أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - أبطال التفاهة














المزيد.....


أبطال التفاهة


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 7266 - 2022 / 6 / 1 - 01:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أيام استقبلت إحدى القنوات العمومية التابعة للدولة مواطنا مغربيا بمناسبة بلوغه ملايين المشاهدين على اليوتوب، ليس لأنه اخترع شيئا جديدا أو برز في مجال من مجالات العمل والإنتاج أو دافع عن قضية عادلة أو قدم تضحية ما من أجل الإنسان أو حتى الحيوان، بل فقط لأنه رقص بشكل متشنج بجوار شاحنته.
أن يُتحدث عن هذا المواطن في شبكات التواصل الاجتماعي فهذا أمر طبيعي، لأن معيار النجاح في تلك الشبكات ليس أهمية المضامين بل عدد المتابعين، ولهذا تهيمن التفاهة على كل شيء آخر، لكن أن تستقبله قناة عمومية وتقدّمه على أنه نموذج للنجاح يطرح أكثر من مشكلة، فالقنوات العمومية، مثل المدرسة تماما، عليها أن تقدم القدوة من خلال عرض التجارب الوطنية والإنسانية التي تحفز على الإبداع والعمل والإنتاج، سواء داخل الوطن أو خارجه، حيث تلعب دور الملهم للشباب من أجل إيجاد طريقهم في الحياة والاشتغال بحماسة لهدف أسمى، وهو بالتأكيد ما لا يقدمه المواطن المذكور، الذي تم استدعاؤه لا لأنه في مهنته حفر العديد من الآبار في مناطق مهمشة، بل فقط لأنه حصل على ملايين المشاهدات بفضل رقصة لبضع دقائق.
لم يعد البطل على اليوتوب هو من قام بعمل خارق أو مفيد أو ممتع، بل فقط من حقق نسبة متابعة عالية حتى ولو كان ذلك بنزع ملابسه أو إظهار سوأته أو التلفظ ببعض الكلام النابي والبذيء أو قلب الكلمات ونطقها بشكل خاطئ، أو السبّ والشتم لغيره، أو مارس الإرهاب والدعوة إلى الكراهية، أو فقط بالرقص بشكل متشنج. فالشخص المؤثر هو الأكثر إثارة، ولا شيء يثير أكثر من الأمور التافهة الفاقدة لكل معنى.
في نفس الأسبوع أخبرتنا وسائل الإعلام عن مغاربة نبغوا في مجالات عديدة، لكنهم لم يحظوا باستقبال التلفزة، منهم الشابة المغربية التي نبغت في أولمبياد الرياضيات خارج الوطن واحتلت الرتبة الأولى، ومنهم المواطن المغربي الذي اخترع سيارة تسير بالهيدروجين الأخضر، ومنهم نساء مغربيات نبغن كأفضل نساء مؤثرات على صعيد شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وغيرهن كثير، وهكذا صار يبدو أن التفوق والنجاح في قطاعات الحياة العملية والابتكار والإبداع لم يعد يثير اهتمام الناس ووسائل الإعلام، إذ وضعت موجةُ التفاهة من هو أقلّ موهبة وأقل أهمية على عرش النجاح والشهرة.
إن نقل معايير النجاح بالتفاهة من شبكات التواصل الاجتماعي إلى القنوات الإعلامية الرسمية هو عمل متهور وليس من الانفتاح الإعلامي في شيء، ذلك لأن تقليد الرداءة وتحويلها إلى نموذج للنجاح يفسد المشهد الإعلامي ويؤثر سلبا على تكوين الإعلاميين، دون الحديث عما لذلك من أثر سيء على أذهان المواطنين ونظرتهم إلى وظيفة الإعلام وإلى قيمة العمل ذاته.
على ممارسي الإعلام المهني الرسمي أن يحافظوا على مبادئ المهنية وقيمها التي أولها احترام المشاهدين والعمل على تأطيرهم وتثقيفهم وإخبارهم دون الوقوع في فخ التفاهة التي صارت موجة عاتية، لكن يمكن مقاومتها بالإعلام الهادف، الراقي والمسؤول.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجزيء الديمقراطية معرقل للتغيير
- جهاد المشايخ: نكوص عقلي مزمن
- المغرب بين الأمني والثقافي
- هزائم السلفية
- -الإفطار العلني- في القانون الجنائي المغربي
- الدراما التلفزيونية بين الدين والتاريخ
- شيخ الأزهر و-قواعد- ضرب النساء
- عن -القيم الإسلامية النبيلة- المطاردة في التعليم والإعلام، س ...
- -كأس العرب- التي سيفوز بها -العجم-
- نداء إلى أحرار ليبيا من أجل وطن يحتضن كل مكوناته
- مشكلة الإسلام السياسي مع المدرسة العصرية
- دروس الانتخابات المغربية
- كيف أصبح المغربي الهولندي أحمد بوطالب أفضل عمدة في العالم ؟
- إلى السيد أبو يعرب المرزوقي: من حقنا أن نختار -أخف الضررين-
- انهيار -العدالة والتنمية- ليس نهاية -الإخوان-، تحليل ونداء
- طالبان بين الديمقراطية والشريعة
- الديكتوقراطية
- متى يعتذر -الأزهر- لضحاياه ؟
- اسماعيل هنية بين فلسطين والصحراء المغربية
- .. وقيل إنه تراجع عن أفكاره في نهاية حياته !


المزيد.....




- بعد أن وضعت الحرب أوزارها في سوريا.. محطة قطارات يرونها رمزا ...
- الإسرائيليون يهرعون إلى الملاجئ مع دوي صفارات الإنذار جراء ه ...
- -ورشة القرن-.. من سيدفع فاتورة إعادة إعمار قطاع غزة الضخمة؟ ...
- -السياسة قبل مساعدة الناس-.. ماسك يهاجم عمدة لوس أنجلوس
- مصر ونيجيريا توقعان اتفاقا حول الإعفاء المتبادل -المحدد- من ...
- بيان مصري بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار ودور القاهرة فيه
- قطاع غزة.. موت الساعات الأخيرة
- السلطة الفلسطينية: مستعدون لإدارة غزة
- لندن.. منع المسيرة التضامنية مع فلسطين
- العراق.. 3 فصائل ترفض تسليم سلاحها


المزيد.....

- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - أبطال التفاهة