أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون














المزيد.....

الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1640 - 2006 / 8 / 12 - 01:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون

يدهشنا أشياخنا الأوائل،كيف استطاعوا بتلك إمكانياتهم الزهيدة وظروفهم الاجتماعية الوعرة (مقارنة مع إمكانيات وظروف عصرنا) أن يحققوا فتوحات معرفية هائلة، لكن ليس هذا هو المهم، المهم هي الاستفهامات التي تظل اليوم عالقة في أذهاننا، تؤرقنا وتفزعنا: لماذا تعثرت تلكم الفتوحات الزاهرة والنابضة،ثم ما لبثت أن ماتت وحُفرت لها مقابر في الأرض التي أنبتتها( أي ارض الإسلام)، ولماذا أُهيل عليها تراب الصمت منذ عام 1406 ميلادية(تاريخ موت ابن خلدون) وظلت منسية لقرون وقرون؟! لماذا حلَ محلها الانحطاط والجمود الفكري، وشاعت ثقافة الانغلاق والتعصب، والاجترار والتكرار؟!
لا شك إن "المقدمة" التي كتبها عبد الرحمن ابن خلدون قبل ستة قرون (عام 1377ميلادية ) هي واحدة من تلك الروائع التي يزدهر بها تراث الثقافة العربية الإسلامية ،يقول عنها مثلاً البرفسور توينبي: "إن ابن خلدون في المقدمة التي كتبها لتاريخه العام قد أدرك وتصور وانشا فلسفة للتاريخ هي بلا شك اعظم عمل من نوعه، خلفه أي عقل في أي زمان ومكان" ويقول المستشرق الفرنسي هنري ماسه: "إن هذه المقدمة لهي ما يحير العقول وتثير الإعجاب".
إن ما يسترعي انتباهنا هو المحاولات الدائبة والمُلحة في قراءة هذا الأثر التراثي الرائع من قبل المشتغلين المعاصرين في الساحة الثقافية وسؤالهم الإشكالي، هل ما يمكن أن نسميه بالخلدونية أن يكون عنصراً تأصيلياً في مجال علم اجتماع المعرفة (العربية الإسلامية) ؟ أدق الأجوبة إلى الآن في رأينا، بهذا الصدد هو ما قاله محمد عابد الجابري : "إننا ما زلنا نعيش نفس الإشكالية التي فكر فيها وتحرك داخلها ابن خلدون . وبالفعل فنحن ننطلق هنا من أن إشكاليته التي ما زالت معاصرة لنا، أي قابلة لان تندمج في اشكاليتنا الراهنة، وقابلة لان نتفاعل معها ونساهم في توضيحها وتوفير الشروط الضرورية لتجاوزها".
إن مساهمتنا هذه تحاول الكشف عن الكيفية التي كان ابن خلدون يقرا بها أسلافه ومعاصريه، وبمعنى آخر،كيف كان ابن خلدون يقرا النصوص ويستغلها لاجل كشوفاته المعرفية في مضمار صناعة التاريخ(أو علم التاريخ بمصطلحاتنا المعاصرة). فقد كان يقراهم (مفكري عصره وأسلافه) بنمط عجيب، ليس لاجل الامتلاء الثقافي فحسب،أو لاجل الاستشهاد بهم والمغالاة في إشباع درسه بمصادرهم ،وانما لاجل التحليل والفحص،ومن اجل أن يستكمل الشروط الضرورية في عملية بناء مشروعه النظري الواسع.قرا المشرع الإسلامي، وقرا الطبري والمسعودى والبكري وأبو بكر الطرطوشي وابن المقفع وابن رشيق ،وقرا أيضاً ابن رشد والفارابي وارسطو…الخ، وبعد كل قراءة يضع أسئلة نقدية حادة،ويحذر بصوت مرتفع: "فلا تثقن بما يلقى إليك من ذلك وتأمل الأخبار واعرضها على القوانين يقع لك تمحيصها بأحسن وجه" (المقدمة/14).إن سحب الثقة الكاملة من محصلة نظرية ضخمه ضد أسلافه ومعاصريه،لهو ما يثير الاستغراب والدهشة، إلا أن موقفه هذا يعتمد على اكتشاف خللين جوهريين في آرائهم وتنظيراتهم،ننقلها هنا كما جاءت على لسان ابن خلدون بحذافيرها: الخلل الأول:"لم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها"/ الخلل الثاني: " ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا رفعوها". يعطي للمبدأ الأول أهمية حاسمة ويلخص أسبابه: "بالجهل بطبائع الأحوال في العمران". يقرا على سبيل المثال كلام ابن المقفع ويجد الاستطرادات في رسائله تتناول مسائل تقارب مسائل درسه إلا أنها "غير مبرهنة إنما يجليها في الذكر على منحى الخطابة في أسلوب الترسل" (المقدمة /40 ). وكذلك القاضي أبو بكر الطرطوشي في كتابه "سراج الملوك" قد حوم لكنه لم يصادف الرمية ولا أصاب الشاكلة ولا استوفى المسائل ولا أوضح الأدلة: "إنما هو نقل وتركيب شبيه بالمواعظ". وعن المسعودى والبكري لا ينتقد قولهما المليء" بالترهات" أو " أحاديث خرافة مستحيلة" وانما يتوجه كذلك للبرهان على استحالتها وعدم القبول بصحتها. وكنتيجة لتلك القراءات التساؤلية والنقدية يضع ابن خلدون قانونه المتمايز في البحث التاريخي: "أن ننظر في الاجتماع البشري الذي هو العمران ونميز ما يلحقه من الأحوال لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضاً لا يعتد به وما لايمكن أن يعرض له" (المقدمة/37 ).بعد هذا يصرح هو نفسه جذلاً عن إنجازه في بداية المقدمة،يقول فانشات في التاريخ كتاباً : فصلته في الأخبار باباً بابا/ أبديت فيه لأولية الدول والعمران،عللاً وأسبابا/هذبت مناحيه تهذيباً،وقربته لإفهام العلماء والخاصة تقريباً وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكاً غريباً واخترعته من بين المناحي مذهباً عجيباً وطريقة مبتدعة وأسلوبا./شرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض فيه الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية وما يمتعك بعلل الكوائن واسبابها.
بماذا تمايز تأسيس "المقدمة" الجديد،الذي يشكل ،على حد تعبير ايف لاكوست،تناقضاً كبيرا مع آثار سائر المؤرخين المسلمين ومؤرخي الإغريق واللاتين القدامى، وبمعنى آخر،إذا أقام ابن خلدون إشكالية منهجية جديدة،فما هو المجال الذي أخضعه لهذه الإشكالية،وبالتالي ماهي هيئة هذا المجال؟ رغم تنوع المجال الذي اشتغلت عليه" المقدمة" إلا أننا نلاحظ بان "طبيعة العمران والأحوال في الاجتماع" هي أس الأساس الذي اعتمدته العقلانية الخلدونية وانطلقت منه في فضاءات تحديداتها وتحليلاتها .
ـــــــــــــــــــــــــ
*بغداد/اب2006












#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للعقل وقت وللخوف وقت
- الاسلام والفكر المعاصرحوار مع المفكر محمد أركون
- التسامح وقبول الاخر
- الاسلام والمعابر الى الديمقراطية
- الثقافة الاسلامية وتصحيح الاسئلة
- الإطار المفهومي للعلمنة
- كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون
- جدلية الحداثة المادية والحداثة الثقافية


المزيد.....




- أفعى برأسين تزحف في اتجاهين متعاكسين.. شاهد لمن الغلبة
- بعد توقيع اتفاق المعادن مع كييف.. ماذا قال نائب ترامب عن نها ...
- تساقط الثلوج يسجل رقما قياسيا في موسكو خلال شهر مايو
- دبي.. منصة -تلغرام- تنظم عرضا مميزا للطائرات المسيرة
- قبرص.. انهيار هيكل معدني ضخم خلال مهرجان للطيران
- مسيرات روسية تستهدف موقعا أوكرانيا في مقاطعة خاركوف
- فولغوغراد.. سائق سكوتر يتعرض لحادث مروع
- أول رحلة ركاب روسية لمطار سوخوم الأبخازي بعد عقود من التوقف ...
- الرئاسة السورية تعلق على القصف الإسرائيلي لمحيط القصر الرئاس ...
- هجوم على قافلة أسطول الحرية في مالطا قبل توجهها إلى غزة واته ...


المزيد.....

- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي النجار - الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون