أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري الرابحي - تونس: السجال السياسي و حمى التضادد














المزيد.....

تونس: السجال السياسي و حمى التضادد


صبري الرابحي
كاتب تونسي

(Sabry Al-rabhy)


الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 14:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكثر ما يثير الإستغراب في تونس هو كيف تحول الجدل السياسي إلى سجال مزاجي ينبني على النكاية في الطرف المقابل بدلاً عن التأسيس والبناء والتطلع إلى مستقبل البلد. هذه الأزمة ظهرت بعد ثورة الياسمين التي أريد لها أن تكون حركة مواطنية سلمية رغم مجابهتها برصاص النظام أنذاك إلا أن التونسيون ضربوا موعداً مع التاريخ من خلال تحليهم بالتحضر وتمسكهم بمؤسسات دولتهم ودرئهم لأخطار الحرب الأهلية. ورغم أزمات مسار التأسيس إلا أن الإنحياز والتضادد ظهرا جليا عند ظهور ملامح الأطراف التي ستحكم تونس لمدة سنوات أساساً حزب حركة النهضة ممثلاً للإسلام السياسي وحزامه السياسي من أحزاب اليمين التي تلتقي معه في الرؤية وطريقة بسط النفوذ على الحكم والتي إختارت بمحض إرادتها الإنقلاب على تطلعات الثوار عندما هادنت النظام القديم وإستعملت أساليبه.
*عودة السجال:
اليوم عاد هذا السجال بأكثر حدة بعد تداول الإختلافات حول تكييف إجراءات 25 جويلية-يوليو التي أقدم عليها الرئيس قيس سعيد و التي أعادت ترتيب المشهد نحو هيمنة رئيس الدولة على كل السلطات و إرتباطها رأسا به والمضي قدماً نحو دستور جديد للدولة.
هذا الدستور الجديد الذي ولد مشوها في نظر الكثيرين حتى من داخل حزام الرئيس-الإستشاري على الأقل- كان هو المحرك الحقيقي لتأجيج الجدل حول أحقيته بأن يكون النص الأسمى الجديد لتونس بما يليق بتجربتها الديمقراطية الفتية أو أن يكون مجرد محاولة فردية أو مغامرة أقدم عليها الرئيس قيس سعيد والتي لم يخفي تمسكه بها كفكرة منذ بداية ظهوره على الساحة السياسية.
الغريب في هذا المشهد المعقد هو أن أغلب الرافضين لمشروع الدستور بنوا موقفهم على قراءات أكاديمية أو حتى على موقف سياسي من مشروع قيس سعيد برمته في حين جنح مساندو الدستور الجديد إلى التمسك به نكاية في منظومة ما قبل 25 جويلية-يوليو بأحزابها و بما حملته كمرحلة سياسية كانت في مجملها مخيبة للآمال. الغريب أيضا أن كل من قالوا "نعم" لم يتوقعوا أن يصدر عن الرئيس نفسه تعبيرة "نعم و لكن" التي ميزت خطابه الأخير الذي أعلن فيه تعديله للنص المقترح بحجة تسرب بعض الأخطاء.
هذا الحدث أيضا إستطاع أن يبعثر بعض القراءات التي راهنت على حسن نوايا الرئيس واعتبرت أن تمشي التعديل الذي قد يقدم عليه بإمكانه أن يرأب جملة التصدعات التي مست النص الأول والذي غاب عنه التنصيص على مدنية الدولة والدور الإجتماعي للدولة ومسؤوليتها أمام مواطنيها من حيث الحريات والحقوق الأساسية إضافة إلى كشف مبهمات النصوص الخاصة بالسلطة التشريعية و"الوظيفة" القضائية والمحكمة الدستورية. وبالتالي فإن تمسك الرئيس بالنص الأول رغم تعديله لا يمكن إلا أن يساهم في تصعيد مواقف الرفض التي أجمع عليها طيف سياسي واسع إضافة إلى كبرى المنظمات الوطنية أساساً الإتحاد العام التونسي للشغل.
*الإستفتاء:
يمكن إعتبار هذا الإستفتاء منعرجا تاريخيا مهما في الحياة السياسية في تونس حيث سوف يدلي التونسيون برأيهم في النص الدستوري المقترح الذي سيؤثث حياتهم لسنوات عدة، لذلك يحرص كل طرف على حشد حججه لبيان موقفه ودفعه داخل الفضاء العام للتأثير و النقاش، غير أن أكثر ما يميز هذا الإستفتاء هو تداخل المفاهيم لدى عامة التونسيين وعدم قدرة أغلبهم على التفرقة بينه وبين الإنتخابات التي تعود عليها التونسيون. كما يتميز هذا الإستفتاء المرتقب بعدم إرتباطه بالمستقبل السياسي للرئيس قيس سعيد نفسه الذي لم يعبر بأي شكل من الأشكال عن خطوته المقبلة في صورة عدم توحد التونسيين حول "نعم" التي يبشر بأن تكون إيجاباً للإستقرار السياسي والرخاء الإقتصادي والتحول النوعي في حياة التونسيين وهو ما يعتبره كثيرون مغالطة كبرى من حيث تحميل نص الدستور ما لا يحتمل وإخراجه في صورة النص الجامع والأوحد الذي سيصلح كل شيء.
ما يميز الإستفتاء أيضاً هو ضبابية الرؤية حول إستكمال مسار التأسيس الذي وضع له قيس سعيد دون سواه خارطة طريق بصيغة الأمر الواقع مما قد يدفعه للتراجع عنها بسبب صعوبة الإلتزام بها فضلاً عن ما يميز الإستحقاقات الإنتخابية من تكاليف باهضة تبدو المحصلة الإقتصادية أبعد ما يكون عن إعتبارها أولويات يمكن مجابهتها.
*البديل عن حمى التضادد
رغم توسع قاعدة الرافضين لنص الدستور الجديد ومراجعة الكثير من الأحزاب والمنظمات لموقفها من تمشي قيس سعيد وعودتها بقراءة نقدية لإجراءات 25 جويلية-يوليو نفسها، إلا أن الشارع التونسي يجمع على ضرورة المضي قدماً في إصلاح حقيقي شامل يخرج البلد من المأزق السياسي الذي فاقم الأزمة الإقتصادية. هذا الإجماع يجب أن يتحول إلى خارطة طريق مبنية على حوار وطني واسع يطرح المشاكل الحقيقية لتونس من حيث التشخيص و طرح البدائل التي تؤسس إلى إستقرار سياسي و الخروج من دائرة الإستقطاب و التحشيد التي إمتدت لتشمل كافة جوانب حياة التونسيين.
حقيقة، هذه الصراعات أرهقت التونسيين ولم تقتل فيهم تطلعهم نحو الأفضل، وحتى أولائك الذين راهنوا على القبول بأي بديل يتوفر في الساحة لمجرد تجاوز الأزمة إكتشفوا ان هذا الشعب يستبطن صبراً سحريا يكتنزه لأعتى المراحل و لايظهر ساعة نفاذه حتى!



#صبري_الرابحي (هاشتاغ)       Sabry_Al-rabhy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور سعيد أم دستور تونس الجديدة؟
- شيرين أبو عاقلة: حرة فلسطينية لن تصمت
- تونس:تواصل الأزمة و أزمة التواصل
- تونس.. الثورة المؤجلة الجزء الثالث
- تونس..الثورة المؤجلة-الجزء الثاني
- تونس.. الثورة المؤجلة
- تونس-زمن السكاكين في معابد العلم
- الوجه الآخر للنزاع المغاربي
- : -تونس، ديبلوماسية الحزب و الفرد في زمن الكورونا-
- تونس، وباء الكورونا أم الليبرالية؟
- تطرف النظام.. إلى أين؟
- جياع في خنادق السياسة
- إن لم تكن فلسطين قضيتك...فلست إنسانا
- تونس:الإعلام الرسمي المشهدي في العهدين
- إيفر غيفن-مصر و إدارة الأزمة
- فايروس كورونا... صديق الرأسمالية
- تونس: أسبوع الكيوي


المزيد.....




- مصدر لـCNN: مدير CIA يعتزم زيارة إسرائيل مع استمرار مفاوضات ...
- بيروت.. الطلاب ينددون بالحرب على غزة
- أبو ظبي تحتضمن قمة AIM للاستثمار
- رويترز: مدير المخابرات الأميركية سيتوجه لإسرائيل للقاء نتاني ...
- البيت الأبيض: معبر كرم أبو سالم سيفتح يوم الأربعاء
- البيت الأبيض يعلن أنه أوعز لدبلوماسييه في موسكو بعدم حضور حف ...
- شاهد.. شي جين بينغ برفقة ماكرون يستمتع بالرقصات الفولكلورية ...
- بوتين رئيسا لولاية جديدة.. محاذير للغرب نحو عالم جديد
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لاقتحام دباباته لمعبر رفح
- بالفيديو.. الجيش الكويتي يتخلص من قنبلة تزن 454 كلغ تعود لحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري الرابحي - تونس: السجال السياسي و حمى التضادد