أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مهدي النجار - الدستور من الطائفية الى العلمنة















المزيد.....

الدستور من الطائفية الى العلمنة


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1689 - 2006 / 9 / 30 - 06:34
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


يمكن تحديد الدستور بأنه مجموعة القواعد الناظمة للمجتمع والدولة بالمعنى الواسع لكليهما، وبالتالي هو المؤسس لكل القوانين و يستلزم أن كل شخص متساوٍ أمامها وليس هنالك من احد أو مجموعة فوقها. سيتطرق الدستور حتما إلى عدة محاور مركزية من أهمها حقوق الإنسان بما فيها حرياته الأساسية مثل حرية التعبير وحرية الديانة والمعتقد والحرية الاجتماعية والسياسية، كذلك تستطيع مكونات الدستور أن تفعل فعلها في تحجيم الطغاة والمستبدين وعدم تهيئة الفرص المناسبة لتبيئتهم واستزراعهم وذلك من خلال تحديد الحكومة بقوانين لا تتيح لأي شخص أو مجموعة من التعملق والاستئثار بالسلطة.
إن المحور الذي نحاول التحدث عنه يتعلق بتدين السلطة أو استخدام الطائفة الدينية في السلطة، وهو من المحاور الحساسة البالغة الخطورة ولاسيما ونحن نلاحظ دعوات ملحة لتفجير المخزون التاريخي للانقسام والفرقة واستدعاء النزعات التعصبية من الماضي السحيق، من اجل تحطيم تالف الجماعات المختلفة وتعايشها في المجتمعات الإسلامية، نلاحظ هذا التفجير والتأزيم من خلال النماذج


المتشددة والسلفية التي تزعم انضمامها إلى الدين الإسلامي"الحق" عبر قراءتها الفاشستية للإسلام في تحريض جميع المسلمين لزجهم في معارك وصراعات متنوعة، مرة مع الغرب بجميع أطيافه وبسائر تياراته، ومع الحكام مرة أخرى، والانكى من ذلك مع الجماعات والفرق والمذاهب داخل المجتمعات الإسلامية مرة ثالثة.
أن الرد على هذه النزعات العنفية التعصبية تعتمد على نوعية ورقة الدستور التي تجيب على سؤال: كيف يمكن أن نعيش سوّياً ومختلفين؟ أي كيفية وضع دستور ديمقراطي حديث ينظم العلاقة بين الدين والدولة ويصوغ قوانين تؤمن الفروق الدينية والمذهبية، تحترمها وتحميها، وتشجع على التنوع والاختلاف، بمعنى الاعتراف بالتعددية البشرية واختلافاتها سواء في دائرة الدين الواحد أو المذهب الواحد، أم في دائرة الأديان المختلفة، وهذا هو مظهر من مظاهر الاجتماع البشري :" ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة" المائدة/48 . وبالمقابل ينبغي الابتعاد كلياً عن الثقافات والقوانين التي تلغي الآخرين وتصادر خصوصياتهم الدينية ومكوناتهم الثقافية، في سبيل ذلك تنفتح أمامنا عدة سبل لان يأخذ الدستور بها وبالتالي يجيب عن كيفية التعايش معا مختلفين، ومن هذه السبل إلغاء النزعات الطائفية سواء بين الأديان المختلفة أم داخل الدين الواحد، الطائفية بوجوهها المتعددة: السياسية/ والقضائية/ والإدارية/ والاقتصادية/ والتربوية/ والتعليمية...الخ. على أن أهم تلك الوجوه هو الوجه السياسي الطائفي الذي يتم بموجبه توزيع المناصب الحكومية على الطوائف كرئاسة الجمهورية لهذه الطائفة ورئاسة الوزراء لتلك وتوزيع الحقائب الوزارية على عدد من الطوائف بنسب متفاوتة حسب حجم أو عدد أعضاء كل طائفة (هذا ما يسمى بالمحاصصة


الطائفية في تشكيل الحكومات). أن إلغاء هذا التوزيع وهذه المحاصصات في الدساتير يعني إلغاء الوجه السياسي من النظام الطائفي، وهو لاشك يعد خطوة إلى الأمام على الطريق المرجو، ولكنها خطوة ما ابعد الطريق من بعدها إن توقفنا عندها !!. إذا ألغيت الطائفية السياسية وحدها لن تفي بالمطلوب، أي ببلوغ التعايش معا باختلاف، وهذا الإلغاء ماهو إلا ضمادات توضع على الدمامل، إنما علينا استخراج القيح الطائفي بعمليات استئصاليه جريئة، وهنالك أمامنا مقترح العلمنة، فماذا تعني علمنة الدستور أو كتابة دستور علماني؟
إن العلمانية اكتشاف حديث العهد وهي شانها شان كثير من المفاهيم الحديثة ليست لها جذر مفهومي في الثقافة العربية الإسلامية، لذا يقشعر بدن البعض حين سماعها (دون معرفتها) باعتبارها ضد الدين، أو يساويها مع الإلحاد أو مع النزعات المتطرفة اللادينية، إن هذا الفهم غير دقيق للعلمانية، فهي لا تعني سوى الحياد تجاه الدين كما توحي بذلك كلمة areligeux الفرنسية، وذلك بالإحالة إلى العالم/أو الكون/ أو العالم المحسوس. وتتضمن العلمانية الفصل بين ما هو سياسي وما هو ديني، وبذا فهي لا تعني القضاء على الدين كما يتوهم بعضهم، إنما تعني احترام الدين وعدم زجه بكل شاردة وواردة كما يفعل الأصوليون القروسطيون. وبفصل الدين، كإيمان وأخلاق، عن الدولة وعن السياسة وأسباب التباعد والانقسام والمآرب الدنيوية، نعيد الدين إلى أصالته، والى دوره الأخلاقي والمعنوي، والى صفاته الربانية.
ويمكن تحديد أسس الدستور العلماني انطلاقا من المبادئ العامة التي أعلنتها شرعة حقوق الإنسان والتي لا تتقاطع أبداً مع الشرائع الدينية وجوهر الإيمان:
اولاً:حياد السلطة/ على سلطة الدولة ومؤسساتها أن تقف موقفاً لا منحازاً تجاه المعتقدات الدينية، وهذا يعني:

1-أن لا يكون للدولة أي معتقد ديني أو مذهبي معين، على أن يكون الدستور خالياً من اعتناق أي موقف مع الدين أو ضد الدين.

2-ً عدم التمييز من قبل الدولة بين الأديان أو الطوائف الدينية، فلا تفاضل بين الأديان في معاملتها بل هناك تساوٍ بينها في الاحترام والحماية.
3-ليس للدولة أن تتدخل في شؤون الدين ولا للدين أن يتدخل في شؤون الدولة. فعلى الدولة أن ترضى بان تنظم الأديان أمورها ومؤسساتها كما تشاء شرط أن لا يؤدي ذلك إلى الإخلال بحريات الغير وحقوقهم وبالنظام العام والآداب العامة والسلام الوطني.
4-ليس للدولة أن تميز بين المنتمين إلى دين أو طائفة معينة وآخرين منتمين إلى دين أو طائفة أخرى في تعاملها معهما، فلا تفرق بينهما عند تولي الوظائف أو المهمات، مادام الأمر يشترط الكفاءة.
5-على الدولة أن تسن قوانينها على أساس شامل لجميع المواطنين ووفقاً لمصالحهم المشتركة.
ثانياً: الحرية الدينية/
1-يحق للفرد أن يعتنق أي دين من دون أن يتعرض له احد.
2-أن يعبر المؤمن عن معتقده بحرية وعلناً من دون مضايقة كتابة وكلاما في حدود احترام كل مواطن للآخر.
3-أن يمارس المؤمن شعائر دينه بحرية وعلناً من دون أن يمس بذلك حرية سواه ويسئ إلى الراحة العامة والأمن الاجتماعي.
ونكتفي بالإشارة إلى أن الفقه والاجتهاد قد أرسيا أصولا وقواعد واضحتين بما


يكفي لهذا الخصوص لكي لا يأتي التطبيق تعسفياً معطلاً لحرية المعتقد.
ثالثاً: حرية التعليم الديني/
1-حرية رجال الدين بان يعلنون عن تعاليم دينهم وينشرونها. وهنا تُطرح مسالة التعبير التي تعني قيام رجال الدين بدعوة أتباع الديانات الأخرى إلى ترك ديانتهم وأتباع دين المبشرين، إن مثل هذا العمل عندما يتخذ شكلا عنفياً أو يخل بالأمن وبحريات الغير والتعريض بالأديان يتعدى حرية التعليم.
2-حرية الآباء والأمهات والأوصياء القانونيين في إعطاء أولادهم التعليم الديني والأخلاقي الذي يتمشى مع معتقداتهم الخاصة، وعلى الدولة أن تمكن الأهل من ممارسة حقهم هذا أما بتامين نفقات التعليم في مدارسها وأما في مؤسسات خاصة.
رابعاً: ملكية المؤسسات الدينية/
من حق الأديان أن تتملك المؤسسات اللازمة لنشاطها وحاجاتها من الأموال المنقولة وغير المنقولة.
إن تامين المساواة بين المواطنين هو من أوضح مظاهر الدساتير الديمقراطية وأكثرها لزوماً. ولان الدستور العلماني ينص على عدم التمييز بين الناس على أساس الدين أو الطائفة، كما يرفض التمييز بينهم على أساس العرق واللون، أصبح مقترحاً يضمن حقوق الإنسان ويخلص الدين من الأهواء والصراعات والمصالح البشرية الضيقة التي يمليها السياسي، كما يخلص السياسي من هيمنة وسلطان رجال الدين.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضاءات الطوباوية وهدر الدم
- بغداد بين الشريعة والحكمة
- الاسلام المتنور وثقافة العنف
- الذكرى السنوية السابعة لرحيل البياتي
- كيف يمكن ان نعيش سويا ومختلفين
- البياتي شاعر الحب واللِّماذات
- الحركات المطرودة من التاريخ
- اسئلة المثقف الاشكالي
- مسكويه فيلسوف الادباء
- الاكراه والاختيار في الخطاب الاسلامي
- الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون
- للعقل وقت وللخوف وقت
- الاسلام والفكر المعاصرحوار مع المفكر محمد أركون
- التسامح وقبول الاخر
- الاسلام والمعابر الى الديمقراطية
- الثقافة الاسلامية وتصحيح الاسئلة
- الإطار المفهومي للعلمنة
- كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون
- جدلية الحداثة المادية والحداثة الثقافية


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - مهدي النجار - الدستور من الطائفية الى العلمنة