أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم الدايني - السردية الضائعة














المزيد.....

السردية الضائعة


جواد كاظم الدايني

الحوار المتمدن-العدد: 7347 - 2022 / 8 / 21 - 20:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السردية الضائعة.
لكل شعب من شعوب العالم "سردية متميزة" تعزز اصالة ووحدة انتمائه، وتوفر له من المشتركات ما يحملها على التضامن، والتعايش السلمي والقبول بالاخر، لتأسيس الدولة الوطنية الجامعة. عندما تفتقر بعض تلك الشعوب لمثل هذه السردية، او تفشل الدولة والمجتمع في صياغتها، تغلب وتسود السرديات الخاصة وتتعدد تبعا لتعدد ثقافات واصول مكوناتها، وهو ما يحفز الانغلاق داخل الانتماءات القومية والدينية والطائفية وما يتبعها من اختلاف في الرؤى التاريخية والسياسية والاجتماعية. يمكن للتعددية ان تثير مشاكل معقدة في تلك الرؤى وفي التمثيل الديمقراطي وحقوق المكونات. غالبا ما يؤدي الفشل في التعامل مع تلك المشاكل لصراعات خطيرة، قد تفضي في النهاية لظهور دويلات جديدة تتفكك عن الدول الام، وهذه العملية ما زالت مستمرة ليومنا هذا. تتابعت ظهور الدول القومية، منذ اواخر القرن التاسع عشر، في منطقتنا بتأثير من الحداثة الاوربية والفترة الاستعمارية، تمكنت باثرها الشاهنشاهية من تشكيل ايران الحديثة، كما فعلت الاتاتوركية في تركيا، في ظل مجتمعات اكثر ثباتا واقل انقساما، قوميا ومذهبيا، من خلال تبنيهم رؤية علمانية واعتماد المؤسساتية في ادارة الدولة، التي عملت على تربية مواطنين مطيعين يخضعون لسلطة وقانون واحد. كان ذلك مسعى للحد من خطورة الهويات الفرعية وتعدد الولاءات التي يمكن لها ان تقوض نشاة الدولة القومية الحديثة.
لم يكن الملك فيصل الاول محظوظا، عندما اختير لمهمة بناء الدولة العراقية، ولم يخفي، ذات مرة، تذمره من العراقيين بوصفهم تكتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة. كانت محاولات التأسيس للهوية الوطنية الجديدة، بحاجة لاطراد مستمر واستقرار وثبات سياسي واجتماعي، كي تأخذ مداها في التأثير وفي تربية الناس على مفهوم جديد للانتماء، يتجاوز انتمائاتهم الفرعية. كان ذلك من اجل تعزيز الهوية الشاملة وروح المواطنة، الضرورية لاستقرار الدول الوطنية الحديثة. غير ان ظروف الصراع السياسي الذي غشي هذه الدولة الوليدة، داخليا وخارجيا، مع تردي وضع المجتمعات وعمق وخطورة الخلافات القومية والمذهبية، عزز الشعور بالاغتراب نتيجة سياسات الانظمة السياسية، العسكرية والقمعية، والخلل في التمثيل السياسي وفي الحريات الاساسية. حتى مع فترات الهدوء والاستقرار النسبي، بدت ان المسألة الوطنية رخوة وغير مستقرة، وهذا ما كشفته الأحداث بعد العام 2003 ولغاية انتفاضة تشرين الخالدة. كانت سردية الكاتب سليم مطر التي نسجها في كتابه "الذات الجريحة"، محاولة كبيرة وحقيقة للرد على خطاب السلطة السياسي في محاولته اعادة انبات جذورنا في تربة للبداوة والعروبة والاسلام. افضى ذلك للتشظي الهوياتي للمكونات العراقية. كان مشروعا متكاملا لاعادة التاسيس لسردية عراقية، قادرة علي انتاج هوية موحدة وجامعة تضرب جذورها في التاريخ البعيد، سردية نكون فيها امتداد طبيعيا لاقدم حضارات العالم في بابل وسومر، بما أشار له الباحثون من ان بعض سلوكياتنا وعاداتنا واعتقاداتنا والكثير من مفردات لهجتنا وطريقة عيشنا، كانت امتداد تاريخي لمجتمعات تلك الحضارات. ويعني هذا، الإمكان في اننا امتداد فعلي لها ومن المفترض اننا نفخر بهذا الامتداد لانجازاتها الفكرية والعلمية والعملية وأننا اول من كتب بالحرف وسن القوانين. لم نمتلك الوعي الكافي لمد جسورنا مع تلك الحضارات واخترنا ان نضحي بها لأجل العروبة والاسلام على إثر اكثر من الف سنة، شكلت قطيعة حقيقية وعميقة مع تلك الحضارات، كنا فيها مركزا جديدا لحضارة اسلامية عالمية ناشئة. الجانب السلبي لهذه الحضارة، اننا كنا، ايضا، مركزا لصراعات كبيرة واطماع مستمرة للشعوب والاقوام القاطنة حولنا في مسعى للسيطرة والهيمنة على تلك الحضارة، وما جرته علينا من ويلات الحروب والاوبئة، عملت على تغريبنا اكثر وعمقت خلافاتنا وصراعاتنا. ولعل اسوء فترة مررنا بها كانت خلال مرحلة سيادة الدولة الصفوية والامبراطرية العثمانية، حيث تكرس الانقسام الطائفي وشهدنا لاول مرة حروب اهلية وطائفية بين العراقيين.
نتحمل مسؤولية الانحطاط الوطني بتفضيل وتقديم انتماءاتنا القومية والمذهبية على انتماءنا الوطني وان كنا ندعي غير ذلك، وهذا التعدد في المرجعيات واحد من اسباب تراجع الهوية الوطنية، كما ان استعلاء السلطة على الناس واستئثارها بالدولة وعنصريتها، ولد النقمة عليها كمرجعية وطنية دفعت الناس لملاذات القومية والقبيلة والمذهب، فغدت الوطنية كتابات انشائية وعاطفية لا جدوى حقيقية منها.



#جواد_كاظم_الدايني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اهتراء الأديان
- تشرين... نهاية عصر التعفن
- ماركس المحترم
- دولة المتدينون
- فقيه على سطح التايتنك
- بين مقولتين
- الفقاعة البرزانية والنصر الشيعي
- ملحدون بلا الحاد
- شكرا .... هربرت رايموند !
- عن العربان والحضارة
- مشكلة وحل
- الشيعة ..... عراقيون دائما
- ابن ` المعلمة `… قراءة في معايير المفاضلة والاستحقاق
- ثورة سنية ضد المالكي-1
- ثورة سنية ضد المالكي
- النظافة وعباءة الوردي
- هذيان وفقر في اروقة السياسة
- اسطورة التسامح الديني
- نبوءة سياسية
- الدولة الموعودة


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد كاظم الدايني - السردية الضائعة