أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - الناجي الوحيد














المزيد.....

الناجي الوحيد


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 7039 - 2021 / 10 / 6 - 10:50
المحور: الادب والفن
    


للمرة الخامسة يأتون به إلى هنا، مشدوهًا متوترًا تدور عيناه برعب وقلق بين الوجوه وجدران البناية. خطواته كانت ثقيلة مرتبكة وثوبه كالح مغبر. إبراهيم خضير عبد النبي جندي مطوع قبل الحادث بثلاثة أشهر لا غير، هكذا ورد أسمه ووقائع خدمته العسكرية في سجلات وزارة الدفاع ومثلها عند مختار مدينته. اسم أمه نجية فزع هذال وهو أبنها الوحيد على رأس ثلاث فتيات، وهي من ترافقه كل مرة حين يطلبونه للتحقيق.
في الغرفة ذات الجدران الكالحة الألوان جلس مضطرب الفكر يجول بنظراته الفزعة فضاء الغرفة. أمامه لوحة كبيرة خطت عليها بلون ذهبي على خلفية سوداء آية قرآنية. كل شيء سواها وكرسيين متقابلين ومنضدة عريضة كان محتوى الغرفة الواسعة التي تردد جدرانها صدى أصوات تهذر في الخارج.
جلس العقيد عند الكرسي المقابل، ببذلة جديدة مكوية ومنشاة، خلع غطاء الرأس ورماه إلى المنضدة، وراح يفرك راحتي يديه ويزفر متبرما. البارحة لم تكن ليلة ذات طعم فقد أضطر لترك مجموعة الأصدقاء قبل الساعة العاشرة ليلا دون أن ينال منهم ما يشفي غليله مثلما كان يأمل حدوثه كما في الليالي السابقة، وقد أضطر لتناول عشائه في مطعم رديء الخدمة عند نهاية شارعهم، بعد أن أخبرته زوجته هاتفيا بطلب والدتها وأخواتها المبيت عندهن فوافقتهن، وتذكرت مع كلمات خجولة ومتسرعة بأنها نست أن تعد له الطعام.
ـ هيا أخبرني، ما الذي حدث يا إبراهيم، أين كنت حين حدثت المجزرة؟ لا تخف حدثني بالتفصيل. لن يؤذيك أحد.
هكذا بادر العقيد بطرح أسئلته. كان يرغب بالحصول من إبراهيم خضير على معلومة تفيد التحقيق حول ما حدث هناك، ليعد تقريره الذي وعد به مرؤوسيه عن طبيعة الحادث الجلل.
ـ لقد سحبونا جميعا، هرولنا، أوقفونا بالطابور، كان ذلك يوم الخميس في مدرسة طارق بن زياد الابتدائية، كنت أقف نهاية الطابور من الصف السادس، وكانت ساعة رفع العلم. وقفنا صفا واحدا ننشد للعلم، فجأة زمجر الرصاص وفار الدم وغطى كل شيء، كان جسده ثقيلا حين هوى فوقي، غطاني بالكامل وسال دمه فوق وجهي، وما لبث أن صمت كل شيء ولم أعد أسمع نشيد رفعة العلم.

ـ حسنا أبني ..هل شاهدت وجوه من أطلق عليكم النار، ألم تتعرف على أحد منهم؟

ـ كنا لاهين ننشد نشيد رفعة العلم.

ـ يا ابني أي رفعة علم تتحدث عنها. حدثني عن المجزرة التي حدثت لك وللآخرين في معسكركم خارج المدينة، انتبه لي جيدا، حاول أن تتذكر.
قالها وهو يبتلع ريقه الجاف وينظر نحو زجاج الباب حيث عيون الجنود تتلصص بين فينة وأخرى.
ـ كنت عند نهاية الطابور الذي رصفونا فيه، انطلقنا ننشد نشيد رفعة العلم ثم لم نسمع غير صوت الرصاص.
ـ ولكن هذا لا ينفع في شيء، انتبه لي جيداً وحدثني عن واقعة المعسكر، ما الذي تتذكره منها.
قال العقيد جملته متبرما، وبجزع ظاهر أشعل سيجارة أخرى وراح ينفث دخانها بعجالة وغضب.
ـ كنت أقف نهاية الطابور في الصف السادس في مدرستنا مدرسة طارق بن زياد يوم الخميس، رفعنا العلم وأنشدنا ثم أمطرت السماء رصاصا بعدها غطانا جميعا دم أحمر قان، فلم أستطع إكمال الإنشاد مع أصحابي.
مثل المرات السابقة دعك العقيد سيجارته بكعب حذائه وصاح مناديا الحرس.

ـ تعالوا خذوه إلى عائلته، لا نفع يرجى منه.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات الهيونطة
- مازلت أتوطن كابوسي
- دعوة لكابوس
- جرذ حفر الباطن
- قيل لي
- إخفاء المعلومة حول الطرف الثالث خدعة سياسية
- أبناء الله والدولة
- انتخابات كاتم الصوت
- مهزلة يسمونها انتخابات ج2
- مهزلة يسمونها انتخابات
- تلك الأيام من الرعب
- أشباح من عزلة كورونا
- دونية ووضاعة بعض الطقوس الدينية
- صوتك حلو ..ج الثاني
- صوتك حلو ..ج الأول
- مصطفى الكاظمي وأجندة الدولة العميقة
- فوبيا
- فلم سينمائي
- من أكل الطلي الهرفي
- مهام ليست بالسهلة ولكنها ليست مستحيلة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - الناجي الوحيد