أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الحرب أداة لحل أزَمات رأس المال















المزيد.....

الحرب أداة لحل أزَمات رأس المال


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7283 - 2022 / 6 / 18 - 23:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتشلت الحرب العالمية الثانية الاقتصاد الأمريكي من تأثيرات "الكساد العظيم" (أزمة 1929). منذ ذلك الحين ، تحتاج الشركات الكبرى إلى الحروب ، الساخنة أو الباردة ، للمحافظة على مستوى الرّبح أو لزيادته، من خلال تصميم آليات تزيد الإنفاق العسكري وتزيد من نفوذ المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، ولذلك بقيت الولايات المتحدة في حالة حرب دائمة، منذ الحرب العالمية الثانية التي تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح ودمّرت أوروبا واليابان وبلدانًا في إفريقيا وآسيا، لا علاقة لها بالحرب، لكن لم يُصِب الدّمارُ البنيةَ التحتيةَ والمصانع والمزارعَ الأمريكيةَ، أما الجنود الذين ماتوا فهم من الفُقراء والسُّود ومن أبناء العُمّال والفلاحين، وليسوا من أبناء البرجوازيين الرأسماليين...
أنهت الحرب العالمية الثانية فترة "الكساد الكبير" بالولايات المتحدة التي لم تُشارك في بداية الحرب، ورَفَعَت القدرات الإنتاجية والكفاءة الصناعية ، وكانت مصدرًا ضخمًا لأرباح شركات المعدّات العسكرية التي نشرت بيانات عن انخفاض البطالة (بسبب وجود نصف مليون شاب في الجبهات العسكرية المختلفة) وعن "ارتفاع الطّلب" كدليل على "سلامة الإقتصاد"، وفي الواقع فإن ارتفاع الطلب كان نتيجة لارتفاع مشتريات الدّولة من العتاد العسكري، وفي ربيع سنة 1945، أصبح السّلم وانتهاء الحرب خَطرًا يتهدّدُ "التوازن بين العرض والطلب"، ما يُؤَدِّي إلى "تسريح العمال، فضلاً عن عودة الملايين من الجنود وتعزيزهم صفوف المُعَطّلين، الباحثين عن وظائف"، ولم يكن الرأسماليون الذي نشروا هذه الحُجَج منزعجين من البطالة، وإنما من انخفاض مستوى الأرباح، ولذلك وجب الحفاظ على الإنفاق العسكري للدولة كمصدر للأرباح الضّخمة، وبالتالي وجب خَلْق "تهديدات" جديدة، و"أعداء" جُدُد، بعد هزيمة ألمانيا واليابان...
كان الإتحاد السُّوفييتي منهكًا من الحرب التي خاضها لوحده ضد النازية، دون أي مُساعدة من "الحُلَفاء"، ولئن كانت الشيوعية تُشكّل تهديدًا عقائديًّا للرأسمالية، فإن الإتحاد السوفييتي لم يكن يُشكِّلُ أي تهديد اقتصادي أو عسكري، ولكن مصالح المُجَمّع الصناعي العسكري الأمريكي تقتضي ابتكار عدو جديد، فكان الاتحاد السوفياتي الذي تحول (نظريا) من حليف ضد النّازية إلى عدُو، بل إلى فَزَّاعَة يحتاجها رأس المال لتبرير النفقات العسكرية الضخمة التي تُوَلِّدُ هامشًا كبيرًا من الرّبح، وبذلك انطلقت "الحرب الباردة" و"الماكارثية" في الدّاخل (حملة أطلقها السيناتور ماكارثي لمطاردة أي تقدّمي، وتنظيم محاكمات رأي صورية)، وحرب كوريا في الخارج، والتي كانت مُقدّمة لسلسلة من الحُرُوب العدوانية الأمريكية/الأطلسية التي لا تزال متواصلة، منذ سبعة عُقُود، وأدّت إلى تدمير فيتنام وكمبوديا ولاوس ويوغسلافيا والعراق وليبيا وسوريا وأفغانستان واليمن ومُحاصرة كوبا وفنزويلا وإيران...
زادت هذه الحُرُوب العدوانية من ثروات وأرباح الشركات الأمريكية في قطاعات الطاقة والأسلحة والتكنولوجيا والإتصالات لمستوعب الحرب "الإنتاجَ الفائضَ"، أي العَرْض الزّائد عن الحاجة (مقابل الطّلَب الراكد)
أنفقت الدّولة الأمريكية أكثر من 185 مليار دولارا، على شراء المُعدّات الحَرْبِيّة، بين سنَتَيْ 1941 و 1945، وارتفعت حصة نفقات المعدات العسكرية من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي من 5,1% سنة 1939 إلى 40% سنة 1945، وارتفعت صادرات الأسلحة الأمريكية، واستفادت من ذلك الشركات الكبرى (منها "فورد" و "آي بي إم" و "آي تي تي" ) التي حققت أرباحًا غير عادية، ارتفعت بنسبة 40% بين سنتَيْ 1942 و 1945، مُقارنة بالفترة من 1936 إلى 1939، وارتفعت الطاقة الإنتاجية للولايات المتحدة بنسبة قاربت 60%، خلال نفس الفترة، وخفضت الحكومة الضرائب على الشركات، بل دعمتها بقيمة 17 مليار دولارا، بينما ارتفع الدين العام بين سنتَيْ 1939 إلى 45 و 1945، ولم تلجَأ الدولة الأمريكية إلى فرض ضرائب على الأرباح الهائلة للشركات الكبرى، لتسديد الدّيْن العام، بل زادت من الضرائب المباشرة وغير المباشرة التي يدفعها السكان من العمال وذوي الدخل المنخفض، وبذل تَحَمَّل السّكّان الأكثر فقرًا، عِبْءَ تمويل الحرب، مقابل استفادة الميسورين ورجال الأعمال الأثرياء والمصارف وشركات التأمين وكبار المستثمرين بالشركات الكبرى، من الحَرب...
يمكن الإستنتاج أن الحرب مَصْدَرٌ للكثير من الأموال والأرباح الخُرافية التي تجنيها الرأسمالية، أكثر من الأرباح التي تجنيها في أوقات السلم، ولذلك أطلق المُجَمّع الصناعي العسكري الأمريكي "الحرب الباردة" وكل الحروب العدوانية الأمريكية التي شكّلت ذريعةً لتسليح الحلفاء ( "العالم الحر") والأنظمة الديكتاتورية المُوالية، بالمعدات الأمريكية، ووَلَّدت الحرب الباردة أرباحًا هائلة لشركات الأسلحة وللصناعات الأمريكية، ومَوّلت الدولة إنفاقها العسكري الهائل من خلال القروض، مما تسبب في ارتفاع الدين العام، من 259 مليار دولارا، سنة 1945 إلى 3,2 تريليون دولارا، سنة 1990 وإلى 6,1 تريليون دولارا، سنة 2002، قُبَيْلَ احتلال العراق، وبقي العاملون والفئات الوُسْطى يتحملون التكاليف الباهظة للحرب الباردة والحروب التي تخلّلَتْها وتَلَتْها، ولم يتحملها مَن استفادوا منها، ما يعني خصخصة الأرباح التي حققتها الحرب الباردة لصالح نخبة صغيرة من الأثرياء، مقابلَ إضفاء الطابع الإجتماعي على تكاليف الحُرُوب والإنفاق الحربي، أو بعبارة أُخْرى، سحب الأموال من الكادحين والفُقراء ومَنْحِها إلى الأثرياء، خلال الحرب الباردة، فازداد ثراء الأثرياء وازداد فَقْرُ الفُقراء...
تلاشَت الحرب الباردة (ولم تنتهِ رسميا)، سنة 1990، وكان الأمريكيون العاديون، يأملون نهاية تحمّلهم العبء المالي لتلك الحرب الباردة، ويأملون جَنْيَ فوائد "السلام"، وتوجيه الأموال التي ضختها الدولة في الإنفاق العسكري نحو الرعاية الصحية والخدمات الإجتماعية الأخرى، لكن الدولة الأمريكية (بِشِقَّيْها الجمهوري والدّيمقراطي) تُمثِّلُ مصالح الشركات الكُبْرى، ولا تُمثّل مصالح الكادحين والفُقراء، فعَثَرَتْ بسرعة على "أعداء" آخرين، فوصفت الرئيس العراقي صدّام حُسين ب"هتْلر جديد" وخطير على أمن العالم، ما يستوجب إعلان الحرب ضدّه، في بداية سنة 1991، بدعم من شيوخ النّفط العربي، لِتَتَمَكّن الشركات الكبرى والمصارف الأمريكية من المحافظة على مُستوى الأرباح الناتجة عن الإنفاق العسكري، لِيَظَلَّ الإنفاق العسكري محرك الاقتصاد الأمريكي ومَصْدَرًا لأرباح ضخمة، وارتفع إجمالي الإنفاق العسكري (وارتفعت معه أرباح هذه الشركات) من 494 مليار دولارا، سنة 1996 إلى 1,3 تريليون دولارا، سنة 2021، باحتساب مُجمل الإنفاق العسكري من معاشات وعلاج قدماء المُحاربين وتقديرات ميزانية الإستخبارات العسكرية والعمليات العدوانية غير المُعْلَنَة، وما انفكّت الإمبريالية الأمريكية تخْتَلِقُ أعداء آخرين وتهديدات أخرى في أماكن أخرى من العالم ، في الصومال وصربيا (يوغسلافيا) وأفغانستان وفي سوريا وليبيا واليمن وغيرها، واختلاق الذرائع اللازمة للتدخلات العسكرية، والقصف واسع النطاق، وتزويد الجيش الأمريكي وقوات حلف شمال الأطلسي بأسلحة متطورة، لِيَتَمَكَّنَ اقتصاد الحرب من المُحافظة على زخمه، وإثْراء رجال الأعمال، منهم أُسْرة بوش وديك تشيني ورامسفيلد، قبل أن يُعلن الرئيس "الديمقراطي" باراك أوباما (وداعموه من عشيرة كلينتون وأل غور...)، سنة 2012، أن الصين تُشكّل العدو الرئيسي، لكن الحرب ضدّ العملاق الصيني تتضمّن مخاطر كبيرة، خلافًا "للحرب على الإرهاب" التي لا تُقَيّد الولايات المتحدة، بل تُبيح لها شن الحروب في أي وقت وفي أي مكان في العالم ضد أي شخص أو كيان تعتبره الإمبريالية الأمريكية "إرهابيًّا"، فالإرهاب ليس دولةً، بل مفهومًا مُجَرَّدًا، لا يمكن محاربته بشكل موضوعي ويستحيل تحقيق نصر نهائي ضده، لذلك يمكن ل"الحرب على الإرهاب"أن تستمر عُقُودًا إلى حين العُثُور على خَصْمٍ أو عَدُوٍّ جديد، مثل روسيا التي تمتلك مخزونًا كبيرًا من النفط والغاز الذي يُنافس الغاز الأمريكي في أسواق الإتحاد الأوروبي وفي آسيا، وتوَدُّ الشركات الأمريكية السيطرة على ثروات روسيا، وتجميع القوى الرأسمالية وراء الإمبريالية الأمريكية، لمحاربة روسيا ودول "محور الشر"، مثل إيران وسوريا وليبيا والصومال وكوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا.
الرجاء مراجعة مقال سابق بعنوان
الحرب كوسيلة لحل أزمات النظام الرأسمالي، بتاريخ 06 نيسان/ابريل 2022



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موضوعات اقتصادية
- جَبْهَة الغاز في حرب أوكرانيا - تثبيت الهيمنة الصّهيونية في ...
- محاولة تبسيط بعض مفاهيم الإقتصاد السياسي
- موضوعات اقتصادية - الإقتصاد الموازي
- سويسرا، حياد كاذب
- هجرة الأطباء العرب
- من تاريخ النضال الطبقي والإجتماعي بالولايات المتحدة
- نضالات الطبقة العاملة بالولايات المتحدة
- رأس المال يُهَدّد السيادة الغذائية
- لا استقلال دون الإشراف على الإقتصاد
- العنف الأمريكي المُسلّح بالدّاخل
- الإحتلال الصهيوني عُنْصُرِيٌّ بالطّبْع
- الولايات المتحدة -ديمقراطية- عنيفة
- أي استقلالية لدولة تستورد غذاء مواطنيها؟
- علوم التربية - نظرية -الثقافة الإجتماعية- ودَوْر اللغة في ال ...
- أسطورة الدّيمقراطية الأمريكية
- التعليم بين الإيديولوجيا والبيداغوجيا
- حرب مُستمرة من 1917 إلى 2022
- الإنتخابات الفرنسية، لا تشويق ولا مُفاجآت
- لمحة عن الوضع بتونس، بعد أكثر من عقد


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - الحرب أداة لحل أزَمات رأس المال