أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - في البداية، كان الشعر















المزيد.....

في البداية، كان الشعر


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7306 - 2022 / 7 / 11 - 15:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٦ - قبل الفلسفة، كان الشعر

لا يجب أن يغيب عن الذهن أن الهدف من هذه السلسلة من المواضيع المتعلقة بالفلسفة عموما والفلسفة اليونانية بالذات ليس إعادة كتابة تاريخ الفكر الفلسفي أو اليوناني ولا الفلسفة اليونانية، فهناك المئات وربما الآلاف من النصوص التي تعالج الفلسفة اليونانية وأصولها ومصادرها وأبرز ممثليها، رغم أن البحث لم ولن يتوقف بعد، وإنما الهدف من هذه الدراسة هو ذكر بعض المحطات والوقوف عندها وذلك من أجل محاولة تتبع فكرة ما نسميه اليوم بالعدمية ابتداء من هذه الفلسفة الأولية حتى يومنا الحاضر ومحاولة الإحاطة بهذا الموضوع بالنظر إليه من عدة جوانب كما هو واضح في الفصول السابقة.
أعتاد مؤرخوا الفكر اليوناني أن يجعلوا الفلسفة تبدأ مع طاليس، ولكنهم في أغلب الأحوال يؤكدون بأن الشعر قد مهد الطريق للفلسفة، وبالذات شعر هيزيود وهوميروس. ولا شك أن الأوذيسة والإلياذة تعتبران من أقدم الأشعار في العالم الغربي، وإن كان في الشرق تسبقهما الملاحم البابلية والسومرية.
والإلياذة - نسبةً إلى مدينة إليون عاصمة طروادة - هي مجموعة من القصائد تحكي قصة السنة التاسعة من حصار طروادة الذي استمر عشر سنوات من قبل تحالف الجيوش اليونانية لإسترداد "هيلين" الجميلة التي هربت مع "باريس". كانت مدينة طروادة تحت إمرة الأمير هيكتور والأمير باريس والذي كان سببا رئيسيا في الحرب بخطفه هيلين ملكة اسبرطة، وزوجة مينلاوس شقيق أجاممنون. وتروي الملحمة أن حصار الإغريق لطروادة دام عشر سنوات، فابتدع الإغريق في نهاية الأمر حيلة جديدة نبعت من خيال أوديسيوس الخبيث، حصاناً خشبياً ضخماً أجوفا تم بناؤه من خشب السفن في ثلاثة أيام. ومُلئ بالمحاربين الإغريق بقيادة أوديسيوس، أما بقية الجيش فظهر كأنه رحل وفض الحصار بينما في الواقع كان قد خبأ السفن في خليج وراء جبل تيندوس. وقبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام. وقام جاسوس إغريقي، اسمه سينون، بإقناع الطرواديين بأن الحصان هدية من قبل الإغريق، بالرغم من تحذيرات لاكون وكاساندرا، حتى أن هيلين وديفوبوس فحصا الحصان ولم يجدا ما ينبئ بخطر، فأمر الملك بإدخاله إلى المدينة في امهرجان كبير. احتفل الطرواديون برفع الحصار وابتهجوا بنهاية الحرب وإنتصارهم على الإغريق، وعندما خرج الإغريق من الحصان داخل المدينة في الليل، كان السكان إما نياما أو في حالة سكر شديد، ففتح المحاربون الإغريق بوابات المدينة للسماح لبقية الجيش بدخولها، فنهبت المدينة بلا رحمة، وقتل كل الرجال، وأخذت كل النساء والأطفال كعبيد.
أما الأوذيسة فهي قصة عودة أوديسيوس Ὀδυσσεύς أو أوليس Ulysses كما يسمى باللاتينية، بعد نهاية حرب طروادة، وهو ملك إيثاكا الأسطوري والمعروف بالخبث والدهاء، ترك بلده كي يكون من قادة الحرب ويشارك في حصار طروادة، وهو صاحب فكرة الحصان الذي بواسطته انهزم الطرواديون. وتحكي الملحمة المغامرات والأخطار التي واجهها في رحلته البحرية، وعذاب زوجته بينيلوب Pénélope في إنتظار عودته، حيث استغرقت رحلته للوصول إلى إيثاكا عشر سنوات بعد حرب طروادة التي دامت بدورها عشر سنوات. وفي غيابه الذي دام عشرين عاما، وكان يُحسب أنه قد مات ما عدا زوجته بينلوب التي تؤمن بعودته ذات يوم، ولكن كان عليها هي وابنها تليماخوس Télémaque التعامل مع مجموعة من الأمراء الأغنياء العنيدين الذين كانوا يتنافسون للزواج من بينلوب طمعا في الثروة والعرش. تنقسم الملحمة إلى أربعة وعشرين جزءاً يسرد فيها الشاعر رحلات تيه الملك أوديسيوس، ومغامراته وعودته إلى موطنه في جزيرة إيثاكه التي كان قد غادرها قبل عشرين عاماً. تمتد أحداث الملحمة على مدى عشر سنوات من التيه، تبدأ مع سقوط طروادة وتنتهي باستعادته لعرشه. لكن مؤلف الأوديسة لا يسرد الأحداث وفق تتابعها الزمني، بل يضغط فيها زمن السرد ويقلصه إلى حده الأدنى. فالمدة الزمنية بين توديع أوديسيوس الحورية كاليبسو Calypso التي احتجزته سبع سنوات في جزيرتها أوجيجيا بعد أن تحطمت سفينته على صخور الجزيرة، حتى التقائه زوجته بِنيلوب بعد أن قضى مع ابنه تِلِماخوس على مجموعة الخطّاب الطامعين بها للوصول إلى العرش والثروة، لا تتجاوز أربعين يوماً. أما المدة التي تسبق هذه الأحداث وما تخللها من مغامرات وأخطار عجيبة، فيعرضها المؤلف عرضاً غير مباشر، باستعادة أوديسيوس للأحداث وقصِّها على الملك ألكينوس وابنته ناوسيكا في بلاد الفاياكيين الواقعة بين اليونان وإيطالية، وكذلك في أغاني بائع متجول. كما أن البنية الفنية المتينة لهذه الملحمة، في رأي أرسطو في كتابه «فن الشعر» Poẽitikẽs، وتقسيمها إلى قسمين متساويين في الطول: رحلات التيه في القسم الأول والعودة إلى الوطن في الثاني، يضم كل منها اثني عشر جزءاً، يدلان على أنه لا يمكن عدّ هذا العمل الفني نتاج تراث ملحمي شفوي عريق فحسب، بل لابد من أن كاتباً ما، سواء كان هوميروس أو أحد أفراد مدرسته، قد صاغ هذه الملحمة على النحو الذي تم تداولها به شفاهاً ومن مصادر موروثة متوافرة كثل أسطورة البحار التائه القديمة جداً، وعودة الملك إلى وطنه بعدما ظُنَّ أنه قد مات، أو قصة الابن الذي خرج يبحث عن أبيه التائه، وهي نماذج أسطورية تتواجد في الكثير من الثقافات القديمة. يضاف إلى ذلك أسطورة البطل الذي ينزل للعالم السفلي بحثا عن رفاقه أو لإنقاذ أحد ما من براثن شياطين الجحيم. ولاشك في أن هذه العبقرية الشعرية التي نسجت من هذه المصادر المبعثرة وحدة فنية متكاملة قد ظهرت في ختام مرحلة طويلة من التغيرات والإضافات والتعديلات المتتابعة، وليس في بدايتها. ولكن يصعب التفريق بدقة بين الأجزاء التي تعود إلى الموروث الثقافي العام والتي خضعت لتنقيح الشاعر وأقلمتها مع رؤيته الإجتماعية والسياسية والفنية، والأخرى التي صدرت مباشرة عن مخيلته وإبداعه الشخصي.
ويعتقد أن هذه القصائد ترجع لمجموعة من الشعراء في الفترة ما بين القرن التاسع وأواسط القرن الثامن قبل الميلاد، ربما هوميروس واحد منهم، أو آخرهم، وقد نسبت إليه بإعتباره الجامع لهذه القصائد، حيث إسم هوميروس يعني بكل بساطة "المنسق"، وإن كان البعض يرى أن كلمة هوميروس تعني الأعمى.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليعم الصمت
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الأخيرة
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثانيةَ عَشْرَةَ
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الحاديةَ عَشْرَةَ
- عن السماء وفلسفة الكون
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة العاشرة
- درع آشيل
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة التاسعة
- بوادر الفكر الفلسفي
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثامنة
- أين ظهرت الفلسفة ؟
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة السابعة
- -الجامع- الأغريقي
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة السادسة
- عودة للبداية
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الخامسة
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الرابعة
- العدمية كمحرك للإبداع
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثالثة
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثانية


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - في البداية، كان الشعر