أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح11















المزيد.....

إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح11


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7401 - 2022 / 10 / 14 - 04:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نتج عن شروط الإمامة الأربعة التي وضعها المتكلمون الشيعة في القرن الرابع الهجري أثرا عقائديا جديدا، لم يكن مطروقا من قبل لا في عقائد المسلمين عموما ولا في عقائد العلوين قادة وأتباع، فقد أبتدع البعض إلى أن الله تعالى قد فوّض إلى الأئمة من أل محمد ص "خلق العالم وأرزاق الناس وتدبير الكون والدين والشريعة" كجزء من التكريم الخاص والمخصوص لهم من الله لما يتميزوا به من أوصاف فوق البشرية، وقد واجه التفويض في الخلق اعتراض الأئمة وعلماء الشيعة في ذلك الزمان واعتُبر مرفوضاً وإن ترسخت مفاهيمه بالعقلية الشعبية التي تنحاز لكل ما هو طائفي وتعتبر المنزلة في الإمامة منزلة غارقة في الربانية المختارة، أما سائر موارد الغلو فإنها وإن واجهت اعتراضات عدد من العلماء الشيعة، ولكن هناك من العلماء من سعى إلى توجيهها ووجدت طريقها بالتدريج إلى الفكر الشيعي، حتى أصبحت من بديهياته ومسلَّماته.
إن التفويض سواء أكان في التكوين عند من يؤمن بالإمامة التكوينية أم في التشريع عند الأصوليين يتطابق ما كان يثبت للنبي من تأثيراً مستقلاً في الخلق، أو في ربوبية الله التكوينية والتشريعية فهو من الشرك الكامل الذي يخرج القائل به من التوحيد، وهو باطل عندما يثبت به عند أحدٌهم للأئمة شأناً تشريعياً غير وارد عن النبي، أو حتى إذا نسب ذلك إلى الوحي والإلهام الإلهي وذلك لمنافاته مع الخاتمية، وأما إذا كان في غير هذه المعاني المتقدمة كما لو اعتقد في التكوين أن الله قد خلق العالم والناس من أجل وجود إنسان كامل مثل النبي والأئمة، وأنه ببركتهم ولأجلهم يرزق الناس، وأن بإمكانهم بإذن الله ومشيئته اجتراح المعاجز والخوارق، لم يكن ذلك عند الكثير من فقهاء الشيعة من أقسام الغلو وإن كان الأمر في حقيقته غلوا متطرفا مخالفا للعقيدة الإسلامية الحقة ومخالفا حتى لمنهج الأئمة أنفسهم، ولا يعتقد الكثير منهم عدّه نوعا من الشرك ولا هو وكفراً، وإن كان إثبات كل واحد منها بحاجة إلى دليل عقلي أو شرعي معتبر، كي لا يكون من أقسام الكذب والافتراء في الدين.
من هذه السنخية الفكرية المتطرفة بدأت أختلالات الفكر الشيعي العقيدية على يد أشخاص دخلوا الدين الإسلامي متأخرين ومن بقاع عرفت بالكثير من مفاهيم التجسيد والشركية التخويلية بين الآلهة وعمالها على الأرض، حاملين خزينا ثقافيا لا يمكن مسحه بسهولة دون إسقاط معظمه على العقيدة الجديدة التي ينتمون لها، في القرنين الثالث والرابع الهجري ولدت عشرات الأفكار الدينية الغريبة عن روح الإسلام من باطنية وغنوصية وقدرية ودهرية وووو، الكثير مما أربك حركة الفكر الإسلامي الحق وأدخله مداخل لم يألف مثلها في بيئته الأولى، صحيح أن التزاوج والتلاقح الثقافي مفيد في تنمية قواعد اليقين الإيماني لكن بشرط أن من يتولاه عارفا بتلك العقائد من باب النقد والمعرفة الكلية، وليس من باب التقليد أو القبول بما يرد من أفكار على أنها نصر لفئة على فئة، في جو سياسي متصارع بين رايات ورؤى وأفكار تنبع كلها من معين واحد هو الغلبة السياسية وطمعا في الملك.
إن الروايات التي تفيد أن ما فوّض إلى النبي من أمر الدين قد فوّض إلى الأئمة من أهل البيت هي القاعدة التي يقوم عليها مفهوم الإمامة عند الشيعة، هذا ليس حكرا على فئة منهم دون الأخرى، الكل يؤمن أن التفويض حقيقي، وبالتالي ما يصدر من الأئمة هو بالحقيقة مثل ما يصدر من النبي لا فرق إلا بالزمن، وعلى الأقل تطرفا منهم من لا يقول بربط التشريع الإمامي في الوحي التشريعي بالمباشر صراحة، وإنما هم يشملوها بالموارد التي تتعلق بها إرادة النبي من قبل، والتي تتمّ تأييدها بواسطة الوحي التشريعي غي حياته، أو الموارد التي عبّر عنها بـ (فرض النبي). كما تشمل موارد أخرى، من قبيل: التفويض في كيفية بيان أحكام الشريعة للناس ولم ينزل بها نص تكيفي بل مص تكليفي فقط كالصلاة وطريقة قيامها وأدائها.
فقد وصلت تلك الأحكام إلى النبي شكلا ومضمونا عن طريق الوحي التي جسدها أمام النبي منا هي مطلوبة، وقام هو بإيصالها إلى الإمام المعصوم الذي يقوم بدوره ببيانها وفقاً للمصالح، وهذا النوع من التفويض الخاص والمخصوص بين النبي والإمام لا نجد من يقول بها إلا تأويلا من روايات ذكرت وأحاديث نقلت عن النبي أو عن الإمام علي بعد حين من الزمن، وعليه ليس هناك من داعٍ لتوهُّم أن هذا النوع من الروايات يحول دون تأثير الوحي النبوي على الإمام توجيها وإرشادا حتى بعد رحيل النبي لأن ما مطلوب بقائه كان أصلا مدونا في مصحف فاطمة وما هو مكنون في ذاكرة وعقل الأئمة تلقائيا بالتواصل الروحي مع جدهم النبي.
وليس من قبيل التوهم في القول بأن المتكلِّمين وفقهاء الإمامية في القرون التالية لولادة مفهوم الإمامية في عصر التنافس الكلامي والصراع المذهبي، الذي رعته وهيأت له السبل الدولة العباسية من خلال دعوتها القديمة بحق العلوين، وخذلانها اللاحق لهم، مما أوجد عليهم النقمة مرة أخرة من فئة كانت بصفهم ضد صراعهم مع الأمويين، ومحاولتهم التضييق والقتل والسجن لما كان يعرفون بأئمة أهل البيت، حتى غياب الإمام الحادي عشر وظهور مشكلة وإشكالية الإمام الثاني عشر، الذي لا دليل واقعي ولا من حجة ظاهرة على وجوده سوى روايات متضاربة متناقضة لا جامع بينها سوى حديث الولادة والغيبة والسفراء عن الإمام المغيب أو الغائب، هذه الروايات التي لا تقوى بنفسها لتكون دليل دامغ عضدوها بالقول طالما أنها مشهورة ومنتشرة بشكل يكاد يكون بديهي سببا للإيمان لوجود الإمام الغائب، هذا الدليل المساق يمثل تماما منطوق القاعدة التي تقول "لا يجوز أصطناع الدبيل من المدعي بصحة دعواه".
إن هؤلاء الدعاة من فقهاء ومتكلمي الشيعة قد ذهبوا إلى القول بانتقال جميع صلاحيات الإمام إلى الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة، بما فيه حق التشريع الخاص الذي يصفونه بالمستنبط من فقه الأئمة، لأنهم أثبتوا للفقيه ذلك النوع من اختيارات الإمام الذي لا دور فيه للعصمة وعلم الغيب، والحصيلة أن المتكلمين وفقهاء الشيعة لم يقولوا بتفويض جميع شؤون النبي إلى الإمام فحسب، ولم يقولوا بتفويض جميع شؤون الإمام إلى الفقيه لأن الإمام الغائب أصلا قائم وموجود وهو يتدخل بما يحفظ الدين في الضرورات، ولم يتجاهلوا دوره المباشر المعزز بالعصمة، وكما هو معزز أيضا بعلم الإمام بالأمور الخارقة والغيب.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيعة وحاكمية الماضي الاستراتيجية... فشل في العنوان وأنهيار ...
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح10
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح9
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح8
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح7
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح6
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح5
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح4
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح3
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح2
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح1
- نشيد صامت.... لذكرى صفاء
- بين الوحي والتنزيل
- بناءأطر القيادة والعمل التنظيمي
- استقالة الحلبوسي مغامرة سياسية أم لعبة قانونية... ح2
- استقالة الحلبوسي مغامرة سياسية أم لعبة قانونية...
- نفي العبثية وعبثية النفي
- الوجود الواحد ووحداية الوجود
- صناعة الحرام والتحريم
- أسطرة النص الديني تحريف للقضية أم تقريب للصورة؟


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح11