أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - انقلاب القصر الذي أرعب السيد مقتدى الصدر















المزيد.....

انقلاب القصر الذي أرعب السيد مقتدى الصدر


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7345 - 2022 / 8 / 19 - 16:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يخرج محتوى ورقة استقالة وزير المالية السيد علي عبد الأمير علاوي عن المألوف والمتعارف عليه بين عموم أوساط الجماهيرية العراقية ، وعن ما تتمتع به الأحزاب الحاكمة ومكاتبها الاقتصادية واذرعها المليشياوية وحلفائهم من المافيات ، من قدرات فائقة على سرقة ونهب خيرات العراق، وبوضح النهار ودون تحفظ.
فالرجل وفي أوراق استقالته التي تجاوزت العشر، شن هجوما غير عادي على أسس نظام الحكم الذي شارك فيه وأفراد كثر من عائلته، وبمستويات مختلفة منذ ما قبل سقوط حكم حزب البعث عام 2003 .وكان من أوائل رجال الحكم على عهد وزارة أبن عمه أياد علاوي، تلك الوزارة التي وضعت اللبنات الأولى لطرق نهب المال العام برضا الأمريكان وتحت أنظار وسمع الأمم المتحدة.
ففي نظرة عامة لتحليل أوراق استقالة الوزير، نجد أنها لم تأت بالشيء الجديد، والمعلومات التي قدمها لا تختلف عن سابقاتها التي قدمت على مدى العشرين عاماً الماضية، فهي ضبابية ودون أساس متين، لسبب واحد، هو ابتعادها عن المسميات المباشرة والحقيقية، ورمي التهم على طبيعة عامة تخلط الأوراق وتضع الجرم في سلة الجميع وتترك الأمر لتقدير الشعب وخياراته.
هذا النهب والسرقات هو لب أزمة الحكم الحالية، والتي تتصارع عليها جميع الأطراف دون استثناء.وزاد من حدته وشراسته، الوفرة المالية التي أحدثها ارتفاع أسعار النفط. ولكن مشهد الصراع يختصرُ بصيغ فذلكة وفهلوة سياسية ، بين واجهتين هما الإطار ألتنسيقي،المتمثل بمجموعة أحزاب وقوى كانت فاعلة وعلى مدى العشرين عاما، في إدارة عملية الخراب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي أصاب العراق بالشلل والفشل، مع شريكهم الرئيس التيار الصدري بجميع تلاوينه ومستوياته. ودائما ما كان الطرفان هما من يشكل بشخوصهم وأدواتهم محور إدارة العملية السياسية، ومن خلال تحالفهم وتقاسمهم النفوذ والقوة والمنافع، مع باقي القوى والأطراف الكردية والسنية.
أخطاء الإطار ألتنسيقي وضعف أدائه أثناء العملية الانتخابية الأخيرة عام 2021 سببت له إخفاقا ظاهرا وموجعا، توزع على مجمل أحزابه وشخصياته التي ائتلفت لاحقا لأجل الوقوف على قدميها أمام كمية النجاح التي استحوذ عليه التيار الصدري، وبعدد مقاعد برلمانية بلغت الثلاثة والسبعين من غير الحلفاء.
لم ينجح اعتراض الإطار ألتنسيقي وعبر تظاهرات كبيرة ولعدة أيام، من ثني السلطة ومفوضية الانتخابات ومثلهما المحكمة الدستورية، على تغيير النتائج أو إعادة العملية الانتخابية، ولكن وبشكل ذكي، استطاعت مجموعة الإطار ألتنسيقي استمالة المحكمة الدستورية ودفعها لوضع صيغة مناسبة لتعطيل وتحجيم قوة التحالف الذي أعلنه الصدر مع البرزاني والحلبوسي، بمسمى تحالف إنقاذ وطن، والذي دعا فيه للذهاب وتشكيل الأغلبية السياسية. فكانت الصيغة التي قدمتها المحكمة الدستورية لتفسير الكتلة الأكبر،وهي التي مُنح بموجبها الإطار ألتنسيقي قوة الثلث المعطل، لتكون القوة الكابحة لاندفاع التيار الصدري في مشروعه، ومن ثم تعطيل وتحجيم انتصاره الانتخابي.
لم يكن ليستمر هذا الحال بغير إجراء مناورات يستطيع من خلالها الصدريون كسر شوكة ائتلاف الإطار ألتنسيقي، والعبور بالأزمة لبر ما دعي إليه بأغلبية إنقاذ وطن،لذا قدم اقتراح الذهاب للمعارضة، ومنح خصومه مهلة لتشكيل الوزارة، وفي ذات الوقت كان يهدد بالوقوف بوجه تلك المحاولة، وقصم ظهرها برلمانيا وتعطيلها إن أقدم الإطار على القيام بها. ثم جاءت لحظة الحسم، حين قرر الصدر بورقة صغيرة يطيب له تسميتها بالكصكوصة، التحكم بمصير أعوانه ومعهم مصير البرلمان، ليدعو أعضاء تياره لتقديم استقالاتهم الجماعية الفورية يوم 12/ 06 / 2022 ، وبالظن بان البرلمان سوف يعطل عمله ويذهب للتفكك. ولكن الإطاريين تلقفوها وسارعوا بفرح غامر لاحتلال مقاعد التيار الصدري ، ووفق صيغة أقرتها بنود القانون الذي فُصّل للانتخابات ومخرجاتها، من قبل القوى السياسية المتصارعة ذاتها.
لم يكن خروج السيد مقتدى وتياره من البرلمان اقرار بالاستسلام وترك الجمل بما حمل لخصومه في الإطار ألتنسيقي، لذا أقدم على تظاهرة كبرى لاستعراض القوة وإعطاء إشارة سياسية واضحة للجميع بمن فيهم الشركاء، بان لا استقرار للوضع دون أن يكون التيار الصدري حاضرا ومشاركا في وقائعه اليومية،فبدأ حملته بصلاة الجمعة المليونية في معقله بمدينة الثورة، ثم أعقب ذلك بدخول التظاهرات وبخليط من التيار الصدري وغيرهم، واكتساحهم المنطقة الخضراء يوم 26 /7 بالتواطؤ مع الحمايات أو جراء خشية الحمايات من الاصطدام بهم، لذا تركتهم يدخلون خوفا من نتائج غير مرتقبة تقود إلى احتراب. ولم تمض غير ساعات ، حين بادر السيد الصدر وعبر وزيره محمد صالح العراقي بالطلب من المتظاهرين الانسحاب من وسط ومحيط البرلمان بشكل عاجل.
كانت التسريبات التي قدمها علي فاضل المعارض المقيم في الولايات المتحدة، لحديث مسجل لرئيس الوزراء الأسبق وأمين عام حزب الدعوة ورئيس كتلة دولة القانون نوري كامل المالكي ، ثقيلة الوقع على العملية السياسية، وأكثر إيلاما للسيد مقتدى الصدر وأتباعه، لما حوته من شتائم ودعوات للتصعيد والاقتتال. ومع تصاعد حدة التسريبات ووقع وطأتها على الشارع العراقي، وتلبد جو العملية السياسية والعلاقات الحزبية بغيوم سوداء من عدم الثقة ، ومع امتناع القضاء العراقي عن الخوض في ذلك الأمر، واستبعاده النظر بطلب الكثير من المراقبين ومعهم التيار الصدري، للتحقيق من صحة تلك التسريبات، والدفع بمحاكمة المالكي على ما بدر منه من دعوات للاحتراب الداخلي وكيل الشتائم لمقتدى الصدر.فان تلك التسريبات دفعت الصدر وتياره لرفع سقف مطالبه، وتعنته اتجاه خصومه وبالذات المالكي.وفي ذات الوقت كانت الدعوة للتحقُق من صحة التسريبات مدعاةً لتخوف بعض أطراف العملية السياسية من فكرة فقدانها السيطرة على نظام الحكم أو استبعادها عن مكامن المناصب والقوة العسكرية والمالية التي اكتسبتها عبر سنوات تسلطها وإدارتها للدولة العراقية.
ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير، وأطاحت بجميع الآمال في إعادة اللحمة بين الشركاء السابقين والجلوس لطاولة الحوار، والركون لما يماثل ما اعتادت عليه تلك القوى والأحزاب سابقا في تقاسم كعكة السلطة، وكانت الدافع الرئيس الذي جعل السيد مقتدى الصدر يصدر أوامره لإتباعه للنزول للشارع والسيطرة على بناية البرلمان العراقي يوم 30 / 07 / 2002 وإعلان الاعتصام المفتوح، وتصعيد المطالبات ابتداءً بمحاسبة الفاسدين وتصحيح مسار العملية السياسية وبتغيير بعض بنود الدستور والرفض القاطع لخيار محمد شياع السوداني وتشبيهه بالظل للمالكي، مما يشير بالمطلق لعدم قبول التيار الصدري لتأليف الوزارة من قبل الإطار ألتنسيقي.
كل ذلك التعنت ورفض الركون للحوار، جاء إثر ما أظهره تسريب لبعض حوارات من داخل الإطار ألتنسيقي، تذهب وبشكل صارخ وجلي، لإحداث انقلاب قصر كامل الملامح والغايات، ووضع خارطة عمل لما بعد تشكيل الوزارة بقيادة محمد شياع السوداني، وهو حليف المالكي ومن أتباع ولاية الفقيه الخامنئي. حيث يُشير التسجيل المسرب لنيات مبيته وبتفاصيل دقيقة، لخطة عمل سداها ولحمتها إقصاء جميع شخصيات التيار الصدري عن مراكز القوى التي حصلوا عليها منذ ما قبل عام 2010 ، وقص أجنحته ووئد تطلعاته، والإجهاز على طموحه بالسلطة. ومن خلال سلطة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، حيث تتم السيطرة على مراكز القوة في إدارة الدولة العراقية والمتمثلة بإحكام رئيس الوزراء على قيادة الجيش والشرطة والحشد الشعبي، والعمل بسرعة ودقة على تغيير قيادات في صلب مؤسسات الدولة الفاعلة والمؤثرة، وهي الأمانة العامة لمجلس الوزراء بشخص الصدري حميد الغزي وتوابعه في الأمانة العامة للمجلس، وإقصاء جميع مستشاري رئيس الوزراء وإحلال بدائل عنهم من أحزاب وقوى الإطار، وتفكيك جهاز مكافحة الإرهاب وتغيير قياداته وبالذات شخص عبد الوهاب الساعدي، ومن ثم السيطرة على مستشارية الأمن القومي وجهاز المخابرات العامة ووزارتي الداخلية والدفاع وسلاح الجو. مما يعني انقلاب قصر كامل الأوجه والغايات، ويأتي وفق خيار برلماني يُغير قواعد اللعبة السياسية برمتها، لتصبح جميع الخيوط وبالكامل تحت رحمة وسطوة قوى الإطار ألتنسيقي، وعندها يوضع التيار الصدري ومجاميعه تحت سطوة وقوة السلطة وأجهزتها الأمنية، ثم يخير بين الخضوع التام لمشاريع وتوجهات الإطار أو الإقصاء والتفتيت ثم التغييب،ويأتي في مقدمة هذا الخيار اغتيال معنوي للسيد مقتدى الصدر، بإثارة قضايا قديمة جديدة ضده، ومنها قضية مقتل السيد الخوئي وغيره من الذين يتهم التيار بقتلهم بأوامر من الصدر نفسه، وأيضا الاحتلال غير الشرعي والعبث بمؤسسات الدولة ، أو تقديم خيار التغييب الجسدي للصدر كحل لمعضلة الخصومة على تقاسم كعكة السلطة بمواردها الضخمة.
وإذا كان هذا هاجسا أو أضغاث أحلام تنتاب التيار الصدري، فأن بعض قوى الإطار ألتنسيقي عملت على انجاز شوط كبير في الإعداد لمقدمات الانقلاب ،تمثل برسالة كتائب حزب الله العراقي الموجه بالتهديد المبطن للسيد مقتدى الصدر وتياره، والتلميح باتخاذ قرارات ميدانية في حال عدم انصياعه للحلول والحوار السلمي، وأيضا من خلال الحشود العسكرية للحرس الثوري الإيراني على حدود إقليم كردستان لترويع حلفاء الصدر، وكذلك بدخول الآلاف من رجال الحرس الثوري الإيراني بمناسبة العاشر من محرم الحرام، وتمركزهم في مقرات بعض قوى الإطار ألتنسيقي في محافظات الوسط والجنوب بحجة انتظار أربعينية الأمام الحسين وانتظار ساعة الحسم.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المرجعيات الدينية في حراك قوى الإسلام الشيعي
- في ذكرى عبور الشاعر رحيم الغالبي لجسوره الطينية
- من يضمن مقاضاة السلطة أمام القضاء
- يوم آخر في حفر الباطن/ الجزء الأخير
- يوم آخر في حفر الباطن /الجزء الرابع
- يوم آخر في حفر الباطن/ ج3
- يوم آخر في حفر الباطن / الجزء الثاني
- يوم آخر في حفر الباطن/ ج1
- الإهدار في موارد السياحة الدينية
- الشفق مجلة المبعدين إلى بدرة
- الصمت
- من يكفل للمرأة العراقية حقوقها
- العراق يستحق الافضل
- أربعة بوسترات لعيد الحب
- طلاء الأظافر
- حوار
- شيء من سيرة حسوني الغريب
- الناجي الوحيد
- انتخابات الهيونطة
- مازلت أتوطن كابوسي


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - انقلاب القصر الذي أرعب السيد مقتدى الصدر