أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - تجزيء الديمقراطية معرقل للتغيير














المزيد.....

تجزيء الديمقراطية معرقل للتغيير


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 7258 - 2022 / 5 / 24 - 23:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتقد البعض خطأ بأن التركيز على نقد الفساد المالي والإداري واحتكار الثروة، كاف لشحذ الوعي المواطن وبناء الديمقراطية، وهذا خطأ فادح، لأن المجتمع كله يتحدث عن الفساد المالي والإداري واحتكار الثروات، دون أن نتقدم أو نخرج من عنق الزجاجة، والسبب في ذلك أن المجتمع نفسه الذي ينتقد الفساد غارق في كل أنواعه، فالمواطن الذي يستنكر الفساد في تدوينات فيسبوكية، مستعد أن يقدم رشوة أو يأخذها عند أول امتحان، لأن الرشوة صارت سلوكا سائدا بل وطبيعيا، ألم يقل الراحل الحسن الثاني بأنها مجرد "قهوة" ؟
كما أن الذين يُندّدون بالفساد المالي والإداري وبالرشوة لا يحركون ساكنا أمام مشاهد خطيرة تنبئ عن فساد بنيوي معقد يطال الدولة والمجتمع معا، بل إن بعض تلك المشاهد محبطة إلى أبعد الحدود، كمثل مشهد تجمهر عشرات الآباء والأمهات أمام مدرسة، منتظرين خروج إحدى المدرسات لكي ينتقموا منها شر انتقام، لأنها لم تترك أبناءهم يغشون في الامتحان، ورغم أن الأستاذة خرجت تحت حماية رجال الأمن الذين أحاطوا بها لإنقاذها، إلا أنها تعرضت رغم ذلك للطم والنتف مع السب والشتم القبيح، هذه هي حقيقة المجتمع الذي يشتكي من الرشوة والفساد والسرقة، إنه يرعى الغش ويتضامن مع تلاميذ غشاشين سيُصبحون غدا موظفين فاسدين.
هذا الوضع المأساوي جعل الكثير من الأذكياء يبتعدون عن كل ما يغضب المجتمع، ويهتمون فقط بالتركيز على فساد المسؤولين والسياسيين لإرضاء العامة، ولكنهم بذلك لا ينتبهون إلى أنهم يساهمون في ترسيخ بنيات التخلف في مجتمعهم بشكل كبير، عندما يقومون بالفصل بين مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وباقي قيم ومبادئ الديمقراطية، لأن تخلفنا بنيوي ومعقد، كما أن الديمقراطية كل غير قابل للتجزيء.
أتذكر هنا الحزب السياسي الذي قاد حملته الانتخابية قبل عشر سنوات بشعار "محاربة الفساد"، والذي ضغط بقوة بعد توليه رئاسة الحكومة لإجهاض قوانين ديمقراطية تتعلق بمجالات عديدة، فلم يتراجع الفساد، ولا ربحنا قوانين جيدة تحمي حريات المواطنين وحقوقهم الأساسية.
إن المطالبة بمحاربة الفساد وبربط المسؤولية بالمحاسبة، يرتبط أيضا بأهمية إصلاح جذري للتعليم من أجل تأهيل المجتمع والرقي بوعيه، كما يرتبط باستقلال القضاء وفصل السلطات، وبالتوزيع العادل للثروة ومحاربة الفقر، وبسمو القانون واحترام الحريات والمساواة على قاعدة المواطنة، وبفصل الدين عن الأغراض السياسية، وهي كلها قواعد غائبة في بلدنا بل إن بعض محاربي الفساد يتحفظون على بعضها ولا يرتاحون للحديث عنها، وهذا ما يُفسر أن الكثير من المغاربة الذين لا يُحبون كلمات الحرية والديمقراطية والمساواة يُقبلون بنهم على خطاب محاربة فساد الحكومة والأحزاب والبرلمانيين، مع العلم أن كثيرا من هؤلاء الذين يتم نعتهم بالفساد جاؤوا إلى كرسي المسؤولية بدعم من مواطنين صوتوا لهم إما بمقابل أو بسبب روابط قبلية أو عائلية أو غيرها، ما يعني أن دوائر الفساد أوسع بكثير مما يُتداول.
مرة أخرى إن الديمقراطية كل غير قابل للتجزيء، ومن يختزلها في ملف الفساد وحده دون المساواة والحريات وجميع القيم الإنسانية النبيلة إنما يساهم في شرعنة بنيات التخلف القائم، والذي لا مخرج منه إلا بصحوة الوعي المواطن بكافة أوجهه ومستوياته. وهذا بحاجة إلى عمل طويل المدى في التربية والتعليم أساسا، وإلى تأهيل المجتمع وتأطيره.
ولا يعني هذا بأن المجتمع مسؤول عن فساده، فهو ضحية فترات طويلة من الاستبداد الذي
تحول إلى ذهنية سائدة، لكن الإصلاح الجذري لهذا الوضع بحاجة إلى فاعلين يتحلون بالشجاعة الكافية لقول الحقيقة كلها لا بعضها، وللصبر في مواجهة أعطاب السلطة والمجتمع معا.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جهاد المشايخ: نكوص عقلي مزمن
- المغرب بين الأمني والثقافي
- هزائم السلفية
- -الإفطار العلني- في القانون الجنائي المغربي
- الدراما التلفزيونية بين الدين والتاريخ
- شيخ الأزهر و-قواعد- ضرب النساء
- عن -القيم الإسلامية النبيلة- المطاردة في التعليم والإعلام، س ...
- -كأس العرب- التي سيفوز بها -العجم-
- نداء إلى أحرار ليبيا من أجل وطن يحتضن كل مكوناته
- مشكلة الإسلام السياسي مع المدرسة العصرية
- دروس الانتخابات المغربية
- كيف أصبح المغربي الهولندي أحمد بوطالب أفضل عمدة في العالم ؟
- إلى السيد أبو يعرب المرزوقي: من حقنا أن نختار -أخف الضررين-
- انهيار -العدالة والتنمية- ليس نهاية -الإخوان-، تحليل ونداء
- طالبان بين الديمقراطية والشريعة
- الديكتوقراطية
- متى يعتذر -الأزهر- لضحاياه ؟
- اسماعيل هنية بين فلسطين والصحراء المغربية
- .. وقيل إنه تراجع عن أفكاره في نهاية حياته !
- العوامل المعيقة لتفعيل النماذج التنموية


المزيد.....




- روسيا تقدّم إعانات مالية للأمهات الصغيرات لزيادة معدلات المو ...
- رضيعة فلسطينية تموت جوعا بين ذراعي أمها في غزة المحاصرة
- تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
- واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
- رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار ...
- الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد ...
- نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
- إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة ...
- صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في ...
- من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - تجزيء الديمقراطية معرقل للتغيير