أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لبنان: الوجه الآخر للحرب














المزيد.....

لبنان: الوجه الآخر للحرب


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7224 - 2022 / 4 / 20 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استعاد اللبنانيون ذكريات الحرب الأهلية المؤلمة التي اندلعت في 13 أبريل / نيسان 1975، حيث أُزهقت فيها أرواح أكثر من 100 ألف إنسان وضعفهم من الجرحى والمعوّقين ونحو 700 ألف مهجّر.
وتأتي الذكرى اﻟ 47 لبدء شرارة الحرب التي استمرّت 15 عاماً والبلاد تعيش أزمات إقتصادية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة، لم تشهدها حتى خلال الحرب، الأمر الذي جعل اللبنانيين يستذكرون تلك الأيام، وكأنهم يعيشون حربًا أخرى، ربما لا تقل ضراوة عن مآسي الحرب الأهلية وويلاتها، خصوصًا وأنها حرب فتكت بالجميع دون إستثناء لدرجة جعلت الفقراء وذوي الدخل المحدود وهم الغالبية الساحقة من السكان غير قادرين على تأمين لقمة العيش وحبّة الدواء، حيث يتهدّد الجوع والموت الآلاف من الناس باستمرار حجز الودائع في البنوك وانحدار سعر صرف الليرة اللبنانية قياسًا للدولار، ناهيك عن أزمة المحروقات المستفحلة وارتفاع أسعارها الجنونية، إضافة إلى انقطاع التيّار الكهربائي وتردّي الخدمات البلدية، في حين يناقش أمراء الحرب الإنتخابات القادمة والتحالفات السياسية وحصص هذا الفريق أو ذاك، في الوقت الذي ما يزال مجهولاً مصير نحو 17 ألف "مختفٍ قسريًا" حسب مصطلح الأمم المتحدة.
ويكاد المراقبون يجمعون على أن الحرب لم تنته، بل هي مستمرة بأشكال جديدة، فلبنان ما يزال مشرّعًا لحروب بالوكالة على أرضه، طالما بقي النظام الطائفي قائمًا، فضلًا عن عدم معالجة نتائج حرب العام 1975 بانصاف الضحايا ومساءلة المتسببين فيها والمرتكبين وكشف الحقيقة كاملة وجبر الضرر وتعويض الضحايا وإصلاح النظام القانوني والقضائي وأجهزة إنقاذ القانون، في إطار نظام للعدالة الإنتقالية حسب المواصفات الدولية وصولًا إلى المصالحة الوطنية.
وإذا كان إتفاق الطائف العام 1989 أجّل الإنهيار وأوقف الحرب وأحدث انفراجًا، لكن الأزمة استمرّت لأنه لم يتمكّن من أن يضع حدًّا لها ويعالج أسبابها وجذورها، فضلًا عن عدم تنفيذ ما ورد فيه من إنهاء الطائفية السياسية، حتى جاء إتفاق الدوحة العام 2008 الذي نزع فتيل الحرب مؤقتًا وأبقى على جوهر الأزمة، خصوصًا بتسويف إيجابيات إتفاق الطائف، الأمر الذي فاقم الأزمة وجعلها أزمة مستعصية ومركبة وشاملة في ظلّ التداخل الإقليمي والدولي، ناهيك عن العدوان "الإسرائيلي" المتكرّر.
لعلّ المحرّضات المشجّعة لاستمرار الحرب وتفاقم الأزمة اللبنانية ما تزال تفعل فعلها في رحم النظام اللبناني الطائفي والذي سبق للرئيس بشارة الخوري أن كتب في مذكّراته واصفًا إيّاه ﺒ "جمهورية إتحاد الطوائف". وهذا الواقع سيكون مولّدًا لأيديولوجيا العنف والإقصاء والإلغاء والتهميش، خصوصأ في ظل استشراء ظاهرة التعصّب، وهذا الأخير حين يتحوّل إلى سلوك يصبح تطرّفًا والتطرّف إذا ما صار فعلًا ينتج عنفًا والعنف حين يضرب عشوائيًا يغدو إرهابًا وإذا ما استهدف الأخير إضعاف ثقة الدولة بنفسها والمجتمع والفرد بالدولة فإنه يمسي إرهابًا دوليًا حين يكون عابرًا للحدود.
ولعلّ "السلام البارد" حسب وصف وضّاح شرارة، أصبح مثلّجًا بعد وصول الأمور إلى طريق مسدود وترافق ذلك باندلاع احتجاجات تشرين / أكتوبر 2019 العارمة والتي زادها إجتياح وباء كورونا ربيع العام 2020 والذي كشف هشاشة النظام الصحّي اللبناني المتداعي الأركان.
الحرب ليست مطاولة بالسلاح، بل هي ممارسة بالفكر أيضًا تسبق قرقعته، فما بالك حين تتسم الثقافة السياسية بالطائفية ويتم توظيف الدين لأغراض سياسية أنانية ضيقة باسم الطائفة والطائفية وهكذا يسير الثلاثة في موكب واحد بقيادة الأيديولوجيا وتحت لوائها بزعم ادعاء الأفضليات وامتلاك الحقيقة.
إن أزمة الحكم اللبناني ليست أزمة عابرة، بل هي أزمة وجود طالت جميع مقوّمات الحياة اللبنانية اليومية التي جرى تخريبها في إطار متعمّد وعضوي للبنية الديموغرافية، وذلك باختلاط التوجّه الطائفي – الديني بالتوجه السياسي ليشكّل المشهد الثقافي الأكثر تأثيرًا، خصوصًا في ظلّ ضعف المواطنة وغياب الشعور بالهوية الموحّدة المتعدّدة.
منذ اتفاق الطائف أصبحت الحرب مضمرة بعد أن كانت معلنة حسب تعبير عاطف عطية في كتابه المتميّز "من أحوال الثقافة والسياسة في لبنان زمن الحرب". وهذه قادت إلى أزمات واغتيالات وتهديدات وتعطيل الدولة ومؤسساتها، وصولًا إلى حالة الشلل التي تعيشها.
إذا كانت الحرب تولد في العقول، فلا بدّ من بناء حصون السلام في العقول أيضًا حسب دستور اليونسكو، ولكن للأسف قد تبدو ذاكرة الحرب الأهلية في الواقع الراهن أشد مرارة وأكثر وطأة من الحرب المعلنة ذاتها، خصوصًا في ظل التدهور المريع للحالة المعاشية، حيث وصل أكثر من 60 % من المجتنع اللبناني إلى دون خط الفقر، الأمر الذي يجعل عوامل الإنفجار قائمة بحيث لا يمكن ضبط صواعق التفجير.
هكذا تتحول مصادر القوة والمنعة في لبنان والمقصود بذلك التنوّع والتعدّدية الثقافية إلى عناصر ضعف وتشتت بسبب نظام الزبائنية الطائفية والمغانم السياسية، وفي ذلك لا تكمن ذاكرة الحرب، بل حاضرها وتحدّياته الراهنة والمستقبلية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جودت سعيد: هو الذي أنفق عمره في اللّاعنف
- اليسار: أزمة الفكر ومعضلة السياسة*
- زعماء الكرملين
- ليلى خالد المقاومة بلا جغرافيا
- العرب ورؤية 2045
- شيرين ميرزو الفنانة التي صنعت فيلمها ومثلّت حياتها
- محمد مخلوف المثقف العُصامي وتفاصيله الصغيرة
- خير الدين حسيب لمسة الوفاء
- العلوم الإجتماعية ونهضة الأمم
- التنمية والنمو وما بينهما
- دين العقل وفقه الواقع في مناظرة بين د. عبد الحسين شعبان والس ...
- عبدالله النيباري الجوهر والرؤية
- عمر زين حين يكون -الشيخ- شابًا
- الحق في التربية
- نصري الصايغ و غواية الحروف
- رسالة عزاء برحيل الدكتور أحمد الخطيب
- الدين والاستخدام السياسي
- مقالتان في تقريض كتاب د. شعبان -دين العقل وفقه الواقع-
- الأب سهيل قاشا : الرّافديني المسكون بهاجس الحضارة
- أوكرانيا والبطن الرخوة


المزيد.....




- -نايكي- تُحيي فنًا عمره 5000 عام في أول تعاون لها مع علامة أ ...
- قتلى وجرحى ودمار جراء القصف الإيراني على إسرائيل
- مصر: الحكومة تضع حلولا بعد غلق إسرائيل أكبر حقولها للغاز.. و ...
- هل الهدف هو تغيير النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج الن ...
- إيران وإسرائيل تعلنان أحدث حصيلة لقتلى الهجمات المتبادلة بين ...
- بعد أن أثار جدلا.. كاتس يتراجع عن تهديد سكان طهران
- حاملة الطائرات الأميركية -نيميتز- نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح ...
- الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من غزة ويحشد عند حدود مصر وا ...
- فرقة -كوستروما- تؤدي عرضا بأوبرا القاهرة
- بن غفير يأمر الشرطة بإيقاف أشخاص يصورون أماكن سقوط الصواريخ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لبنان: الوجه الآخر للحرب