أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - قصة الخلق اليونانية














المزيد.....

قصة الخلق اليونانية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7332 - 2022 / 8 / 6 - 13:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
١٨ قصة الخلق اليونانية

لقد تعودنا من نيتشة الكثير من الأفكار المتناقضة تصل أحيانا حد الهلوسة، غير أنه في بعض لحظات الصفاء، وهي كثيرة للحق في سنواته الأولى، يمكنه أن يكتشف حقائق وأشياء في غاية الصحة والعمق، مثل هذه الفكرة على سبيل المثال بان "الوجود والعالم لا يمكن تبريرهما سوى بكونهما ظاهر جمالية لا غير"، رغم أنه تراجع على ما يبدو عن هذه الفكرة، أو على الأقل تأسف لأنه لم يبرر هذه الفكرة بالأدلة والبراهين العلمية، رغم أن ذلك ليس من عادته، فهو شاعر قبل أن يكون فيلسوفا رغم أنه يدعي العقلانية في بعض الأحيان. غير أن كل ذلك لا يقلل من أهمية هذه الفكرة، والتي تخترق أغلب أعمال نيتشة. وقد كون هذذه الفكرة ولا شك في بداية حياته الفكرية حين كان مهتما بالميثولوجيا اليونانية كمدرس للفيلولوجيا. ومن الواضح لكل من يهتم بهذا التاريخ الغني بالقصص والأساطير والمغامرات لأبطال وآلهة الأولمب، لابد له من أن يكتشف بأن الأمر كله يرتبط بالفن والجمال وخلق عالم خيالي تلجأ إليه البشرية بدلا من الإهتمامات اليومية المزرية. فالعالم الإبداعي الذي يجسد نظرة الإغريق لبداية العالم وقصة التكوين تجعلنا نشعر بالدهشة والإنبهار لهذه المخيلة الإبداعية ولتعقد الشخصيات وترابطها وتعددها، فيبدو الأمر كلوحة فنية رومانسية مليئة بالألوان والأحداث أو كرواية ملحمية متواصلة تنمو وتتجدد بدون إنقطاع. هذا البعد الجمالي لتصور الإغريق لبداية الكون والآلهة والكينونة عموما يدل بكل وضوح على القدرة الخيالية والإبداعية لهذا الشعب الغريب، رغم أنه يمكننا القول بطبيعة الحال نفس الشيء فيما يخص شعوب أخرى كالشعب المصري أو مجتمعات بلاد النهرين وغيرها، غير أن الفرق يكمن في النصوص والشواهد، وكذلك في مواصلة البناء الفكري وتجاوز الرواية الأسطورية إلى بناء فكري فلسفي ما نزال نلجأ إليه ونستنير به اليوم.
وأساطير الخلق اليونانية، متعددة ومتشابكة، وسنستعين بكتاب الشاعر الإنجليزي روبرت جريفز، الميثولوجيا الإغريقية Robert Graves – The Greek Myths، لإضاءة هذا البناء الفني.
ففي البداية كانت هناك "يورينومي - Eurynome"، إلهة كل الأشياء، أنبثقت عارية من الفوضى الأولى Chaos، ولكنها لم تجد شيئًا متماسكا لتستقر عليه وتضع عليه قدميها، وبالتالي فصلت البحر عن السماء، وبدأت ترقص وحيدة وعارية على أمواج البحر. رقصت ورقصت طويلا، ثم اتجهت في رقصها نحو الجنوب، مما حرك الرياح أثناء رقصها، وبدا خلفها شيئًا جديدًا ومستقلًا لبدء عمل الخلق. واستمرت في الرقص، وأمسكت بهذه الرياح الشمالية، وفركتها بين يديها، حتى تكون منها الثعبان العظيم أوفيون Ophion. رقصت يورينومي لتدفئ نفسها من نسيم الشمال البارد، واستمرت في الرقص بشكل جامح وأكثر عنفًا وشهوانية، مما أثار أوفيون وأيقظ فيه رغبة لم تفتأ تنمو وتنمو حتى ألتف حول جسدها ثم واصلها ليهديء شبقه الحيواني. بعد ذلك، أي بعد أن تسببت رياح الشمال ـ المتمثلة في الثعبان أوفيون ـ في خصوبتها، اتخذت شكل حمامة، وعلى صفحة الأمواج وضعت البيضة الكونية Universal Egg. بناءً على طلبها، لف أوفيون نفسه سبع مرات حول البيضة، حتى فقست وأنكسرت قشرتها وخرجت منها كل الأشياء الكائنة : الشمس، القمر، الكواكب، النجوم والأرض وما تحتويه من جبال وأنهار وأشجار وأعشاب وكائنات حية وغير حية. ثم اتخذت هي وأوفيون جبل أوليمبوس Mount Olympus مقرا لهما، غير أن الثعبان أزعجها من خلال الادعاء بأنه هو خالق الكون، فما كان منها إلا أن كدمت رأسه بكعبها، وكسرت أسنانه، وطردته من مقرهما وبعثته إلى الكهوف المظلمة تحت الأرض. ثم أنشأت الإلهة قوى الكواكب السبع، حيث وضعت جبار أو عملاق Titan وجبارة Titaness لإدارة كل كوكب من الكواكب السبعة، وكان من نصيب ريا Rhea، والتي سنتحدث عن أهميتها لاحقا، وكرونوس Cronus كوكب زحل. في هذا النظام الديني القديم، لم يكن هناك حتى الآن آلهة ولا معابد ولا طقوس، فقط إلهة كونية تتحكم في كل شيء وتابعاتها، والمرأة كانت هي الشخصية الأساسية المهيمنة وصاحبة القدرة على الخلق والإنجاب، ولم تكن الأبوة معروفة في هذا الوقت والرجل لم يكن له أي دور يذكر في الحياة أو الإخصاب، وتنسب ظاهرة الحمل إلى الريح، أو أكل بعض البقوليات مثل الفول أو الفاصوليا، أو الإبتلاع العرضي لبعض الحشرات؛ كان النظام الإجتماعي المتعلق بالقرابة والميراث نظام يرتبط بالعلاقة بالأم matrilineal، وكانت الثعابين والأفاعي تعتبر تجسيدا incarnation للموتى. كان إسم الإلهة يورونومي يعني التيه الكبير أو الفسيح wide wandering، وتمثل القمر المرئي؛ ولا شك أنه مستوحاة من الآلهة السومرية، حيث أن اسمها السومري هو ياهو Iahu أو الحمامة المتعالية أو المجيدة وهو الإسم الذي انتقل فيما بعد إلى يهوه Jehovah العبري باعتباره الخالق الأعظم للكون.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوريفيوس والمثلية
- أي شيء
- عذاب اوريفيوس
- أورفيوس والنزول إلى الجحيم
- عروس البحر
- عودة الدين
- إنبعاث الأسطورة
- أناكسيمين وبداية العقل العلمي
- ورع الذئاب الإلهية
- أناكسيماندر وتحرر العقل
- وخلقنا من الماء كل شيء حي ؟
- طاليس وإختراع الفلسفة
- الخوف من الخوف
- ماهي الفلسفة ؟
- هزيود، الشاعر النبي
- في البداية، كان الشعر
- ليعم الصمت
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الأخيرة
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثانيةَ عَشْرَةَ
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الحاديةَ عَشْرَةَ


المزيد.....




- متى أصدر ترامب أمره النهائي بضرب إيران؟ مسؤول بالبيت الأبيض ...
- -عدوان همجي-.. بيان لحزب الله بعد ضربات أمريكا على حليفته إي ...
- رئيس إسرائيل لـCNN: لم نجر أمريكا إلى الحرب.. بل اختارتها لم ...
- فيديو متداول للقصف الأمريكي على منشآت إيران النووية.. هذه حق ...
- بعد الضربة الأمريكية.. علي شمخاني مسشار مرشد إيران: -اللعبة ...
- لقطات قبل وبعد.. صور أقمار صناعية تظهر دمار منشآت إيران النو ...
- في ظل أزمات الرئاسة والمحاكمات.. البرازيل تشتعل بسبب دمى -ال ...
- عشرات الضحايا في تفجير انتحاري نسب لـ-داعش- داخل كنيسة في دم ...
- سيناريوهات تدخل حزب الله بعد الضربة الأميركية على إيران
- دول عربية تعرب عن قلقها بعد الضربات الأميركية على إيران


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - قصة الخلق اليونانية