أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - رحلة المصياف في الساحل السوري ..















المزيد.....

رحلة المصياف في الساحل السوري ..


هاتف بشبوش

الحوار المتمدن-العدد: 7244 - 2022 / 5 / 10 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


أحلى المصائب ، أن تجد نفسك عالقاً
في شراك الحب
وعاجزاً في ذات الوقت ، عن الهروب
لكنّ الأرواحَ المعذبة
لها القدرة على الإستدراك والتعارف
عند منعرجات لغة الطبيعة
وهي تحاكي آدمّ ، وتفاحة ٍفي قبضته

السعادة ليست أمراً قابلا للقياس ولاتناقش في إستفتاء ولا في تحليل المتخصصين . كما انّ المرءلايمكن ان يحلو له الوقت على الدوام وهذه هي واقعية الحياة . بهكذا تساؤلات وجدت نفسي مغتبطا بينما أقف منتظرا مجيءسونيا في الكراج الذي سينطلق بنا الى المصياف حيث الجبال والهضاب والوديان وإستواء الأرض أحيانا . في الكراج لابد لك ان تكن صبورا لشحة البنزين وحافلات السيرفز التي بالكاد تحصل عليها وهذه من مخلفات الحرب. حتى جاءت سونيا بكوستم أسود مما انار وجهها كما قديسة بهالتها البيضاء . إنطلقنا بعجلة بها عطباً في عتلة تبديل السرعة وكإنها تسير كما سلحفاة ، فاستغرق الوقت الى القدموس كثيراً كثيرا . وعلى طول الطريق الملتوي في أغلب الأحيان كما أفعى تتلوّى براحتها فتخيفك وتدهشك بذات الوقت لعظمة الخلق والخالق . ينقسم الكون هنا بين برد وصيف بين ضباب وصفاء فالقدموس تسمى مدينة الضباب السوري ولايضيع عندها الماء في السحابة. بل يظل يغسل وجوه الغاديات والعابرين بهدف او بدونه ، ضباب أكثر من لندن حيث يخال لك الضياع في ضباب سوهو مثلما يخال لك الضياع في لجة الضباب القدموسي الرمادي اللامعقول. في القدموس برد يلسع وكنت قد نسيت ان اجلب معي لهذا الغرض شيئا يدفيء لحمي وعظامي فقلت لسونيا لأشتري واحدة من هنا وقالت في المدينة التالية ستحصل على ماتريد لآن الرحلة انقسمت على ثلاث أو اربع مراحل من ريف كناري الى جلالة رونقٍ آخر حتى طرت ُفي السمت المغني وزالت نصفُ جراحي . الريف هنا ديالوك عن الجمال وعن شجرها الأجم النافر للآعالي فكان هو الآماد كلها أما سونيا وهي تجلس ملاصقة لخاصري وأكتافي فهي السموت الهادئة التي تغطيها وتحرسها من حرائق الطبيعة أوبفعل البشر المهمل أو القاصد الأشركما وأن بعض الأشجار قطعت لأستعمالها بدلا من شحة المازوت يعني اصابها الموت القسري بدلا من الابدية المعروفة للسنديان والشجر السامق . هنا وعلى مسافات الطريق كل مرابع الطبيعة لوّحت بترحيبها على سنين عمري الخافيات والمتادانيات الى الستين ، ومنها :الدريكية ، استقبلة ، المصياف ، المحروسة ، وادي جهنم الذي لقب هكذا لعمق الهوة السحيقة الضاربة في السحر والمخيفة في ذات الوقت والتي تبتلع العجلات لو انحرفت لكن الطبيعة لها قوانينها ورحمتها فتحمي الماضين قدما لرؤيا هكذا لوحات وكإنها رسمت بريشة فنان عالمي كفان كوخ أو ديلاكروا . فكل ماتجمل في الارض تحت سماء الساحل السوري ، كلها تعلن انغام المتعة للأنام ليلا ونهارا . في منحدرات الجبال تستطيع أن ترى بمايشبه المدرج الروماني المزخرف بالأثل والعشب الذهبي أو مثلما المدرج في قرطبة في اسبانيا وما بقي من آثار الدولة الاسلامية المندثرة في الاندلس . تشعر هنا من أنّ الدولة عملت كثيرا في تزيين هذه الطبيعة وهرائها الخلاب الذي يشي من أنه سيصبح أفضل من دبي التي صنعها البشر بينما هنا من صنع الباري وهباته للبشرالقاطنين هناك . حتى دخلنا ريفا آخرا وإذا به يحمل شعاعا ذهبيا ضاحكا من قراري في شراء شيئا بسيطا يحميني من برد القدموس فقلت: ماهذه الأوتار التي تعزف لحن البرد والدفء معا فعدلتُ عن قراري بشراء ما اردت وانطلقت برحلتنا وحافلة اخرى تقلنا الى منطقة المصياف بعجلة ذكرتني بعجلات الجيش لكن الفرق هنا أنك بكامل حريتك واختيارك ، اذ كانت العربة بمصاطب متقابلة والأجساد تتلاصق مع بعضها فكان كل جسم سونيا في أحضاني فهل هناك أكثر سعادة من هذا الذي في المنال حتى صعقتني رغبة عارمة في أن اقبلها في الحافلة وليحصل الذي يحصل لكن ماكلّ ما يتمنى المرء يدركه والعقل له سلطان في هكذا مواقف حرجة وفقا لتقاليد الشرق اما في أغلب اركان العالم تستطيع فعلها كي تتفاخر انك تحبها . حين وصلنا ريف المصياف ثم المحروسة كان للنسيم والدفء شميما آخرا مع العلم انّ المسافة بين الأرياف ضئلة فكيف لهذا الطقس ان يتبدل بن آونة واخرى في سحره ومداعبته لأجسامنا التي تتوق الى معتدل الطقوس . أنهينا مشوارنا في المصياف التي كانت عبارة عن طقس يتغلغل في الأعماق مثلما يمتزج زيت الزيتون السوري في البدن فيعمل بما يشبه التمسيد الرياضي للمعدة وباقي دواخل أعضاءالجسم فكانت المصياف بكل طرقها الإسفلتية عريضة منفتحة على السماء الطاغية في الصفاء .
في طريق العودة عندما أنظر الى الاشجار أرى كل مراحل حياتها المتباينة فلابد هنا ان يحضر الوصف الدينامي والحركي للابعاد الشجرية التي لاتنتهي في المد . أنا منذهل ، نعم لآنني إبن الصحراء وأختلف عن سونيا فهي بنت الأشجار والغابات والأخضراللامتناهي وهذا ما ميز عيونها الخضرالهائلة في المعاني والجمال والجاذبية ورخامة صوتها أيضا مشوّبة بتزاحم الغابات فتحجب الصدى المتصاعد فيظهر صوتها رخيما لاكما صوت الصحراء والبداوة وصداه العالي الذي لايحجبه شجرة أو مراح . وأنا في هذه الطبيعة ارى نفسي أنانيا مبتعدا عن السياسة وهموم الناس بل أجد نفسي منغمسا في الرومانسية والخيال وتلاصقي بجسم سونيا الأبيض المهيب وخصوصا حينما أصبحت وكانها (فتاة النعاس) فانداحت على كتفي تنام وتترك خصلات الشعر الأشقر تتساقط كما مطرة صيفية خفيفة تنعش الروح ولاتضرعند البلل .
بينما تسير الحافلات بطاءً على الإسفلت وانا أمام سواد الشجيرات المتغايرة في كل هوة سحيقة أو كل مرتفع شاهق يخيل لي ان ضوئها لعينيّ وحدي ووحدي ، وكانها أحبّة تعيش الأبدية بهذا التلاصق الشهواني والرغباتي العجيب والصمت السري العظيم ، فياترى :

هل تشبهنا هذه الأشجارُ ، أنا وسونيا؟؟
في حبّنا السري
أوفي حميميةٍ و شراكةٍ في الرغبة
والموسوميات هنا ، ليس لها معنى
لاسيما وهي تُطحَنُ
تحت أنياب الأعراف القميئة
وياليتها..
مثلما قوانين الطبيعة لنيوتن
في سقوط تفّاحةِ الجاذبية
فيكون الموتُ هنا ، أشهى واجمل !!!

أراني وانا على الطريق المخضوضر كمن يحاور زيتونة وعنبا وكمثرى وما ينشأ في بيوت البلاستيك وما أكثرها هنا على إمتداد عدسات العيون حتى اصطدمت بسؤال لنفسي : لماذا لم ينبت غصن زيتون في صحراء أرواحنا نحن القاطنين قفار الجانب ألآخر .
في نهاية كل مشوار سياحي وأنت تصاحب إمرأة فلابد لك أن توافقها التسوق فهو البرنامج الأول والأخير لدى النساء في أي رحلة حتى لو كانت الى أقمار الله بنجومه السبع ، وأنا من عادتي لديّ صبر حمار يطاوع من يسوقه بالإرغام او بالهداوة الرحيمة فوجدت نفسي في سوق البازار
مع دس يدي في ثنية مرفق سونيا ونحن في لجة السابلة ومرة أخرى وهي في غرفة تجريب الملابس وأنا انظر بعينين شهوانيتين الى أردافها ونهديها اللذين تكشفا في لحظة جنون وتحقيق حلمٍ كنتُ قد رجوته منها أيام كانت الحميمية على الواتساب آب فقط . فكان المشوار حبا وتعارفا أكثر لروحينا التواقة للعشق وترجمان الرغبة والجنس ثم تسوّقا وتبضعاً للعيد القادم يوم غد حتى انتهى بنا المآل في مقهىً جميل لاحتساء الكابتشينو لي والشوكو لها لتزيد طعم الشوكو في جسمها الناعم الأملس بلا زغبٍ يُرى في عينيّ الضعيفتين بنظارة طبية . ونحن متقابلان كرسياً بكرسي رأيت اخضرار الطريق في عيني سونيا لكثرة مافي الطريق من شجر ماثل وكإنه جدار الصين العظيم ، حتى خيّل لي أنّ الطريق لايقول غير كلمة شجر وشجروشجر وتعني أبدية وأبدية وأبدية ، أما نحن فزائلون أو ربما تبقى أنفاسنا أنا وسونيا فيصعد بخارها مع ضباب القدموس الى السماوات ثم يهطل من جديد لتبدأ رحلة التناسخ والتقمص مثلما لدى الطائفة الدرزية وهذه الفكرة العجيبة في محتواها لإعطاء الأبدية للوجود الإنساني والتخفيف من حدة الخوف من الموت . ومهما يكن من أمر قلتُ لشاخصي :

لاتحترقْ ، لاتتصدّعْ

مازالت هناك أصابعٌ للحب
فتشعلكْ..وتشغّلكْ
تحت ضَي شجرةٍ واحدةٍ ، من هذا السراب الهائلِ

هاتف بشبوش/ شاعر وناقد عراقي



#هاتف_بشبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رزيقة بوسويلم ، وحدائق جوراس الجنسانية ..جزءٌ ثانٍ
- رزيقة بوسواليم ، وحدائق جوراس الجنسانية ..جزءٌ أول
- المغني والشاعر( جون لينون) ..
- الشيوعي الغرائبي الممثل المصري(علي الشريف) ..
- حالُ العرب (13) ..طربٌ عند الآذان والصلاة
- عبارة(إنشاء الله)..
- باقر صاحب،بين العدميّةِ،وشراكِ التفاؤل.. جزءٌ ثانٍ
- رسائلي الى سونيا..4
- جيبي فارغٌ ومفلس ..
- حال العرب (11) ..نصيحة للمسافرين ..
- باقر صاحب ، بين العدميّةِ ، وشراكِ التفاؤل.. جزءٌ أول
- الدنمارك والديمقراطية
- رسائلي الى سونيا ..2
- 1. سعاد نعيم ، ضَفافٌ واثقٌ ..
- إفلاطون والأنبياء ..
- حوارُ كلبٍ وفتاة
- لؤي عمران ، صوتانِ ، في السياسةِ ، وآخرٌ في الوجدان ..جزء ثا ...
- مستشار جورج بوش ، من الكنيسةِ الى الأيدز ..
- إرضاعُ طفل
- مهرجانُ بابل ، وأصحابُ الطرابيش


المزيد.....




- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...
- فيلم السرب 2024 بطولة احمد السقا كامل HD علي ايجي بست | EgyB ...
- أستراليا تستضيف المسابقة الدولية للمؤلفين الناطقين بالروسية ...
- بعد إطلاق صندوق -Big Time-.. مروان حامد يقيم الشراكة الفنية ...
- انطلاق مهرجان أفلام السعودية في مدينة الظهران
- “شاهد الحقيقة كامله hd”موعد عرض مسلسل المتوحش الحلقة 32 مترج ...
- -سترة العترة-.. مصادر إعلامية تكشف أسباب إنهاء دور الفنانة ا ...
- قصيدة (مصاصين الدم)الاهداء الى الشعب الفلسطينى .الشاعر مدحت ...
- هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - رحلة المصياف في الساحل السوري ..