|
مشاهد ناقدة لمفهوم وصلاحية الديمقراطية
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7355 - 2022 / 8 / 29 - 06:34
المحور:
حقوق الانسان
مشاهد ناقدة حول مفهوم وصلاحية الديمقراطية --------------------------------------------------------
المشهد الأول -------------- حسب صناديق الاقتراع ، ، فى الأنظمة الديمقراطية ، يتاح ل 100 شخص محدودى العلم والمعرفة والرؤية والمواهب والخيال المبدع ، حكم 99 شخص من ذوى العلم الغزير والمعرفة العميقة والقدرات والمواهب . هل يقبل العقل الحكيم بأن تكون الأرقام هى المتحدث الرسمى الشرعى ، للعدالة والحرية؟. الديمقراطية كلمة أصلها يونانى ، مشتقة من " ديموس " تعنى الشعب ، و" كراتوس " تعنى الحكم . وذلك ضد الأرستقراطية وتعنى " حكم الأفضل " ، وكانت تصف النظام السياسى ، فى ولايات أثينا القديمة فى القرن الخامس قبل الميلاد ، حيث " النخبة " المؤهلة للحكم مقصورة على الرجال الأحرار العقلاء ، واستبعد النساء والعبيد . سقراط 470 - 399 ق . م ، وتلميذه أفلاطون 427 - 347 ق . م ، يؤمنان أن حكم الأفضل هو بالضرورة لطبقة الفلاسفة الملوك ، التى تمزج بين حب الحكمة ( الفلسفة ) ، والسلطة السياسية . وكان سقراط ناقدا عنيفا للديمقراطية ، التى ستجلب بالضرورة حكاما يفتقرون الى مهارة القيادة . وهو يفضل فساد وطغيان النخبة الأقلية ، عن فساد وطغيان الأغلبية . وكثير من العلماء والأدباء أيضا ، يحذرون من عواقب الديمقراطية . مثلا جورج برنارد شو 26 يوليو 1856 - 2 نوفمبر 1950 ، الكاتب والمفكر الايرلندى ، الذى اعتبر الديمقراطية هى أن يحدد مصيرنا بواسطة أهواء الغوغاء و الجهلة والحمقى . وقبله قالت مارجريت جاردينر 1 سبتمبر 1709 - 4 يونيو 1849 كونتيسة بليسينجتون هذا المعنى : " أن الاستبداد يخضع الأمة لطاغية واحد والديمقراطية تخضع الأمة للكثيرين ". وأوضح بعض المفكرين أن لا فرق جوهرى بين الديمقراطية ( حكم الشعب ) والديكتاتورية ( حكم الفرد ) ، حيث الديمقراكية تبدأ بالتصويت ثم تفرض الطاعة ، أما الديكتاتورية تفرض الطاعة دون اهدار الوقت فى التصويت . أما جان جاك روسو 1712 - 1778 ، الكاتب والفليلسوف الفرنسى ، صاحب فكرة العقد الاجتماعى ، قال مقولته الشهيرة : " رصيد الديمقراطية الحقيقى ليس فى صناديق الانتخابات ولكن فى وعى الناس ". ويخبرنا الباحث السياسى الأمريكى " أوستن رانى " 23 سبتمبر 1920 - 24 يوليو 2006 ، فى كتابه " سياسة الحكم " ، أن الديمقراطيات بجميع أشكالها وتطوراتها الحديثة ، قد حكمها الأشخاص لا القانون .
المشهد الثانى --------------------- فى أمريكا وفى الغرب ، لا توجد ديمقراطية كما يزعمون . فمنْ يصل الى الترشح ، يجب أن ينفق الملايين أو المليارات فى الاعلان والدعاية عبر كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة . وهذا متوفر للأثرياء فقط ، أى فئة قليلة من الشعب ، تملك الأموال وآليات الكذب والتضليل ، وشراء الاعلام الجاهز للتأجير دائما ، للتأثير على ناس أصلا مغسولة الأدمغة . ان الأنظمة السياسية فى أوروبا وأمريكا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، التى تصدر فكرة الديمقراطية للعالم جاءت بسياسيين ورؤساء لا يختلفون جوهريا . مثلا فى أمريكا ، يتنافس الحزبان الديمقراطى والجمهورى طوال الوقت ، وفى أوقات الانتخابات يخدعوننا بتصاعد شراسة المنافسة . لكن الاختلافات بينهما طفيفة ، لا تصل الى معارضة جذور النظام الرأسمالى. وحسب تقارير المؤسسات الراصدة للديمقراطية فى العالم ، فان هناك تراجعا فى التوجهات الديمقراطية على مستوى العالم ، فى العقد الأخير ، وظهر مصطلح " الدولة المفترسة " ، و " التدهور الديمقراطى " . وهذا طبيعى لأن الديمقراطية تحمل داخلها بذور فنائها ، عاجلا أو آجلا . لو كانت صالحة ، لأثمرت سعادة الانسان على كوكب الأرض . أليست هذه هى الغاية فى نهاية الأمر ؟؟. المشهد الثالث --------------------
الانتخابات الحرة والديمقراطية واسنفتاء الشعب الألمانى ، جاء بهتلر الى الحكم فى ثلاثينيات القرن الماضى . الشعب أراد هتلر ، الفاشى ، وواحد من الأساتذة الكبار فى الاجرام والتوحش والاختلال العقلى والنفسى وجنون العظمة ، على مدى التاريخ . لقد تقدم الحزب النازى فى الانتخابات ، وأيده القوميون والرجعيون والموالين للحكم الملكى والكاثوليك وأنصار الحزب الجمهورى ، وأيضا أيدته الأحزاب الديمقراطية . وكان شعار هتلر فى حملته الانتخابية " هتلر فوق ألمانيا ". وفى الخمسينات والستينات من القرن الماضى ، لو أجريت انتخابات ديمقراطية نزيهة واستفتاءات شعبية ، لكان الشعب الأمريكى أيد بقاء التفرقة العنصرية بين البيض والسود ، ، ورفض حركة الحقوق المدنية التى تزعمها مارتن لوثر كينج الابن 15 يناير 1929 - 4 أبريل 1968 ، والذى أغتيل لتمرده على رغبة الأكثرية من الشعب الأمريكى آنذاك .
المشهد الرابع --------------------- فى مصر ، الم تجئ الانتخابات عام 2012 ، بمحمد مرسى الاخوانى ، الى الحكم ، وكان أول رئيس مدنى منتخب ؟؟. وكانت سنة حكمه ، خرابا على الوطن ، ومحاولة لبيع مصر بالجملة والقطاعى . اذن القول بأن الديمقراطية هى الحل ، خدعة كبيرة يتم ترديدها دون تحليلها وتفنيد تاريخها والتفكير الجذرى فى مقوماتها ومعناها وآلياتها وعواقبها . ان الاستفتاءات الشعبية لأغلبية جاهلة مغيبة مغسول عقلها بسيطرة رجال الدين والاعلام الذكورى، لن يجلب الا التخلف والنكسات وترسيخ التفرقة .
المشهد الخامس ----------------------- البديل والمعيار والبوصلة هى ثقافة حقوق الانسان الكاملة دون تمييز . ففى سوق التقدم الحضارى ، العبرة ليست فى حجم العدد . فحكم الأغلبية أو الأكثرية ، لم يكن أبدا ، دليلا على العدالة وازدهار الحريات ، وتحقق السعادة . ----------------------------------------------------------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طالما أننى ... قصيدة
-
أمى .. اليكِ أشكو ثلاث قصائد
-
لا تهاجرى .... لا تهاجر
-
جوائز النفط ... أربع قصائد
-
15 أغسطس عيد استقلال وطن لا أحمل جنسيته
-
تأملات .. الأحكام الأخلاقية لأجساد النساء
-
ثلاث قصائد .. للكِلاب أقدم اعتذارى
-
تنويعات .. محمد رمضان ونجيب محفوظ
-
متلازمة ستوكهولم ومسئولية الاعلام
-
تنويعات ... الخرفان هى التى تصنع الذئاب
-
تنويعات ... الديمقراطية ليست هى الحل
-
خواطر .... غشاء البكارة وخدعة أن السينما والفن رسالة
-
سبع قصائد .. مثل الأشجار أموت واقفة
-
السفر الممتع مع ثمار الفلسفة والفكر والأدب
-
مشاهد تأملية : 103 مليون اله على أرض مصر
-
عدالة المقاييس الأخلاقية شرط استقامة الأخلاق
-
من حُسن حظى أننى أنام وحيدة
-
تجليات فقه - القفة - فى ذبح نساء الأمة
-
الجلوس على عرش العقول أكثر خطورة
-
مشاهد مختلفة من تأملات امرأة مصرية
المزيد.....
-
اعتقال 100 طالب خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة بوسطن
-
خبراء: حماس لن تقايض عملية رفح بالأسرى وبايدن أضعف من أن يوق
...
-
البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم -المثلية الجنسية-
-
مئات الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن الأسرى بغزة
...
-
فلسطين المحتلة تنتفض ضد نتنياهو..لا تعد إلى المنزل قبل الأسر
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون نتنياهو بإعاد
...
-
خلال فيديو للقسام.. ماذا طلب الأسرى الإسرائيليين من نتنياهو؟
...
-
مصر تحذر إسرائيل من اجتياح رفح..الأولوية للهدنة وصفقة الأسرى
...
-
تأكيدات لفاعلية دواء -بيفورتوس- ضد التهاب القصيبات في حماية
...
-
خبراء ومحللون: فيديو الأسرى الذي بثته القسام مهم في توقيته و
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|