أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - العوالم رَمتني بالأحجار وإخوتي أغضبوني بالأقوال














المزيد.....

العوالم رَمتني بالأحجار وإخوتي أغضبوني بالأقوال


سنان سامي الجادر
(Sinan Al Jader)


الحوار المتمدن-العدد: 7263 - 2022 / 5 / 29 - 15:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


"عوالم كثيرة اضطهدوني
واخوتي أبناء الكشطا مثلهم
فالعوالم رجموني بالأحجار
واخوتي أغضبوني بالأقوال" من كتاب التراتيل المندائيّة

هذا مقطع صغير من إحدى التراتيل اليوميّة في كتاب التراتيل المندائية, حيث يتحدّث أحد المُختارين الصادقين, ويقول عن نفسه بأنه العاني المُضطَهَد والمُبعد من الملكوت الأعلى, وذلك أن نَسمَته أصلها من عالم النور ووضعوها في الجَسد الآدمي, ولهذا فهي تسعى للعودة إلى بلدها بعد أن يَكتمل قَدَرها في هذا العالم.
وحيث يَذكُر هذا المؤمن الذي ليس له هدف مادي في هذه الحياة, ولكن هَدفه السامي يكون بأن يتمّ عمره بسلام وأن يُحافظ على تعاليمه وصدقه وإيمانه, وذلك أنه يقول الحقيقة ولايكذب, ويعمل زدقا وطبوثا وهي الصَدَقة والخير الطيّب للمخلوقات وللطبيعة.

وتقول الكتب الدينيّة المندائيّة ذات التعاليم الناصورائيّة, إن هؤلاء الأشخاص يُسمَونَ باهري الصِدق, فيكون لديهم لوفا واتحاد مع عالم النور فيَسمَعونَ ما يُنير طريقهم ويُستَجاب لدُعائهم وهذا هو الإيمرا وشيما أي القول والسَمع.

لقد كان هذا العاني باهر الصدق مكروهاً في عالمه, فحيث أنه يروي أنّ العوالم قد رَمته بالأحجار وذلك أنه كان يُدافع عن مبادئه العادلة وتعاليمه الإيمانيّة, وهذا لم يكُن ليُعجب الأعداء الذين يُريدون أن يقضوا على أفكاره النورانيّة التي تريد تحرير الآخرين من تسلطهم, وبنفس الوقت فهو يروي أنه برغم تعرّضه إلى الأحجار من العوالم الأخرى أو الأعداء, فأن اخوته أبناء الكشطا كانوا يُغضبونه بالأقوال, ولأنهم لا يرون ما كان هو يرى ولا يَسمعون ما كان هو يَسمع, ولهذا فكانوا يختلفون معه, ولأنهم مُغرر بهم من تلك العوالم الأخرى التي تَستعبدهم بدون أن يعرفوا ذلك, وتحولهم إلى أعداء لدينهم ولأهلهم ولبلدهم.

ولو نَذكر أنّ الشاعر المندائي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد, كان قد أفنى عُمره وهو يُدافع عن بلاد الرافدين أصل المندائيين ولم يكُن يَتوانى عن حَمل السلاح والقلم, وكل ما يَلزم في سبيل دَفع الهجوم الكبير لاحتلال العراق الذي كان الاستعمار يرسم له مُنذ الاستقلال عن بريطانياً, وبقي ثابتاً في موقفه حتى بعد أن ذُبح العراق ونُفي المندائيون منه.

“تهبّ كلُّ رياح الأرض عـــــاصفة
والنخل لا تنحنــــــي إلاّ ذوائبه”

لقد كان عبد الرزاق يَشعُر بهذا الخطر ولهذا فقد عاش ونَذَرَ نَفسه لبلده ومات وهو يَلهَج بذكره, فقال وهو على فراش الموت

“يا عراق هنيئا لمن لا يخونك.. هنيئا لمن إذ تكون طعينا يكونك..
هنيئا لمن وهو يلفظ آخر أنفاسه تتلاقى عليه جفونك”

للأسف فكانت هنالك قلّة من العراقيين ومنهم حتى بعض المندائيين كانوا يَكرهون عبد الرزاق, ولأنهم كانوا من أذناب الاستعمار, أو من الذين يُصدّقون الشعارات الفارغة التي كان يُطلقها باسم حقوق الإنسان وباسم الديمقراطيّة وباسم الطائفيّة! وغيرها من التلفيقات, ولكنها لم تكن لتنطلي على الناصورائي عبد الرزاق, فقال في قصيدته يا صبر أيوب عن تلك الدول ذات الشعارات الرنّانة :

“وكان ما كان يا أيوب.. ما فعلت
مسعورة في ديار الناس ما فعلوا
ما خربت يد أقسى المجرمين يدا
ما خربت واستباحت هذه الدول
هذي التي المثل العليا على فمها
وعند كل امتحان تبصق المثل!”

وربما يَسأل البعض كيف يُمكن أن يُعتَبر عبد الرزاق ناصورائي وبرغم أنه لم يكن في السلك الديني ولم يكن مندائياً متديناً حتى؟ ولكن المَعرفة تأتي للشُرفاء وأصحاب المبادئ والمواقف الصحيحة, وكلٌ حسب علمه وعمله وثباته.

“ملائكةُ الضِّياءِ تُسبِّحُ لملكِ النُّور بالضِّياءِ الَّذي وَهَبَهُ إيّاهُم
ملائكةُ الضِّياءِ تُسبِّحُ لملكِ النُّور بأرديَةِ النُّور التي وهَبَها إيّأهُم.
ملائكةُ الضِّياءِ تُسبِّحُ لملكِ النُّور بأحزِمَةِ الضِّياءِ التي وَهَبها إيّاهُم ….” الكنزا ربا اليمين

فكل إنسان يكون ثابتاً في مبادئه يستطيع أن يتحلّى بجوهر النور والخير, وبقوله للحق هو يُساهم في بناء عالم أفضل ومثله الذي يُعطي مما وهبه ربه علماً وعملاً وثباتاً. وأمّا الذين يخافون من قول الحَق الذي تجلى وكان بيّناً لهم, وكذلك الذين لا يٌساعدون الآخرين فهؤلاء يُعزَلون من رابطة الحياة.

ولهذا فسوف تبقى المَعرفة التي أتت إلى عبد الرزاق, والتي قالها درراً شعراً ونثراً لمئات السنين, ولكن مُنتقديه الذين كانوا مع مُعسكر الأعداء, فلن تَبقى لهم ذكرى ولن يَعرفهم أحد, ومَن يَعرفهم فلن يكترث بهم.



#سنان_سامي_الجادر (هاشتاغ)       Sinan_Al_Jader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آدم الرجُل الأوّل.. الناصورائي
- المَعرِفَة الناصورائية والتعابير المَجازيّة
- المَوروث الديني المَندائي
- الكائن اللّطيف مُحرّك الثورات!
- عوائل الموت تحكم العالم
- قُرب بابل …كانت أورشلام
- المَسيح الترميدا الناصورائي
- قَتل العُلماء وحُكم السُفهاء.
- دعوة للبحث في أكديّة اللّغة الآراميّة.
- فيثاغورس ومُعلمه الناصورائي الساحر
- الفَقير الذي يَبيع جواهِره!
- دَمروا بابل وآشور.. ورقصوا
- قِبلة الشَمال والصلاة اللَّيليّة لدى المندائيين
- الآشوريون الأوائل كانوا صابئة
- الأستعمال السياسي للأديان التبشيريّة
- اللُّغة المندائيّة ..العربيّة القديمة


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - العوالم رَمتني بالأحجار وإخوتي أغضبوني بالأقوال