أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهاد ابو غوش - مخاطر تديين الصراع















المزيد.....

مخاطر تديين الصراع


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7242 - 2022 / 5 / 8 - 12:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نهاد أبو غوش
انتشرت في الأسابيع الماضية دعوات وأفكار تستجيب لتحويل الصراع في فلسطين إلى حرب دينية، جاء ذلك ردا على ما تقوم به حكومة الاحتلال من تشجيع لغلاة المتطرفين، وتمكينهم من اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه، بل وتبني حكومة بينيت – لابيد، التي يغلب عليها الطابع العلماني كسائر الحكومات الإسرائيلية، لأطروحات هؤلاء المتطرفين، وانخراطها الفعلي في تنفيذ مخططات التقسيم الزماني والمكاني للحرم القدسي الشريف، وحديثها المضلل والمخادع عن "حرية العبادة" وهو حديث لا يعني سوى حرية عبادة المتطرفين اليهود في المسجد الأقصى.
ويبدو أن تلويح بعض الأطراف الفلسطينية أو انجرارها لقبول تحويل الصراع إلى صراع ديني ينبع من عدة عوامل من بينها الخشية الجادّة من تحضير المتطرفين لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه، وضعف الثقة بجدوى أساليب النضال القائمة والمتاحة، ثم استثارة حميّة الشعوب والدول الإسلامية ودعوتها للدفاع عن ثالث أقدس المقدسات الإسلامية، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وهي معادلة تبدو للوهلة الأولى في صالحنا، كيف لا وعدد المسلمين على امتداد العالم يزيد عن المليار ونصف المليار إنسان، في مواجهة أقل من خمسة عشر مليون يهودي نصفهم في إسرائيل والباقي موزعون في مختلف أصقاع الأرض.
لطالما حذرت القيادات الفلسطينية والعربية من خطورة تحويل الصراع في الشرق الأوسط إلى صراع ديني، وهذا ليس موقفا عبثيا، ولا هو زهد في دعم العالم الإسلامي للحق الفلسطيني. فتديين الصراع عدا عن كونه يخالف الحقائق التاريخية والعلمية، ويتجاهل ارتباط الصهيونية ودولة إسرائيل بالمشاريع والمخططات الاستعمارية في المنطقة، يعني أن لا حلول سياسية وواقعية ولا توجد حتى قدرة بشرية لحسم هكذا صراع يقوم على الصراع التناحري بين معتنقي الأديان والمؤمنين بقناعات وعقائد وأفكار غير قابلة للمساومة، لا حلول للصراعات الدينية إلا وفق منطق القرون الوسطى أي من خلال الغلبة والتمكين، وربما الاستئصال وفي الحد الأدنى استكانة أحد طرفي الحرب وتسليمه بسيطرة الطرف المقابل، ناهيك عن انتظار المعجزات وتدخل العناية الإلهية لحسم الصراع بمعزل عن دور البشر.
وبنظرة فاحصة للتاريخ العربي الإسلامي، وعلاقات اليهود بالمسلمين في مختلف البلاد التي عاشوا فيها معا، سوف نجد أنه على امتداد الفترة الطويلة الممتدة من النصف الأول للقرن السابع الميلادي وحتى مطلع القرن العشرين، لن نجد أية توتّرات أو حروب دينية إسلامية يهودية، بل على العكس من ذلك عاش اليهود وسط المسلمين في مختلف حواضرهم ودولهم في وئام وانسجام، بل إن ممالك الفرنجة ( وهو الاسم الأدق من تسمية الصليبيين) طردت اليهود من فلسطين وبلاد المشرق العربي خلال القرنين الأولين من الألفية الثانية، لكن السلطان صلاح الدين الأيوبي محرر القدس سمح لليهود بالعودة إلى فلسطين، مع الإشارة إلى أن طبيبه الخاص ومستشاره المقرّب كان موسى بن ميمون وهو الرابي اليهودي المعروف باسم (رمبام).
واقعة تاريخية أخرى مُهمّة تمثلت في قيام ملكي قشتالة واراغون الاسبانيتين ، إيزابيلا وفرديناند، بطرد يهود الاندلس مع من طردوهم من العرب والمسلمين اثر سقوط غرناطة، وما زال يهود شمال أفريقيا يسمون السفارديم نسبة إلى (سفاراد) التي هي اسبانيا.
والمعروف أن الحركات الدينية اليهودية المتزمتة كانت تعارض الحركة الصهيونية في البداية، على اعتبار أن الوعد الإلهي هو مشيئة ربانية وليست عملا يقوم به السياسيون العلمانيون، لكن هذه الحركات اضطرت لاحقا ولأسباب انتهازية للتعايش مع الحركة الصهيونية بعد موجات الهجرة الكثيفة من أوروبا إلى فلسطين وإنشاء دولة إسرائيل التي لم تكن في يوم من الأيام دولة دينية، مع أنها استغلت الجانب الديني لاصطناع هوية قومية يهودية وتشجيع يهود العالم على الهجرة لإسرائيل.
موقف الحاخامية الكبرى بجناحيها الشرقي والغربي ما زال معارضا لدخول اليهود إلى المسجد الأقصى، ويعتبرون ذلك تدنيسا لأقدس الأمكنة، كما يعارضون مخططات هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث لقناعتهم أن مثل هذا العمل هو من اختصاص المسيح المخلص تجسيدا لإرادة الرب.
ومن بين القوى اليهودية المتدينة ما زالت حركة ناطوري كارتا تعارض بشدة مجمل السياسات العدوانية والعنصرية لدولة إسرائيل وحكوماتها المتلاحقة، وهي تؤيد النضال الوطني الفلسطيني واهدافه في العودة وقيام الدولة الفلسطينية، بل إن زعيم هذه الحركة الحاخام موشي هيرش كان عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني ومقربا من الزعيم الراحل الشهيد ياسر عرفات.
ومن أوساط القوى اليهودية العلمانية، ثمة من يؤيدون الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية من دون تحفظ، ومن هؤلاء عضو الكنيست الحالي عوفر كسيف الذي بلغت به الشجاعة إلى حد اعتبار حائط البراق منطقة محتلة ويجب أن تكون خاضعة للدولة الفلسطينية، وكسيف سبق له أن أعرب عن تأييده لحق العودة، واعتبر أن العمليات الفدائية ضد الجيش الإسرائيلي لا تعتبر إرهابا.
كما أن ثمة مناضلين كثر من أصل يهودي التحقوا بالثورة الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير وبعضهم قضى سنوات في السجون بسبب نضاله ومواقفه مثل المناضل أودي أديب وشقيقه أساف، ويعقوب بن افرات، وميخال شفارتس وهداس لاهاف، وكذلك المناضل أوري ديفيس عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وقبله إيلان هليفي الذي أطلق اسمه على أحد شوارع مدينة البيرة، ولا ننسى المفكر إيلان بابيه صاحب الإسهامات النظرية المهمة في كشف جرائم التطهير العرقي في فلسطين، فهل يقترح علينا دعاة تديين الصراع التخلي عن هؤلاء مع كل الأهمية السياسية والأخلاقية لمواقفهم؟
لسنا بحاجة لسرد مواقف وأسماء "صهاينة" عرب ومسلمين يعلنون انحيازهم لإسرائيل وعدوانها، فهذه ظاهرة شاذة ومؤقتة، المهم ألا ننجرف لفكرة الصراع الديني لأنه يخدم إسرائيل ولا يفيدنا، كما أنه يطمس جوهر الصراع، بوصفه صراع بين شعب تواق للحرية والاستقلال ونظام استعماري استيطاني، وإن كان ثمة مشكلات في أدائنا العملي وسلوكنا الفعلي أو في علاقاتنا العربية والدولية، فعلينا التصدي لحلّ هذه المشكلات كما هي، لا أن نهرب منها بقفزات غير محسوبة في الهواء.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمين الإسرائيلي المتطرف رديف للسياسات الرسمية
- الاستعداد لجولات التصعيد المقبلة
- الموقف الأردني الشجاع
- عصمت منصور: واجب النقد وحق الاختلاف
- خلفيات الدعم الإسرائيلي المطلق لإسرائيل
- الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى بين السياسي والديني/الأسطوري
- القائد مروان
- السياسي والاسطوري في اقتحام المسجد الاقصى
- التطورات والتصعيد في فلسطين (3)
- التصعيد في فلسطين (2)
- عن التطورات والتصعيد في فلسطين (1)
- جِنين عاصمة المقاومة
- داعش وإسرائيل: مخاطر محدودة (3)
- داعش وإسرائيل: فوائد جمة (2)
- داعش وإسرائيل :علاقات ملتبسة (1)
- الانتخابات المحلية الفلسطينية وسطوة العائلي على الوطني والبر ...
- التطرف وبيئاته الحاضنة
- عالَم منافق يكافِىء المجرم ويُعاقِب الضحية
- القانون العنصري الصارخ -منع لم شمل العائلات-
- هشاشة أوضاعنا والأزمات العالمية


المزيد.....




- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهاد ابو غوش - مخاطر تديين الصراع