيم !
- و لا تنس أن تدفع لي حصتي : نصف حصيلة سرقاتك من كل حدب و صوب و نوع بالتمام و الكمال و أولاً بأول ؛ و إياك إياك أن تهز ذنَبك ، فأنا عالم بكل شيء .
- أقسم لك بشرفي أن تسديدي لكامل حصتك هو عهد على رقبتي هذه ، يا ربي المبجل .
- يفوتك من الكاذب صدقاً كثيراً .
- لا على بختك ، يا مولاي العظيم . أنّى لي أن أغمطك حقك المستحق و أنت ربي ، و أنا عبدك المطيع ؟
- لأن الذهب رب ثانٍ ، و لست واثقاً كل الثقة من ايثارك لي عليه لعميق وجدك به . و لكن ، أقسم لك يا باصق أنك إن خنتني لأعيدنك لدفع عربة الاسمنت و أنت تدير بعنقك كالقرود ، فاهم ؟
- فاهم ، يا ربي العظيم الجليل المبجل .

بعد أن حقق باصق كل أحلامه الوردية عبر اتباعه كل وصايا ربه بحذافيرها ، و آن أوان التجديد لمنصبه ، ظهر له ربه أردجوك من جديد .

- عمت مساءً أيها العبد الضال . لقد آن الأوان لإنزالك من علياك الى الحضيض الذي جئت منه ! أبرك !
- قد بركت ، يا ربي اللطيف .
- تفو ، جايف !
- رحماك يا مولاي الجليل ، فإنني ما خنتك قيد شعره .
- صه يا رقيع ؛ يا جائف .
- أقسم لك أنني قد حوَّلت لك عشرة أطناناً من الذهب ، و ها هي كل الوصولات التي تثبت صحة التحويل .
- صحيح ، و استبقيت تسعين طناً لنفسك ، أيها الحرامي الخائن الحقير .
- هل صحيح أن سرقاتي طوال تسع عشرة سنة قد بلغت كل هذا المبلغ ؟
- و أكثر ! أنت تمتلك الآن حصصاً في ذهب ما تحت الأرض الذي لم يترسمل بعد !
- رحماك يا مولاي الرحيم المبجل ، فقد أخطأت في احتساب مبالغ سرقاتي ، و اختلط عليَّ الحابل بالنابل . أقسم أنني سأصلح هذا الخطأ العفوي الآن حالاَ .
- إفعل فوراً ، و حوّل لحسابي ثمانين طناً من الذهب ، و استبقي عشرة لك فقط يا حمار الطمّة ، سامع ؟
- سمعاً و طاعة ! حالاً ، و على التو و اللحظة ، مولانا الجليل . ها هو هاتفي المحمول ، لقد حوّلت الآن لك من حسابي كل الفرق بالتمام و الكمال .... أنظر ، هذه هي تفاصيل التحويل ، بالأبيض و الأسود . أغفر لي سهوي ، ربي العظيم !
- أنبيك أنني قد استبدلتك ببغل أخرق منك ، و لكنه أوثق منك ، فقد سدد لي كل مستحقاتي ، 95% من سرقاته ، بالتمام و الكمال !
- وا ويلاه ! وا خسارتاه !
- إسمع ، أيها العبد الضال الزنيم ، إن سددت لي 99% من أموال سرقاتك طوال تسعة عشر عاماً ، فقد أفكر بإعادتك لمنصبك من جديد ، بعد سنوات أربع ! تفو ، جايف !
- حاضر يا مولاي الجليل . سمعنا و أطعنا . لقد صدقت جلالتكم ، أنا عبد ضال زنيم جايف !



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصيحة من القلب للسيد محمد شياع السوداني المحترم
- الكلبان السائبان لبلوب و صدبوب
- مات مفتي الناتو : القرضاي
- خنزيرة لندن تستقيل
- العدوان الارهابي الأخير على أهالي غزة : حلقة جديدة في مسلسل ...
- في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب ، قصيدة : -صُرّةُ ...
- بايدن و ابن سلمان : السمسار الخرف يستنجد بمومساته العتيقة
- مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع ...
- مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع ...
- مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع ...
- مراجعات لمقال لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجعية والظل ...
- مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع ...
- في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب ، قصيدة : -صُرّةُ ...
- يجب تكريس ضريح الشهيدة شيرين أبو عاقلة مزاراً مقدساً للعرب و ...
- شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (5-5)
- شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (4-5)
- شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (3-5)
- شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (2-5)
- شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (1-5)
- قبقاب طفلة ترشيحا المفقودة


المزيد.....




- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - تسلق قمة جبل المعبد