منارات جبل الخبرات / الصفحة ( 38 )

كاظم فنجان الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 7405 - 2022 / 10 / 18 - 10:38
المحور: سيرة ذاتية
    

كل ما نسطره هنا على هذه الصفحات المشرقات، هو عبارة عن حقائق موثقة، تعبر عن مراحل متعاقبة من العمل البحري الفعلي، على الرغم من كل المنغصات، التي وقفت في طريق هذه الكوكبة من الرجال الذين حفروا اسماءهم في سجلات تاريخنا البحري المعاصر بأحرف من نور، ولسنا هنا بحاجة إلى لغة التلميع والتضخيم الإعلامي لتجميل صورتهم، فالوقائع هي الوقائع، والبصرة برمتها تشهد وتعترف . .
فعندما نتحدث عن ربان المرفأ الأقدم قاسم علي قاسم (رحمه الله)، تنتفض أجيال الموانئ التي عاصرته لترفع له القبعة، وتقف احتراما وتقديرا للأب، الذي كرس حياته كلها لتنفيذ المهمات البحرية الصعبة. .
كان رحمه الله يقود الساحبات النفطية في السبعينيات كما المايسترو الذي يعزف سمفونية هادئة تتراقص على انغامها النوارس بألوانها الثلجية الزاهية. .
كان أكثرنا اتزانا وحكمة وتعلقاً بعمله، وكان من الربابنة الذين يبادرون إلى تحمّل المسؤوليات، ولا يخافون من اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات، حيث لا ينظر إليها على أنها عقبات، بل خطوات ضرورية لتحقيق المطلوب، وكلما زادت صعوبة المهمة في الموانئ النفطية يصبح أكثر إبداعا. .
لا يحب المخاطرة، بل يسعى لتنفيذ واجباته بكل ثقة. وبالدقّة والتنظيم المطلوبين، فكلّ أعماله كانت مُنظّمة، كما أنّ وقته وأوراقه وأهدافه مُنظّمة. .
كنت اقرأ وجوه الطواقم الأجنبية وردود افعالهم عندما يتولى الكابتن قاسم مهام ارساء سفينتهم أو اقلاعها، كانت خطواته في المناورة محسوبة ومدروسة، وكان يتحدث معهم بمنتهى اللباقة والوقار، وكنت أجد متعة كبيرة عندما اسمعه يتحدث معهم بلغة انجليزية راقية تعكس صورة رائعة عن ثقافته العامة. .
وكان معلماً ماهراً تولى مسؤولية تدريب وتاهيل الكثير من ربابنة المرفأ، ولست مغاليا إذا قلت لكم ان معظم وزراء النقل كانوا يتواصلون معه هاتفيا، ويستأنسون برأيه. لكن يد المنون كانت له بالمرصاد في جلطة دماغية اصابته على حين غرة، وبلا مقدمات، فرحل عن دار الدنيا في اليوم الثالث عشر من الشهر العاشر من عام 2015. تاركاً وراءه سجلا حافلاً بالخدمات المثمرة على مدى أربعين عاماً امضاها رحمه الله في عرض البحر. .
وكان لي شرف تعيين نجله الكابتن (حسين)، وهو الآن من خيرة ربابنة المرفأ في الموانئ النفطية، بشهادة العاملين معه، وبشهادة الشركات العالمية المالكة لناقلات النفط العملاقة، وبشهادة هيئة الموانئ والمرافئ في شركة نفط البصرة . .
وسوف يكون لنا حديث آخر عن نجم لامع من نجوم جبال الخبرات. .

#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات