أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى الحسناوي - بصدد دولوز وكاتاري أو نحو خرائطية فلسفية رحالة















المزيد.....



بصدد دولوز وكاتاري أو نحو خرائطية فلسفية رحالة


مصطفى الحسناوي

الحوار المتمدن-العدد: 7399 - 2022 / 10 / 12 - 04:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يموت فيليكس كاتاري Guattari ليلج و اسمه الشخصي زمن الحدث الخالص أو الصيرورة، و ليشير إلى شي ما متعلق بنظامهما، و لينفتح على خط السرعة المذهلة/ المتاهية الذي هو جُمٌَاعُ خطوط ماكنة الكتابة -الحياة. مؤكد ان خط الترحيلات الجذري هذا، لن يكون بالنسبة اليه سوى اثارة لاكثر الصيرورات الغازا: الصيرورة الكثيفة-الحادة- الحيوانية واللامدركة. لا شان لخط الصيرورة المتعدد هذا بالماوراء، بالذاكرة. او بالحداد المثقل بهسيسه الغروبي، لان الصيرورة(: صيرورة الجسد- الكتابة)، لا اصل ولا غياب اصل لها، بل لها الوسط المتسارع، الذي يصل السرعة المطلقة للحركة، التي عبرها يتحرر الخط جاعلا النقاط(: نقاط الجسد، اعضاءه ووظائفه، ونقاط الكتابة، توازناتها وتناميها)، جذمورية وغير قابلة للتمييز. موت فليكس كاتاري هنا( : الهنا كفضاء للترحيلات لا للاسيجة)، ولوج لحيز هذه الصيرورة- الجذمور، انفتاح على القبائل، الشعوب، التعدديات الاخرى، التي اختبرها ولازال الفليلسوف- الساحر، وعلى الحيوانات والتحالفات والمفاوضات الملغزة، التي تضع هذا الفيلسوف امام اخيارين: اما يكف عن الكتابة او يكتب كحيوان، كجذمور، يبتكر مداخل ومخارج لا نهائية، ليصير الساحر بامتياز، يختار الكتابة – الصيرورة ، l ecriture – devenir المخترقة من طرف صيرورات غريبة، ولانه يرى الحيوان باعتباره الساكنةPopulation الوحيدة التي يرى نفسه مسؤولا قانونيا امامها، وليلفي نفسه ملتزما بسياسة السحر، تبعا لا لتزامه بسياسة الصيرورات الحيوانية: السياسة التي تتبلور داخل تنضيدات لا علاقة لها بالعائلة، بالدين او بالدولة لانها تعبير عن الجماعات، واقليات مقصاة، ممنوعة او متمردة، او كائنة دوما على هامش المؤسسات المعترف بها، باعتبار الفيلسوف، انسانا سياسيا، انسانا ماكنة homme machine، وانسانا تجريبيا، حسب قول دولوز وكاتاري في كتابهما عن (كافكا). لذا لن يكون موت كاتاري الخط الاخير والحاسم، اذ لا اصل ولا بداية ولا نهاية ولا غائية تنتظم هذا الخط، ولانه ايضا شبيه بهيسية Heccéite،ينتظم كل شيء داخلها حسب علاقات السرعة والبطء، بين الجزئيات، وحسب سلطة التأثير وقابلية التاثر، تماما كما جسد لا يتعدد انطلاقا من قيم متعالية بل من التنويعات التي تطال وجوده، وتحدد الانماط المحايثة له. صحيح ان الماكنة الفلسفية الإبداعية Deleuze – Guattari التي عودتنا عليها دار النشر( مينوي) لن تنتج خارج الكتب الانقلابية الأربع شيئا آخرا، وان دولوز سيلوذ بملاذ عزلته المسكونة بالصيرروات، وشيخوخته المسائلة/ المرحة، لكن الكثافات الفكرية والمفاهيمية التي ضمتها كتب( : ضد اوديب، كافكا،النجود الالف، ما هي الفلسفة؟)، ستظل مشتغلة ما بعد الوفاة، في لحظة مستقبلية متعددة لن تكف عن الإتيان، كما اشتغلت تحديدا في حاضر كتابتها، في تاريخيتها الرحالة، وفي ما كتبه كل واحد منهما على حدة. لنحاول مجاورة كاتاري من داخل هذا الانجاز الباذخ تحديدا، الذي اضطلع به مع يده الحميمية الاخرى، صديقه دولوز. الامرهنا يتعلق بكتابة مذهلة رحالة، مرحة ومتحررة من اسر البديهيات والفرضيات المعرفية، تكسر السننCodes، تغير العلامات، وتعبر الخطوط، مقحمة الفلسفة في مدارات ملغزة، وممرات لم تجترح قبلهما، انعلنت منذ ( ضد- اوديب) : الكتاب النهم، الشرس، واللاهث، الخاطف السرعة احيانا، الطريف، شان سيل يندلق داخل معمار توضيحي بسيط، وصولا الى كتاب الشيخوخة المرحة وسؤالها( ما هي الفلسفة؟)، مرورا بالكتاب الانقلابي/ التمائمي [كافكا] حيث تنكتب الروايات و القصص الكافكاوية القصيرة و رسائله إلى خطيبته Felice ، في حيز قوى كافكا، سياسته و علائقه الملتبسة الصعبة: مع الصيرورات الحيوانية، خطوط الانفلات الفعالة، و المكائن البيروقراطية، الاجتماعية، العائلية و القوى الشيطانية التي تضطلع بميثاقها كتابته الابداعية [إنها إذن، العناصر الثلاثة لماكنة الكتابة او التعبير، بما أنها محددة من طرف معايير داخلية ثلاثة (...): الرسائل و الميثاق الشيطاني، القصص القصيرة و الصيرورات الحيوانية، الروايات و التنضيدات الماكنية (...) لا تدل اولية الكتابة عند كافكا سوى على شيء واحد: لا الأدب، و لكن توحد الملفوظ مع الرغبة، من فوق الدول، القوانين و الانظمة]1 ، و ايضا بالكتاب الهادئ الموضوعي المتميز [ النجود الالف]، المؤسس على تصور جذموري للكتابة و على التعارض الجذري و غير المسبوق بين ماكنة الحرب و جهاز الدولة، حيث يتألق الاحتفال خارج مقولات : الاستقرار، الدول، التاويل، الجميل، الكوني، المتعالي، الخير، الشر، المعرفة العالمة بالترحل و الرحال Le nomade ، و تحديدا بالمفكر الخاص، المسكون بقبائل عزلاته، بدل المفكر المتمظهر في صورة الاستاذ العام، الذي يؤول، و ينسخ نظامه المعرفي على النظام المركزي للدولة. لم تكف هذه الكتابة الانقلابية، عبر التسع عشرة سنة التي غطتها، من 1972، إلى 1991، عن ابتكار مفاهيم، اسلوب مذهل، و أفكار رحالة، و جذمورية، و تواشجات فلسفية لم يسبق لتاريخ الفلسفة ان عرف مثلها. يسمى دولوز في حوار معه الكتابة الخاصة التي أبدعها /مارسها مع كاتاري : الكتابة الثنائية، l écriture à deux ، المبتكرة لمفاهيم جديدة، تمنع الفكر من أن يكون مجرد رأي، نقاش أو ثرثرة، على اعتبار أن المهمة الأساسية للفلسفة هي ابتكار المفاهيم و تفكيرها. توضح مقدمة كتاب [ماهي الفلسفة؟]، المسألة عبر التأكيد على ان المفاهيم تحتاج إلى شخصيات مفاهيمية تسهم في تحديدها كالصديق L ami [أوعاشق الحكمة]، و الذي يتمثل في نوع من الحميمية القديرة، و في الذوق المادي المتميز، و في الوجود بالقوة الذي يجعل حضوره جوهريا بالنسبة للفكر و شرط إمكانيته بالذات. إن أهم ما ميز هذين الفيلسوفين هو صداقتهما العميقة للمفهوم، و للمفاهيم الكامنة في حقل كتابتهما، الأمر الذي دفعهما إلى إبداع مفاهيم أغلبها لا علاقة جينيالوجية تربطه بالتاريخ الفلسفي، أو أنها مفاهيم ذات ذاكرة قصيرة، موجزة تنكتب في حيز التجربة الفلسفية التي شهدت ميلادها، خصوصا و أن لا علاقة لها بمسألة الدين Dette الفلسفي، كما لا علاقة لها بفن تشكيل و ابتكار أو فبركة المفاهيم، بل بابداعها، انطلاقا من النسيان الفعال ومن رفض النزعة العلموية الزائفة، ومن اعتبارها [:أي المفاهيم]، خطوطا، أنظمة، أعداد متعلقة بالتعدديات و أبعادها، بالاندلاقات الرحالة، و بخطوط الانفلات و الانفصال . يكفي هنا النظر في [النجود الألف]، للوقوف عند هذا الزخم المفاهيمي الخلاق. ترتبط مسألة الاعلاء الحاسم من شأن المفهوم، باضطلاعهما، بالمهمة التي حددها نيتشه للفلسفة، حين أعلن بأنه [: لا يجب على الفلاسفة الاكتفاء بقبول المفاهيم، التي تعطي لهم لتنظيفها و تلميعها فقط، بل يتوجب عليهم البدء بصنعها، بابداعها، طرحها و اقناع الناس باستخدامها]. تكمن قوة كاتاري بالذات [ قبل دولوز و معه]، هنا بالذات، في الكثافات الابداعية التي يخلقها، و في الاريحية الحقيقية [ الانسانية و السياسية]، و في الطاقة الاستثنائية، التي بذلها لتأسيس خرائطية فلسفية جديدة، إبداع مفاهيم، و ابتكار عناصر لغة رحالة. لا يمكن بدون هذه الاريحية، الكتابة المعطاء، منح القراءة فرصة لممارسة الاجترار Rumination النيتشي للأفكار، و اكتشاف المفاهيم الثاوية في عشب الكتب- النجود، كما لو أنها هبات سرية لا تنضب. إن القبول بالنسبة لهما بهذا التحديد الحاسم للفلسفة : باعتبارها معرفة تتم عبر المفاهيم البحتة، يعني ان الابداع، و المفاهيم المبدعة فلسفيا متفردان بشكل غير مسبوق و مفصولان عن كل جينيالوجيا أو تأويل يتغيان إعادة إدماجهما داخل تاريخ مفاهيمي/ خطابي طويل الأمد و معد سلفا، لأن تفردهما شبيه بالترحل Nomadisme ، الذي لم يستطع التاريخ فهمه، كما الكتاب المغلق/ الشجري لم يستطع فهم الخارج [ لن تعرفوا شيئا، حسب التأكيد النيتشي، عبر المفاهيم، إن لم تبدعوها أولا، أن تبنوها داخل حدس خاص بها: حقل، تربة، لا يتطابق معها، و لكنه يضم بذورها و الشخصيات التي ترعاها إن البنائية Le constructivisme ، تتطلب بأن يكون كل ابداع بناء على صعيد يمنحه وجودا مستقلا. إن إبداع المفاهيم على الأقل إنجاز لشيء ما. إن مسألة استعمال الفلسفة أو فائدتها، أو حتى مضرتها (بمن تضر؟)، ستتغير كلها تبعا لذلك] 2 .
الأمر هنا يتعلق بشبه تصور فني/فعال لإبداع المفاهيم لانكاد نعثر عليه سوى لدى نيتشه، و مفاهيمه الانخطافية، الراقصة، التي تكسر الارث المفاهمي الميتافيزيقي تحت ضربات المطرقة، تكشف التأويل المفرط الذي سكنه، أو تشحن ما أبدعته بالإمكانيات اللامتوقعه للحياة .لكن المفاهيم، رغم علاقتها الوطيدة بمبدعيها، تظل نوعا ما ذات وجود مستقل، محتفظة بنمط وجودها خارج الانغلاق الحتمي للحيوات الفلسفية، رغم كونها مؤرخة و موقعة، وسامية، و معمدة[: من التعميد المسيحي]. لا يحافظ التوقيع هنا على حضور داخل مكتوب يعادل حضور الذات المتكملة داخل لحظة التلفظ، كتعويض لغيابها الفعلي، و كاستعادة داخل النص للبنية :[ أنا – هنا-الآن]، التي تمنح الملفوظ شرعية الوجود، كما أن الامضاء Signature ، ليس الذاكرة المكتوبة التي تنطرح كشاهد/شاهدة مقبرية مترعة بحداد الآخر الذي كانته. المسألة متعلقة بحضور المفهوم داخل تاريخ فلسفي يطرح عليه الزامات التجديد، التعويض و التحول، و داخل جغرافية مضطربة، تحافظ فيها كل لحظة و كل موقع على بقائهما لكن داخل الزمن، و تعبر لكن خارجه، تبتكر مناطق مغايرة تترحل باتجاهها بعيدا عن مركزية المفهوم الناظم لجهاز فلسفي دائري مستقر، و أن تجعل الكتابة الفلسفية و مفاهيمها تتماهى مع ماكنة الحرب، و خطوط الانفلات تاركة الطبقات ، و التقسيمات التصنيفية و الاستقرار و جهاز الدولة. إنه التصور الكامن وراء ممارسة الفلسفة كحرب عصابات ، لا تنأسر داخل معركة او نظرية حربية مغلقة، أي حرب لا يقر لها قرار. لا يكفي هنا بلورة صورة للفيلسوف، أو النظر التأملي في فلسفته، بل الأخذ بعين الاعتبار سياسته أيضا، نمط تحالفاته، القوى التي تتكلم فيه/ التي يتكلمها، تلك السياسة الجذمورية، التي تتحدد انطلاقا من خطوط الانفلات الجزيئية، من تفكير الكوارث و المخاطر، و ابتكار أكثر ما يمكن من الترحيلات خارج المناطق العامة، لأنها سياسة شديدة الخصوصية، او ميكرو-سياسة Micro-politique، تسائل المستويات كلها. كل شيء في هذا التصور الفلسفي سياسي، حتى الذرات الصغيرة، و الصيرورات المتعددة، التي تطال الفيلسوف سواء كانت، حيوانية، جنسية أو إنسانية الخ.
لا شأن للكتابة الفلسفية بذات متكلمة متراصة داخل جوانيتها لأن كل شيء : فِعْل الكتابة، قرارها، أسلوبها، مفاهيمها، يمر عبر فاعلية التعدديات و الصيرورات، عبر سياسة الكلمات، الحيوانات، المفاهيم، و عبر سياسة العتبات الكثيفة التي تعبرها. الأمر الذي يدعو دولوز و كاتاري إلى القول [:لا نترحل أبدا كواحد أعزل بل كاثنين]، و إلى بلورة صورة مغايرة للفيلسوف و للكتاب الفلسفي نفسه. إنها صيرورة الكتابة الثنائية، جذمورية و سحرية أيضا. ذلك ما سأحاول إبرازه الان. [ نحن الساحران]، يقولان في كتاب [النجود الألف] ، و [ نحن الفيلسوفان]، في كتاب [ ماهي الفلسفة؟]، بنوع من التأكيد المرح/ الساخر، الذي يتخلى عن كل يقين عالمٍ، و عن كل جدية ستكون فقط مثيرة للضحك. إنها [ النحن]، المفتوحة على القوى التأكيدية الفعالة للفلسفة، على مهمتها النقدية المربكة للأنساق، على عمل اللأأسطرة، و على حقائق الزمن الآتي، و تلك المنطقة الاستوائية التي هي مكانها المتميز. إنها [ النحن]، التي لم تعد تحيل على تاريخ جواني لأشخاص معينين، بأسماء شخصية محددة. قبل الوقوف عند هذه المسألة، يلزم إيضاح طبيعة هذه الكتابة الثنائية التي اعتبرها محاور دولوز،شيئا استثنائيا في تاريخ الفلسفة، خصوصا و أن الأمر لا يتعلق بحوار. يرى دولوز بأنها محاولة لإنجاز فلسفة، تجسدت بشكل خاص في [ النجود الألف]، حيث تتلاقح، و تتناسل المفاهيم مخترقة المباحث الفلسفية المعروفة، كالأنطلوجيا مثلاً، من طرف مكائن حربية تحتفل بالترحيلات و المناطق و السهوب الملغزة. لا تتعلق المسألة، حسبَهٌ، بالتعاون، بل بإنجاز كتاب Faire un livre ، و كتب أخرى، لا بمعنى الوحدة بل الاشتغال اللامحدد، لأن كل واحد يتوفر على ماضيه و آثاره Œuvres السالفة، الغنية بالمفاهيم و الافكار. عوض التعاون Collaboration كشخصين اثنين، اشتغلا كجدولين، يلتقيان لينجزا جدولا ثالثا يسميانه [النحن] الجذمورية المشار إليها أعلاه. إنها مرحلة التلاقي الفعال التي لم تكن لتنجز لولا كاتاري، حيث تعوض كتابة الخارج كتابة الداخل، و يصير هذا الداخل- الذات، مجرد أثر effet لكثافات تخترقه. هنا بالذات و في حيز التخلي عن كل ذاتية جوانية شارطة للكتابة يبرز الدور الهام الذي يحتله مفهوم هيسِّية Heccèité في كتابتهما3 . وحدها صيرورة الفيلسوفين جدولين ملتقيين تقود الى القول بأن الكتابة الثنائية لا تطرح مشكلا، باعتبار الصيرورة المشار إليها، مادام الأمر غير متعلق بشخصين، لكل منهما حياته الخاصة، آراءه الخاصة، التي يقترح انطلاقا منها التعاون و الحوار، بل بنوع من التفردن اللاشخصي بالضرورة، الذي يجعل المرء غير واثق بالفعل من كونه شخصا، لأن تيار هواء، ريحا، يوما، ساعة من اليوم، جدولا، مرضا، معركةالخ، لها فردانيات لا شخصية. إنه البحث الدائم اللذان التزما به، البحث عن الصيرورات، الحيوات، و التحالفات المغايرة، و الذي جسده مثلا قولهما : [ نحن الفيلسوفان، عبر شخصياتنا نصير دوما شيئا آخرا، نولد مجددا كحديقة عمومية أو كحديقة حيوان]4.إن الهيسيات [: ج/هيسية]، هي جماع كل هذه الاشياء- الظواهر التي لها أسماء شخصية، و التي قد تتشكل كما هو الحال بالنسبة لهما، من نهرين او جدولين يجعلان لغة التعبير تفقد انسجامها و نسقيتها المفترضتين، لأنهما يحفزان داخلها الاختلافات، يلغمانها، و يجعلانها غير قادرة على منح الحياة الفردية الخاصة، و تمرير شيء ما داخلها. إنها اللحظة الانقلابية التي تكف فيها اللغة عن قول [:أنا]، و تندغم بجرأة في خرائطية الترحيلات و التعدديات، و تكف فيها الكتابة عن أن تكون داخلا Dedans، مستقرا في صورة وعيه بذاته و تمفصلاته. ما يتولد عن ذلك هو الاحساس بفقدان الطابع الشخصي، و بالتوفر بالآحرى على فردانية كتلك المتعلقة بالاحداث، و هو ما لا يمثل في حد ذاته شكلا طموحا ما دامت الهيسيات متواضعة و مجهرية 5.وحده مفهوم الحدث Evenement ، حسب دولوز، قادر على محو فعل الكينونة، و الصفة المتعلقة بجوهر ما. تصير الكتابة الثنائية في هذا الصدد عادية، إذ يكفي مرور شيء ما، كتيار يحمل وحده الاسم الشخصي. أحيانا يحصل الاعتقاد بأننا نكتب لوحدنا، و لكن ذلك يتم بالفعل مع آخر غير قابل للتسمية دوما. لا يمكن، تبعا لذلك، أن يظل الاسلوب واحدي الصوت، و لا الكتابة أن تظل مهروسة بإنتاج النسيج الدلالي المتراص الذي يمنحها شرعية الوجود، بل يتعلق الأول بتعددية صوتية لا محدودة، و الثانية بالعبور الدائم للعتبات و رسم الخرائط، حتى تلك المتعلقة بمناطق آتية. لنتذكر بان الأمر بالنسبة لهما ارتبط دوما بمساءلة الصحراء، و الخطوط و النجود، و الخرائط لا بإنجاز النسخ الميتة، أي بخطط و استراتيجيات فلسفية تتكهن بالآتي، تنرمي كأسهم في زخم صيرورات متاهية-دُوارية، دون ان تدري بأي المناطق اللامتوقعة سترسو، أي بدون يقين مستقر. لذا تسكن كتبهما، الفضاءات الملساء، لا الفضاء الملثوم الواحدي و المنظم، تستدعي قبائل تترحل داخل الصحراء بشكل سري، و تضع تواريخ و اسماء للكتب، ليست أكثر من عناصر للإحالة على خصوصيات المكائن التي تتضمنها او تستدعيها، و على المناطق/الشساعات التي تعبر. إنها مسألة تعدديات و فسائل ذات علاقات سرية تماما، كما يحصل بصدد تعريفهما لمفهوم [النجد/ Plateau ]، باعتبار كل فصل من الكتاب نجدا، قائما داخل جغرافيا خاصة به: [ نسمي "نجدا" كل تعددية Multiplicité قابلة للتواصل مع أخرى، عبر سيقان تحت –ارضية (: شقوق صغيرة كما هو الحال بالنسبة لتكوين الدماغ)، بطريقة تكِوّن جذمورا و تجعله يمتد. نكتب هذا الكتاب كجذمور. نركبه من نجود (...). كنا كل صباح نستيقظ و يتساءل كل واحد منا (: نحن الاثنين) عن أي النجود سيأخد، كاتبا خمسة أسطر هنا، و عشرة هناك. عشنا معا تجارب هذيانية، رأينا خطوطا، كأرتال نمل صغير، تترك هذا النجد لترحل نحو الآخرين (...)] 6 . لا علاقة لهذا الوصف بالتنظير المجرد، بل بتجربة حية في الكتابة، تتماهى مع نمط كتابة الكتاب- السحرة: امثال كافكا، ميلفيل/ كلايست، و غيرهم، و خصوصا، و هنا بالذات يتأكد البعد السحري لفلسفتهما، مع ما أبدعه الانثربولوجي- الساحر كارلوس كاستانيدا Castaneda. إنها العلاقة مع الكتابة الحيوية Vitaliste بامتياز. الاخطر و الباذخ هنا، هو ممارسة الاسلوب Le style كتجربة مفتوحة على مبدأ التنافر غير المجاني أو الارادوي، بدل الالتزام به كمستقر آمن، أو حقيقة بديهية هي سقف الكتابة و مآلها، عبر تجسيد ارتباطه داخل الفلسفة بالحركية الدائمة للمفهوم. بهذا المعنى يكون الفلاسفة الكبار ايضا اسلوبيين كبار، حسب دولوز، رغم أنه (:الاسلوب) غير موجود خارج الجمل التي لا موضوع لها غير منحه حياة مستقلة. إن الاسلوب هو التنضيد الاختلافي للغة، التغيير، و التوتر اللذين يجذبانها إلى الخارج حيث تشتغل البرانية العنيدة. انطلاقا من هذا تأتي ضرورة ترحيله باتخاذ الحياة و تنويعاتها، بدل الابقاء على استيطانه للنموذج الجواني المتمثل في صورة [الكتابة- الشجرة]، لأننا نكتب دوما لمنح الحياة فاعلية أخرى ، لتحريرها هنا حيث تكون اسيرة و لرسم خطوط انفلات، نكتب لاكتشاف/ابتكار امكانيات جديدة للحياة. الامر هنا متعلق بالمهمة التي حددها نيتشه لمساءلة العلاقة: فكر/حياة [: هناك حيوات تبلغ فيها الصعوبات درجة المعجزة انها حيوات المفكرين، و يجب الانصات لما يحكى عنها، لأننا نكتشف فيها امكانيات حياة، تكفي وحدها لمنحنا الفرح و القوة، و لتسكب الضوء على حياة لاحقيهم]. بدون هذا التجاور الفذ بين الفكر و الحياة، لا يمكن للكتابة الحيوية/الجذمورية أن تشتغل : الحياة التي تجعل من الفكر شيئا فعالا : Actif ، و الفكر الذي يجعل من اليحاة شيئا تأكيديا Affirmatif . بهذا المعنى ايضا، يقول دولوز عن كاتاري بانه لم ينشغل أبدا بمشكلات وحدة الذات، و يدعوان معا، هذه المرة ، إلى تعويض الذاكرة بالنسيان، التأويل بالتجريب، و إلى ضرورة إيجاد جسد بدون أعضاء يعوض التكوين العضوي المتراص، و معرفة كيفية إنجازه لأنها مسألة حياة او موت، شباب أو شيخوخة، حزن أو فرح، ينلعب داخلها كل شيء، و يدعوان على تحرير الجسد بحركة مفرطة العنف، و تفجير الطبقات strates دون حذر، بشكل قد يقود إلى الموت الحتمي، إلى الانقياد نحو كارثة ما، إلى تجريب مختلف الحظوظ الممكنة، تحرير خطوط الانفلات، وبناء مبيان Diagramme، مضاد للبرامج التي مازالت دالة و ذاتية. [ إن الطبقات Strates الاساسية التي تقيد الانسان، هي الجهاز العضوي، و لكن أيضا الدلالية، و التاويل، و التذويت، و الاستعباد] 7 . لايمكن لفلسفة حيوية مربكة للتشجير الفكري المألوف، سوى ان تبتكر اسلوبا يوازي نزوعها التحرري هذا، و لا يمكن للأسلوب داخل هذه التجربة المحتفلة بالمتنافر L héterogène، سوى الاحتفال [: بالمعنى العميق للكلمة] بالاختلافات/ اللقاءات الممكنة التي يستطيع ان يخترقها يحدث داخلها شيء ما، كلمح صاعق ينبثق من اللغة نفسها، ليدفع الفيلسوف الصائر-الرائي، Le voyant-devenant إلى الرؤية و التفكير، في ما يظل كامنا في الظل مقصى مسيجا بالكلمات. شيئان، في هذا السياق، يتعارضان مع الاسلوب : اللغة المنسجمة و التنافر المجاني. لنستحضر هنا التحديد الدولوزي التالي : [يكون هناك أسلوب حين تنتج الكلمات لمحا يذهب من احداها إلى الأخرى حتى و لو كانت بعيدة. لا شيء ينكتب هنا انطلاقا من الصورة الجوانية المركزية للفكر، من الداخل الذي لا خارج له : داخل المفهوم و الفكر و النموذج (...)، و لا علاقة لما يكتب بتنويعات إيتملوجية، لفظية، طباعية عابرة و سطحية (...) بل يكتب كل شيء انطلاقا من الانفصالات، الصيرورات اللامدركة لا القطائع الدالة، شان تراب يتشكل من شذرات و ترحيلات لا نهائية.] يمكن الوقوف هنا، و انطلاقا من الخرائطية Cartographie التنافرية الرحالة التي ينوشم بها الاسلوب، عند الصورة الجذرية التي تتعلق بانجاز الكتاب الجذموري Livre rhizomatique لديهما. التحديد المشار اليه اعلاه يتطرق إلى بعض عناصر هذا الاشتغال، لكن هناك عناصر اخرى تلزم الاشارة اليها. ينكتب هذا الانجاز ضمن البحث عن وسائل جديدة للتعبير الفلسفي، و الذي دشنه نيتشه، منجزا كتبا شذرية، شعرية، تعتمد الأفوريزم Aphorisme و القصيدة كنمطين متميزين للكتابة، او تتركها مسكونة بهواجسها التدشينية على شكل مشاريع مقدمات و فصول، و تخطيطيات اولية. لا غرو أن نجد دولوز و كاثاري يستعيدان روح الكتاب النيتشي الانقلابي و يقطعان مع الطريقة الكلاسيكية لإنجاز الكتاب الفلسفي، و مع الاسلوب القديم، اللذان يعتمدان كلاهما على اعادة انتاج التاريخ الفلسفي و مفاهيمه، و على الكتاب الذي يريد ان يكون صورة للعالم مركزة و ذات طابع شجري Arborescent، جينيالوجي، أي باحثة في جذور المشكلات و الظواهر و الافكار و تواريخ تطورها و انتساباتها. الامر يتعلق، بالنسبة لهما، بمتابعة الاسهام النيتشي و تجديده، في إطار العلاقة الوطيدة مع بعض الفنون الأخرى كالمسرح و السينما. لا غرو أيضا أن نجدهما منفتحين على الأدب و الرسم و الموسيقى... الخ، كما لو ان الامر يتعلق بالذات بفتح مسألة الكتاب على الاخر، على الانفصالات و خطوط الانفلات، على التخريب اللانهائي، منذ كتاب [ضد- أوديب]الذي كتباه معا، كما لو كانا متعددين مستعملين كل العناصر التي تقرب بينهما : الاقرب و الابعد من الوسائل و السمات حسب قولهما في مقدمة [النجود الالف]، و جعل هذه المسألة ذات طبيعة خرائطية جغرافية، أكثر مما هي متعلقة بتاريخ متنامي خطي، واحدي للأفكار و الخطابات. إنه أيضا ربط الكتاب بماكنة الرغبة La machine du désir، بدل ربطه بإرادة بانية، أو بصورة ثيلوجية، ميتافيزيقية للكتاب كوحدة ضامنة لمعرفة شمولية بالعالم و ظواهره. الأمر الذي يجعل الاسماء الشخصية هنا غير ذات مرجعية واحدية دالة، لأنها تبدو شبيهة بأسماء مستعارة، تصير من المتعذر معرفتها، و الفكر الذي ينجزانه، يفكرانه ، يلجان محكه متعذرا إدراكه. العملية شبيهة بتلك الحالات السحرية التي يتكلم فيها الجسد المنخطف بأصوات أخرى مغايرة تسكنه، أصوات لا متوقعة تمتاح منه امكانيات وجودها. إن النقطة الينبغي الوصول إليها هنا، هي تلك التي يفقد فيها الفيلسوفان- الساحران صفتهما الشخصية، يتعددان، يمتصان، و يستلهمان من الاصوات التي تسكنهما. إنه تصور شبه باروكي Baroque ، أيضا لأنه يطرح الكتابة كمتاهة متعددة الثنيات Les plis ، الكتابة التي تحيل على وظيفة إجرائية، هي عدم التوقف عن انجاز الثنيات إلى ما لا نهاية، لا على جوهر، كما يقول دولوز في كتابه [Le pli] 8 . إن إنجاز الثنيات/الجذامير أيضا، هو صيرورة الكتاب Le Livre فضاء للامتوقع. يُخترق الكتاب، كما الذات و الأسلوب من طرف الخارج، متلبسا شكل البرانية العنيدة، يفقد وجهه المركزي، البارانوي القابل للتأويل، انطلاقا من السلطة الواحدية/المرجعية Réferentiaire لمفهوم او فكرة ما، يصير صيرورات ذات طابع جغرافي ، مبدعة لأحداث و حقول محايثة لا نهائية، أحداث تنفلت كثافاتها وحدَّتها من أسر التاريخ، من الانتظام الجينيالوجي الفلسفي، و لا تتملك أبدا كوعي معطى داخل حالة مدركة للأشياء أو معرفة مطلقة تتغيا تسييجها. إن الانفتاح على قوى الخارج، هو ما يجعل الكتاب رحالا كالفلسفة المتعددة التي يبلورها، كأرخبيلات الاختلاف التي يرسم تضاريسها، ماءها، و شرايينها، إذ لا فرق بيم ما يتحدث عنه الكتاب الرحال، والطريقة التي أنجز بها: الفاعلتيان كلاهما تحايث بعضهما البعض، كما تحايث سرعة الفكر، قواه وإيقاعاته، سرعة اللغة التي بها ينكتب، وتساوق أحداثه احداثها. ما يقوله دولوز وكاتاري هنا تحديدا، هو ان الكتاب لا يوجد إلا عبر الخارج وفيه(: إن لم يكن الخارج بالذات، لان الخارج ليس مجرد تمثل Représentation، أو صورة ولكنه فاعلية الفكر وحقل ممكناته)، لأنه ينتمي لفكر الخارج، لا ككتاب واحدي، أو ككتاب- انجيل، بل ككتاب – جذمورLivre-Rhizome، لا يكون ذا فرعين بل مخَّزما، مكونا من فسائل وسيقان، من مداخل ومخارج متعددة، كتاب تدمر قوته الصورة ونسخها، نموذجها، اعادات إنتاجها، والتمثل- الواحد، وكل إمكانية لجعل الفكر تابعا لنموذج مستوحي من جهاز الدولة.ان الفكر لا يمكن أن يكون الا رحالا كماكنة التعبير عنه، ماكنة الحرب الغريبة عن الدولة والتي ليست جزءا من جهازها. انه فكر يتحرر من التبعية للصورة الشجرية للفكر، تماما كما تتحرر ماكنة الحرب machine de Guerre la، من امتلاك الحرب كموضوع وحيد ومتراص لها، لان مهمتها(: التي هي مهمة ماكنة الكتابة)، هي إبداع الترحيلات، الممارسة الدائمة لفاعلية العبور، والاندلاقات والتحول. هكذا يعوض الكتاب- الجذمور الماهيات بالاحداث، يبتكر مفاهيم للمشكلات- الأحداث التي يتصدى لها، يضع الفكر في إطار علاقة مباشرة مع الخارج، جاعلا إياه عملية غريبة و مدهشة، ويبدع افكارا مضادة، شاهدة على عزلة مطلقة، لكنها رغم ذلك ماهولة بشعب آت، لان الفكر هو سلفا القبيلة، أي المضاد للدولة، حسب قولهما في (: النجود الالف). هذه الصورة الانقلابية للكتاب وشكل إنجازه، هي من اهم ما أَسْهَمَا به في حقل الفلسفة الحديثة، مما ارتقى به الى مستوى مبحث فلسفي مستقل تقريبا، أي جعل الكتاب وطريقة انجازه ايضا موضوعا للفكر لا الوعاء الذي يحتويه فقط، كما نجد عند ديريدا مثلا ، سواء في الاخراج الجمالي/ الطباعي غير المسبوق للصفحة او للبنية العامة للكتاب لديه(:انظر Glas، و La dissémination والكتاب الاخير عن فلسفته ومحطاته الاوتوبيوغرافية الهامة الذي الفه مع جوفري بينينتون G.Bennington ). ان الكتاب مع دولوز وكاتاري يكف عن كينونته كصورة للعالم، ليصبح فضاء انفلاتاته، انفصالاته، خطوطه، وخرائطية لاتربته وشساعاته العميقة الخصوصية: أي الكتاب كماكنة صغيرة، لا تتحدد إلا انطلاقا من علاقتها القابلة للقياس بدورها مع مكائن اخرى، كماكنة الحرب، ماكنة العشق، ماكنة السياسة، الماكنة الثورية، ماكنة الأدب،الخ، أو مع ماكنة مجردة تجرفها داخلها. إنها ماكنة فكر مسكون باللهاث، بإمكانيته الشيزوفرينية التي هي إلغاء كل صورة دوغمائية. إن سؤال الكتابة (: إنجاز الكتاب)، يرتبط بمعرفة طبيعة المكائن(ج: ماكنة) الأخرى المرتبطة بماكنة الكتاب، المتصلة معها اتصالا يحدد نمط اشتغالها الخاص، كما فعلا معا، بصدد علاقة كتابة كافكا، القصصية والروائية و التراسلية مع الماكنة البيروقراطية الملغزة، أو كتابة كلايستKleist ، مع ماكنة الحرب والتمرد. لا علاقة للماكنة هنا بالعضوي المنظم، أو بماهية تشرط الكتابة، محددة نمطها وقدارتها، لأنها ماكنة شبيهة بالدوارVertige Le واللمح، وشساعة الصحراء وغرابتها المقلقة.( لا موضوع للكتاب ولا ذات له، انه مكون من مواد مشكلة بتنوع من تورايخ وسرعات مفرطة الاختلاف. بمجرد ما نسند الكتاب لذات، نتجاهل اشتغال المواد هذا، وبرانية علاقاتها. هناك في الكتاب كما في كل شيء، خطوط تمفصل أو تقسيم، طبقات، انتسابات ترابية، لكن أيضا خطوط انفلات، حركات ترحيلات وفقدان للطبقات. كل هذه الخطوط/ السرعات القابلة للقياس تشكل تنضيدا Agencement . إن الكتاب هو التنضيذ كما هو، لكن المتعذر إسناده. انه تعددية، لكننا لا نعرف بعد ما يتضمنه المتعدد، حين نكف عن إسناده، أي حين يتم الارتقاء به إلى حالة موصوف)9 .انه الكتاب المنتظم داخل الحركة المتسارعة، شان زخة ريح، الكتاب الذي يعتمد الخفة الراقصة، نمطا لكتابته، لا الكتاب الرصين المفرط الكآبة، المخترق من طرف ثقافة شديدة الثقل. وحدهما الراقصان/ المبدعان، المضطلعان بزخم الترحيلات المندلقة من الكتاب، يستطيعان انتاج اسلوب متحرك، وفكر خاص ماهول العزلة بالممكنات. انه الأمر الذي يجعل الفلسفة بعيدا عن التاريخ الرصين للمشكلات والانتظام الجينيالوجي للأزواج الميتافيزيقية والقطائع الدالة، لحظات ابتكار وابداع لانماط وجود/ كتابة، تظل دوما متفردة، تناى عن اطلاقية الفرضية او المفهوم، ملتزمة فقط بإبراز شروط ابداعه وتميزه: أي بالمهمة البيداغوجية المتواضعة، La tâche pédagogique . لا يسائل هذا النمط الانقلابي للكتاب- الجذمور الراهن L actuel ( لنتذكر في هذا السياق بان(ضد- اوديب) كان الكتاب الرئيس المكتوب في الشرطية الزخمية الخلاقة، لما بعد ماي 1968، مسكونا بثوريتها المرحة، وحريتها اللامحدودة وحدثها التدشيني الموشوم بالجرأة المبدعة، والقلب النيتشي)، الشرطية التي يوجد فيها وفق محدداتها، بل بالا حرى ما يصيره الآن، أي صيرورته وكاتبيه/ الساحرين آخرا متعددا،تبعا لما يسنده نيتشه للفيلسوف كطبيب للحضارة: أي تشخيص الصيرورات داخل كل حاضر، وابتكار أنماط وجود محايثة لها وجديدة. انه انجاز الكتاب، انطلاقا من / وضمن براءة الصيرورة، بلغة نيتشه، المحررة للكتاب من اسر تاريخ الفلسفة( التقليد الهيجلي بامتياز) ومن الفلسفة الأزلية لتجعل منه صيرورة فلسفية. هكذا ينعلن مشروع هذه الكتابة الفلسفية الثنائية، كانقلابات وكوارث تطال بنية الفلسفي المتراص، مازجة أنواع المقارنات، مقارنة بينها بشكل متميز، مخترقة الحدود المعلومة بين المعارف والعلوم، بحيث يستطيع الفيلسوفان كلاهما، أن يبدآ فصلا فلسفيا عميقا كالنجد العاشر من ( النجود الألف) 10، المحتفل بالق الصيرورات، بتحليل فيلم سينمائي مثلا، (فيلم Willard للمخرج كيفن دونوفان) أو يربط نيتشه بكلايست أو الموسيقى الأمريكي المتوفى أخيرا Jhon Cage او الفن بالفلسفة، إلى غير ذلك من الترابطات العملية الفعالة، الداعية إلى التجريب، إلى الإنجاز الفعلي للجذامير، وجعل الصحراء ماهولة بالقبائل- الصيرورات.( لربما لم يكن للغناء أو التاليف الموسيقي، للرسم، أو للكتابة من هدف آخر غير: إطلاق الصيرورات)11.
كان من الطبيعي إذن، أن يقود هذا المسار الفلسفي الإبداعي، المرتبط عميقا بالمهمة الهايذغرية للفكر أيضا، المحددة في قول هذا الأخير(: يعرف الإنسان التفكير حين يتوفر على إمكانيته، لكن هذا الممكن لا يضمن بعد بأننا قادرون عليه)، إلى السؤال الحتمي، الذي يضفي دوما طابع الممكن على الفكر، والذي هو (: ما هي الفلسفة؟) عنوان كتابهما الأخير، الذي اعتبرهRaymond Bellour ، كتاب المعرفة المرحة، المطروح كرسالة صغيرة في الجيو-فلسفة الكتاب الواضح، الكثيف والصعب، بسبب وضوحه هذا، ومنطقه الدائري وتدرجه اللولبي، الذي ينقل الفكر نحو حدوده بواسطة الجدية الراقصة المبتهجة، باعتبارها المؤشر الأكثر تأكيدا على صلابة مقاومته. هنا، أي في كتاب الشيخوخة المرحة هذا الممتد أمامي على الطاولة كتربة اسرارية ورؤوم وكخط يمتاح من السديمي بعده الخلاق يسكنهما معا الآن جسد كاتاري وصيروراته ووصاياه الجذمورية، يقترح علينا الساحران الكثير من المفاهيم الإبداعية مثل Géo-philosophie الجيو- فلسفة، والشخصيات المفاهيمية وخصوصا المفهوم المركزي الذي يعتمده الكتاب بشكل اساس وهو صعيد المحايثة، Le plan d immanence . يستعيد الفيلسوفان- الساحران، السؤال من منظور بيداغوجي/ جغرافي/سحري عميق، محاولان استدعاء المناطق، المفاهيم، الشخصيات المفاهيمية، استدعاء نمط من التفلسف الفعال، لا يتشكل إلا عبر العلاقة مع السديم الذي يتهددها دوما بالتلاشي ويعلن، وفق القول الهايذغري، باننا لا نفكر بعد، لأننا ننتظر القوى القادرة على جعل الفكر شيئا فعالا وتاكيديا. انها السيرورة العلائقية للفلسفة، مع كل من العلم والفن، التي تجعلها تتصادى معهما ويتصاديان معها، دون الاكتفاء بمسالة التلاقح المعرفي. هنا بالذات يتحدد الصراع مع السديم وضرورة الانتصار عليه، باعتبارها أيضا إحدى المهمات الاساس للفلسفة. إن السؤال مرتبط عميقا، بمسالة وجهة النظر، وبالتنسيق بين القوة والإدارة، لأنه سؤال متعدد متعلق بالقرابة الكائنة بين ما نود الإجابة عنه ونوعية القوى التي تعمل على تفعيله أو تقاومه. ان ماهية الشيء الذي نريد العثور عليه انطلاقا من سؤال ذي ارث ميتافيزيقي، افلاطوني تحديدا كهذا، لا يمكن ان تكون الا تعددية، لان المطروح أصلا هو ضرورة تحويل مسار هذا السؤال وطبيعته، وإخراجه من وحدة الماهية، جعله متعددا، مرتبطا بسؤال ( من/Qui) النيتشي المشار إليه في (زرادشت)، والمسائل عن القوى المستحوذة على الشيء وعن الإرادة التي تتملكه وتتكلمه. إن انمناح سؤال كهذا لفاعلية الصيرورة، وانسكان الماهية، تبعا لذلك، بالقوى الشارطة لها، هو ما يبرر وجود تلك المقاربة المقارنة،الاختبارية التجريبية والتعددية التي تخترق الكتاب كريح رؤوم. يصير السؤال جذريا، ومتعددا أكثر حين يتعلق بمسالة الكتابة من داخل الشيخوخة السعيدة. سبق لدولوز في حوارمعه 12 ان تطرق لها معلنا سلفا إنجازه وكاتاري لكتاب ( ما هي الفلسفة؟)، باعتباره استعادة لاشتغالها المشترك الذي لم يتم منذ ( النجود الألف) سنة 1981، تكفي للاضطلاع بشيخوخة سعيدة. انه الالتزام الدائم بالمهمة الأساس: ربط وجود التعددية، بالتحالف المدهش لتحقيق الكتابة- الصيرورة. لذا لا يستعيدان السؤال اكاديميا، وواحديا، انطلاقا من تاريخ الفلسفة، كما تم طرحه منذ هيجل، أي كمساءلة لحدث انبجاس الوعي داخل التاريخ، وللفكر الذي صار موضوعا لنفسه، او كتاريخ للمشكلات، بل يستعيدانه من داخل الوظيفة الفعالة التي حدداها للفلسفة والتي هي : إبداع المفاهيم وإبراز العلاقة المتفردة والاستثنائية الرابطة بينها وبين الفلسفة كمادة إبداعية. ينبغي هنا التذكير بدعوتهما الى ضرورة التخلي عن وجهة النظر التاريخية الضيقة المتعلقة بالما قبل والما بعد، للأخذ بعين الاعتبار زمن الفلسفة بدل تاريخها، الزمن الطبقاتي Stratigraphique (من Stratigraphie ، العلم الذي يدرس الطبقات الجيولوجية للأرض )، الذي لا يشير فيه، الما قبل والما بعد سوى لنظام التنضيدات .( ان الزمن الفلسفي زمن تعايش عظيم، لا يقصي الما قبل والما بعد، بل ينضدهما داخل نظام طبقاتي. إنها صيرورة لا نهائية للفلسفة، تتقاطع ولكنها لا تتطابق مع تاريخها(...) إن الفلسفة صيرورة لا تاريخ، إنها تعايش بين أصعدة، لا تتابع لانساق..)13. بهذا المعنى يبدو الكتاب المختصر/ الكثيف في آن، انقلابيا، ويجعل خرائطيته الفلسفية/ المفاهيمية غير مسبوقة، لان المفهوم مضاد للجينيالوجيا ولا علاقة له بتاريخ المشكلات، لانه صيرورة، ولأنه ينمو أيضا داخل وسط جغرافي معين، لان الإغريق أنفسهم كان مطروحا عليهم في كل مرة ان يصيروا فلاسفة، كما كان مطروحا على الفلاسفة ان يصيروا إغريقيين.
ان السؤال: ما هي الفلسفة؟، مسكون بنداء الموت، ( سؤال جنائزي وتدشيني في آن) لكنه منفتح رغم ذلك على موت صائرة، موت غير ميتة. لهذا يقولان في مقدمة الكتاب، بان ما يطرحه يأتي ربما، بشكل متأخر، محايث للشيخوخة، و حيث يحين الكلام بشكل ملموس. لكن النداء مسكون منذ البدء أيضا بالاستجابة، لتصبح الموت التي تحيل عليه متعددة الماهية. الموت هنا شبيهة بخط الخارج La ligne du dehors، الذي تحدث عنه ميلفيل Melville ، والذي هو بدون بداية ولا نهاية، خط أو قيانوسي يمر عبر مختلف نقاط المقاومة، لأنه خط اختياري تجريبي/ عملي. انه السؤال الذي ينطرح داخل تهيج صموت، وفي منتصف الليل، (: الساعة القصوى، المحتومة بالنسبة لكل فلسفة تنسكن بنداء التخوم والساعة السردابية النادرة، حيث يتحقق الانفتاح على الحقائق العالية، والساعة النيتشية بامتياز التي تكفي وحدها لرسم خريطة الفكر وتحديد حياة المفكر.). لا يرتبط هذا السؤال بالاستعجال، أو بالطرح الإرادوي، او بالتجريد المصطنع، أو بمحاولة الهيمنة العابرة عليه، أو بالتمرين الأسلوبي بل ينبغي ان ننتظره، ان يستدعينا في المكان الذي يختاره، وان يخطفنا، بعد بلوغ نقطة اللا-اسلوب الباذخة، حيث يمكن التساؤل عن طبيعة الاشتغال الذي سكن مسارنا الحياتي، لان هناك حالات لا تهب فيها الشيخوخة الشباب الأبدي، بل على العكس الحرية السيدة، الضرورة الخالصة التي نلتذ داخلها بلحظة رضى تتأرجح بين الحياة والموت، وتتركب داخلها أجزاء الماكنة كلها لارسال خط يخترق الاعصر باتجاه المستقبل. انها الشيخوخة الواهبة المشروع سيادته، وخط حريته: الهبة/ الهبات التي لا تقاس، ولا تقال الا داخل التحالف السري/ السحري مع الآخر، الهبة الفرحانة. إنها أيضا سياسة الشيخوخة التي ترفض بمكر خلاق، كل تواطؤ مع الكينونات/ المفاهيم المستقرة. ضمن هذا السياق يمكن القول بانهما لم يكفا عن التقدم الفعال باتجاه اقصى ممكنات هذه السيادة/ السياسة ، بشكل يسائل العتبات، والألياف الجذمورية، يسائل التعايش الذي لا يلغي التنافر والاختلاف، وفق أسئلة مفصولة عن كل نسق منطقي. انه عمل السحرة بامتياز: البحث عن التحالفات، وابتكار المفاهيم، وإنجاز كتب تمائمية/ سحرية للتعبير عنها[ أحيانا نشيخ تبعا للتاريخ ومعه، وأحيانا أخرى نصير شيوخا داخل حدث صموت(: ربما الحدث نفسه الذي يسمح بطرح سؤال: ما هي الفلسفة؟). الشيء نفسه يحدث بالنسبة، لأولئك الذين يموتون شبابا، إذ هناك طرق متعددة للموت بهذا الشكل. إن التفكير هو التجريب، لكن التجريب هو ما يكون قيد الإنجاز دوما، أي الجديد، المدهش، المثير للاهتمام، الذي يعوض مظهر الحقيقة، ويكون أكثر تشددا منها. ما يكون قيد الإنجاز، ليس هو المنتهي وليس أيضا ما يبدأ. ليس التاريخ هو التجريب، لأنه فقط مجموعة الشروط السلبية تفريبا التي تجعل تجريب شيء مامنفلت من التاريخ ممكنا. بدون التاريخ يبقى التجريب محددا، غير مشروط، لكن التجريب ليس تاريخيا بل فلسفيا]14. لربما كان الترحل الفلسفي الذي مارسه دولوز و كاتاري اخطر الممكنات، أي ممارسة الفكر باعتباره تمرينا خطيرا Un exercice dangereux لانهما عبرا حدودا غير معلومة، وانفتحا على فلسفة لا زمنية، لأنها متعلقة تحديدا بالمستقبل، بمحاولة استخراج ظل الشعب الآتي Le peuple à venir ، الذي هو بالنسبة للفلسفة الجذمورية- الرحالة قيد التكون – الانتجاز، لذا يدعوانه كشعب – حشد، شعب- عالم، شعب – دماغ، وكشعب-سديم، الأمر الذي يجعل الفلسفة التي تدعوه، منجرفة مع اندلاقات متعذر موقعتها، ومسكونة بالصيرورات. وحده هذا الترحل العنيد الذي يضطلعان به في كتابتهما الإبداعية، يجعلهما ملتزمان بالوظيفة الأخرى التي حددها نيتشه للفلسفة والتي هي : الإضرار بالغباوة Nuire à la bêtise، لفتح الفلسفة على القوى القادرة على تفعيلها. هنا بالذات نصل إلى النهاية المؤقتة لهذه الهوامش، لننسكن ثانية بحديث الموت التي لا تكف عن الاتيان، وبالقوى المقاومة. هنا أيضا تبرز نسبية الموت التي تحدث عنها فوكو Foucault، عند بيشا Bichat ، حين اسقط مفهومها من المطلق الذي كان يظهرها كحدث حاسم ونهائي متعذر القسمة، وغير قابل للاسترجاع ليحدد، انطلاقا من النزعة الحيوية Le vitalisme الجديدة التي ابتكرها، الحياة بمجموعة الوظائف المقاومة للموت. داخل أمراض المعيش، الصحة الهشة، يبدع الفيلسوف- الساحر، نفسا / منبعا تماما كنمط وجود – كتابة، ولا يفكر بدون ان يصير شيئا آخرغير مفكر، أي حيوانا، نباتا، جزيئة، الخ، تعود كلها إلى الفكر لتنعشه. إنها صيرورات جسده مشروعا لا منتهي السيادة. وحدهما الفيلسوفان- الساحران: دولوز وكاتاري، ينجزان، انطلاقا من الق كتابتهما الثنائية ومفاهيمها الاستثنائية، تجربة الفيلسوف كميت- صائر...

هوامش:
1 Deleuze et Guattari, Kafka, coll : Critique, Minuit, 1975. p.76.
2 Deleuze et Guattari, Qu est-ce que la philosophie? Coll: critique, Minuit, 1991.p.12
3Voir, Deleuze et Guattari, Mille ploteaux, coll: Crtitique, Minuit, 1980.
4 Qu est ce que la philosophie ? op. cit.p.7
5 Magazinz litteraire, Gilles Deleuze, N° : 257.p.19.20
6 Mille plateaux, op. p.33
7 Ibid .P. 167
8 Gille Deleuze, Le pli : Leibniz et le baroque, Coll : Critique, editions de Minuit, 1988. P.5
9 –Mille plateaux,op.cit.p9-10
10 –Ibid .p.284.
11 –Ibid.p.333.
12 – Voir: Magazine litteraire.op.cit.
13 –Qu est-ce que la philosophie?. Op.cit.p.58-59.
14 – Ibid.p.106.



#مصطفى_الحسناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلْ الحَياة الكريمَة مُمْكِنَة ؟
- سبينوزا: في أن الإنسان الحر هو الإنسان العقلاني
- كارل شميث أو تصورٌ للسياسة قائم على الصراع
- مع ماركس
- الشعب يريد...


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى الحسناوي - بصدد دولوز وكاتاري أو نحو خرائطية فلسفية رحالة