أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى الحسناوي - كارل شميث أو تصورٌ للسياسة قائم على الصراع















المزيد.....



كارل شميث أو تصورٌ للسياسة قائم على الصراع


مصطفى الحسناوي

الحوار المتمدن-العدد: 7381 - 2022 / 9 / 24 - 02:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عاش كارل شميث طويلا حتى نسيه أعداؤه ومريدوه معا، امتدت حياته ما يقارب القرن (1888-1985) منذغما في صمت عالم السياسة والمنظر القانوني، وظل يكتب ويصدر مؤلفاته حتى سنوات الستينيات من القرن الماضي وما بعدها، دون أن يصدر عنه أي نقد لأطروحاته السابقة التي صاغها نظريا في مرحلة انخراطه الناري. فضل كارل شميت مثل هايدغر الصمت بعد هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العلمية الثانية، لكن إذا كان فيلسوف (الكينونة والزمن) قد حكم عليه بالمنع من التدريس في الجامعة فإن شميث أيضا أخلي سبيله نظرا لعدم وجود وجه قانوني لإقامة دعوى، وذلك من طرف لجنة التحقيق التي أسسها الحلفاء، بالرغم من أن المنظرين القانونين الألمان حينها أي بعد الهزيمة حولوه إلى كبش فداء فانسحب إلى مسقط رأسه مدينة بليتنبرغ مختليا بنفسه وأبحاثه ونشاطه النظري. كان كارل شميث إيديلوجيا نازيا انخرط مباشرة في النظام النازي وتواطأ معه ، ونظر في جوانب كثيرة من فكره لتكوين نزعه معاداة السامية وضمان انتشارها قبل الحرب العالمية الثانية. عبر شميث كأغلبية المثقفين الألمان آنذاك، عن ثقته في هتلر الذي وصل إلى السلطة بطرق شرعية (الاقتراع العام) ونظر في دراساته ومقالاته المتنوعة للسلطة الجديدة في مختلف تمظهراتها .لكن رجال القانون المنخرطين عميقا في الحزب النازي سرعان ما وجهوا نقدهم الى نزعته الليبرالية ، وتعرض للكثير من الهجومات منذ سنة 1935 إلى أن نشر مقال يهدده شخصيا سنة 1936 في جريدة كتائب الجيش النازي der schwarze korps/ss .لكن وحدها صفته كمستشار للدولة حالت دون محاصرته كما بينت ذلك لاحقا وثائق الأرشيف الذي جمعه الأمريكيون . ظل بعد هذا الحادث محافظا فقط على نشاطه الجامعي والأكاديمي .تثير شخصية كارل شميث الكثير من الجدل حولها، ومجرد التلفظ باسمه أو الكتابة عنه يثير في بعض الأوساط الجامعية نوعا من النفور الاشمئزاز وخصوصا في ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة . لكن الجدل يثار أيضا حتى بصدد كتاباته النظرية، لأنه المنظر الذي منح العدو وضعا اعتباريا هاما في السياسة ينجم ذلك خصوصا عن تبنيه للمنهج الفينومينولوجي في تحليل السياسة في منأى تام عن كل مسبق أخلاقي ، وهو ما دفعه بالضرورة للوعي مليا بأنه يتوجب عليه، الاضطلاع ، هو وكتاباته في الأوان ذاته ، بالنفور والارتياب من طرف أولئك الذي يدافعون عن سياسة ذات طابع مثالي أو إيديلوجي. والحق أن وضعية كارل شميت معقدة جدا بالنظر إلى موقفه إبان الفترات الأولى للنظام النازي، وبعض مقالاته إبان تلك الحقبة نفسها التي انتقد فيها اليهود، وعبر فيها عن مواقف معادية للسامية .قد يكون بإمكان مريدي نظرياته السياسية من المثقفين والمنظرين، سواء في اليمين المتطرف أو اليسار الدفاع عنه وتبرير مواقفه تلك كما فعل مريدون آخرون مع فلاسفة ومفكرين تورطوا في الانخراط في النازية والدفاع عنها ، مثل هيدغر ، ولكنه هو نفسه عبر في إحدى حواراته بصدد هذه الفترة المثيرة للجدل والنقد من حياته، بأنه يعتبر موقف التبرير موقفا مخادعا وساذجا .لايمكن للتبرير أن يمحو بجرة قلم الوقائع ولا الكتابات ، ولن يكون سوى مونتاج أو خداع بالأحرى يزيف حقيقة الأحداث ويفرز نوعا من الجدل العقيم .ليست هناك من حجة، مهما كانت قوتها يمكنها إقصاء ما حدث وما كتب ولعله بانسحابه والتزامه الصمت في مدينة بلتنبرغ، بعد الحرب العالمية الثانية حاول الاضطلاع بمسؤوليته عن نتائج مواقفه وكتاباته دون تهرب ، ولم ينخرط في أي نقاش عام ما يمكن أن يفهم منه بأنه يروم تبرير ماضيه معترفا بأنه ارتكب خطأ وانتهى الأمر .لايمكن لأي أحد الاضطلاع بصمت شميث عوضه، بل فقط احترام العزلة التي فرضها على نفسه إلى حين وفاته أواسط ثمانينيات القرن الماضي. لكن "الحالة كارل شميث" تماما مثل "الحالة مارتن هيذغر" وغيرهما، ستظل دائما موضوعا للجدال والسجال بين الأعداء والمريدين، كما تبين الكتب العديدة التي صدرت عن فكره ونظرياته، من طرف مفكرين ومثقفين محسوبين على اليمين أو على اليسار، وهو بهذا المعنى بالذات ظل مالئ الدنيا وشاغل الناس. تعرض كارل شميث لعمليات الدحض ولهجومات كثيرة حتى قبل 1933، لكن مؤلفاته في النظرية القانونية وعلم السياسة ظلت تثير إليها الكثير من المعجبين، وخصوصا من بين أولئك الذين لم يتعرفوا عليها إلا بعد الحرب العالمية الثانية .كتب كارل فوسلى العالم اللساني ذو التوجه الليبرالي معلقا في رسالة إلى المفكر الإيطالي بنديتو كروتشه عن انخراط هيذغر وكارل شميث في النازية ما يلي : (هيذغر إلى جانبه كارل شميث مؤلف كتب في القانون العام والسياسي ، وتلميذ جورج سوريل إلى حد ما ، بديا ككارثتين ثقافيتين في ألمانيا الجديدة ويبدو لي شميث أيضا أكثرهما خطورة). حاولت بعض العقول المفكرة القريبة منه جدا على الصعيد الإيديلوجي ـ مثل إرنست يونغر ، على ما يبدو في تلك الحقبة ثنيه عن الانخراط عميقا في مساندة النازية. ذاك ما تكشف عنه على الأقل رسالة موجهة لشميت بتاريخ 16 جانفيي 1950، والتي يصف فيها يونغر انخراط شميث في النازية باعتباره (القرار ذي العواقب الوخيمة جدا على حياته). كانت هناك إذن مرحلتان في حياته كمفكر ومنظر قانوني ودستوراني وكعالم سياسة ، المرحلة التي جسدتها حكومة فيمار ،ومرحلة ما بعد 1933، التاريخ الحاسم الذي رسم نقطة انفصال في تطور فكره. شهدت المرحلة الأولى الكتاب السابقه التي مازال المفكر الكاثوليكي فيها عبر موضوعاته ممثلا بطريقة متميزة لتراث "الثورة المحافظة". شهدت هذه المرحلة الفيمارية ظهور عمله الرئيس كمختص في الفكر السياسي وهو (مفهوم السياسي) بالإضافة إلى كتب أخرى مثل (رومانسية سياسية/ 1919) و(الدكتاتور 1921) و(اللاهوت السياسي/ 1922) و(اعتبارات سياسية/ 1928) وغيرها أما المرحلة الأخرى ، ما بعد 1933 فاتصفت بمديح دائم للنظام الجديد مع الأخد بعين الاعتبار لردود الأفعال الإيديلوجية والدعائية. أما إبان انسحابه وعودته للعيش في مسقط رأسه فقد نشر فيها كتبا مثل كتابه عن (دنوز وكورتيس/1950) و (ناموس الأرض1951/ der nomos der erde) والجزء الثاني من (اللاهوت السياسي/ 1979) و(نظرية المحارب/ 1963) وغيرها من المقالات والأبحاث .الكتاب الوحيد الذي ألفه بين 1947 و 1951 ولم يظهر إلا بعد وفاته كما أوصى بذلك، (حيث نشر سنة 1991) هو عبارة عن مذكرات وعنوانه glossarium)) ويكشف حسب الدارسين بأن موقف شميث لايرتبط بانزياحات نظرية مجردة، ولكنه يرتبط بأشياء واقعية. يعيد شميث التأكيد في الكتاب الصادر بعد وفاته بوضوح على انخراطه العميق في مذهب معاداة السامية، وعلى وفائه للفترة النازية ويستعيد، من خلاله ، نقده لتجريم حرب الغزو والاحتلال .لا يأتي المعجبون بفكر شميث من ضفة واحدة، وفي ألمانيا موطنه مثلا يتحدث الكثيرون عن "يمين ويسار شميثيين" ، مع أنه هو نفسه تخلى عن التمييز بين اليمين واليسار ، على اعتبار أن المفهومين ينتميان، من وجهة نظره ، للغة المبتذلة للسياسة .قد نجد من بين المعجبين بنظرياته في ّألمانيا أرمين موهلر منظر الثورة المحافظة ، من جانب وفي الجانب الآخر أسماء لمثقفين يساريين. اهتم به وكتب عنه في فرنسا منظرون ماركسيون مثل إتيان باليبار ، ومنظرون من اليمن المتطرف أمثال ألان دوبونوا، وكتب عنه فيلسوف ذو توجه هيجلي هوجان فرانسوا كيرفيجان وخصه ديريدا الفيلسوف الراحل بكتاب ضخم هو (سياسات الصداقة) كما كتب عنه ماركسيون إيطاليون مثل طوني ينغري وآخرون). إن طريقته في التصدي للمشكلات وتحليلها، هي التي تخلق الالتباس وتنشر البلبلة في الأذهان ، فهو لايتورع أبدا عن تبني موقف صارم يمكن أن يحرج القراء الذين تعودوا على المرونة الجدلية ، ويتخلى كلية عن استدعاء العواطف والأحاسيس والأريحية السهلة والأماني المبتذلة .لا تنشر كتاباته البلبلة والشك، بل القلق أيضا حول المشكلات التي يقوم بتحليلها نظريا ومفاهيميا. رغم ذلك فإن تلقي أعماله الفكرية مايني يتزايد ضمن ما يمكن تسميته النزعة الشميثية اليسارية والنزعة الشميثية اليمينية .هناك دون شك أسباب عميقة لذلك ، هنا أزمة الثقة في ذاتها التي تعيشها الديموقراطيات التمثيلية المعاصرة ، ومع انهيار الأنظمة الشيوعية هناك غياب تام تقريبا لكل مبادرة منسجمة تعوض الليبرالية الاقتصادية والسياسية. هناك من جهة أزمة الديموقراطيات البرلمانية في الاضطلاع بطريقة ذات مصداقية بإرادة الشعب والمصلحة العامة، وعجزها عن تجاوز مظاهر التهميش والإقصاء الاجتماعية مما يعطي ، في نظر البعض، لحجج شميث المضادة للديمقراطية وللنزعة البرلمانية قوة أكبر. أما من جهة أخرى فالهيمنة الحالية لليبرالية الاقتصادية والسياسية المصاحبة بالشعور بالعجز السياسي لنموذج الدولة الأمة، تقود البعض إلى البحث عند شميث عن حجج وبراهين ضد الليبرالية كان من قبل يبحث عنها لدى ماركس، كما هو الأمر بالنسبة لليسار المضاد لليبرالية (إتيان باليبار نموذجا) .هؤلاء المنظرون كلهم في اليمين واليسار ،يتجاوزون ضمن اختيار إرادوي واضح ، الفترة النازية السوداء والمرعبة لكارل شميث ، ينظرون إليه بطهرانية نظرية ويعيدون لفكره بكارته، يرون فيه مفكرا أصيلا يساعدهم على الخروج من حقبة الفكر الضعيف والتموقف الرخو، ويقدمونه كمفكر سياسي كبير في مسألة السيادة والدستور وناموس الأرض كتوزيع واقتسام للأرض ذاتها بين الأقوياء (يذكرني هذا بقول نيتشه ، (يجب الدفاع عن الأقوياء ضد الضعفاء) .يعتبر هؤلاء القراء الجدد بأن انخراط شميث الحزب النازي سنة 1933 ، في نفس السنة التي انخرط فيها مفكر نسيان الكينونة هيذغر ، والوظائف الرسمية التي قام بها والمتمثلة في التبرير الإيديلوجي والقانوني للنظام ، وتعيينه كمستشار للدولة من طرف غورينع بتاريخ 11 جويليه 1933 ، هي كلها مجرد قوسين انفتح أحدهما وانغلق الآخر ، مجرد حادثة في تاريخ شخصي ، لا تؤثر بأي حال من الأحوال في عمق فكره ، الذي تشكل قبل وصول هتلر لقمة هرم السلطة، واستمر بعد سقوط الرايخ الثالث .يطرح هؤلاء أيضا إقالته مند سنة 1936 ، من مهامه كحجة على اعادة الاعتبار له .البعض يريد أن يرى فيه مجرد قومي أحس بمعاناة شديدة وبإهانة بعد معاهدة فرساي، وأنه من غير العادل اعتباره مجرد مفكر نازي، وأن فكر هذا القومي يترجم عمقه تشاؤما مسيحيا وأوغسطينيا. بالرغم من اقالته تلك فقد حافظ على كرسيه في جامعة برلين حتى نهاية الحرب. منذ 1934 بدأ صعود نجمه في التراتبية النازية ، حتى أسندت إليه مهمة المدير المسؤول عن المجلة الرسمية المتخصصة في القانون النازي deutsche juristen zeitung التي نشر فيها العديد من المقالات المدافعة عن أسوإ القوانين النازية. نشر سنة 1934 مقالا عنوانه : (الفوهرر يحمي القانون)، ليضفي مصداقية على هتلر بعد" ليلة السكاكين الطويلة "الدامية ومن ضمن ما كتب فيه : (ينفذ الفوهرر حقيقة التعاليم المستمدة من التاريخ الألماني ، وهذا يمنحه الحق والقوة لتأسيس دولة ونظام جديدين). أما سنة 1936 فقد نظم ندوة حول ( علم القانون الألماني في صراعه ضد الروح اليهودية )، وقد ألقى فيه خطاب الاختتام الذي أنها باستشهاد مستمد من كتاب (كفاحي) mein kampf يقول : (بدفاعي ضد اليهودي ، أصارع من أجل عمل الرب) .أين يكمن عصب الفلسفة السياسية عند كارل شميث وأين تتواجد نقطة ارتكازها ؟. تبدو راهنية الطرح السياسي عنده مرتبطة أشد الارتباط بتحليله للسياسة وفق منهجه الفينومينولوجي ، أي إدراك السياسة وبناء موضوعها خارج التصورات الأخلاقية والمثالية. يستحيل بالنسبة له التعبير عن إرادة سياسية فعليا، إذا ما تخلينا سلفا عن استعمال الوسائل العادية للسياسة والتي هي القوة والإكراه والعنف في الحالات الاستثنائية. إن الفعل السياسي عنده هو ممارسة السلطة، إظهار القوة وإلا فإننا سنتعرض لخطر أن تهزمنا قوة منافسة تتغيا ممارسة الفعل بشكل كامل من وجهة نظر سياسية .كل سياسة، عند شميث تتضمن القوة التي هي أحد أسسها وعناصرها الرئيسة .أن تقصي القوة من مجال ممارسة السياسة، حين نحول الحكومة مثلا إلى مكان بسيط للتداول والنقاش أو مجرد هيئة تحكيمية على شاكلة محكمة مدنية ، معناه إذن هو أن نقوم بفعل ضد قانون السياسة نفسها .إنه منطق أن تريد هو أن تكون قوة بالفعل لا عجزا . لذا يعتبر أن ضعف جمهورية فيمار كا من في دستورها الذي كان رائعا وحائزا تقريبا صفة الكمال القانوني، لكنه أروع من أن يكون دستورا سياسيا لأنه أقصى السياسة لصالح دستور مثالي ومجرد...كل دستور يجب ، من منظور شميث أن يكون سياسيا، أي أن يقوم بممارسة السياسة بكل خصائصها و مكوناتها وإكراهاتها وطرقها. تفترض السياسة القوة وتستدعيها، وحين تتخلى عنها نظرا للضعف أو للنزعة القانونية فإنها لاتكون بالفعل سياسة ، إذ تتخلى عن القيام بوظيفتها العادية لأنها تصير عاجزة عن حماية أعضاء الجماعة البشرية التي تضطلع بمهمة الحفاظ عليها. ليس المهم بالنسبة لبلاد ما، حسب أطروحاته ، التوفر على دستور يحوز قانونيا صفة الكمال، ولا البحث عن تحقيق الديموقراطية المثالية، بل التوفر على نظام قادر على الاستجابة للصعوبات الملموسة ، والحفاظ على النظام من خلال الحصول على توافق قابل للتجديد الكفيل بإيجاد حلول للصراعات التي تنفجر داخل كل مجتمع من المجتمعات .إنها نظرية السلطة المكتفية بذاتها والقادرة على ممارسة سياسة فعالة وصارمة .حاول ، في كتابه(légitimité et légalité/1932) الصادر قبل وصول هتلر للسلطة بقليل ، أن يقوم (بمحاولة يائسة لإنقاد النظام الرئاسي ، الحظ الأخير لجمهورية فيمار ، أمام نزعة نظرية قانونية ظلت ترفض طرح مشكلة الدستور وفق اصطلاحات الأصدقاء والأعداء) .يرى شميث بأن التصور الزائف للشرعية الذي تبناه المدافعون عن دستور فيمار، هو الذي عبد الطريق أمام هتلر للوصول إلى السلطة بطريقة شرعية .السياسة الفعلية إذن هي التي تمنح نفسها الوسائل الواقعية والملموسة لممارستها (الإكراه ، القوة والعنف أحيانا)، ولاتنحصر فقط في إعلان نوايا مثالي وتجريدي .نظريات كارل شميث وتصوراته نشأت في الحقبة التي تبلور فيها فكره السياسي، بجوار أفكار ونظريات ماكس فيبر الذي كان ملهمه الأول، خصوصا حين نشر مؤلفاته الأولى في التحليل والتنظير السياسي والكثير من المفكرين مثل يورغن هابرماس يعتبرون شميث الابن الروحي لماكس فيبر .أكد شميث دائما على أن السياسة يجب أن تتوفر على الوسئل الكفيلة بممارستها وبتحمل مسؤوليتها حتى لا تتصف بالعجز وتصير مجرد سياسة غير سياسية، فالديموقراطية يجب بالنسبة له أن تكون سياسية أولا لا قبل أن تتبنى مبادئ اجتماعية أو أخلاقية مثالية ، أي أن تقبل بإكراهات السياسية وإلزاماتها، أي تقبل بالقوة كممارسة .لم يدافع شميث عن ممارسة لامحدودة للقوة، لأنه كان رجل قانون ومختصا في القانون الدستوري ولكن كان يرفض سياسة تقصي اللعبة السياسية الحقيقية، وتكتفي بترديد شعارات جوفاء عن السلم والتقدم الاجتماعي أو مستقبل الاشتراكية. ظل دائما يكرر بأن من لايملك القوة لحماية شخص ما لايملك أيضا الحق في الخضوع إليه.كل احالات شميث على سلطة رئيس الرايخ وديكتاتورية الرئيس التي بلورها في كتاباته في العشرينيات وبداية ثلاثينيات من القرن الماضي، والتي تحولت بعد1933 الى مديح مفتوح لنشاط الفوهرر الكارزماتي، ترجع إلى النقاشات التي صاحبت تكون جمهورية فيمار والتي كان ماكس فيبر أحد أهم المتدخلين فيها إلى جانب آخرين .تمنى فيبر من جهة تقوية دور البرلمان الذي مهمته هي "انتقاء القادة" ، ومن جهة أخرى كان يخشى مخاطر السلطة البرلمانية المطلقة ، يكمن الخطر بالنسبة له في استحواذ "الماكينات الحزبية" على السلطة وهيمنة "سياسيين محترفين لا حرفة لهم "، مما دعاه إلى الدفاع عن قوة مضادة دستورية عبر تأسيس السلطة القوية لرئيس منتخب من طرف تصويت الشعب، وقادر على فرض ارادته المهيمنة على القوة البرلمانية .كتب ولفغانع مومسن في كتابه (ماكس فيبر والسياسة الألمانية) معلقا على التصور الفيبري للدكتاتور المنتخب : (لايجب أن يكون رئيس الرايخ بلغة ما (ملكا منتخبا)، وبهذه الصفة سيشكل وزنا مضادا للقوة المطلقة للرايختاغ...لكن ليس هذا كل شيء ، ورئيس الرايخ يجب أن يكون في الوقت نفسه رئيسا قيصريا...يحكم رجل الدول الكاريزماتي بوسائل قيصرية ويطلب انخراط البرلمان وهتاف الحشود ، وكلاهما يتبعانه دون شرط مادام ناجحا).ينهض التصور الفيبري للديموقراطية على تناقض واضح، وخصوصا الفرضيات الخطيرة لتصوره للرئيس المنتخب، في قوله في حوار له مع لودندورف بعد الحرب : (ينتخب الشعب قائده في الديموقراطية ويمنحه ثقته .بعد ذلك يقول الرئيس المنتخب "الآن ابلعوا ألسنتكم واخضعوا" .لا يجب بعدها أن يتدخل الشعب والاحزاب في شؤونه...).قرأ جورج لوكاتش في هذا الحوار بروز تصور فيبري للديموقراطية حامل لبذور "النزعة القيصرية البونابارتية". يدين تصور كارل شميث للمميزات الاستثنائية لرئيس الرايخ إلى فكر ماكس فيبر ،كما بين ذلك وولفغانع مومسن في كتابه الآنف الذكر: (استعاد كارل شميث المريد الذكي لماكس فيبر ، تصور رئيس الرايخ المنتخب من طرف الشعب كقائد سياسي، وذهب به إلى حدود ممكنة قصوى حين ترك بعيدا وراءه، حدود العناصر الدستورية التي رام فيبر من خلالها تقييد رغبة القائد في تأكيد موهبته الكاريزماتية باستمرار). لاتجدي طريقة الحكم عبر النقاش مما يعني انحصار النزعة البرلمانية وفقدانها لكل قيمة ، بل إنه يرى في الآثار السلبية للنزعة البرلمانية، الدليل على أزمة الحضارة الليبرالية. نعثر لدى فيبر على انتقاد التيه البئيس للبرلمانات ذات الغرفة الواحدة، والتأكيد على صورة رئيس الرايخ ،لكن نقد النزعة البرلمانية والمجتمع الليبرالي الذي مزقه التنافس بين الأحزاب السياسية، يتخذ لدى شميث أبعادا أخرى إذ يعتبر أن النزعة البرلمانية لم تعد شكلا لانتقاء النخبة السياسية ،فداخل مجتمعات "ديموقراطية الجماهير" الحديثة، يجب أن تتخذ القرارات بالضرورة داخل لجان ضيقة، تتحرك في الظل، وتحول البرلمانات إلى غرف تسجيل لإرادة "زعماء لامرئيين" .قد يكون انهيار النزعة البرلمانية مجسدا في أن الغاية الأولى من وجودها والتي هي "ممارسة الحكم عبر النقاش والتداول" فقدت قيمتها، ولم يعد البرلمان غير منبر كبير تقدم فيه الحقيقة عبر تبادل حجج عقلانية .يرى شميث في الآثار الفاسدة للنزعة البرلمانية في العالم الحديث، أزمة الحضارة الليبرالية. إزاء هذه الخلفية المكونة من أزمة النزعة البرلمانية والحضارة الليبرالية ، ودون اخفاء رفضه للاقتراع العام عبر التصويت السري الذي هو في نظره رمز للتفكك الليبرالي للنسيج الاجتماعي، يجد كارل شميث بديلا في الجماعة المتناسقة والمنسجمة للشعب (الوطنية الأصلية، الخدمة العسكرية الواجبة و"الديموقراطية" عناصر غير قابلة للفصل عن بعضها البعض في رأيه)، الذي تحركه وتثير حماسه إرادة قائد قيصري. يذكر شميث ، في هذا السياق ، حتى يشير إلى التمييز بين الديموقراطية والليبرالية، بأن الديموقراطي ذو النزعة القيصرية نمط تاريخي قديم . يسمح له مديحه لجورج سوريل بأن يكتشف داخل تصور العمل المباشر والإضراب العام وقيمة الأسطورة، فضح الانهيار الذي تم بواسطة "النزعة العقلانية النسبية للفكر البرلماني" ، إذ تبدو له الأسطورة كمصدر لسلطة جديدة، ويقوم في كتابه (نظرية الدستور) بمديح رئيس الرايخ كمستوى يوجد فوق البرلمان، إذ يتعلق الأمر بإنسان (يجمع في شخصه ثقة الشعب كله، ما وراء حدود المنظمات والبروقراطيات الحزبية). إن نقطة الارتكاز في السياسة الشميثية هي صورة رئيس الرايخ وسلطاته الاستثنائية، لأنه يجسد إرادة الوحدة والعمل التي تتجاوز الطابع المحدود والمنقسم لعمل الأحزاب .يشير سلفا منذ 1925 في مقاله (رئيس الرايخ ودستور فيمار)، إلى أن الرئيس هو (سلطة مضادة ..في مواجهة الرايختاغ والنزعة البرلمانية وسياسة الحزب)، مبينا أن عمله يوحد ، ما وراء تشتت الأحزاب ، الأساسي من الطاقة السياسية للشعب . تعتبر سلطة الرئيس ، في نظر شميث ، أكثر أهمية من سلطة أي منتخب آخر من منتخبي الشعب ، لأنها تنهض على علاقة مباشرة أساسها ، الثقة، أما في حالة النواب البرلمانيين فقد تظل هذه الثقة ملتبسة ومنقسمة متناثرة .طرح كارل شميث " حالة الاستثناء (aunahmez ustand ) كموضوع متميز وأولي في أبحاثه ، وقد بلور ذلك في مجموعة من الكتابات التي نشرت إبان جمهورية فيمار مثل (الدكتاتورية وحالة الحصار) النص الذي يعود إلى سنة 1916 ، وعبر اشتغاله على المفهوم صاغ فينيمنولوجيا حقيقية لحالة الاستثناء (حالة الحرب ، حالة الحصار ، إلخ...) ، محللا بدقة آثار تركيز السلطة في مستوى واحد وتعليق بعض الضمانات الدستورية .انصب اهتمامه أيضا في جانب آخر، على مظهر اخر من فينيمنولوجيا السلطة، وحول مسألة السلطة المحايدة (وفق تعبير بنجامان كونستان)، حين حلل قدرة السلطة على ضمان التوازن بين المؤسسات الموجودة والحفاظ عليها .ينحو كارل شميث ، دون شك منحى تغليب النظام الرئاسي على النظام البرلماني، وقد تم تأويل نظريته حول السلطة الرئاسية كاختراق لشرعية المؤسسات البرلمانية، وكحل مبني على نموذج جديد للسلطة المطلقة، حين أضفى سمة جذرية على المذهب الذي صاغه فيبر حول الزعيم الذي يقع حوله الاجماع. عمل شميث على التبخيس من قيمة "الشرعية" البرلمانية التي أخذ عليها نزعتها الوظيفية الفارغة، وعارضها بالشرعية الرئاسية التي رأى فيها وحدها التجسيد للإرادة الماهوية للشعب. يكمن الاختلاف بين موقف ماكس فيبر وموقف كارل شميث، في أن الأول أراد تأسيس دولة فيمار الديموقراطية على مبدأين للشرعية يتكاملان ويتداخلان : الشرعية الدستورية للدولة القانونية البرلمانية و "الشرعية الثورية" لرئيس الرابخ المنتخب من طرف الشعب كزعيم كاريزمي، أما الثاني فقد أقصى الشكل الأول للشرعية ارتقي بالشرعية الديموقراطية الإجماعية(من الاجماع) الى مستوى يعتبرها وحدها المقبولة . عند نهاية جمهورية فيمار كتب شميث مقالا في جانفيي 1933 (تطور الدولة الكلية في ألمانيا)، هاجم فيه نظام الأحزاب والدولة الكلية الضعيفة التي أفرزتها سيطرة الأحزاب على السلطة، وطرح كحل رئيسا للرايخ تكون له سلطة قوية تؤول إلى مرحلة ما قبل التعددية السياسية. بعد انخراطة في النازية بتاريخ (01 ماي 1933) نفس اليوم الذي انخرط فيه مارتن هيذغر وآخرون ، أعاد شميث صياغة العناصر الرئيسة في فكره السياسي : (النزعة المفادة للبرلمانية، والمضادة للتعددية ، المذهب الرئاسي المستبد، حالة الاستثناء، والزوج التعارضي صديق- عدو)، لمسايرة العناصر والمبادئ المؤسسة لنظرية القانون النازي، والتي تنهض على أساس ناظم لها هو مبدأ الفوهر FÜHRERPRINZIP . انطلاقا من هذه الملاءمة التي تطلبها السياق ، في نظره ، بدأ في السنوات الأولى للنظام النازي يشرعن على الصعيد النظري، القانون النازي ، ويستند تبعا لذلك على احالات عديدة لخطابات هتلر وكتابه (كفاحي (MEIN KAMPF وعلى خطابات رودولف هس أو هانز فرانك، ويستلهم من العمل النظري الكبير للوزير – رئيس بروسيا غورينغ الذي كان وراء تعيينه في جويلية في منصب "مستشار الدولة البروسية " . يفرض مبدأ الفوهر أو الزعيم / القائد الكارزماتي الذي يقع عليه الإجماع الشعبي، إقصاء كل القيم الليبرالية الديموقراطية التي أسهمت بشكل تدريجي في بناء مجتمع "محروم من القيادة السياسية". تستوجب فكرة الفوهر إلغاء الانتخابات التي تبدأ من قاعدة المجتمع مع كل عناصرها الاقتراعية، وعوض الانتخاب سيكون هناك الانتقاء .يركز شميث على فكرة العرق التي تؤسس للتماهي العرقي بين الفوهر والأتباع ووحده هذا التماهي سيمنع ، في نظره ، من أن تتحول سلطة الفوهر إلى استبداد وممارسة سياسية اعتباطية . منح شميث لمبدأ الفوهر استقلالية خاصة تحول دون تلوثه بأي مفهوم أو تصور أجنبي، وعمل بصرامة على الفصل بين "مبدأ الزعامة" ومبدأ "المراقبة "، لأن لا نمط معياري يجب أن يعوق عمل الفوهرر وسلطته وقدرته التمييزية. لاعلاقة أيضا لعمل الفوهرر بمفهوم "الراعي" ذو الحمولة الدينية أو بمفهوم "الربان" الأفلاطوني" أو مفهوم "الامبراطور" النابليوني .هذه كلها مفاهيم أجنبية لايجب أن تطال صفاء المفهوم النازي ذو الخصوصية الألمانية .يبلغ مديح الفوهرر(: القائد الملهم المتماهي عرقيا مع شعبه) أوجه في المديح الذي خص به كارل شميث عمل هتلر بتاريخ 30 جوان 1934 ،حين أقدم هذا الأخير على تصفية جماعة روهم Rohm ، حيث كتب المنظر السياسي والقانوني مقالا بعنوان : (الفوهر يحمي القانون)، على شكل تعليق على خطاب ألقاه هتلر أمام الرايشتاغ يوم 13 جويلية 1934،ونشره شميث أسابيع بعد "ليلة السكاكين الطويلة" اسم المذبحة الشهيرة التي ارتكبتها المليشيا النازية ضد مجموعة من المعارضين ، حيث قام بإيجاد ذريعة لعمل هتلر ومدحه، مساندا ما قام به دون تحفظ .اقتنص شميث الفرصة للتأكيد على أن عمل الفوهرر ،لايمكن الحكم عليه انطلاقا من "المعايير المعتادة للعدالة"، وشطب بجرة قلم على مبدإ الفصل بين السلط وعلى استقلالية القضاء، لأن الفوهرر ، من منظوره ، هو الذي يخلق العدالة ، وهو بالذات مصدر السلطة القضائية .لا يخضع عمل الفوهرر للعدالة والقانون لأنه يمثل في ذاته العدالة العليا ، ثم يصل إلى النتيجة الحاسمة، وهي أن لا أحد يسمح له بالتشكيك في النوايا الحسنة لعمل الفوهرر، بناء" على حجج وبراهين "قانونية". هكذا أضفى على اغتيال روهم rohm وأصدقائه شرعية مستمدة من التاريخ الألماني كله .لقد مدح شميث الفوهرر الألماني بل وذهب بعيدا في مديحه حين ربطه بالصراع ضد الروح الليبرالية والروح اليهودية (اللتان تترابطان ترابطا عميقا في فكر شميث) على الصعيد الكوني .ساهم كارل شميث بقوة في مغامرة الرايخ الثالت وساند بفعالية ، انطلاقا من وضعه الاعتباري كمنظر كقانوني ، في بناء ترسالة القوانين النازية، وخصوصا القانون العرقي، وحتى حين انتقدته مجلة كتائب ss الألمانية وفقد إثر ذلك بعض مسؤولياته في المؤسسة النازية، حيث أبعد عن إدارة (مجلة القانون الألمانية) استمر في كتابة تعليقات تتضمن مديحا لسياسة الرايخ ، وصياغة أسس نظرية لها .استمر شميث في الحديث ، بعد 1945 ، عن هتلر وسياسته وخصوصا في كتابه الذي صدر بعد وفاته (غلوسا ريوم) glossarium والذي هو عبارة عن ملاحظات وخواطر يومية، حررها بين 1947 و 1951 ، في أجوبته على أسئلة القاضي الأمريكي روبير كمبنر سنة 1947 حين سأله في نورمبرع عن العلاقة بين نظريته عن (الفضاء الكبير) gross raum والسياسته الهتلرية، حيث قام بفصل صارم لنظريته عن الفضاء الكبير، وتطبيقها ضمن سياسة هتلر عن الفضاء الحيوي (lebens raum)، متعللا بأن أهدافه قد كانت نظرية خالصة دون أي انشغال سياسي ، مؤكدا كحجة من بين حجج أخرى ، على أنه لم يلتق هتلر أبدا ولم يصافحه، لاهو ولا أفراد حاشيته ، ولم يستفذ من أي امتياز خاص من طرف النظام .حدث لكارل شميث بعد ذلك أن عبر عن أحكام قاسية حول هتلر وسياسته، منتقدا "عماه السياسي" و"قوميته الضيقة" ، لكنه لم يقم أبدا بأي مراجعة للتبريرات النظرية التي صاغها للايديلوجيا القانونية النازية. هناك إذن أعماله النظرية التي تركها من جهة ، ومن جهة أخرى خطورة العديد من أفكاره ونظرياته السياسية الرئيسة. كان شميث يرى في نفسه ماكيافيلي جديد ، مستشار أو وصي السلطة ، الزعيم ، الحاكم ، وجسد بشكل ما أسطورة المثقف المهزوم مثل صاحب "الأمير"، الذي انسحب منعزلا في سان كاسيانو بعد إخفاقه السياسي، وهو الاسم ذاته (سان كاسيانو) الذي أطلقه شميث على منزله في بلدة بليتنبرغ plettenberg ، حيث كان يزوره الكثير من قرائه ومريديه ومحاوريه ومترجميته نظرا لكارزماتيته ولقدرته على ربط علاقة شخصية قوية مع العديد من المفكرين .إنها عزلة المثقف/المفكر الذي يطرح صياغة نظرية تأسيسية constituante والذي يواجهه ، في سياق صراعه الفكري مع ثوابت ومعايير اللحظة التاريخية التي يعيش فيها وينتج فيها ، نوع من الإخفاق الذي لامرد له والذي يقوده إلى العزلة ،عزلة ماكيافيلي، عزلة كارل شميث ، أو إلى الجنون، كما حدث للمفكر الماركسي لويس ألتوسير بعد فاجعة 1980. لقد كان كارل شميث في مجال الفلسفة السياسية بمثابة مفكر وضعي positiviste وتنهض أعماله النظرية على "ميتافيزيقا الوضعانية" التي تصاحب كل نزعة وضعية ، وذلك عبر انشغاله بمسألة المعنى المتميز للتاريخ، والممارسات والمؤسسات السياسية التي يعاد إدماجها ضمن خطابات وضعيته حول علم الدولة والقانون ، والسياسي نفسه، الذي يعاد تأسيسه كرهان ميتافيزيقي للفلسفة السياسية . يبدو كما لو أن الأمر يتعلق نوعا ما لدى كارل شميث، بنوع من الانكتاب/ الاندغام في السياسة الهيجلية، لكن مع عدم اعتبار هذه الأخيرة والنظر إليها من أجل ذاتها، ومجابهتها بمقاربات أخرى للواقع السياسي. يكمن الرهان إذن في مجابهة فلسفة للحق philo du droit متجذرة في ميتافيزيقا الروح وخصوصا الروح الموضوعية ، بسوسيولوجيا الهيمنة التي تختار وصفا وضعيا وأمبريقيا (تجريبيا واختباريا) للممارسات والمؤسسات الجماعية، ولتحليلية وضعية لأشكال الهيمنة التي يكون العالم بالنسبة لها هو الموقع الذي تحدث فيه الأحداث، تكون ولا تدل على أي شيء. يتغيا الحوار الضمني وغير المباشر بين هيجل وكارل شميث، تهيئي الوسائل الكفيلة للربط بين الفلسفة والعلوم الوضعية، ويهدف إلى اكتمال الفلسفة السياسية، وخصوصا الشكل الهيجلي لهذه الأخيرة ، على أرضية الوضعانية من خلال استعادة الأدوات المفاهيمية التي صاغها هيجل (مثل مفاهيم الدولة والمجتمع المدني والترابط بينهما) . لكن شميث يرمي إلى تجاوز شكل العقلانية الهيجلية في بعدها المنطقي التأملي. ينطرح نموذج العلاقات بين الدولة، أي الدائرة المحتكرة للسياسي ، والمجتمع المدني الذي هو دائرة الحاجات وإشباعها عبر التبادلات والأنشطة المدنية التي تمارس فيها (: أي العلاقات)، وفق التقليد الليبرالي الناهض على الأنشطة السياسية المحايدة ، ليسمح (أي نموذج العلاقات هذا)، لشميث بتبيان لماذا أصبح ضروريا التخلي عن المقاربة التأملية الهيجلية المتعلقة بوصف الوساطات السياسية للاجتماعي والوساطات الاجتماعية للسياسي ، والتي تتصور الدولة والمجتمع المدني كطرفين لعلاقة مفترضة ومتبادلة. ليس بإمكان التأمل الفلسفي سوى تصور الدولة والمجتمع المدني كطرفي هوية متمايزة ، باعتبار الدولة الوحدة التي تحيل على ذاتها وعلى آخرها ، أي وحدة نفسها وتلك "الدولة الخارجية" التي هي المجتمع المدني. يرى شميث بأن التطور السياسي الاجتماعي الحديث يذهب في اتجاه التشويش على العلاقة الجدلية البسيطة بين الدولة والمجتمع .هناك فعلا ظاهرة التداخل بين دائرتي المجتمع والدولة، وهذه الأخيرة استثمرت كلية من طرف المجتمع الذي فرض نمطه على فضاء السياسي، وعثر على المصادر التي تسمح له بتنظيم نفسه كدولة، حتى أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية صارت في الوقت نفسه مشاكل دولية وسياسية . كفت الدولة ، كنتيجة لذلك ، من جهتها عن التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حتى أنه أصبح صعبا التمييز بوضوح بين القطاعات الدولتية - السياسية والقطاعات الاجتماعية الأساس .من الضروري وفق شميث، التفكير في عقلانية سياسية مغايرة، لتجاوز هذه المقاربة الموروثة عن هيجل ، أي المقاربة التأملية والجدلية للواقع الاجتماعي الحديث ، وبالتالي القيام باختيار نظري بين العقلانية السياسية والتعددية الاجتماعية، أي وفق اصطلاحات المفكر المنعزل في بليتنبرغ ، بين النزعة القرارية (من القرار (décision والنزعة الليبرالية .تعود أسباب نجاح المقاربة الوضعية التحليلية- الأمبريقية للواقع الاجتماعي السياسي الحديث إلى ماكس فيبر. إن القرار la décision المؤسس للمعنى هو الأساس ، والجوهر المشترك للسياسة والفلسفة والفكر، والذي يؤسس انتماءها المشترك والمتبادل هو تحديدا القرار ، أي الفعل المتعذر اختزاله والذي يحسم في الشيء وضده. ليس هناك فكر أصيل للسياسة لاينهض على قرار التمييز بين الصديق والعدو، وليس هناك فكر أصيل لاينهض على اتخاذ القرار داخل الفكر. تجسد الفعل الأول الذي قام به كارل شميث في التأكيد على تعذر اختزال السياسي الذي لايمكن تذويبه داخل الاستراتيجيات الوضعية للهيمنة، ولا بالخصوص داخل إطيقا ليبرالية للنقاش والتداول، تقود إلى تحييد السياسة وإضفاء طابع إطلاقي على المجتمع .مع شميث طرح مثال دال لمقاربة الواقع السياسي والاجتماعي ، يرفض الجدل التأملي من جهة ، وينذغم من جهة أخرى في منطق للإدراك يضفي طابعا إطلاقيا على الإيجابي (القرار) وعلى السلبي (الصراع، التعارض المطلق بين الصديق والعدو غير القابل للجدلنة (من الجدل) أي لنوع من السلبي بدون سالبية ، وهو عكس مانجده عند هيجل مثلا أي نوع من الجدل السلبي الذي ينهض على منطق السالبية négativité كما في جدل العبد والسيد مثلا في: (فينو مينولوجيا الروح).لم يعد السياسي مرتبطا بالعقل التأملي وإجراءاته الموسطة médiatisantes التي لاتكون داخلها للسلبي ، والتشظي الاجتماعي، وللتنافسية حول السوق من قيمة ، سوى في نفي هذا السلبي من طرف ما هو إيجابي ، لأن الدولة ، عبر لعب دور الوساطة سياسيا، داخل ما هو اجتماعي ، تشكل الهوية السياسة الملموسة الوحيدة ترجع السياسة حسب شميث، إذن إلى وضعانية قرار متعذر اختزاله يعمل على تحيين سلطة تأسيسية مطلقة، يجب بالضرورة أن تسبق النظام التأسيسي للسلط المؤسساتية التي تترك بعد ذلك للإجراءات الوضعية لنظرية القانون . إن فكر شميث ميتافيزيقا للوضعانية في الإطار نفسه الذي يكون فيه أيضا سياسة للقانون، إذ يروم شميث تحرير الوضعانية من هيمنة النزعة الوضعية القانونية، من خلال إلحاحه على موضعة القرار الذي هو جوهريا سياسي، ما فوق قانوني ، متعذر اختزاله ،لا عقلاني ووضعي بشكل خالص لصالح هذا النظام القانوني أو ذاك ، هذا المبدأ القانوني أو ذاك، موضعة القرار المؤسس لكل نظام سياسي، داخل الأساس الذي ينهض عليه كل نظام قانوني وكل نزعة معيارية. تنطرح النزعة القرارية (من القرار) عند شميث لا كنظرية وبشكل أقل كفلسفة للسياسي ، لأنها تريد أن تكون نمط فكر قانوني، يروم بواسطة نوع من التمفصل بين القانون والسياسة ، إلى التمايز في آن عن السياسة الليبرالية وعن الإبيستملوجيا المعيارية ، لأن كلتاهما تتميزان بنفي هذا التمفصل. ألح كارل شميث باستمرار على وضعه كمنظر ومحلل قانوني، ولم يقبل أبد أن يصير فيلسوفا أو ميتافيزيقيا . يكمن همه النظري ومقصدية تحليله في البحث عما هو مشترك بين أوضاع وتوترات وصراعات، تولد من التعارضات الدينية والأخلاقية والثقافية والاقتصادية أو غيرها ، حين تتوقف عن أن تظل بشكل خالص دينية وأخلاقية وثقافية واقتصادية لتصير سياسية بالمعنى الحرفي للكلمة. لقد انصب هم شميث الأساس على تحديد المعايير أي العلامة المميزة التي تسمح بمعرفة إذا ما كانت مشكلة ما سياسية أم لا ، أي الوقوف عند ما هو سياسي محض بغض النظر عن كل علاقة أخرى. ينهض تحليله على حالات الاستثناء، حين يوضع المستوى الدولتي (من الدولة) نفسه موضع تساؤل ، وحين نتجرد من المعايير التي تمنح للصراع معنى ، بحيث لا نأخذ السياسي بعين الاعتبار إلا داخل واقعه الوجودي الخالص .إن الأساس الذي رأى فيه صاحب (ناموس الأرض)، العلاقة المتميزة والأساس التي لايمكن استنباطها من علاقة أخرى ، والتي يمكن أن نختزل فيها كل النشاط وكل التفاصيل السياسية هي علاقة الصديق والعدو .إنها علاقة (الصديق/ العدو ) مستقلة عن كل حكم معياري، لأنها مستقلة باعتبارها علاقة وجودية، عن التأملات الثقافية بالمعنى الذي قد يمكن أن نتحسر فيه على أنها قد تكون من البقايا الحية لحالة التوحش والبربرية السابقة، أو نأمل بأنها قد تندثر في المستقبل .لكن واقع الأمر الواضح والجلي ، بعيدا عن التأويلات وأحكام القيمة ، هو أنه بمجرد ما يصل وضع ما إلى مستوى أقصى من الصراع ، فمستوى أقصى من الصراع ، فإن التعارض بين الصديق والعدو يظهر مباشرة، وتقبل أيضا أشكال التعارضات الأخرى قانونه .إن معيار السياسي le politique إذن ، يتجلى في الإمكانية المتاحة لتعارض ما، بالتطور باتجاه صراع أقصى بين أعداء. ركز كارل شميث في كتابه (مفهوم السياسي) / 1927) ، كما في (لاهوت سياسي/1920)، على نفس السجل القراري (من القرار/ décision) ، لكنه حاول فيه التنظير للسيادة داخل سجل سياسي تحديدا، وتخلى تبعا لذلك عن إشكالية حالة الاستثناء exception .لقد قام بنقل موقع القرار باتجاه آخر ، على اعتبار أنه لا تكون مالكة للسيادة إلا الوحدة الاجتماعية التي يعود إليها اتخاذ القرار في حالة الصراع، والتي تحدد بشكل حاسم ونهائي التمييز بين الصديق freund والعدو FEIND . هذا التمييز أو التعارض بين الصديق والعدو، هو الذي يشكل الخصوصية النوعية للسياسي ويميز حقله على صعيدي النظرية والممارسة، لأنه يشير إلى الطبيعة السياسية للعلاقة. دأبت الأخلاق على التمييز بين الخير والشر، والاستطيقا أو علم الجمال بين الجميل والبشع، والفلسفة النفعية بين النافع وغير النافع أو الضار ، والمذهب الاقتصادي بين ماله مردودية وما ليست له، أما التمييز بين الصديق والعدو فيبدو معيارا نوعيا خاصا ، حسب شميث ، بالسياسي، وينطبق شكلانيا على علاقة ما في أوج حدتها وتوترها سواء بالاتحاد أو الانفصال ، الاشتراك أو التفنتت .حين نطرح السؤالين : من هو الصديق؟ ومن هو العدو ؟ نلفي أنفسنا منذغمين كلية في سجل حربي صاغته نظرية شميث السياسية ، وهو ما يفضي إلى استنتاجات خطيرة وتأويلات مرعبة جدا، كفيلة بنفي كل إمكانية في التعايش الإنساني المشترك .يتأرجح موقف شميث الاحترابي في حيز التمفصل بين موقفين متعارضين : موقف كلاوسفتس ، الجنرال البروسي(من بروسيا) ومنظر الحرب ، الذي اعتبر بأن الحرب والسياسة تدخلان في علاقة أداتية ، وأن الحرب مجرد وسيلة تقنية قابلة للاستعمال من طرف السياسة . القصدية السياسية ، حسب كلاوسفتس ، هي الغاية ، بينما الحرب مجرد وسيلة .أما الموقف الثاني فهو الذي عبر عنه لودندورف LUDENDORFF ، حين اعتبر بأن الحرب، على العكس ، هي غاية السياسة ومآليتها، وأن الحرب والسياسة، يخدمان الحفاظ على الشعب، لكن الحرب تظل ، حسب لودندروف، التعبير الأرقى عن الحياة العرقية، لذا يجب أن تخدم السياسة الحرب .ليس الصديق ولا العدو مجرد صورتين مؤمثلتين . ومجردتين، أو تخيلين ، أو شكلين مجردين بل هما ، بعيدا عن هذه التأويلات ، وضع اعتباري ضروري لاشتغال التأقطب في العلاقات السياسية .إن الصديق أو العدو مفهومان يجب أخذهما وفهمهما في مقبوليتهما الملموسة، الواقعية والوجودية وليسا مجرد استعارتين أو رمزين . كارل شميث مفكر سياسي لامع ، ولكنه ، شأن الكثير من المثقفين والمفكرين الألمان، آنذاك ، انخرط في الحزب النازي، آمن بفكرة الفوهرر ومبدئه ونظر لها، وللقانون النازي وبمقدار ذكائه النظري المتجدد، بمقدار التشوش الذي طال سيرته الفكرية وتجربته البيوغرافية .هل نلغي كل فكر هيذغر الفذ والمتميز بجرة قلم، لأنه انخرط سنة 1933 في الحزب النازي وقبل منصب العمادة في جامعة فرايبورغ الذي التزم فيه بارتداء البدلة النازية وتأدية التحية النازية وألقى خطاب العمادة الشهير، هل نمحوه كله وقد نشر مؤخرا ما أسماه هو نفسه (الدفاتر السوداء) التي تضمنت مقالاته السياسية إبان انخراطه النازي ؟ .هل نشطب على قصائد ( cantos) العظيمة والملحمية للشاعر الاستثنائي إزراباوند، لأنه أعجب أيما إعجاب بالإيديلوجيا الفاشية الإيطالية وبزعيمها موسوليني وذهب للاستقرار في إيطاليا؟. هي مجرد أسئلة بسيطة وشائكة في آن إذا ما اخترنا النهج الأخلاقي الإيديلوجي المسكون بوهم الطهرانية سنجيب عنها بالإيجاب ، وإذا ما نهجنا مسارا نظريا فكريا سنقول بأنه من الصعب صوغ جواب / أجوبة حاسمة ونهائية لها. لذلك ظل كارل شميث قيد حياته وبعد وفاته محط جدل ثقافي وفكري كبير ، وانقسم قراؤه والمشتغلون على متنه الفكري حوله، بين شميثيين ومضادين للشميثية. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تأسست معايير تلقي أعماله النظرية بشكل تلقائي بين المعارضين الذي أخذوا عليه انخراطه النازي بين 1933 و 1936 ، وتمثلهم دوائر المثقفين الألمان الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة الذين رأوا فيه "عدوا للديموقراطية " ، بل "مشعوذا" انتهازيا، والمنظر القانوني الأول للرايخ الثالث. الساحة الثقافية في ألمانيا ذاتها كانت تهتز لذكره ، ونذكر بأن ماريون غرافين دونهوف الصحافية المؤثرة ومؤسسة Die Zeit ،هددت بالاستقالة حين ظهرت إحدى نصوص شميث على صفحات الجريدة سنة 1957 .لكن بداية الخمسينيات من القرن الماضي شهدت أيضا ميلاد دوائر "الأوفياء" لفكره، ومن بينهم إرنست فورستوف ernst forsthoff أو إرنست يونغر، اللذان ساهما في الاجتماعات المنظمة من طرف شميث في منزله ببلدة بليتنبرغ . استمر التأقطب بين الرفض الشرس له أو النقاشات الخاصة بين الأوفياء، الى بداية النصف الأول من الستينيات .لكن الستينيات من القرن الماضي شكلت القطيعة مع التاريخ الثقافي لألمانيا الفدرالية ، وقد جسدتها كتابات كارل ياسبرز حول "مسألة الذنب " la culpabilité allemande التي أوحت للنخب الألمانية بأبحاث جديدة وخصوصا في الماضي النازي. هكذا عاد شبح الانخراط النازي لكارل شميث ليقف فوق الركح الثقافي ، وتحول إلى عنصر أساس في السجال السياسي الثقافي ، وإلى شبكة قراءة بالنسبة لبعض التعليقات حول فلسفته .نشر ماتياس شميتز سنة 1965 كتابا حاول فيه أن يبين الطريقة التي من خلالها تحمل المفاهيم الشميثية وخصوصا التعارض بين الصديق والعدو ايحاءات نازية وتصير بالتالي خميرة للتوتاليتارية. بين نهاية الستينات والنصف الأول من السبعينات عرف تلقي فلسفة كارل شميث السياسية نوعا من التجديد، وخصوصا مع نشر كتابه (نظرية المتمرد) (1963/théorie du partisan) حيث نال رضا مثقفين من اليسار ، وبدا كما لو أن تواصلا ضمنيا سابقا و موجزا بين شميث ووالتربنيامين قد أتى ليؤكد وجود تواشج روحي بين الأوفياء لشميث وفكره، ومنظري مدرسة فرانكفورت. لقد تأكد وجود "شميثيين في اليسار" وهم قبل كل شيء مضادون لليبرالية .بعض قراءات شميث ونظريته السياسية، ارتبطت أيضا بالسياق السياسي والتاريخي، فمع ظهور مسألة الإرهاب لدى منظمات يسارية راديكالية في السبعينيات بدأ استعمال بعض المصطلحات والتعبيرات مثل فكرة (أعداء الدستور) لوصف اليسار المتطرف، وتعبير (الديموقراطية القادرة على الدفاع عن نفسها). شميث كان سباقا إلى التفكير في آن في الأزمة الدستورية وفي الطبيعة الصراعية لكل العلاقات السياسية، ومن بينها تلك التي تكون داخل إطار ديموقراطي ، وهو ما وضع أعماله الفكرية ونظرياته تحت أضواء الراهن السياسي آنذاك، سواء لدى الطرف الناقد للخطاب الأمني أو الطرف المدافع عنه. يورغن هابرماس تدخل في النقاش في الثمانينيات ليحتج على الفكرة التي قد ترى بأن شميث ، قد يرتبط بشكل ما من الأشكال بالفلسفة السياسية لليسار ، ويذهب فيلسوف فرانكفورت أيضا إلى القول بأن المعجبين الألمان بشميث، ليسوا سوى دعاة الاستمرارية الألمانية الذي لم يفهموا جيدا بأن 1945 هي التاريخ الذي يؤشر على قطيعة هامة وحاسمة، ويرى بأن الإقبال على شميث يعود إلى الولع بنوع من المابعد حداثة الفرنسية ، والأمريكية في ميدان الأفكار، وإلى النزعة المحافظة الجديدة كما جسدها رونالد ريغن من جهة وهلموت كول من جهة أخرى في ميدان السياسة .إن بيوغرافيا كارل شميث تستعمل لإضفاء طابع تاريخي على مصيره الشخصي والوجودي، سواء كصورة للمثقف أو للقانوني المتواطئ أو كصورة لمثقف جمهورية بون (الفيدرالية). ترك كارل شميث خلفه الكثير من الورثة، وصار موضوعا للتاريخ ، حتى أن المؤلفات التي خصصت لنظريته السياسية والقانونية، لم تعد فقط مجرد تأويلات وتعليقات على هامش أعماله، بل تعليقات على التعليقات .



#مصطفى_الحسناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع ماركس
- الشعب يريد...


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى الحسناوي - كارل شميث أو تصورٌ للسياسة قائم على الصراع