أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - قراءة في فكرة الدولة














المزيد.....

قراءة في فكرة الدولة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7308 - 2022 / 7 / 13 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد قرون من التطور التاريخي لمفهوم الدولة توصل ماكس فيبر (1864 – 1920) إلى أن الدولة هي "احتكار الاستخدام الشرعي للقوّة المادية في بلد معيّن"، في حين كان ماركس يعتبرها "أداة قمع"، بغضّ النظر عن دورها في إدارة الشؤون العامة وتقديم الخدمات للمواطنين والفصل في نزاعاتهم، ولعلّ هذين المفهومين يركّزان على الجانب السيسيوثقافي – الأيديولوجي للدولة وتطوّرها وسلطاتها ونطاق اختصاصاتها، وهما مفهومان يلتقيان ويفترقان في العديد من المواقع، بل وهيمنا إلى حدود كبيرة على جانب مهم من دراسات الدولة والقانون وعلم السياسة.
وإذا كانت كلّ دولة تبحث عن شرعية، سواء كانت دينية أم وراثية أم فكرية، فإن طرائق قياس هذه الشرعية تختلف باختلاف خلفية كلّ نظام سياسي، ويبقى أمران أساسيان يتصدّران أي تقييم:
أولهما – رضا الناس وقناعتهم بحكّامهم، وهو أمر طوعي لا يمكن فرضه بالإكراه، وهناك وسائل عديدة لمعرفة مدى قرب أو بعد هذه الشرعية من الحقيقة.
وثانيهما – ما تقدّمه هذه الدولة من خدمات لمواطنيها بحيث يقتنعون بأنها تمثّلهم وتلبّي جزءًا من حاجاتهم الأساسية، ويتم التعبير عن ذلك من خلال فاعلياتهم وأنشطتهم قبولًا أو رفضًا.
وحين تتساوق الشرعية مع المشروعية والمقصود بالأخيرة "حكم القانون"، فسيكون هناك تصالحًا تاريخيًا بين الفرد والدولة، وبين المجتمع والدولة، وهي الغاية التي تريد الوصول إليها أي دولة وأي نظام حكم وأي حاكم.
وقد رفض فيبر نظرية هيغل بشأن الدولة وهي التي هيمنت على نمط التفكير في القرن التاسع عشر، بالتأكيد على الغايات التاريخية للدولة، فلم تعد الدولة اليوم مجموعة من الوسائل المؤسسية التي تقوم على أيديولوجيا هدفها إضفاء الشرعية الخاصة بها على مجرّد تصوّر مبهم يقوم على غايات أخلاقية، بل تحوّلت إلى منظور مادي محايد أخلاقيًا بشكل محض، وهو يمثّل أساس جميع النظريات الاجتماعية للعلوم الحديثة عن الدولة.
ليس فيبر وحده من رفض المثالية مقابل نظرية مادية صارمة عن الدولة، فقد كان إيميل دوركهايم (1856 – 1917) وهربرت سبنسر (1820 – 1903) وغيرهما من علماء الاجتماع من قدّم تصوّرات مختلفة عن الدولة الحديثة، وهكذا فالدولة تنشأ جرّاء تمايز اجتماعي متنام حسبما جاء في كتاب براين نيلسون الموسوم "صنع الدولة الحديثة".
ولعلّ منافس فيبر على هذا الصعيد كان كارل ماركس (1818 -1883) وهما قطبان أساسيان في دراسات الدولة الحديثة، على الرغم من أن الأخير لم يقدّم نظرية متكاملة حول الدولة، والأمر يرتبط بين السيسيولوجيا والسياسة والأنثروبولوجيا، خصوصًا بشأن تشكّل مصادر الدولة التي يدور النقاش حولها ، ليس بين فيبر وماركس حسب، بل بالمفهوم وتطوّره بعدهما، علماً بأن ماركس أسبق من فيبر، وكانت بعض آراء فيبر مستمدّة من ماركس أساسًا، حتّى وإن ناقضها في الاستنتاجات، لكن ثمّة مساحة مشتركة تجمع بينهما.
وبقدر ما استند ماركس على دياليكتيك هيغل في فهم العلاقات الاجتماعية، إلّا أنه ذهب بعيدًا في نقد مثاليته، وربما كان أنجلس أكثر تطرفًا حين اعتبر الدياليكتيك يعمل في مملكة الإنسان والحيوان والجيولوجيا والرياضيات والتاريخ والفلسفة، وهكذا لا تكون الدولة شخصية لدى ماركس، كما تفترض الشرعيّة الليبرالية، بل هي مرتبطة بشكل عضوي بالتشكيلات الاجتماعية الأساسية، علمًا بأن فيبر رفض فكرة الحتمية التاريخية الواردة في سرديات ماركس.
يؤكد ماركس على البراكسيس، أي وحدة النظرية والممارسة وهو ما جرى إهماله من جانب المتمركسين بعده، فالموضوعية العلمية تستند على الجانب الذاتي، وهو ما جاء في أطروحاته عن فيورباخ، أي أن تغيير الواقع لا يقوم على افتراضات نظرية فحسب، بل يقوم على تطبيقات يتمّ اختبارها على أرض الواقع، ولا تتطوّر أي نظرية خارج دائرة الواقع العملي، وإلّا ستكون محكومة بالتشوّه الأيديولوجي.
أما فيبر فإن فكرته تقوم على "الحياد القيمي" ويعارض فكرة التطبيق العملي، إذْ لا يمكن فهم الفعل البشري بمعزل عن معانيه الذاتية، وهو ما أعطى لفيبر هذه المكانة الكبرى في السيسيولوجيا الحديثة وفي منظوره للدولة، في حين أن ماركس يطلق رأيًا مفاده أن سلطة الدولة الحديثة التنفيذيّة ما هي إلّا "لجنة لإدارة شؤون البرجوازية المشتركة" وركّز على علاقات الإنتاج التي تشكّل كامل بنية العلاقات الاقتصادية في المجتمع المدني.
ووفقًا لهذه القاعدة، فإن العلاقة بين البنية التحتية وبين البنية الفوقية هي حتمية بشكل صريح، فالدولة هي مجرّد ظاهرة عارضة مصاحبة للنظام الطبقي، وهو ما فصّله إنجلس في كتابه " أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"، لكن المفكّر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي (1891 – 1937) يرى في "دفاتر السجن" أن الدولة الحديثة لا تقوم على إكراه الطبقة المهيمنة، بل على أساس قبول المواطنين بغضّ النظر عن موقعهم الطبقي، وهكذا تتحوّل البنية الفوقية إلى بنية تحتية، أو أن الأخيرة اكتسبت خصائص البنية الفوقية، وهو ما فتح الأفق واسعًا لدى مدرسة فرانكفورت الماركسية الجديدة، وخصوصًا هابرماس لإجراء مراجعات معمّقة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوكرانيا وضباب الدبلوماسية
- عبد الحسين شعبان في ندوة حوارية في عمّان -دين العقل وفقه الو ...
- الشيخ حسين شحادة: ملتقى الأديان والثقافات
- مفهمة الدولة
- الهند والإسلاموفوبيا
- الشيخ حسين شحادة فقيه التغيير
- يافا والشعر والجواهري
- الشيخ حسين شحادة شلّالات الحنين
- الشيخ حسين شحادة نواة التنوير -معقل الأحرار-
- كلاويش والحساسية الثقافية
- قطف الثمر في التاريخ والتراث والفكر مقدمة كتاب الأستاذ الدكت ...
- الشيخ حسين شحادة: حيرة وأسباب
- تأمّلات في اللّاعنف
- 100 عام على المأساة الفلسطينية
- -مرجعيّة- المواطنة
- حكومة تصريف الأعمال وذيولها
- العراق استعصاء سياسي أم أزمة بنيويّة؟
- الشيخ حسين شحادة مقابسات المنبع والرؤية
- قلق العنف واللّاعنف
- اغتيال شرين أبو عاقلة جريمة دولية مكتملة الأركان


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - قراءة في فكرة الدولة