أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - المتوسّط بين الوصل والفصل














المزيد.....

المتوسّط بين الوصل والفصل


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 17:51
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


يعتبر حوض البحر المتوسّط مهد الحضارة الإنسانية، وقد لعب دورًا مهمًا في تعزيز التواصل بين الشعوب على ضفافه، وهو يمثّل موقعًا فريدًا ببحره وخلجانه ومضائقه. ومن ينظر اليوم إلى الخريطة السياسية لجانبي البحر المتوسّط يصاب بالذهول، فهذه المنطقة المتشاطئة جيوسياسيًا، بين أفريقيا وآسيا وأوروبا، وإن اختلفت أنظمتها وطرائق حكمها، إلّا أن علاقاتها الإنسانية مثّلت تاريخًا مشتركًا، وهي رمز الإبداع والحكمة في الفلسفة والتاريخ والفن والموسيقى والأدب والعلم والتكنولوجيا، حيث اجتمعت فيها حضارة ما بين النهرين والنيل والأناضول وطروادة واليونان وفينيقيا وقرطاج وروما وبغداد والأندلس وبيزنطية والدولة العثمانية، وتمثّل شعوبها ومجتمعاتها وبلدانها التعايش والتنوّع والتعدّدية والتواصل والتفاعل الثقافي والتجاري.
وإذا كان ثمة دول وشعوب كانت متعادية فائتلفت، أفليس ذلك مدعاةً لجعل شعوب شمال المتوسط وجنوبه، وهي الأكثر قربًا، للتلاقي والتواصل في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة والمشترك الإنساني الذي يمثّل قيم الحريّة والسلام والتسامح والمساواة والعدالة والشراكة والمشاركة، وهي قيم إنسانية تخص البشر ككل بغضّ النظر عن قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم ولغاتهم وألوانهم وأجناسهم وأصولهم الاجتماعية.
لقد واجهت علاقة شمال المتوسط بجنوبه في الماضي وتواجه اليوم تحدّيات مختلفة بعضها طبيعي مثل التغييرات المناخيّة والحرائق والفيضانات ، ناهيك عن جائحة كورونا، وخصوصًا في أعوام 2020 – 2021، كما أن زيادة السكان والهجرة من الجنوب (الفقير) إلى الشمال (الغني)، تعتبر إحدى التحدّيات الكبرى التي تحتاج إلى تفاهمات دولية على أساس عادل لحلّها، إضافة إلى قضايا الطاقة (النفط والغاز وذيولهما)، والغذاء والتغيرات البيئية، تلك التي ازدادت خلال الأزمة الأوكرانية والاجتياح الروسي.
إن بعض هذه التحديات هي من صنع الإنسان واستغلال أخيه الإنسان، والتغوّل عليه بسبب محاولات الإستقواء وفرض الهيمنة، إضافة إلى البطالة والمخدّرات والإرهاب التي يعاني منها الشباب ، والأزمة أكبر في العالم الثالث، والتحدّي أشدّ وأكثر عنفًا فيما يتعلّق بالتعصّب ووليده التطرّف، وهذا الأخير إذا ما صار سلوكًا يتحوّل إلى العنف، والعنف إذا ضرب عشوائيًا يمكن أن يصبح إرهابًا، والإرهاب يستهدف إضعاف ثقة المجتمع الدولي بنفسه وحين يكون عابرًا للحدود يصير إرهابًا دوليًا، خصوصًا بإضعاف ثقة المواطن والمجتمع بالدولة أيضًا.
فكيف السبيل لتحويل منطقة البحر المتوسّط بضفّتيه من منطقة عازلة إلى منطقة واصلة؟ أي منطقة سلام وتفاهم وتنمية ومصالح مشتركة ببعد إنساني ثقافي.
وبغضّ النظر عن التاريخ الاستعماري لبعض دول شمال المتوسط، وما تركه ذلك من ندوب وأحزان وذكريات مؤلمة وتاريخ دموي، لكن ثقافة السلام والتسامح هي التي ينبغي أن تسود لمصلحة شعوب ضفّتي المتوسّط، بدلًا من ثقافة الانتقام والكراهية، ولكي يتحقّق ذلك فلا بدّ من مصارحات ومكاشفات ومصالحات، خصوصًا الاعتراف بما حصل والاعتذار عنه، فليس أحفاد المستعمرين هم المسؤولون عمّا حصل، ولكي تكون الأجواء صحيّة وسليمة، فلا بدّ من تطمين أحفاد الضحايا بالاعتذار لهم عمّا حصل لأجدادهم ببلدان جنوب المتوسّط.
المستعمرون والمستوطنون كانوا رأس حربة ضدّ تنمية بلدان جنوب المتوسط وساهموا في سلب ثرواتها، الأمر الذي اقتضى التعويض وعلى أقل تقدير مساعدتها اليوم لتنمية بلدانها وانتشالها من الأمراض والأوبئة والفقر والتصحّر والإسهام في تقديم الدعم لها لتجاوز أزماتها وإعادة بنياتها التحتي وهياكلها الارتكازية والطرق والجسور والمواصلات في أجواء من الحريّة والسلم المجتمعي.
ولعلّ ذلك لا يعود بالنفع على البلدان النامية في جنوب المتوسط فحسب، بل يعود بالخير أيضًا على شماله، وسيحدّ بلا أدنى شك من الهجرة المتعاظمة، ويُقلّل إلى حدّ كبير من العنف والإرهاب، ويساعد في استثمار الموارد على نحو أكثر عقلانية وبالتعاون مع دول شمال المتوسّط، والنتيجة ستكون لصالح الإنسان بغضّ النظر، أكان في شمال المتوسّط أم في جنوبه.
ويمثّل ذلك الوجه الإيجابي للعولمة ، بغضّ النظر عن وجهها المتوحّش والموغل في استلاب الإنسان، لكن عولمة الثقافة بما فيها من فنون وآداب وعمران يعود نفعها على الأفراد والمجتمعات، فالموسيقى واللوحة والمنحوتة والمسرحية والكتب بترجماتها المتبادلة، إضافة إلى الرياضة والسياحة والانفتاح كلّها تعبّر عمّا هو إنساني وعابر للحدود والجنسيات والبلدان، وكذلك عولمة الحقوق الإنسانية، فلم يعد مقبولًا في عالم اليوم، نظريًا على أقل تقدير قبول استعباد شعب آخر أو هضم حقّه في تقرير المصير والعيش بسلام.
والعولمة لا تلغي الهويّات الخصوصية، بل تعمل على تنميتها دون إهمال شروط التطوّر التاريخي التي ينبغي أخذها بنظر الاعتبار، وما هو مهم هو الاعتراف بهذه الخصوصية في إطار التطوّر الكوني وتلاقحها، بالإضافة إل المعايير الدولية، إذْ لا ينبغي بزعم العولمة إهمال الخصوصيات والتغوّل على الهويّات الفرعيّة، كما لا ينبغي باسم الخصوصيّة والتميّز، التنكّر لما هو مشترك وكوني وإنساني.
والأمر يحتاج إلى نوع من النظرة التكاملية، سبق لحوار مع الأمير الحسن بن طلال أن دعا إليها في إطار منتدى الفكر العربي بتأكيده على تعزيز الجوامع مقابل تقليص الفوارق.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ حسين شحادة فقيه التغيير (2)
- حصّتي من أبو كاطع
- أوكرانيا واللحظة المفصلية
- قراءة في فكرة الدولة
- أوكرانيا وضباب الدبلوماسية
- عبد الحسين شعبان في ندوة حوارية في عمّان -دين العقل وفقه الو ...
- الشيخ حسين شحادة: ملتقى الأديان والثقافات
- مفهمة الدولة
- الهند والإسلاموفوبيا
- الشيخ حسين شحادة فقيه التغيير
- يافا والشعر والجواهري
- الشيخ حسين شحادة شلّالات الحنين
- الشيخ حسين شحادة نواة التنوير -معقل الأحرار-
- كلاويش والحساسية الثقافية
- قطف الثمر في التاريخ والتراث والفكر مقدمة كتاب الأستاذ الدكت ...
- الشيخ حسين شحادة: حيرة وأسباب
- تأمّلات في اللّاعنف
- 100 عام على المأساة الفلسطينية
- -مرجعيّة- المواطنة
- حكومة تصريف الأعمال وذيولها


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الحسين شعبان - المتوسّط بين الوصل والفصل