أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - المتشردة














المزيد.....

المتشردة


محمد محضار
كاتب وأديب

(Mhammed Mahdar)


الحوار المتمدن-العدد: 7217 - 2022 / 4 / 13 - 09:35
المحور: الادب والفن
    


المُتشَرِّدة

جلستْ القرفصاء، وقد وضعت أمامها كوما من الكارتون والأعواد اليابسة .. سرعان ما صَبّت عليها قليلا من كُحول الحريق ثم أشعلت النار. وتعالت ألسنة اللهب أمامها, مدت يديها المعروقتين تتدفأ من صقيع البرد الذي كان يخيم على المدينة المستسلمة لجيوش الظلام، القادمة في أثر الليل .
كانت الأيام الأولى لفصل الشتاء قد أطلت وهي تُنبئ بشتاء قاس.. وهو فصل الويلات والمعاناة بالنسبة للمشردين مثلها.
اِقترب متشرد يطلب دفء النار ودفء جسدها.. نهرته بغضب ولوحت في وجهه بشفرة حلاقة كانت تضعها بين الخنصر والسبابة. اِبتعد المتشرد وهو يسب ويشتم ، ردت عليه بصوت غاضب:
-اِبتعد يا اَبن الزانية وإلا مزقت وجهك .. لم نرض بالرجال فكيف نرضى بالحشرات مثلك...؟؟
تملكتها فجأة نوبة غضب .. تشنجت أعصابها ,تقلصت عضلات وجهها حدقت في خيالها يرتسم على الحائط المواجه لمكان جلوسها، واَنطلقت تحدث نفسها بصوت عال يحطم سكون الليل ويوقظ كل من استسلمت جفونه للكرى
حطّمَني اَبنُ اللئيمة .. باعني بثمن زهيد ، أنا التي تلقفته من الشارع وفتحت له قلبي وبيتي .. أطعمته من جوع وآويته من خوف .. أنا ساذجة حمقاء .. كل الرّجال ملاعين كلهم لؤماء مبغوضون اِستعادت سكونها واستعادت معه ذكرياتها الأليمة
لا يمكن أن تنسى أنها كانت فتاة جميلة , نالت نصيبها من العلم والثقافة وكانت محبوبة من أسرتها ومحيطها.. إلى أن ظهر فجأة في حياتها , سَحَرَهَا بكلامه العذب ولغته الدافئة .. أقنعها بأنه الفارس المِغوار القادم من أعماق التاريخ ليحول حياتها الى شلال سعادة, وينبوع فرح .. لم تتردد فسلمته قياد نفسها .. ومنحته مفاتيح قلبها ..لكنه باعها بثمن زهيد وغدر بها، وخانها مع أقرب الناس إليها ..فكانت مصيبتها كبيرة , لأن العشيقة لم تكن إلا أختها التي اِستأمنتها على بيتها , فخانت الأمانة وسلمت نفسها على طبق الغدر الى فارس أختها الجبان يفترس شرف عائلتها ويهدر كرامتها..

لم تفق من هول الصدمة إلا على بَحْرٍ من الدِّماء سال على فِراش الخيّانة و مدية مشحوذة تقطع الأوردة و تمزق الشرايين.. مات زوجها وأختها على يديها , ودخلت هي مصحة الأمراض العقلية علّها تشفى مما ألَمَّ بها لكنها ظلت على حالها ترفض أن تزيح إيهاب الجنون وتتلفع بثوب النفاق .
تَقطّعت بِها السُّبل في دنيا المَجانين وعالم الحُماق حتى واتتها الفرصة فهربت من المصحة .. وأصبحت متشردة تجوب أرض الله الواسعة غير مبالية بزمن أو مهتمة بمكان منتظرة رحمة الله ...


2008



#محمد_محضار (هاشتاغ)       Mhammed_Mahdar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات الطفولة
- قناديل الحلم
- سدّ االرمق
- تحت المطر
- صالح
- زمن الإشراق ..زمني
- سيد زمانه
- لحن حزين على أوتار مستعارة
- عريس الألم
- لعبة الحياة
- هذه حياتي
- ملاذ الشهداء
- لعنة الليل
- رحلة الفرح الأبيض
- زمن الفرح
- خريبكة المدينة الحلم
- وجود الشيّءو احتراقه !
- رواية خلف السراب الجزء الرابع والخامس
- خلوة
- رواية خلف السراب الفصل الأول


المزيد.....




- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...
- هيفاء وهبي بإطلالة جريئة على الطراز الكوري في ألبومها الجديد ...
- هل ألغت هامبورغ الألمانية دروس الموسيقى بالمدارس بسبب المسلم ...
- -معجم الدوحة التاريخي- يعيد رسم الأنساق اللغوية برؤية ثقافية ...
- عامان على حرب الإبادة في غزة: 67 ألف شهيد.. وانهيار منظومتي ...
- حكم نهائي بسجن المؤرخ محمد الأمين بلغيث بعد تصريحاته عن الثق ...
- مخرج «جريرة» لـ(المدى): الجائزة اعتراف بتجربة عراقية شابة.. ...
- أصيلة تكرم الفنان التشكيلي المغربي عبد الكريم الوزاني.. ناحت ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد محضار - المتشردة