أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - طوفان نوح تاريخ خرافي ام وثيقة ايمانية؟















المزيد.....

طوفان نوح تاريخ خرافي ام وثيقة ايمانية؟


باسم عبدالله
كاتب، صحفي ومترجم

(Basim Abdulla)


الحوار المتمدن-العدد: 7228 - 2022 / 4 / 24 - 15:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طوفان نوح
تاريخ خرافي ام وثيقة إيمانية؟

باسم عبدالله

يبدأ النص التوراتي في سفر التكوين 7 : ” وَقَالَ الرَّبُّ لِنُوحٍ: « ادْخُلْ أَنْتَ وَجَمِيعُ بَيْتِكَ إِلَى الْفُلْكِ، لأَنِّي إِيَّاكَ رَأَيْتُ بَارًّا لَدَيَّ فِي هذَا الْجِيلِ. مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ تَأْخُذُ مَعَكَ سَبْعَةً سَبْعَةً ذَكَرًا وَأُنْثَى. وَمِنَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ اثْنَيْنِ: ذَكَرًا وَأُنْثَى. وَمِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ أَيْضًا سَبْعَةً سَبْعَةً: ذَكَرًا وَأُنْثَى. لاسْتِبْقَاءِ نَسْل عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. لأَنِّي بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا أُمْطِرُ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَأَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ كُلَّ قَائِمٍ عَمِلْتُهُ». فَفَعَلَ نُوحٌ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ الرَّبُّ.” كذلك وردت في سورة هود في النص القرآني، تعتبر من القصص الأهم في تاريخ الأديان الإبراهيمية، لكنها لم تزد عن كونها احدى خيالات الفكر الديني بسبب تناقض منطقها وفقدانها الدليل الواقعي، نجد تضارباً بين النصوص التوراتية، والقرآنية، من بين تلك التناقضات التي يصعب من خلالها التصديق والوثوق بصحة الروايتين منها اين وكيف استقرت السفينة؟ كذلك ما الذي حملته تلك السفينة، هل حملت حقاً كل اصناف الحيوان والنبات والإنسان؟ فهذا الطوفان يقضي على الحياة النباتية ان وقعت حقاً تلك الحادثة.
بحسب التوراة استقرت السفينة على جبل اراراط بينما في الرواية القرآنية استقرت على جبل الجودي وكلا الجبلين في تركيا بالرغم ان جبل الجودي قد اختلفت عليه الآراء فلم يتقف على مكانه حتى قيل في شمال العراق او سوريا، ليس المهم اين رست سفينة نوح لكن المشكلة كيف رست؟ كون السفينة استقرت على قمة جبل وقد استقرت على الجبل قبل انخفاض منسوب المياه، السفينة كانت على قياس 3 طوابق على ارتفاع30 ذراعاً نجد ان المياه التي كانت تحت السفينة بحسب التوراة 15 ذراعاً فهذا يعني عدم امكانية تلامس قاع السفينة مع قمة الجبل، فالمسافة قصيرة لم تكف لآستقرار السفينة بحملها الثقيل. اننا نرى ارتفاع الجبال في تركيا لا تزيد عن 5000 متراً وجبال آسيا تزيد عن 8000 متراً فهناك فرق 3000 متراً بمعنى ان جبال آسيا كان يمكنها ان تحتفظ بالحياة النباتية بدل الطوفان الذي غطى بالكامل على الحياة النباتية، هذا يدلل ان القصة خرافية ولا صحة لحدوثها. فجبل اراراط لم يكن الأعلى في الأرض. بقيت المياه بحسب التوراة 150 يوماً ثم بدأت بالتناقص على مدار 3 شهور بدأت رؤوس الجبال بالظهور اي بعد 240 يوماً ثم بدأت الأرض بالجفاف اي بعد عام كامل منذ بدء الفيضان. وبعد خروج الحيوان والإنسان من السفينة واجهوا فناء كامل للحياة النباتية.
بحسب كـتّاب الكتاب المقدس يبدو أن نوحاً كان شخصاً حقيقياً. على سبيل المثال، كان عزرا ولوقا مؤرخين مهرة أدرجا نوحاً في أنساب شعب إسرائيل، كما اخبرانا في سفر اخبار الأيام الأول في الإصحاح 1 كذلك سجّل متي اصحاح 24 ولوقا اصحاح 3 ملاحظات يسوع المسيح حول نوح والطوفان. فهذا إقرار ان نوحاً كان شخصية تاريخية لها وجود حقيقي، كما استشهد حزقيال 14 وبولس في رسالته للعبرانيين 11 بنوح كرجل بار للإيمان، فلقد اثبت هؤلاء ان نوحاً ليس رجلاً اسطورياً. اما توثيق طوفان نوح كحقيقة تاريخية فهذا امر يختلف كلياً، كون نوح شخصية تاريخية شئ وطوفانه العالمي شي آخر، ذلك ان مجرد اثبات وجوده كشخص ربما تم اثبات ذلك في كتابات التوراة وفي الإنجيل الذي اعتمد اصلاً على التوراة، كسند تاريخي، لكن ان نستوثق حقيقة الطوفان فنحن نحتاج الى اصول تاريخية لمؤرخين وكتاب، ذلك ان حادثة كونية كهذه تتخطى بمراحل مجرد كتابات دينية في اثبات شخصية لها وجود تاريخي، هناك الكثير من قصص الطوفان القديمة حول العالم على غرار قصة نوح. تركزت تلك الفيضانات في الديانات الرئيسية، اي في المسيحية، اليهودية، والإسلام، فلو تتبعنا طوفان نوح لوجدنا نسخته الأصلية في الديانة الهندوسية والبوذية، ففي القارات الخمسة أي الشرق الأوسط في مناطق بلاد ما بين النهرين القديمة ومصر القديمة، وأوروبا، اليونان القديمة والأساطير الاسكندنافية، أمريكا الوسطى وآسيا ”الصين القديمة” أفريقيا وأستراليا في المحيط الهادئ، تاريخ يحدثنا عن العديد من الفيضانات. دينياً تبدأ قصة نوح، بعد جيل آدم، حين أصبحت الأرض فاسدة ومليئة بالعنف. لذلك قرر إله اليهود تدمير البشر وجميع المخلوقات البرية، باستثناء نوح، فقد كان رجلاً باراً. أخبر الله نوحاً أنه على وشك إرسال طوفان على الأرض وكل من فيها سيموت. على الرغم من ذلك، قطع الله عهداً لتجنّب نوح وزوجته وأبنائه ال 3 وزوجاتهم. أمر الله نوحاً ببناء سفينة وأخذ عائلته فيها. أمره أيظا أن يدخل كل الحيوانات والطيور. فعل نوح ما امره الله. كان نوح بعمر 600 سنة، بدأ الطوفان بانفجار اعماق الأرض وفتحت نوافذ السماء. فهطلت الأمطار لمدة 40 يوما و40 ليلة، احاطت المياه الأرض مدة 150 يوماً. فغطت جميع التلال والجبال. حتى غرق كل إنسان وحيوان باستثناء نوح ومن كان بداخل الفلك. بدأت المياه تنقطع من السماء وعادت المياه الى الأرض وفي اليوم السابع من الشهر السابع استقر الفلك على قمة جبل اراراط في تركيا. وفي الشهر العاشر عندما انخفضت المياه امكن رؤية قمم الجبال مرة اخرى، وبعد 40 يوماً فتح نوح نافذة الفلك حتى تنتهي القصة ان عرف نوح ان المياه قد انقطعت تماماً وصار بأمكانه ترك الفلك مع اهله وحيواناته، تشبه قصة نوح في القرآن قصة العهد القديم، خاصة حتى الجزء الذي هبط فيه نوح من الفلك واعاد الحياة للأرض، لكن هناك العديد من الاختلافات، ففي الكتاب المقدس لم يخلص سوى نوح وعائلته، وفي القرآن هناك مؤمنون آخرون تم إنقاذهم، بالإضافة إلى زوجة نوح وابنه غرقا في الطوفان. تذكر التوراة في قصة نوح أن أبنائه كانوا أربعة؛ سام وحام ويافث وكنعان. ولكن لم يذكر القرآن أحداً منهم بالاسم. ان المسافة التي حددها التوراة بين قاع الفلك وقمة الجبل التي استقر فوقها الفلك 15 ذراعاً وهذه مسافة قصيرة لا تكفي كي تستقر السفينة بثقلها الهائل بينما كانت هناك جبال اخرى ارتفعت كما ذكرنا الى ارتفاع زاد عن 8000 مترا وهي مسافة افضل يتولد منها ضغط الماء الأشد في حمل الفلك، لهذا فاختيار جبل اراراط اختيار إلهي لم يتفق مع معطيات العلم حتى ان صح وجود طوفان هائل كهذا. عند مراجعة تاريخ الفيضانات الهائلة في العالم عبر التاريخ الديني للمعتقدات نوجز اهم ما ورد اتماماً للفائدة التاريخية:
1 – طوفان مانو Manu Hindu Puranas، قام جورج سمث وهو عالم آثار وأشوريات انكليزي، اكتشف ملحمة جلجامش وهي الملحمة الأقدم في التاريخ حتى صرنا مدركين ان الخرافات المتعلقة بالطوفان لم توجد فقط بل وكذلك في العديد من الحضارات الأخرى، تلك الحضارات يمكن اقتفاء اثرها في النصوص السومرية، الإغريقية، الهندية، الصين، لقد اوجد سمث التشابه الشديد في الميثيولوجيا الهندية وقصة طوفان نوح، لقد وجدنا الإتفاق على الشخصية المحورية في الطوفان المسمى مانو فيفاستا بمقابل نوح في التوراة يوصف مانو انه كذلك رجل بار عاش حياة بارة فنال رضى إله السماء، كان لمانو اولاد ثلاثة قبل الطوفان وكذلك كان لنوح ثلاثة اولاد حام، سام، يافث، لقد رأى الرب شر الإنسان فتأسف على خلقه للإنسان، قرر الرب محو الإنسان مع البهائم والطيور، ذهب مانو الى سفح جبل متعبداً وقد ظهر له الإله براهما طلب مانو من الإله ان يمحو العالم وقد اجاب براهما طلبه، بالمقابل ارشد إله اسرائيل نوحاً بناء فلك كذلك تتشابه الرواية في جلجامش كان اتنابشتيم، في الرواية يتدخل الإله براهما متقمصاً على هيئة سمكة، فاحتفظ مانو بالسمكة التي كبرت واحتلت المحيط، كشفت عن نفسها لمانو انها الإله، اخبره ان الدمار قادم، وقد نصحه ببناء قارب وان يملأه بالحيوانات والبذور كي يستعيد الحياة بعد الطوفان. ”تأخذ زوجين من الحيوانات من كل نوع سوف آني اليك على هيئة سمكة ويكون على رأسي قرون لا تنسى كلماتي بدوني لن تستطيع التخلص من الطوفان”.
2 – رواية التجار في البحر - Tale of the merchans at sea :هذه الإسطورة حدثت في عهد الملك براهماداتا في بينارس بالهند، كانت هناك مدينة من النجارين تسكنها ألف عائلة. كان النجارون من هذه البلدة غير صادقين، فقد اعتادوا على فرض رسوم على الناس مقابل عملهم لكنهم فشلوا في تسليم المنتجات. وبسبب ذلك تعرضوا للمضايقة من قبل أشخاص أصيبوا بخيبة أمل منهم. لذلك قرروا الانتقال إلى مكان آخر. قطعوا الأشجار وبنوا سفينة عظيمة وأبحروا في نهر الغانج حتى وصلوا إلى جزيرة وفيرة في وسط المحيط. غضبت الارواح من تصرفات النجارين، غضبت الأرواح وقرر أحدهم إحداث طوفان لتدمير الناس في تلك الجزيرة، لكن روحاً طيبة القلب لم تعتقد أن هؤلاء الناس يستحقون الموت وهذه الروح حذرتهم من الفرار من الجزيرة. كان من بين النجارين قائدين: أحدهما غبي وجشع والآخر حكيم. كان لكل منهم 500 مؤمن. قرر القائد الحكيم أن يلتفت إلى التحذير وأنشأ سفينة كبيرة، بينما استمر القائد الأحمق وأتباعه في شرهم وتلويثهم للجزيرة. في يوم اكتمال القمر، نشأت موجة هائلة في المحيط فسارع الرجل الحكيم إلى السفينة مع أتباعه وأبحر بعيداً، بينما غرق النجارون الحمقى وأتباعه في الفيضان الذي غطى الجزيرة بأكملها.
3- طوفان Ziusudra هي احد الشخصيات الأسطورية، تدور احداث الطوفان وصفاً لكيفية تحذير الإله أنكي لزيوسودرا، ملك شروباك ملك سومر حتى صار بطلاً لأسطورة الخلق السومرية، من قرار الإله بمحو البشرية بطوفان، ابلغ انكي زيوسودرا ببناء قارب ضخم، وبعد ان اتم بنائه هطلت الأمطار الغزيرة تماماً كما في طوفان نوح، غطى الفيضان الهائل كل الأرض. اذ هبت عاصفة رهيبة لمدة 7 ايام فوضع القارب على المياه، يظهر اوتو إله الشمس حيث كان في القارب زيوسودرا، وبعد انتهاء الطوفان يسجد زيوسودرا امام رب السماء وامام انليل رب التنفس الذي يأخذه للسكن في دلمون حتى يصل القارب الى نهر الفرات في الخليج العربي بدل وصوله الى الجبل، يعود تاريخ الوثيقة السومرية الى حوالي 2600 قبل الميلاد، لقد ورد ذكر زيوسودرا في الأدب القديم كأسطورة.
4 – اسطورة طوفان جلجامش ، يعتقد انها اضيفت الى اسطورة اتراهاسس، ربما يعود تاريخ هذه الاسطورة الى 2700 قبل الميلاد، بطل طوفان جلجامش اوتنابشتيم فلقد منحته الآلهة الخلود، يتحدى اوتنابشتيم جلجامش، يأمر اوتنابشتيم زوجته تعمل خبزاً عن كل يوم ينامه جلجامش، بحث اوتنابشتيم عن نبتة توجد في قاع المحيط لكن جلجامش يحصل على النبتة، ربما تكون قصة نوح في الكتاب المقدس العبري هي الأسطورة الأكثر شهرة المتعلقة بالطوفان العظيم. ومع ذلك، يوجد أيضا عدد من الأساطير الأخرى المتعلقة بهذا الحدث. وفقاً لأسطورة طوفان جلجامش، قرر إنليل، أعلى الآلهة، تدمير العالم بالكامل عن طريق طوفان عظيم حيث أصبح البشر صاخبين بشكل متزايد، الإله الذي خلق البشر من الدم والطين، حذر أوتنابشتيم سراً من الطوفان وأعطاه تعليمات لبناء قارب إنقاذ.
5 - بحسب المازدية الزرادشتية، حاول أهرمان تدمير العالم كله عن طريق الجفاف. يُعتقد أن ميثرا أطلق سهماً على صخرة، فتدفقت الفيضانات. نجا رجل واحد فقط مع ماشيته من الطوفان في فلك. تاريخياً يصف أفلاطون تيماوس أسطورة الفيضان التي تشبه تماماً النسخ الأخرى من الطوفان العظيم. في نسخة Timaeus ، أثار العرق البرونزي للبشر غضب زيوس من القتال المستمر. قرر زيوس التسبب في طوفان لمعاقبة البشرية. شارك تيتان بروميثيوس، الذي صنع البشر بالطين، الخطة مع ديوكاليون ونصحه ببناء فلك. استغرق الماء تسعة أيام وليال حتى ينحسر، وسقط الفلك على جبل. نخلص من هذا، ان الاستنتاج العلمي والمنطقي لطوفان نوح ان هناك ادلة تعارض هذه القصة، فالمياه غمرت الأرض 150 يوماً، ثم تلتها 3 شهور اخرى، فقط بعد عام جفت الأرض، تمكن بعدها نوح الخروج من الفلك، بما ان الصخور الرسوبية في جميع القارات لها طبقة من الجبس مرتبطة بشقوق طينية متحجرة يمكن أن تحدث شقوق الطين فقط في ظل ظروف الجفاف القاسية التي تؤدي إلى تقلص الطين وتشكيل شقوق متعددة الأضلاع. يُعتقد أن رواسب المتبخرات تحدث عندما يختفي البحر الموجود ويصبح جافاً تماماً. في مثل هذه الحالة، من المتوقع أن توجد المبخرات في الجزء العلوي من رواسب الفيضان للفيضان العظيم. ومع ذلك، تم العثور على المتبخرات في طبقات مختلفة وليس على الجزء العلوي من رواسب الفيضان. هذا يجعل بعض العلماء يعتقدون أن الطوفان العظيم لم يحدث أبداً.
ورد في الكتاب المقدس أنه في وقت ما بدأت مياه الفيضان تنحسر وتركت الأرض جافة تماماً. لم تكن هناك دورات متكررة لفيضانات بهذا الحجم. وفقاً لهذا، فمن المنطقي أن الطبقات الحمراء ورواسب المتبخر في مستويات مختلفة من رواسب الفيضان لا يمكن أن تتشكل إلا في المناخات المحلية ذات ظروف الجفاف الصحراوية. ومع ذلك، فمن غير الممكن أن تكون قد تشكلت في نفس الوقت الذي غطى فيه الفيضان العظيم سطح الأرض كلها. على هذا الأساس، يمكن القول أنه كان من الممكن أن يحدث فيضان إقليمي هائل ولكن ليس فيضان الأرض بأكملها. لكن النص التوراتي اشار الى طوفان عالمي. الأمر الذي يجعل رواية طوفان نوح تسقط برمتها كمعتقد روحاني.
وفقاً للكتاب المقدس، عاش نوح في صحراء بلاد ما بين النهرين، لكن ساحل البحر الأسود كان مليئاً بالغابات في ذلك الوقت. قد يعيد الدليل الأول للفيضان الأسطوري العظيم في الصين، ففي كتابة التاريخ تشابه مذهل بين أسطورة الطوفان الهندوسي لمانو ورواية نوح التوراتية. لم يتطرق النص التوراتي عن مصير الفلك، ولا عن طريقة حياة نوح مع اهله وحيواناته ولا كيف تسنى لهم الهبوط من قمة جبل ببضعة آلاف الامتار الى سطح الأرض، بل وكيف استقر الفلك على قمة جبل لم تزيد عن بضعة امتار، ارض انعدمت فيها الحياة النباتية، كيف تمكنت الحيوانات من الهبوط الى الآرض بلا مساند تساعد على الهبوط الآمن وسط الصخور الجبلية الوعرة؟ ثم يبقى لنا سؤال، اذا كان الفيضان العظيم فيضاناً عالمياً وقد قضى على معنى الحياة ومصادر عيشهم فيها، من كتب من هؤلاء الناجين تاريخ هذا الحدث المروّع؟ لا احد. ذلك اننا لم نجد مصدراً واحداً لا من قوم نوح ولا من اي مؤرخ وثق لنا الطوفان، الحدث الأهم في تاريخ البشرية.
ان انفجار ينابيع الأرض وصف شكلاً تدميرياً للحياة وجعل استرجاع شكلها الطبيعي امراً مستحيلاً، استغرق البحث عشرات السنين في قمة جبل اراراط والجودي لم يعثر علماء الآثار على اي دليل واقعي يثبت صحة مزاعم التوراة ولا القرآن. عقلاً هل يمكن ان يكون طوفان نوح اقليمياً؟ هذا الإحتمال كذلك غير منطقي لأن النص الديني اشار الى دخول جميبع الحيوانات والنباتات من كل زوجين، فهل حمل ذلك الفلك حيوانات الكنغر؟ تعد استراليا الموطن الأصلي لحيوانات الكنغر اذ تم اكتشافها اول مرة عام 1629 ميلادي، وهل اخذ معه الزرافات؟ اذ يعد مكان عيشها الأصلي قارة افريقيا، فهذه الثغرات المنطقية التي لم يتداركها النص التوراتي تجعل مصداقية النص تنعدم مع ابسط قواعد المنطق. عاش نوح في بلاد صحراء ما بين النهرين، وهي الاراضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات، واللذان ينبعان من جبال أرمينيا في تركيا. تغطي صحراء قاحلة معظم رقعة بلاد الرافدين، وتكثر في شمالها المستنقعات والمسطحات الطينية، يتوحد في أقصى جنوبها نهرا دجلة والفرات يلتقيان في الخليج العربي، فهذا الوصف الجغرافي لا ينسجم مع طوفان نوح، اذ لم يوجد بحر يحيط بنوح او قريب من فلكه كي يبحر فيه، فالموقع الجغرافي يلغي الإعتقاد بطوفان نوح، الامر كله كما يبدو تعميق الإيمان بعقيدة الغيب.
6 – طوفان فرعون، اشار النص القرآني الى طوفان في سورة الأعراف 133 : ” فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ”فهذا طوفان، دعا موسى على فرعون وقومه، كذلك دام الطوفان 7 ايام، فهذا الرقم صار مشتركاً في قصص الطوفان. في طوفان مانو كان الإله براهما متقمصاً على هيئة سمكة في البحر فلماذا لا يكون في طوفان فرعون، الإله ارسل الجراد والقمل والضفادع. هل لنا ان نثبت صحة هذه الرواية تاريخيا؟ كلا. ذلك اننا امام معتقد لم يستند على واقعية التاريخ انما استند على العقل الخرافي دليل ايمان وان كان بعيداً عن المادية التاريخية بمراحل.
ماهو المعنى الأخلاقي في الطوفان الإلهي، فلو صح هذا الطوفان، يكون الله قد تعسف في اختيار عائلة يهودية واحدة، اذا كان الله قد اغرق الزناة والكفار الذين ملئوا الارض فساداً فما ذنب الأطفال، والمرضى، وكبار السن؟ ثم ما مصير بقية الحضارات فلم يكن هناك اتصال بين القارات، كي يعم الشر بينهم، فهل من العدل اغراقهم مع علمه بما قدره عليهم؟ ان الناحية الإخلاقية لطوفان نوح لم تظهر حكمة إلإله في ادارة افعاله إلا ان تكون رواية ملفقة كغيرها من الروايات التي استلهمت الغيب في الأسفار التوراتية كي تؤسس المعتقد الخرافي عبر التاريخ.



#باسم_عبدالله (هاشتاغ)       Basim_Abdulla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقيدة الوهم في اصحاب الكهف
- قراءة نقدية في عقيدة العصمة
- معجزات المسيح - بين الخرافة والتضليل -
- التطرف الديني في مواجهة الدولة المدنية - العراق نموذجاً -
- عبور موسى البحر الأحمر، خرافة ام حقيقة؟
- الشيطان في التراث الديني
- خطاب العنف في سفر يشوع
- خطاب العنف في النص القرآني
- الاسراء والمعراج، بين المعتقد والخرافة
- الروح بين الفكر الديني والعلماني


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - طوفان نوح تاريخ خرافي ام وثيقة ايمانية؟