كيف يريد الغرب إضعاف روسيا بفرض عقوبات تقنية

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7255 - 2022 / 5 / 21 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

تشيرفونينكس لا يزال في المركز التاسع عشر الكومبيوتر في قائمة أفضل ٥٠٠ من أسرع أجهزة الكمبيوتر العملاقة. ولكن قريبًا سيتعين على كمبيوتر مجموعة محرك البحث الروسي ياندكس السماح للمنافسة بالانسحاب.

وحيث أنه لا توجد رقائق روسية الصنع في تشيرفونينكس ، لكن المعالجات ووحدات معالجة رسومات من شركتي نفيديا و اي ام دي الأمريكيتين. لا يُسمح الآن بشحنها إلى روسيا إلا بتصريح خاص من حكومة الولايات المتحدة - تمامًا مثل جميع الشركات المصنعة للرقائق الرائدة الأخرى في العالم.

يعد حظر الرقائق أحد العناصر الرئيسية في حزمة العقوبات التي أعلنتها الحكومة الأمريكية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: "سنخنق وصول روسيا إلى التمويل والتكنولوجيا ونضعف قدرتها الصناعية لسنوات قادمة". ستمنع الولايات المتحدة خصمها الروسي "من أكثر من نصف وارداته عالية التقنية".

بالإضافة إلى الرقائق ، تستشهد الحكومة الأمريكية أيضًا بمعدات الاتصالات والليزر وأجهزة الاستشعار وأنظمة الملاحة كأمثلة على السلع المعنية. وإذا كنت ترغب في تصدير هذه المنتجات إلى روسيا ، فأنت بحاجة إلى تصريح خاص. قبل كل شيء ، يريد الأمريكيون منع عمليات التسليم التي قد تفيد حكومة بوتين والجيش الروسي. و من المرجح أن تتم الموافقة على المبيعات للأغراض الخاصة.

عقوبات منسوخة من الرئيس ترامب

ينسخ بايدن تكتيكًا طورته حكومة سلفه دونالد ترامب في الحرب التجارية ضد الصين: بالإضافة إلى المنتجات الأمريكية ، تخضع البضائع الواردة من الشركات الأجنبية أيضًا للحظر - إذا تم استخدام برامج أو معدات أمريكية في الإنتاج. خلاف ذلك ، فإن المصنعين يخاطرون بالعقاب من قبل الولايات المتحدة أنفسهم.

وهذا الإجراء المعروف باسم "قاعدة المنتج الأجنبي المباشر" يوسع العقوبات إلى حد كبير. يتطلب تطوير الرقائق الحديثة أدوات برمجية من شركات أمريكية مثل تصميم الأتمتة الالكترونية ايدا و كادينز أو سينوب سيستمز . وفي جميع مصانع الرقائق الحديثة حول العالم توجد آلات بتقنية الولايات المتحدة. لهذا السبب ، على سبيل المثال ، تخضع كل من سامونغ من كوريا الجنوبية و تي اس ام سي من تايوان ، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم ، للقواعد أيضًا. أعلنت تي اس ام سي أنها أوقفت جميع عمليات التسليم إلى روسيا.

ومع ذلك ، هناك اختلاف واحد مهم في العقوبات المفروضة على الصين: في حين أن الحكومة الأمريكية في الصين لا تتخذ سوى إجراءات ضد شركات معينة مثل هواوي ، فإن بعض العقوبات الروسية تؤثر على الدولة بأكملها. حتى أن بعض الشركات مثل أبل تتجاوز هذه القواعد طواعية ولم تعد تقدم أي شيء إلى روسيا ، بما في ذلك المنتجات للعملاء من القطاع الخاص.

بالإضافة إلى حكومة الولايات المتحدة ، أصدرت مفوضية الاتحاد الأوروبي أيضًا عقوبات تقنية واسعة النطاق. تشمل القوائم المحظورة أنواعًا معينة من المعالجات الدقيقة وأجهزة التحكم الدقيقة وأجهزة القياس والآلات الصناعية ومنشآت الإنتاج - ولا سيما السلع "ذات الاستخدام المزدوج" التي يمكن استخدامها للأغراض العسكرية والمدنية على حد سواء.

استبدال العقوبات من الدرجة الثانية

من أجل التحايل على الحظر الغربي ، فإن الصين هي المورد الرئيسي لروسيا. ولكن لا يوجد بديل مكافئ هناك: توجد عقوبات أمريكية ضد أكبر شركة صينية لتصنيع الرقائق سي ام اي سي ، مما يعني أنها لا تستطيع شراء العديد من الأجهزة من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي وهي عالقة بتقنية 14 نانومتر.

يقول جان بيتر كلاينهانز ، الخبير في صناعة أشباه الموصلات في ستيفتانغ نو شيرويت: "لا يمكن لروسيا أن تتحايل على العقوبات من خلال شركات الرقائق الصينية". تعتمد القوات المسلحة البوروندية الصينية أيضًا على المعدات الأوروبية والأمريكية واليابانية.

صناعة الرقائق الروسية نفسها متأخرة عن الغرب أكثر من الصين. يعمل المطورون الروس على معالجات "محلية" تمامًا مثل المعالجات الصينية ، مثل مركز موسكو لتقنيات سباراك على أنواع ايلبروس مع مجموعة تعليمات ف ال اي دبليو. لكن هذه الرقائق تنتجها شركة تي اس ام سي أيضًا. الأمر نفسه ينطبق على معالج الخادم ارم بي اي ١٠٠٠ من بايكال للالكترونيات .

نتيجة للعقوبات ، قد تفقد بايكال أيضًا الدعم من شركة ارم البريطانية القابضة على المدى القصير وتتوقف عن تطوير المزيد من معالجات ارم على المدى الطويل ، كما قال كلاينهانز.

تعتمد روسيا أيضًا على بنية مجموعة التعليمات المفتوحة ريسك في ، على سبيل المثال ، تقوم شركة سينتلكور بتطوير نوى ريسك في. تعمل سينتاكور مع شركة روستيك المملوكة للدولة على معالجات لأجهزة الكمبيوتر المكتبية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ، والتي سيتم إنتاجها باستخدام تقنية 12 نانومتر اعتبارًا من عام 2025. ومع ذلك ، لا يوجد في روسيا سوى مصانع إنتاج للهياكل الخشنة وسيتعين على المرء التبديل إلى الصين. يتعين على روسيا أيضًا استيراد معظم الرقائق الأخرى ، مثل درام والفلاش.

إعاقة خطط بوتين

باختصار ، ليس لدى روسيا حاليًا تقنية معالج محلية على قدم المساواة مع المنتجات من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو تايوان. لذلك يعتقد معظم الخبراء أن العقوبات التقنية ستؤذي روسيا بالتأكيد ، وإن كان ذلك على المدى الطويل وليس على الفور. يريد بوتين بناء نوع من وادي السيليكون العسكري وأن يصبح رائدًا عالميًا في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات ، كما يؤكد بهاسكار شاكرافورتي ، الاقتصادي بجامعة تافتس ، في مجلة  فورين بوليسي . ومع ذلك ، لا تستطيع روسيا إنتاج الرقائق والإلكترونيات الضرورية بنفسها. "بعبارة أخرى ، قد يؤدي حظر الرقائق إلى إلحاق ضرر جسيم بالمشاريع الروسية." ومع ذلك ، لا يمكن عزل البلاد تمامًا: يمكن لنظام بوتين أن يواصل إمداد نفسه من خلال الشركات التجارية الصغيرة والقنوات المظلمة.

من وجهة نظر شاكرافورتي وخبراء آخرين ، فإن الخطر الأكبر هو آخر: يمكن للعقوبات أن تربط الصين وروسيا ببعضهما البعض بشكل أوثق - وفي نفس الوقت تعمق الصدع بين الولايات المتحدة والصين.

من وجهة نظر الغرب ، من الإيجابي أنه لا يكاد يضر اقتصاديًا إذا لم يعد يمد روسيا بالرقائق. وفقًا لاتحاد صناعة الرقائق الأمريكية SIA ، تمثل روسيا 0.1 بالمائة فقط من مشتريات الرقائق العالمية. بالنسبة لصناعة الكهرباء والإلكترونيات الألمانية أيضًا ، فإن روسيا "ليست زبونًا كبيرًا بشكل خاص" ، كما قالت متحدثة باسم اتحاد الصناعة .

الضربات المضادة

ومع ذلك ، فإن مكانة روسيا في أسواق الفحم والنفط والغاز مهمة. قد يؤثر أي توقف للتسليم أيضًا على صناعة الرقائق الأوروبية. من ناحية أخرى ، يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة تكلفة إنتاج أشباه الموصلات ، التي تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة. من ناحية أخرى ، هناك حاجة إلى العديد من المواد الكيميائية لإنتاج الرقائق ، والصناعات الكيماوية بدورها تحتاج إلى النفط والغاز كمواد خام وكموردين للطاقة.

هناك أيضًا منتجات خاصة مصدرها الشركات المصنعة للرقائق ومورديها من روسيا وأوكرانيا ، بما في ذلك غاز النيون. من المحتمل أن تكون الصناعة قد عززت الإمدادات بعد ضم شبه جزيرة القرم. على الأقل لا تتوقع جمعية الرقائق سيا أي انقطاع في الإنتاج على المدى القصير.

تزود روسيا أيضًا المعادن المهمة للعديد من فروع الصناعة ، مثل النحاس (30 بالمائة من الواردات الألمانية) والنيكل (28 بالمائة). النيكل مهم للبطاريات ، على سبيل المثال. لقد ارتفعت أسعار هذه المعادن بالفعل بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة.

ومع ذلك ، لم تستطع روسيا شل الصناعة المحلية تمامًا حتى مع توقف التسليم: قال متحدث باسم المعهد الفيدرالي لعلوم الأرض والموارد الطبيعية: "عادة ما تمتلك الشركات الألمانية مخزونًا يستمر لبضعة أشهر". وهناك دول موردة أخرى لجميع المعادن. "من حيث الاتساع ، يجب أن تكون عمليات التسليم الروسية قابلة للاستبدال."

التكلفة البشرية

التكاليف البشرية التي تسبب بها بوتين بالفعل في حربه - من خلال الموت والصدمات النفسية والطرد - لا يمكن استبدالها. كما تتأثر صناعة التكنولوجيا الديناميكية في أوكرانيا. تعتبر صناعة التكنولوجيا من أهم عوامل التصدير في أوكرانيا. قال نيكلاس فيلتكامب ، من جمعية بيتكوم الرقمية .

وفقًا لفيلتكامب ، توظف الشركات الألمانية وحدها ، بما في ذلك العديد من الشركات الناشئة وشركات تكنولوجيا المعلومات ، عشرات الآلاف من الأوكرانيين. لم يعد الأمر يتعلق فقط بالاستعانة بمصادر خارجية للبرامج: "في السنوات الأخيرة ، نشأ مشهد مبتدئ طموح ومبدع للتكنولوجيا يريد أن يحدث فرقًا ، ويريد إنشاء شيء جديد. 

يتأرجح العالم حاليا بين ضربات وضربات مضادة فهل تتحق أحلام اللاعبين الدوليين من أعمالهم وطموحاتهم؟ 

العنوان الاصلي
Digital sanctions’: How to quickly reduce Russia’s capacity of harm on the internet

By Andrey Kolodyuk, Jan Thys and Yobie Benjamin | EURACTIV.com

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات