أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى الحسناوي - أطروحة في السياسة الممكنة















المزيد.....

أطروحة في السياسة الممكنة


مصطفى الحسناوي

الحوار المتمدن-العدد: 7407 - 2022 / 10 / 20 - 00:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تنهض السياسة دوما على وجود الحاكمين والمحكومين،أي من يملك السلطة ويكون مهيمنا ومن لا سلطة له ويكون مهيمنا عليه،الى خاصة وعامة،طبقة الأوليغارشيا وحشود الدهماء.يكون دوما مطروحا على السلطة وضع خط قسمة بين الداخل والخارج،بين عملية الدمج وعملية الإقصاء،والفصل بين المظهر الجواني والمظهر البراني لها.بدون ذلك لا يمكن لسيادة الدولة التي هي البراديغم المؤسس والمراد الحفاظ عليه اكتساب أحقيته في الوجود وشرعيته .تنبني هذه السياسة الحكومية على الظاهر والباطن، الريكتو والفيرسو كما في ورقة من نوع A4 ،وكل وجه على حدة يتضمن كتابات ورموزا ورسوما مغايرة للوجه الآخر،لأن كلا منهما يتضمن محتوى خاصا به ،ويواجه واقعا مغايرا للآخر.لكن كلا الوجهين : الريكتو والفيرسو/ الظاهر والباطن يظلان "خطيرين" على مستويات مختلفة ولأسباب متنوعة.هل يمكن التفكير في ممارسة للسياسة لا تضع نصب عينيها كهدف أساس مسألة الاستحواذ على السلطة،أو الحصول على قطعة من كعكتها أو نصيب من غنائمها؟.هل يمكن التفكير في سياسة لا تضع كسقف مطلق لتحققها، أن تصير سياسة حكومية أو مرتبطة بنظام حكم معين؟. ثم هل يمكن التصور بألا يكون كل هم المحكومين، منحصرا في إعادة إنتاج سياسة الحاكمين بالرغم من كل مكوناتها السلبية؟.هذا الموقف أو السلوك يفترض بالضرورة التوفر على قيم وأنماط وجودية مرتبطة بإطيقا الاستغناء،تلك الإطيقا النادرة والمتميزة التي لا يحوزها/ يمارسها إلا القليلون، سواء كأفراد أو كجماعات. نفكر مثلا في فاكلاف هافل الذي ألف كتابا في هذا المنحى، عن نضال سياسي ثقافي مدني لا يكون الحصول على السلطة سقفا أو مطلبا له،هافل الكاتب المسرحي والمثقف الطليعي والمنشق السياسي الذي وجد نفسها في خضم النضال ضد النظام البوليسي في بلاده التي كانت (تشيكوسلوفاكيا) .نفكر في مارتن لوتر كينغ المناضل من أجل حقوق السود الأمريكيين،في نلسون مانديلا المناضل الفذ ضد الأبارتهايد، و الذي وجد نفسه مضطرا لتولي منصب الرئاسة في إفريقيا جنوبية ما بعد الميز العنصري، بديمقراطية متعددة الأعراق والألوان ،لكنه سرعان ما تخلى عنه، كما فعل فاكلاف هافل أيضا،نفكر في جماعات وأفراد آخرين.تحيل الأسئلة الواردة أعلاه بالضرورة على سؤال آخر،ما الذي يصيره رهان الحكم، بالمعنى الكلاسيكي للكلمة،حين يتم انتزاعه من احتكار الحاكمين له، وتفكيره انطلاقا من موقف المحكومين وحدهم؟.إذا كان الأولون أي الحاكمين وقود السلطة أو السياسة الحكومية ونارها،فإن الآخرين أي المحكومين ،هم حطبها.ليست السياسة التي لا تروم التحقق في أفق الاستحواذ على نظام الحكم،ليست سياسة غير سياسية بل تكمن فرادتها وتميزها في كونها غير خاضعة لتوجه ايديلوجي،فالناشطون الحقوقيون والمدنيون والمنشقون الذي كانوا وراء الانتفاضات في الجمهوريات السوفياتية القديمة لم يكونوا هم أنفسهم الذين احتلوا الصفوف السياسية الأولى(بولونيا نموذجا).تستجيب السياسة غير الحكومية،تلك التي لا تضع الحصول على السلطة هدفا وحيدا لها للعديد من المحفزات ،تسلك مسارات متنوعة، وتتبنى طرقا جد مختلفة،لكن فضاء ومضمون ممارستها يمتلك انسجامه وتماسكه الخاص.إن ممارسة السياسة دون الرنو الى الحكم،ولا الدعاية لحاكمين جدد ومساندتهم،ولا إلغاء الاختلاف بين الحاكمين والمحكومين، هو البرنامج الذي يؤول إليه اصطلاح السياسة غير الحكومية.إنها سياسة بلا قادة وزعماء،بلا خط إيديلوجي ولا حزب طليعي .يعني الالتزام بها إذن التخلي عن استثمار الممارسة السياسية من أجل الحلول مكان نظام حكم ما، سواء عبر استبداله أو القضاء عليه وتنصيب قادة يكونون،في نهاية المطاف،جديرين برسالتهم.لا يعني هذا النوع من النشاط الانسحاب من السياسة،لأنه يضطلع بانشغالات أخلاقية وبكفاءات علمية أو تقنية، تجد مكانها اللائق داخل هذه السياسة غير الحكومية.لا يتعلق الأمر بنوع من السلوك المتعالي عن الصراعات و المعارك التي تقسم المجتمع،والمتجاهل لها، ولا بانجاز خبرة من طرف خبراء يجسدون في ذاتهم علاقات سلطة .هذه النزعة ليست لا سياسية تماما كما أنها ليست حكومية، وتمثلها بهذه الطريقة يعني أنها يمكن النظر فيها كسياسة للمحكومين،بل السياسة الممارسة من طرف المحكومين من حيث هم كذلك.يجب القول بأن هذا الانخراط غير الحكومي متواضع بالضرورة في ممارساته وأهدافه، والكثير من النشطاء المدنيين يضفون هذه الصفة على أنفسهم مما يضاعف من أهميتهم وقيمتهم ،لأن حضورهم الفعال هو الضمانة الأساس للنزاهة والإخلاص ويكشف عن اهتمام بتحقيق خطوات متقدمة ملموسة، نادرا ما يقوم بها محترفوا السياسة بالرغم من أن خط القسمة على صعيد الممارسة بين ما ينجزه الحاكمون وما ينجزه المحكومون، يظل مشوشا لاعتبارات متعددة.يمكن للحاكمين أن يتبنوا خطابات ومطالب المحكومين ويمارسوا الوصاية عليهم ويقوموا بتهريب إنجازاتهم، (مثلا بصدد المطالب الحقوقية وبصدد خلق نوع من التماهي بين اهتماماتهم والاهتمامات الأكثر شعبية المنبثقة من المجتمع المدني)ويمكن للمحكومين القيام بإنجازات ذات طابع حكومي (مثلا حين تدخل المنظمات الإنسانية في حالات الحرب والكوارث البيئية.ومحاربة الفقر والجوع...الخ).إن القول إذن بأن السياسة غير الحكومية هي سياسة المحكومين، لا يعني التأكيد أن ممارسيها يجهلون رهانات السلطة أو أنهم يحترمون معايير الحاكمين أولا يملكون وسائل الحكم، بل يتعلق الأمر بالأحرى بأن هذه الممارسة تصدر عن انعدام التسامح إزاء نمط للحكم سواء كان منفذا من طرف دولة ،منظمة دولية،مؤسسة عمومية أو مقاولة خاصة.كون طبيعة التزامات النشطاء غير الحكوميين تبقي عليهم بعيدا عن الدائرة الحكومية، لا يقود هؤلاء ضرورة الى نفي هذه الدائرة وتجاهلها.يمكن بالأحرى القول بأن الحكومة هي الموضوع المكون والفاعل في تسييسهم،شريطة ألا يحيل الاصطلاح على مستوى،عام أو خاص،يمارس سلطة الحكم،ولا على نمط اجتماعي يستفيد من هذه الممارسة سواء كان البيروقراطية،البرجوازية أو غيرهما، بل يحيل فعلا على الطريقة التي تمارس بها هذه السلطة .ليست الشرعية التي يضفيها الحاكمون على أنفسهم،بلغة أخرى،هي التي تجابهها السياسة غير الحكومية وتضعها موضع أزمة،ولا المصالح ، التي تخدمها،بل بالأحرى نمذجة وتدبير هذه السياسة الحكومية وآثارها.ما يتم الاتفاق عليه ولو ضمنيا،بالرغم من تنوع اهتمامات وانشغالات هؤلاء النشطاء،واتساع خريطة اتجاهاتهم الإيديلوجية، هو الموقف الحاسم المعبر عنه بأن "لا يكونوا محكومين بهده الطريقة"،وهو الموقع الذي يجتمع حوله النشطاء غير الحكوميين.هل يقول انعدام التسامح إزاء نمط الحكومة والمشار إليه أعلاه،الرغبة في ألا يكونوا محكومين أبدا؟.أو أن الأمر على العكس يترجع على الأقل البحث عن معايير يكون احترامها كافيا لقبول واقع أن يكونوا محكومين؟.يطرح فوكو في محاضرة بعنوان(ما هو النقد؟النقد والتنوير)ألقاها بتاريخ 27 ماي 1978 أمام أعضاء الجمعية الفرنسية للفلسفة ونشرت عشر سنوات بعد هذا التاريخ في مجلة الجمعية،(لم ينشر نص هذه المحاصرة ضمن مجلدات (أقوال وكتابات) لسبب غامض.)،يطرح صاحب (المراقبة والعقاب /1975)في نص محاضرته تلك ما يسميه(رفض أن نكون محكومين وفق "هذه الطريقة").ينطرح هذا الرفض المميز،ويتحدد حسب فوكو،باعتباره موقفا نقديا يؤول تبلوره وانعلانه إلى الموقف الذي تجسد في فنون وتقنيات الحكم منذ القرن السادس عشر ،والذي ترتبط قوته تحديدا،بالطابع اللامعين، و اللامحدد لتحفيزه.يعود تاريخ هذه الموقف النقدي الى الرعوية المسيحية أو الكنيسة المسيحية التي قامت بنشاط رعوي تحديدا و بلورت فكرة متميزة لكنها غريبة كلية عن الثقافة القديمة (اليونانية)بأن كل فرد،مهما كان سنه،وضعه الاعتباري من بداية حياته إلى نهايتها وحتى في أدق تفاصيل أفعاله، يجب أن يحكم (بضم الكاف)وأن يسلم قياده لحكم الآخرين،الذين يقودونه نحو خلاصه، شخص ما تربطه به علاقة شمولية ودقيقة،مفصلة ومبنية على الخضوع في الوقت نفسه، يجب أن تتم عملية التوجه نحو الخلاص داخل علاقة خضوع لشخص ما ضمن علاقة ثلاثية مع الحقيقة : الحقيقة المدركة كدوغم (أي اعتقاد يقيني )، والحقيقة التي تكون حقيقة أيضا في الإطار الذي يتضمن فيه هذا التوجه نمطا من أنماط المعرفة الخاصة والمفردنة للأفراد وأخيرا،في الإطار الذي يشتغل فيه هذا التوجه كتقنية مفكر فيها متضمنة لقواعد عامة،معارف خاصة،توجيهات،مناهج للفحص والامتحان،للاعتراف وللتحاور، ...الخ.يجب ألا ننسى بأن ما سمي،طيلة قرون،في الكنيسة اليونانية Techné Technon وفي الكنيسة الرومانية اللاتينية as artium، كان تحديدا توجيه الضمير وقيادته.لقد كان فن حكم الناس،وهو الفن الذي ظل ،بالتأكيد،مرتبطا طويلا بممارسات محدودة نسبيا، حتى في المجتمع إبان القرون الوسطى،مرتبطا بالوحود المتعارف عليه،و ممارس خصوصا داخل جماعات وطوائف روحية محدودة العدد نسبيا يعتقد فوكو،بأنه بدءا من القرن الخامس عشر وقبل الإصلاح ،بالإمكان الحديث عن انفجار حقيقي لفن حكم الناس،توجيهم وقيادتهم،وهو الانفجار الذي اكتسى معنيين اثنين. لقد وقع أولا تحول بالمقارنة مع البؤرة الدينية الحاضنة لهذا الفن ،أي نوع من العلمنة، لتنتشر تيمة فن حكم الناس هذه ،داخل المجتمع المدني في ميادين ومجالات متنوعة : كيف نوجه الأطفال،كيف نحكم الفقراء والمتسولين،كيف نحكم عائلة وبيتا،كيف نحكم الجيوش، ومختلف الجماعات والمدن والدول،كيف نحكم جسدنا الخاص،روحنا الخاصة.لقد كان سؤال : "كيف نحكم "،من الأسئلة الأساس التي وسمت ما جرى في القرنين الخامس والسادس عشر،وهو سؤال استجاب له تعدد وتناسل فنون حكم مختلفه،فن بيداغوجي،فن سياسي وفن اقتصادي،وتناسل العديد من مؤسسات الحكم ،بالمعنى العام الذي كان لكلمة حكم في تلك الفترة.لكن نمط الحكم هذا تغير،ولم يعد يمارس بنفس الطرق السابقة ،لكن من الضروري إضفاء نوع من النسبية على أبعاد هذه التغيرات وتزامنها. تشير تعليقات فوكو وردود أفعاله الفكرية الى ذلك ،في المحاضرة الآنفة الذكر،بحيث يبدو كما لو أننا دخلنا عصرا ما بعد انضباطي إن الحديث عن هذه التحولات لا يعني بأن الأشكال القديمة قد ماتت فإخضاع الأرواح عبر ترويض الأجساد قد ترك مكانه ،على ما يبدو،لنوع من الدعوة إلى الاستقلال الذاتي،فإذا أريد إخضاع الناس يلزم الآن تذويتهم،لا تحويلهم إلى مجرد رعايا على النمط القديم،رعايا خاضعين لشخص الملك،بل تحويلهم إلى ذوات بالمعنى الحديث للكلمة،تتوفر على وعي ومسؤولية،أي قادرة إذن على الاستجابة لانتظارات المهيمنين،دون المرور عبر أشكال العقاب العنيف والقاسي التي غالبا ما تكون غير منتجة.يطرح فوكو في المحاضرة ذاتها بأنه لا يمكن فصل الحكمنة la gouvernementalisation التي هي السمة الأساس للمجتمعات في الغرب الأوربي إبان القرن السادس عشر،عن سؤال : "كيف لا نكون محكومين؟".لا يعني ذلك عند فوكو أن الحكمنة قد تتعارض ضمن نوع من المجابهة وجها لوجه، مع تأكيد معاكس لها هو "أننا لا نريد أن نكون محكومين أبدا".يعكس هذا القلق حول نمط الحكم والبحث عن أنماط الحكم،سؤالا مطروحا باستمرار،هو : (كيف نكون غير محكومين بهذا الشكل،من خلال نمط معين ،وباسم هذه المبادئ أو تلك،وفق أهداف محددة،وعبر وسائل،لا حسب هذا النمط،لامن أجل هذا،ولا من أجلهم....).إنه الموقف النقدي الذي يلزم وصعه بجانب حركة الحكمنة التي اشتغلت على مجتمع الأفراد عبر إدماجهم التاريخي، وعبر انتشارها الكبير في آن.ينعلن هذا الموقف النقدي كشريك وكمنافس في الوقت نفسه لفنون الحكم ،طريقة للحذر منها،رفضها،تحديدها،وتحويلها ،محاولة الهروب من هذه الفنون أو تحويلها والتي أدت الى ولادة شيء في أوربا،شكل ثقافي عام، أخلاقي وسياسي في آن،طريقة في التفكير قد يسميها فوكو ببساطة (فن ألا نكون محكومين أو أيضا فن ألا نكون محكومين بهذه الشكل وبهذا الثمن).يصاغ التحديد الأول للنقد حسب مفكر السلطة، وفق التعبير العام التالي : فن ألا نكون محكومين بشكل مفرط.يلزمنا حين النظر للوضع الاعتباري للمحكومين تفادي تقديسهم،كما يفعل الكثير من المحللين و المثقفين المفرطين في الحماسة حين يضفون طابع القداسة على"شعب ما" ،فالمحكومون لا تسحقهم بالضرورة تقنيات الحكم كلية والتي يكونون موضوعا لها ،وليسوا أبطالا قادرين بفضل قوة تمردهم الفردي والجماعي وحدها،على ابتكار مصير أو بديل حقيقي.وبلغة أخرى فإن المجهود المبذول لفهم ثقافات وممارسات المحكومين، يجب أن يتخلص من النظرة البئيسة التي ترى فيهم مجرد بؤساء وضحايا وتختزل وضعهم الاعتباري في ميكانيزمات السلطة التي هم مادتها،ومن النظرة الشعبوية الديماغوجية التي تتصور اختيارات المحكومين وأفعالهم كتركيبات دلالية مستقلة. حين نستغور الطبقة التحت سياسية، نتجنب بالضرورة هاتين النظرتين الاختزاليتين، ونقرأ ما بين السطور الخطوط الواضحة للهيمنة والمقاومات الخفية والممارسات المتوافقة ظاهريا مع مطالب السلطة والاحتجاجات العامة.الأمر أيضا لا يتعلق بمجرد حساسية اتجاه الوضع الاعتباري للمحكومين ،لأن الافتراض بأن هناك مدرك حسي مشترك يحرك هؤلاء،أو أنهم يتوفرون على رغبة في أن تتم قيادتهم بطريقة لائقة ،أو يرفضون كل سلطة،لأن ذلك معناه توفرهم على وحدة من الصعب تصديق وجودها لديهم،أو أيضا افتراض أن انخراطهم في السياسة سيكون مؤقتا وقسريا في آن.يحتكر الحاكمون السلطة وشرعيتها،لكن السياسة التي لاتضع الحصول على الحكم سقفا لها، أو السياسة غير الحكومية تطرح/ تبتكر شرعية أخرى بديل قد تحد من تدخلات الحاكمين في حياة المحكومين، شرعية مستمدة من فئات المهمشين والمشردين والأمهات العازبات والعاطلين عن العمل والمستهلكين ..الخ. بإمكان النشطاء المدنيين(من الضروري أن يكونوا مستقلين)استعمال شرعية الدولة استعمالا تحويليا، عبر الكشف عن التناقضات بين الإجراءات والقرارات والخطوات الحكومية والتي يعتبرونها أهدافا لهجوماتهم وتبني منظور آخر عبر خلق بؤر للشرعية متميزة واختلافية.من بين التمايزات التي تستقطب حقل السياسة غير الحكومية نجد التعارض الذي يقسم الاستراتجيات النضالية بين تلك التي توجه هؤلاء النشطاء الى التعبئة لتغيير المعايير القانونية،أو الإجراءات الإدارية المرتبطة بالنظام الحكومي، وتلك التي تؤدي على العكس إلى التنظيم الذاتي من أجل الإفلات من طلبات واستدعاءات وإغراءات هذا النظام سواء عبر تحييدها أو مجابهتها وجها لوجه.غالبا ما يلفي المحكومون أنفسهم متأرجحين بين استقطابهم من طرف السلطة ،أي من طرف الحاكمين،أو بين الإفلات من ذلك ومقاومته.انه نوعا ما التموقف النقدي إزاء منطق الدولة المتعلق بالنظام العام المنظم للحريات المدنية، واحتراف الحقوق الإنسانية ومطالب العدالة الاجتماعية بالنسبة للمحكومين، وتأسيس طرح دولة الحق والقانون كتحديد لحق الدولة.أحيانا كثيرة يختار الحاكمون إضفاء بعض سمات الشفافية بجرعات مضبوطة، حتى يتخلوا عن مسؤولياتهم وواجباتهم (حين يفرضون مثلا إجراءات وقيود التقشف في مختلف المجالات).ما يلزم التأكيد عليه،في المقام الأخير ،هو أن حقول السلطة متعددة، وأن المحكومين غالبا ما يحكمون(بضم الياء) من طرف الحاكمين بطرق متنوعة، خصوصا حين يتم الانتقال من حقل الى آخر،بحيث يطرح على المحكومين السؤال التالي :أي الحقول يفضلون؟،مع ضرورة التأكيد على أن الأمر لا يتعلق بالسؤال الكلاسيكي المألوف المرتبط بمعرفة ماهي الحكومة الجيدة وما أحسن الأنظمة السياسة،الأكثر عدلا من بينها أم الأكثر حرية،الأكثر صرامة من حيث المبادئ أم الأكثر براغماتية من حيث الآثار التي ينتجها ويخلفها. سيكون هذا السؤال الأكثر تواضعا وامتدادا، لأنه يطال مختلف مستويات التنظيم الاجتماعي و هو معرفة كيف يمكن التعامل مع الهيمنة ،ومع مختلف تقنيات الحكم المطبقة وأوامرها وضوابطها التي تكون ،في أغلب الأحيان،متناقضة؟.



#مصطفى_الحسناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول بيوغرافيا ديريدا
- السلطة عند فوكو
- هوامش حول -عين الاختلاف- لمحمد الهلالي
- سقراط في زنزانته
- بصدد دولوز وكاتاري أو نحو خرائطية فلسفية رحالة
- هلْ الحَياة الكريمَة مُمْكِنَة ؟
- سبينوزا: في أن الإنسان الحر هو الإنسان العقلاني
- كارل شميث أو تصورٌ للسياسة قائم على الصراع
- مع ماركس
- الشعب يريد...


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى الحسناوي - أطروحة في السياسة الممكنة