أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - أفلام الموت العراقية














المزيد.....

أفلام الموت العراقية


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 495 - 2003 / 5 / 22 - 03:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



أفلام مرعبة ممنوع مشاهدة الأطفال والمصابين بأمراض القلوب  لها .
أفلام تمتنع بعض القنوات العربية الرسمية من بثها للمشاهد العربي خشية على مشاعره .
أفلام تكتسح الشاشة وتفوز على أفلام هتشكوك .
جثث تمتد فوق أرض العراق تنتشر داخل تراب المدن وفي الأماكن القصية والصحراء .
جثث حديثة وقديمة وأشلاء وأسمال أكلتها الأرض وبقايا شعر وعظام وحاجيات شخصية مدفونة وأوراق عفرها التراب ،  جماجم أمتلأت بالتراب وأثواب لم تزل ملتصقة على أجسادها .
هل تصلح هذه مادة للكتابة ؟
هل تصلح عناوين لأخبار الصحف ومادة للأثارة الصحفية ؟
هل تصلح هذه المناظر للتسويق التجاري أو الأعلاني ؟
هكذا نحن تشاهدوننا على الهواء مباشرة أيها الأخوة العرب ، هكذا نحن تشاهدون عظامنا وجثثنا المتفسخة ومقابرنا وأسمالنا البالية .
صرنا لكم مادة تغطي ساعات البث التلفزيوني ، وصرنا لكم مادة تصلح للتأسي والحزن المؤقت ،  وصرنا لكم مادة تدعو للشفقة والعجب ، وصرنا لكم مادة تهز المشاعر قبل أن يندلق المساء الجميل عليكم فتعودوا لسهراتكم الممتعة وجلساتكم العربية الأصيلة .
صرنا موضوعاً لأفلام سينمائية وتلفزيونية ، وتحقيقات صحفية ، صرنا صوراً منوعة بأوضاع متنوعة .  شركات الأفلام تتنافس على قصصنا ، وكتاب القصص وجدوا موضوعات مثيرة لقصصهم القصيرة منها والروايات الطويلة .
ترى هل نصلح أن نكون جزء من خطبة الجمعة ؟ أم لم تزل موضوعات أخرى تتغلب على موتانا ؟  ترى هل أستطعنا أن نحرك جزء من مشاعر الأخوة العربية والجامعة العربية والشهامة العربية والنخوة العربية ؟
ترى هل نصلح لفتوى من رجل دين ؟ كيف نعطي الفتوى بجواز شرعية مصالحة الجثث مع قاتليها ؟ كيف نبريء المتهم ونجرم المجني عليه ؟
كيف نستمع لدفاع القاتل ونمنع القتيل من البوح بماذا صار له ومعه وأن يقول بأسم قاتله ؟
جمهورية المقابر الجماعية تقوم على مقابر فوق كل أرض العراق ، في المدن الآهلة بالناس وفي الصحاري البعيدة  ، وربما فوق كل مسطحات المياه في العراق ، زماننا يختلف عن كل الزمن العربي ، فقد كنا نعيش زمن الذبح والموت بالقنابل وكتم الأنفاس  .
صراخ النسوة العجائز ونحيب الأمهات ودموع الشيوخ كلها ضرورة من ضرورات الفيلم العربي المدهش ، لطم النساء اللواتي فر منهن العمر وبقي الأنين المر يترسب في ارواحهن البائسة ، صراخ وعويل الأباء ودعاء الناس الى الله المشتكى .
دموع تملأ كل مشاهد الألم والحزن واليأس والبكاء والصراخ والأنفعال والأغماء واللطم فوق التراب وحرقة الروح .
أفلام سهلة البث لاتحتاج الرقوق فيها  الى مونتاج ولا الى تقطيع ، فكل مافيها يصلح للأثارة ، وكل ماتحتوية مثير ومدهش ، قبور يجتمع فيها النساء والرجال والأطفال والشيوخ والعظام والملابس ، حفر تحتوي على أعداد أكبر مما تتوقع وأكثر مما يمكن أن تحتوي مساحتها .
أكياس من النايلون تلم كل بقايا أجساد الشهداء ، كل مواطن يأخذ حصته من الموت بالتساوي ، كل مواطن حر في أن يأخذ أبنه أو والده أو شقيقه الى بيته أو الى المقبرة أو أن يحتفظ به للذكرى . ترى هل أهتزت مشاعركم ؟ هل سكبتم دمعة من مآقيكم ؟ هل شعرتم بحشرجة ويباس  في فمكم ، نحن وحدنا من شعر بهذا ن ونحن وحدنا من أكتوى بهذا ، ونحن وحدنا من أقام المآتم لهذا .
هي افلام ليست كباقي الأفلام ، ممنوع على الصغار متابعتها لئلا يعرفون حقيقتنا ، وممنوع على الكبار متابعتها لئلا تخدش سعادتهم ، وممنوع على النساء مشاهدتها لئلا تعكر حملهن ويومهن .
فموتنا موت عربي وفي زمن عربي هجين ، لم نسمع فيها بكاء غير بكاء العراق ولا أنيناً غير أنين العراق ، ولاكفاً تعيد  التراب لدفن الجثث التي تعم العراق غير العراق .
هل أزكمتكم رائحة التفسخ في الجثث ؟  أبتعدوا أكثر لئلا تصلكم الروائح وتتلطخ أياديكم بالأجساد المتيبسة والملتصقة على الجثث والعظام  .
أنه قدر أهل العراق أن تتزاحم المدن في مقابر جماعية تنهي زمن خديج وعهد يدعي أنه عربي متسربلاً بالموت والدم والغياب والخوف والرعب والأقبية وأجهزة القتل العصرية ورصاص لايسمع صوته .
أفلامنا المرعبة لم ترعبنا لأنها تعيش في أرواحنا بصير وصمت وهدوء لانفشي  سرها لأحد ولانتكلم عنها حتى مع أحلامنا ، كنا نخزنها في خيالاتنا ونركنها في عقولنا ونتحدث بها همساً مع أنفسنا حتى تتخيل أننا نتحدث مع أنفسنا بسبب خلل عقلي أو نفسي .
لانحتاج في أفلامنا لممثلين ولاالى ديكور فجثث أولادنا ونحن من يمثل البطولة ، والديكور كل أرض العراق .

 

 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صكوك النفط التي لم تحترق
- ياجاسم العزاوي أهل العراق أدرى بدروب بغداد
- لاتظلموا الحجاج حين تذكرون الطاغية صدام
- العدالة لن تتحقق مع الانتقام العشوائي
- وثائق وسندات العراق ليست اسلاباً مشاعة
- حين يفتقد الرئيس صفات الرجال
- الى السيد معن بشور – المؤتمر القومي العربي – بيروت
- الحسابات العراقية
- شهداء العراق
- رسالة ثانية الى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – أبو ظبي
- العراق أولاً قبل القيادات
- مساوئ المحكمة الخاصة
- أنت لاشيء أيها الرئيس البائد
- رسالة من فوق الأرض الى الرئيس البائد القابع تحت الأرض حياً أ ...
- قناة الجزيرة والمهمة القصيرة
- كلمة صغيرة من القلب لأخوتنا الكتاب من أهل العراق وفلسطين
- من يعرف مصلحة هذا العراق أكثر من العراقيين ؟
- لمصلحة من تتطاول قناة أبو ظبي على شعب العراق ؟
- النقابة العربية للملوك والحكام العرب
- الدبلوماسيين العراقيين للنظام الصدامي البائد


المزيد.....




- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - أفلام الموت العراقية