أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مهدي النجار - كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون















المزيد.....

كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1570 - 2006 / 6 / 3 - 08:36
المحور: مقابلات و حوارات
    


عرض : مهدي النجار
قال العماد الأصفهاني: " أني رأيت انه لا يكتب إنسانٌ كتاباً في يومه
إلا قال في غده: لو غُيّر هذا الكتاب لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان
يُستَحسن، ولو قُدم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل، وهذا
من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر"

لاشك في أن محمد اركون حين استشهد بعبارة الأصفهاني تلك كان يتكلم عن تجربة طويلة واختبارات عديدة وكلامه يدل على القلق الذي يصاحب كتاباته ( شأن كتابات جميع المبدعين)، بل شعوره بقلق اكبر حين يستمع (أو يقرأ) سوء التفاهمات التي دفعت عدداً كبيراً من القراء العرب إلى توجيه القول الباطل والتأويل الخاطئ والهجوم اللاذع ضد كتبه ومحاضراته. في هذه المقابلة المهمة ( من ضمن أربع مقابلات) التي يجريها معه مباشرة مترجمه المبدع الدكتور هاشم صالح، يلقي اركون الإضاءات والتوضيحات عما هو ملتبس وغامض ومشوش في مشروعه حول الظاهرة الدينية كما اشتغلت أو مارست دورها في المجتمعات القديمة والمعاصرة، ورهانه الصعب على نقل الفكر الإسلامي من حالته القروسطية، المعتمة والقسرية لفهم الدين؛ إلى حالة مستنيرة، حديثة، حُرة. إن الميزة الأساسية في طروحات محمد اركون هو انه ينقذ الإيمان على الرغم من قيامه بالنقد التاريخي الصارم للتراث، ولهذا يُهاجم من أبناء جلدته على كلتا الجهتين: من يمينه ويساره، يهاجمه بعض الوضعيين أو المتطرفين حداثوياً، على أنه لا ينقد التراث بما فيه الكفاية ويهاجمه التقليديون، على انه يقتحم دائرة الممنوع التفكير به (أو المسكوت عنه) في ساحة الفكر التقليدي، يزعج مشاعرهم ويستهين بفهمهم المغلق للتراث. ولكن مشكلة اركون لا تقف عند هذه الحدود فقط، فهو يعاني في الوسط الغربي( خاصة زملائه في جامعة السور بون) تمييزاً فاضحاً بينه وبين المختصين بالمجال المدروس نفسه، أي بالتراث العربي الإسلامي، ولا يمكن أن يصبح في نظرهم ذات عارفة مثله مثل غيره من المثقفين الأوربيين الذين يدرسون الإسلام أو أي شئ آخر. يقولون له بشكل معاكس وانتقادي: ما الذي تفعله ؟ أنت تردد بشكل ناقص الأفكار والمواقع والانتقادات نفسها التي كنا نحن الغربيين قد بلورناها تجاه تراثنا الديني منذ زمن طويل. أنت لم تأتِ بشيء جديد. كل ما تفعله شئ تافه، مللنا منه، عفا عليه الزمن. اذهب وصدر هذه الأفكار الساذجة إلى أبناء قومك، فلا ريب في أنهم بحاجة إليها.أما نحن فقد تجاوزناها منذ قرون. فانتم لم تشهدوا الحداثة ولم تعرفوها…يدافع محمد اركون عن مهمة المفكرين المجددين الشاقة ويعتبر كل مفكر كبير كان بمثابة فضيحة في عصره، شذوذاً عن القاعدة وخروجاً عن المألوف، ولذلك فعندما يتقدم في عملية الحفر أكثر فأكثر ويكاد يقترب من منطقة الحقيقة، فأنه يجد كل القوى المحافظة والتقليدية تنهض في وجهه دفعة واحدة، لكي تمنعه من الوصول إلى هدفه. ويقترح بصدد التراث قراءة تفحصية جديدة مخالفة لما ساد في العصور الوسطى، لان تصور العصور الوسطى مرعب ومخيف يشل طاقة الإنسان عن الحركة أو يمنع تفتح طاقاته وتحقيق ذاته على وجه الأرض. هنا يكمن الرهان الأكبر لمراجعة التراث الإسلامي كله ولتأسيس تصور جديد في الإسلام.
وعن قراءته للقرآن الكريم، ينتقد اركون القراءات الإسقاطية اللاتزامنية، بمعنى تلك القراءات التي تُسقط على القرآن ما ليس فيه، مثل تلك التي وجدت فيه الذرة ونظرية التطور، فهذا خطأ لان هذه الأشياء غير موجودة فيه، فلا يضير القرآن شيء ألا يحتوي على الاكتشافات العلمية والفيزياء الحديثة. فالقرآن كتاب ديني عظيم، وليس كتاباً في علم الجغرافيا أو التاريخ أو الذرة أو البيولوجيا…ولكن من شدة غيرة المسلمين عليه، فإنهم يريدونه أن يحتوي كل شيء. لقد آن الأوان –كما يطالب اركون- أن يقرا المسلمون القرآن لكي يفهموه على حقيقته، لكيلا يقولوه مالا يريد قوله؛آن الأوان لان يروه في نسيجه اللغوي الحقيقي القائم على الرموز الرائعة والمجازات المتفجّرة التي تسحر الألباب.من ناحية ثانية يؤكد محمد اركون على الجانب التنزيهي للدين حيث إن الأنبياء يغلِّبون الروحي على الدنيوي، والرمزي على المادي، والأخلاقي على التكتيكي المنفعي…لكن الأنظمة السياسية المهووسة بالسلطة والمحافظة عليها أو إعادة اقتناصها تُقلب المعادلة ولا ترى في الدين إلا مجرد أداة للتوصل إلى مآربها.
وحين يسأله المحاور (صالح هاشم) عن المهمة العاجلة في عصرنا الراهن، يقول اركون: المهمة العاجلة تتمثل في إعادة قراءة كل التراث الإسلامي على ضوء احدث المناهج اللغوية والتاريخية ومقارنتها مع بقية التراثات الدينية. المسلمون يريدون أن ينهضوا، العرب يريدون أن يتحركوا، أن ينطلقوا، هذه حقيقة. ولكنهم في كل مرة يجدون أنفسهم مشدودين إلى الخلف بقوة قاهرة. ما هي هذه العراقيل الداخلية التي تمنعهم من الانطلاق ؟ ما هي هذه العُقد المزمنة التي تحول بينهم وبين التصالح مع أنفسهم ومع العصر ؟ هذه هي نوعية الأسئلة التي ينبغي أن تُطرح اليوم. وحين سُأل عن أسباب الازدهار الحالي للحركات الأصولية، حيث يقول بعض المراقبين الأجانب بان ذلك عائد إلى أن الإسلام متزمت بجوهره، أو أن المسلمين لا يُمكن أن يكونوا إلا متعصبين.
أجاب محمد اركون: لا، لا. هذا غير صحيح. سبب التزمت والتطرف الحالي يعود أولا إلى عوامل ديمغرافية واقتصادية وسياسية وضغوط خارجية. ينبغي أن ننظر إلى حالة المجتمع قبل أن نتحدث عن الدين. فالمجتمع هو الذي يحسم الأمور وليس الدين أو قُل أن حالة المجتمع هي التي تحسم كيفية التديُّن أو التمسك بالدين. فإذا كان المجتمع فقيرًا، مكتظاً بالسكان، مليئاً بالمشاكل، فانه سوف يتطرف في تديُّنه. وهذا الأمر ينطبق على المسيحية كما على الإسلام. التعصب والعنف ليس حكراً على الإسلام، فقد امتلأ تاريخ أوربا السابق بمحاكم التفتيش وحروب الأديان. العنف ظاهرة انتربولوجية (أنسا نية) مخزونة في أحشاء كل فرد وكل مجتمع.كيف يمكن أن تعود الجماهير إلى إسلام غير أصولي، إسلام ثقافي، منفتح، متسامح، إذا كنا نعلم أن الفكر الفلسفي حُذف من ارض الإسلام بعد موت ابن رشد (أي منذ ثمانية قرون ) ؟ الإسلام الوحيد الموجود في الساحة هو الإسلام الأصولي، فهو الذي يملأ البيت والجامع والمدرسة وحتى صفحة التراث في الجرائد الكبرى !…فما بالك بإسلام جديد محدّث ومفرّغ من كل رواسب القرون الوسطى ؟! أين نحن منه الآن؟ انه بعيد المنال…وهكذا ظهر إسلام شعبوي معبَّأ كل التعبئة ويصرخ بالانتقام. إسلام يجيّش كل العاطلين عن العمل وكل الشبيبة المسحوقة التي لم يعد لديها أي أمل. فالمسلمون ليسوا متطرفين حباً بالتطرف كما يتوهم بعضهم، وإنما لأنهم جوعى، مقهورون، محتقرون في إنسانيتهم وفي عقر دارهم. وعندما تسال القادة الأوربيين عن ذلك يقولون لك: ماذا تريدنا أن نفعل ؟ هذه مشاكل داخلية، ونحن لا نستطيع أن نتدخل في شؤونهم الداخلية، وبخاصة إننا متهمون بالاستعمار! وهكذا تستفرد الأنظمة الديكتاتورية بشعوبها، وتنجلي أنانية الغرب بشكل واضح. ثم يقولون لك: التعصب، الإرهاب، الإسلاميين!
ـــــــــــــــــــــــــــ
* منشورات دار الطليعة.بيروت



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الحداثة المادية والحداثة الثقافية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مهدي النجار - كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون