أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مصطفى عبد الغني - من نيرة إلى سلمى.. العنف ضد النساء لا ينتهي















المزيد.....

من نيرة إلى سلمى.. العنف ضد النساء لا ينتهي


مصطفى عبد الغني

الحوار المتمدن-العدد: 7338 - 2022 / 8 / 12 - 11:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


مصطفى عبد الغني و محمد مختار

بالأمس حدثت واقعتان في منتهى البشاعة لامرأتين؛ إحداهما قُتِلَت فيها زوجة على يد زوجها في منزلهما في دار السلام بعد تعديه عليها بالضرب، بحسب شهادة الجيران. والأخرى في الزقازيق، حيث قُتِلَت طالبة في كلية الإعلام، وهي سلمى بهجت، على يد زميلها بنفس الكلية إسلام فتحي بعدة طعنات أفضت إلى وفاتها. ومن قبل الواقعتين، شهدنا خلال الفترة الأخيرة حوادث بشعة لقتل نساء، مثل واقعة قتل الطالبة بآداب المنصورة نيرة أشرف على يد القاتل المدعو محمد عادل أمام بوابة الجامعة في يونيو الماضي، وقتل الصحفية شيماء جمال على يد زوجها القاضي بمجلس الدولة أيمن حجاج.

قُتِلَت سلمى لأنها قررت الانفصال عن القاتل، مثل نيرة من قبل التي قُتِلَت هي الأخرى لأنها رفضت الزواج من قاتلها، الذي قرر مطاردتها في كل مكان وترهيبها هي وأهلها. قُتِلَت نيرة برغم اتخاذها الإجراءات القانونية التي من المفترض أن تحميها منه، وأبلغت الجهات الأمنية بتحرير محضر عدم تعرض ومحضر آخر في مباحث الإنترنت، لكن كل ذلك قوبِلَ بالتجاهل مثل مئات البلاغات المقدمة من النساء في مصر في مواجهة العنف الصادر ضدهن. كان غياب الأمن والتقصير في حماية النساء من العنف وتجاهل تهديدات القاتل سببًا مباشرًا أيضًا في وقوع الجريمة التي قهرت قلوب من تابعوا القضية، وعلى رأسهم أهل الضحية.

ليست هذه الجرائم هي الأولى من نوعها، وللأسف هناك الكثير من الجرائم التي ربما لا نسمع عنها حتى، وأحيانًا تقع دون محاسبة للجناة. بعد يوم واحد من مقتل نيرة في يونيو، شهدنا قتل أخ لشقيقته بـ7 طعنات في الرقبة بسبب أنها انفصلت عن زوجها، وفي فبراير شهدنا مقتل الطبيبة آلاء من زوجها الذي ألقى بها من الشرفة، وكانت تتعرض للضرب منه دائمًا، وهناك أيضًا بسنت خالد التي أنهت حياتها إثر الابتزاز الإلكتروني التي تعرضت له من قِبَلِ شباب في بلدها، والقائمة تطول.

ليست حالات فردية
بحسب تقرير “مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة” عن مرصد العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء، رُصِدَت خلال شهر أبريل الماضي 73 جريمة عنف ضد نساء وفتيات؛ منها 29 حالة قتل للنساء والفتيات من أعمار مختلفة، و22 حالة منهم كانت قتل على يد شريك حالي أو سابق أو فرد من أفراد الأسرة. كل هذه الجرائم وقعت منذ أقل ثلاثة أشهر فقط قبل قتل نيرة.

وفي تقرير لسنة 2021 من نفس المؤسسة، رُصِدَت 813 جريمة عنف؛ منها 214 جريمة قتل لنساء وفتيات بسبب عنف أسري على يد فرد من الأهل، و51 جريمة قتل لنساء وفتيات من أغراب -ليس من أسر الضحايا- بسبب التحرش، والاغتصاب، والسرقة، ورفض الزواج، وأيضا رُصِدَت 78 جريمة شروع في قتل لنساء وفتيات؛ منها 67 جريمة شروع في القتل من الأسرة أو من شريك أو شريك سابق، و11 جريمة شروع في قتل من خارج الأسرة.

رُصِدَت هذه الجرائم خلال العام الماضي من محاضر أو من الصحف المصرية أو من بيانات المكتب الإعلامي للنيابة العامة والإدارية، وهذا يعني أنها لا تعبر بالضرورة عن الحقيقية لعدد الحالات والجرائم التي قد تصل للآلاف من حالات الانتهاك التي تقع بشكل يومي ضد النساء ولا يُبلَغ عنها مثل الحالات والشكاوى التي يتلقاها المجلس القومي للمرأة أو التي تُنشَر على وسائل التواصل الاجتماعي.

تنتشر في المجتمع الثقافة الذكورية بشكل واسع، تلك التي تضطهد النساء وتحرمهن من الكثير من الحقوق وتمارس التمييز ضدهن وتحط من شأنهن في قوالب وأدوار اجتماعية وكأنهن ملكية خاصة، وهكذا يجري التحكم فيهن من الملبس إلى أسلوب المعيشة إلى معاقبتهن إذا خرجن عن الشكل المتعارف عليه اجتماعيًا. هذا بالإضافة إلى التمييز ضد النساء في الأجور وفرص العمل والترقيات، إلخ.

هذه هي الثقافة التي وصلت بنا إلى أن نشهد وقائع في مثل بشاعة ما حدث لسلمى ونيرة، اللتين قُتلتا لمجرد رفض كل منهما الرجل. وهذه هي أيضًا الثقافة التي جعلت أحد جيران قاتل نيرة يتحدث بكل أريحية عن أنه “بني آدم طبيعي ماكناش بنسمع صوته غير وهو بيضرب أمه أو اخواته”، كأن هذا أمرٌ طبيعي.

البحث عن “ضحية مثالية”
مع كل واقعة، نشهد الكثير من التعليقات حول شكل وملبس وسلوك الضحية، مثل تعليقات عبد الله رشدي، أو تلك التي أدلى بها مبروك عطية منذ فترة وجيزة والتي قال فيها إن البنت يجب أن تخرج بيتها “لابسة قفة عشان محدش يتعرض لها”. أقل ما يوصف به حديث مبروك عطية أنه تبرير للعنف والجريمة ولكل جريمة تُرتَكَب في حق النساء بحجة أن ملبسهن هو السبب. المجرم هو المسئول عن جريمته لأنه قرر أنه من حقه التعدي على غيره، وأي حديث يختلق أعذارًا له ويلقي باللوم على الضحية ليس إلا تدليسًا وتبريرًا يساعد على استمرار دائرة العنف الموجه ضد النساء في المجتمع.

إن التحرش والاغتصاب، ناهيكم عن الضرب والقتل، هي جرائم عنف تتعرض لها النساء من طبقات وخلفيات وفئات عمرية مختلفة. والإحصاءات الدالة على تعرض النساء، حتى المنقبات منهن والفتيات الصغيرات، للتحرش وغيره من الجرائم، لهي أبرز دليل على أن هذه الجرائم جرائم عنف تتعلق بفرض السيطرة وممارسة العنف.

إن الاستحقاق في التعدي على النساء والعنف ضدهن قضية تشمل المجتمع بأسره، والخطاب الذي يحاول البحث عن ضحية مثالية تتفق مع أفكاره ورؤيته ويفتش في نوايا وشكل وملبس الضحايا قبل التعاطف معهن ودعمهن والتنديد بما يُرتَكَب في حقهن من جرائم لهو خطاب قذر.

الدولة شريكة في الجريمة
يتصور البعض أن الأزمة أزمة مجتمع ولا علاقة للنظام الحاكم بها، لكن في الحقيقة النظام شريك في جرائم القتل والعنف التي تتعرض لها النساء يوميًا في مصر. في واقعة قتل نيرة أشرف، كانت هناك الكثير من البلاغات ضد الجاني لمنعه من التعرض لها وتهديدها، ورغم ذلك لم يكن هناك تحرك ضده لحماية نيرة، حتى انتهى الأمر بقتلها في وضح النهار أمام الجامعة.

هناك تاريخ طويل لأجهزة السلطة من التقصير في حماية النساء، وتجاهل بلاغاتهن ضد العنف والتهديد الذي يتعرضن له. وتتعامل الأجهزة الأمنية مع شكاوى النساء على أنها ليست أولوية، لأن بالطبع كل الموارد والإمكانيات الأمنية موجهة للقمع السياسي ومعاقبة المعارضين وفرض سيطرة النظام. أما الوقائع التي يحدث أن تلقي الشرطة فيها القبض على متهم بالتحرش أو العنف على سبيل المثال، فليست إلا أمثلة شديدة الندرة في وسط بحر من الحالات التي تتجاهلها الداخلية رغم البلاغات والمحاضر أحيانًا.

يحافظ النظام الحاكم على الأوضاع كما هي، بل ويكرِّسها من خلال العديد من الممارسات. هذا النظام الذي كان رأسه هو الذي أشرف على جريمة كشوف العذرية في مارس 2011، لن يكون أبدًا مناصرًا للنساء وحقوقهن، مهما ادعى عكس كده. النظام الذي حبس فتيات التيك توك عشان من أجل الحفاظ على ما يسمى بـ”قيم الأسرة المصرية”، وفي نفس الوقت قضاؤه يقضي بأحكام مخففة على من يقتل أخته أو زوجته تحت مسمى “جريمة شرف” هو نظام متواطئ.

أصدر النظام عفوًا رئاسيًا لهشام طلعت مصطفى، الذي كان محبوسًا في جريمة قتل سيدة أيضًا ولا يستحي أن يكرمه الآن ويحتفي به كرجل أعمال “وطني” و”شريف”. النظام الذي ارتكب مذبحة في وضح النهار ويستخدم العنف ويهدر القانون ضد آلاف المعتقلين السياسيين مسئول بشكل مباشر عن ارتفاع معدلات العنف بالشكل المفزع الذي نشهده اليوم والذي تتأثر به بأكبر قدر الحلقات الأضعف في ميزان القوة في المجتمع، مثل النساء والأطفال والأقليات أيضًا.

لقد رأينا على مدار السنوات الماضية كيف تمكن النظام من تعبئة قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى على الدفاع عن العائلة والأخلاق والأمن، والتحريض ضد النموذج الآخر والمختلف من المرأة الذي ظهر مع الثورة، حيث المرأة باعتبارها طالبة وعاملة ومناضلة، لصالح نموذج رجعي للمرأة كأم وبنت وزوجة دورها ينحصر في حماية الأسرة وبالتالي “الوطن” من الانهيار. وبالطبع يتماشى التيار الإسلامي تمامًا مع هذا النوع من الدعاية، فهو يشارك السلطة في رجعيتها وعدائيتها للمرأة، فيعيد إنتاج هذه الدعاية بصورٍ دينية وأخلاقية مختلفة.

هذه هي أيديولوجية الطبقات الرأسمالية الحاكمة التي تخدمها هي نفسها، وهذا هو الأساس في تحقير المرأة في المجتمع الرأسمالي؛ أنه يراهن تابعات للرجال، ومن هذا التحقير تنبع كافة مظاهر اضطهاد النساء.

تغليظ القوانين وأحكام الإعدام ضد الاعتداءات على النساء وحدها لا تكفي على الإطلاق، لأن هناك بالفعل قوانين ضد الانتهاكات لكن لا تُفعَّل في أغلب الحالات، وستظل حبرًا على ورق إن لم تقف وراءها قوة اجتماعية من النساء لتنفيذها بالفعل، ومنع مظاهر اضطهاد النساء من الأصل. هذا إلى جانب العمل على بناء حركات جماعية مناهضة لكل أشكال اضطهاد المرأة، وأولى خطوات ذلك هو النقاش المفتوح بين الحركات النسوية والمهتمين بالدفاع عن حقوق النساء لتوحيد الصفوف في المعركة الحالية والمعارك المقبلة. وبالإضافة إلى ذلك، لابد من مواجهة التيارات الرجعية التي تحاول تشويه كل ما يتعلق بالدفاع عن حقوق المرأة واصفين إياه بأنه “هدمٌ للمجتمع” وما إلى ذلك، وكأن المجتمع الذي يقتل ويغتصب ويتحرش بالنساء هو مجتمع مثالي المفترض الحفاظ عليه بدلًا من تحديه وتغييره جذريًا.



#مصطفى_عبد_الغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سريلانكا: الدولة تصعِّد القمع بعد إسقاط الرئيس
- جو بايدن يعزز العلاقات الإمبريالية مع إسرائيل والسعودية
- أكثر من 800 مليون شخص يعانون من الجوع بسبب الحرب وفوضى المنا ...
- موجة جديدة من الاحتجاجات والإضرابات تهز إيران
- النمو والتباطؤ: ماذا يجب أن يقول الاشتراكيون المدافعون عن ال ...
- اشتراكي روسي يكتب “بوتين يصعِّد القمع.. لكن حالة الهستيريا ا ...
- اشتراكيو روسيا يشاركون في المظاهرات المناهضة لحرب أوكرانيا و ...
- التنافس الإمبريالي يدفع أوكرانيا إلى حافة الحرب
- هل الحد الأدنى للأجور زاد فعلًا؟
- منتدى شباب مين؟ الشباب بتاعنا!
- فيلم Don’t Look p.. تحذير متجهِّم من التغير المناخي
- احتجاجات واسعة في كازاخستان.. وعشرات القتلى نتيجة القمع الوح ...
- حكم بتعويض ورثة خالد سعيد.. والتعذيب لسه مستمر
- “مفيش بطاقة تموين تاني لحد بيتجوز”.. أولويات إنفاق النظام في ...
- انتصار لليسار في تشيلي.. إلى أي مدى يمكن أن يحدث تغيير الآن؟
- ألمانيا: هل عادت الاشتراكية الديمقراطية من الموت؟
- الحكومة الجزائرية تخادع بينما البلاد تحترق
- تقرير: زيادة الاحتجاجات الجماهيرية على مستوى العالم بنسبة 36 ...
- إرهاب أم مقاومة.. لماذا تغيرت نظرة الإعلام المصري لحماس؟
- لماذا لا تغير البيتكوين شيئًا في الرأسمالية


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مصطفى عبد الغني - من نيرة إلى سلمى.. العنف ضد النساء لا ينتهي