أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نافع شابو - قصة الكتاب العربي المسيحي الذي حوله محمد إلى مصحف















المزيد.....



قصة الكتاب العربي المسيحي الذي حوله محمد إلى مصحف


نافع شابو

الحوار المتمدن-العدد: 7212 - 2022 / 4 / 7 - 00:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه الدراسة والبحث من تأليف الباحث "خالد بلكين"، استاذ الحضارة ، متخرج من الجامعة التونسية حاليا في مرحلة الدكتوراه (اطروحة في التاريخ الوسيط) بالجامعة الألمانية .
ما قام به هذا الباحث من جهود كبيرة ومهمّة لايمكن الأستغناء عنها او ألأستهانة بها
وهذا لايعني انّي ككاتب ، نقلت ُ ما ورد في هذا البحث ، متفق مع الباحث عن جميع ما
ورد في البحث من مواضيع . فهناك امور قد اختلف مع المؤلف مع ما جاء في هذا البحث ، ولكن للأمانة اضع جهود هذا الباحث كما هي دون اي تغيير او تهميش لما ورد فيه من المواضيع المهمة وخاصة موضوع "تاريخية القرآن وتطوره وجمعه عبر عشرات السنين ".

المواضيع المطروحة :
مكة الحرام
يسوع بين عرب الهلال الخصيب
قرآن في الشمال قبل الأسلام
الكتاب النواة
حروب ألأباطارة وظهور األأنبياء
ملخص مع ألأضافات
ألأنبياء لايورثون
ألأنتقام ألأ‘عمى
الفصل ألأول :مكة الحرام
مع بدايات الفترة الكلاسيكية كانت ألأبجدية الفينيقية قد انتشرت بين شعوب حوض البحر المتوسط ، وهي التي انبثقت منها جُلّ ألأبجديات المعروفة اليوم . ومنذ القرن الخامس قبل الميلاد تقريبا كان الخط الآرامي في شمال شبه الجزيرة واسع الأستعمال ، في مقابل سواد خط المسند في الجنوب . في ذلك الوقت كان الأغريق يسكون عملة عليها صورة ألآلهة أثينة .أصدر المصريون نفس العملة رغم انّهم عبدوا آنذاك آلهة أخرى . كذلك الشأنُ في مملكة "سبأ" ،اصدروا عملة عليها صورة اثينا رغم انهم لم يعبدوها ، وحدث انهم كتبوا في بعض ألأحيان على تلك العملة بحروف المسند .
في تلك الفترة كانت التوراة بين أيدي العبرانيين ، بعد أن تم جمعها وتنسيقها من كتابات عتيقة *. كانت تلك المصادر تحمل قصصا متنوعة وعقائد سادت في ذلك العصر بين أخلاط من الساميين في بلاد كنعان وما حولها . كان من معتقداتهم أنّ ألإله يسكن بيتا ، لكنهم إختلفوا حول مكان ذلك البيت :
-----------------------------------------------------------------------------
*تعرف في الفرضية الوثائقية
المصاردر ألأربعة: ألأيلوهيمي اليهودي الكهنوتي التثنوي The documentary hypothesis
تقول احدى الباحثات
المصدر التثنوي(دي) هو المصدر الوحيد في الكتاب المقدس الذي يؤكّد أنّ (يهوه) لايقبل D
إلّا معبدا مركزيا واحدا فقط. ألإله لا يمكن أن يُعبد في مذابح مؤقتة لايمكن أن يُتقرَّب الى الإله بذبائح في أماكن مقدسة محلية إنما يجب تقديم جميع الذبائح في المكان الواحد المركزي الذي يُحلُّ ألإله فيه اسمَهُ. في الواقع (أورشليم) لم تُذكر أبدا . لذلك يعتقد السامريون أنّ [مكان المعبد] في جبل جرزيم ، وأنَّ موضع هيكلهم هو الصحيح وأنّ لهم أن يقدّموا القرابين في المكان الصحيح . لقد أخطأوا [اليهود] عندما اعتقدوا انها أورشليم. السامريون يعتقدون أنَّهم في المكان الصحيح الذي يُحلُّ الإله فيه اسمه . لذلك لم تُذكر أورشليم في سفر التثنية . تلك قراءة متأخرة . لكن المكان الذي سيسكن فيه الإله ويكون فيه الهيكل هو الوحيد الذي تُقدّم فيه الذبائح . هذا منظور مختلف تماما عن بقية اسفار الكتاب المقدس . أين نجد الآباء يتجولون في انحاء الأرض ويقدمون الذبائح في اماكن مختلفة .
هناك أسفار أخرى نرى فيها بوضوح وجود مذابح محلية وكهنة محليين يقدمون الذبائح في مناطق مختلفة . لكن سفر التثنية يؤكد على وجود مكان [هيكل] واحد تقدم فيه القرابين . بقية الهياكل يجب ان تُدمِّر .(انتهى الأقتباس من الباحثة )
يقول خالد بلكين :
من بين أشهر السرديات التي كانت مرتبطة ببيت الإله حكاية إبراهيم ونسله إنتشرت في أنحاء شبه الجزيرة مع حركة الساميين الذين حملوا معهم أيضا شعائرهم وطقوسهم ، فانشأت كل مجموعة بيتا للإله [بيت إيل] في المنطقة التي استقرت بها :
انشأوا اليهود بيت اورشليم (معبد اليهود)
في حين بنى السامريون بيتا في جبل جرزيم .
كان هناك ايضا بيتُ بني زومين قدّسته العرب جميعا قبل الميلاد . وربّما تواصل تقديسه بعد الميلاد بقرون ، ثم بيت في مكة. لم تكن مكّة مشهورة قبل الميلاد .يبدو أنّها عُرفت بعد الميلاد ب "مكة الحرام" التي سجلت في احداثيات بطليموس باسم " ماكورابا"
اي" بيت مكة "macoraba
من المحتمل أنّ مكانتها تعاظمت بين العرب لوجود ألأشهر الحرم . فكان التجار يدخلونها آمنين .
ثُمَّ بيتٌ بنجران بيت [كعبة ] سيذكره ألأخباريون ضمن كعبات عربيات كانت منتشرة في أماكن مختلفة .
ستضمحل أخبار جل تلك البيوت ولن تبقى الا مدونات عن المعابد التي استمرت نشاطاتها
التقاطعات بين عقائد العرب قبل ألأسلام وعقائد اليهود كثيرة ، الى درجة أنّ عقيدة قريش الهينوثية* كما وردت في القرآن ** قد تكون صورة لما كان عليه اليهود قبل أن يعرفوا ما يشبه التوحيد في وقت لاحق .
----------------------------------------------------------------------------
: عبادة إله واحد مع ألأعتراف بوجود آلهة أخرى. Henotheism *من
**بقطع النظر ما إذا كان القرآن خاطب سكان مكة كما في الرواية التقليدية ، أو أنّه كان يخاطب عربا مشركين في منطقة أخرى كما عند القائلين بأنَّ جزءا من القرآن على ألأقل يعود الى ما قبل ألأسلام ..
لقد كان القرشيون يعظمون البيت ، ويبدو أنّ (إيلوهيم ) كان من ألأسماء التي دعو بها ربهم [اللهم ] ، كما اعتقدوا أنهم من نسل اسماعيل بن إبراهيم واشتركوا مع ألأسرائيليين في تسمية البئر المرتبطة بهاجر [ زمزم كانت تسمى ايضا شبعة قبل الأسلام ] . ثم إنهم كانوا يختتنون ويصومون عاشوراء مثلهم ، وربما كانوا يحرمون على انفسهم أكل لحم الخنزير ... غير أنّ التقاطعات لا تقف عند ذلك الحد:
في اورشلم عند جبل مورية كانت صخرة الأساس وهي مقام يعقوب
بالقرب منه جبل الصوفيم .
الجبلان في مكان يُسمّى صهيون الذي يعني المكان الجاف ، وواردٌ انها المنطقة التي كانت تُسمّى أيضا "وادي البكا" اي وادي الجفاف او وادي غير ذي زرع .
اين كان اليهود يحجّون الى الهيكل وفي الهيكل قدس ألأقداس (وهو البيت الحرام في الهيكل)، يُحرّم دخوله إلّا على الكاهن ألأكبرمرَّة واحدة في السنة .
لن تختلف الأسماء والأنشاءات كثيرا في مكة
اين يقابل جبل الصفا جبل المروة في مقابل جبل المورية .
هناك تمّ إنشاء الكعبة. ربما كان انشاءها عندما وجدت مجموعة من الساميين بئرا فاستقرت عندها مع حيواناتهم .
وليس بعيدا أنّ المنطقة سُمّيت بكّة أول الأمر ثمّ أُبدلت الباء ميما مع تقادم الزمن وتغيّر النطق.
ثُمّ إنهم اتخذوا بدورهم صخرة اساس ، لكنهم نسبوها الى ابراهيم [اي هم اتخذو صخر غير حقيقيقة لاتعود الى ابراهيم ]. كان مقام ابراهي اقدس مكان في الحرم ، فاقت قُدسيَّته الحجر ألأسود. وسيبقى كذلك حتى بدايات الدعوة المحمدية .
الفصل الثاني
يسوع بين عرب الهلال الخصيب (عرب الشام والعراق)
بقي اليهود على تلك العقائد قرونا الى أن أنبثق بينهم دين جديد في فلسطين . وانقسم معتنقوه الى طوائف :
أتباع كنيسة اورشليم [ أو كنيسة الختان ] . آمنوا أنّ يسوع جاء بتعاليم المسيح والتزموا بشريعة موسى من أجل الخلاص.
أتباع كنيسة ألأمم* [ أو الكنيسة الرسولية نسبة الى بولس الرسول ] وهي المسيحية السائدة اليوم [كاثوليك إنجيليون ، أرثودوكس ] . آمنوا أنّ ألإله ظهر في جسد يسوع عاش على ألأرض ثمّ صلب من أجل خلاص البشرية ، والخلاص عندهم يكون بالأيمان بيسوع مسيحيا وفاديا عن الخطيئة ألأولى لآدم .
[الباحث خالد بلكين غير مطلع على الكنيسة الجامعة الرسولية فلم يؤسسها بولس الرسول لوحده ، بل عقد مجمع اورشليم بحضور تلاميذ المسيح 12 سنة 49م راجع سفر اعمال الرسل ].
الغنوصيون : يعتقدون أنَّ يهوه [ الله ] هو الشيطان وأنه خلق الشر والمادة وأنَّ ألإله الحقيقي الخيرهو الذي أرسل يسوع من أجل تخليص البشرية من شرور يهوه. فالمسيح عندهم كائن روحاني نوراني من إله نوراني لذلك أنكروا صلبه حقيقة إنّما شُبّه لأعداءه.. .[قارن بما يؤمن به المسلمون ايضا] والخلاص عند الغنوصيين لايكون إلّا بالمعرفة [العرفانيين] : معرفة النفس التي تؤدي الى معرفة ألإله الحقيقي .
من تلك ألأقسام الثلاثة الرئيسية ستنبثق مئات الطوائف والفرق والمذاهب التي يصعب حصرها ، والتي أختلطت عقائدها وأفكارها على مدى قرون ....
كان لليهود كتب مقدسة متعددة أهمها التوراة ثم ألأنبياء والكتب ، يطلقون عليها مجتمعة اسم ( التناخ ) ترجمة تفسيرية الى ألآرامية بعد السبي البابلي تسمى الترجوم . ثم التلمود [مشناة + جمارا ] وكتابات أخرى متعددة .
صار التناخ يسمى عند المسيحيين * ب (العهد القديم ) في مقابل (عهد جديد) يتمثل في ألأناجييل التي تروي سيرة المسيح .
-----------------------------------------------------------------------------------
*المسيحيّون : هو التسمية العربية المعاصرة لمن يدينون بالمسيحية . كانوا يسمون في العصور القديمة والوسطى عند العرب (النصارى) وكذلك عند اليهود (بالجمع نوصريم ). هناك فرقة ذكرها
توفي سنة 403 ميلادي ، تحت أسم Epiphanius of Salamis
) ، قال إنهم يهود من نسل إسرائيل نفسه ، يمارسون الطقوس اليهودية Nasaraeans(
بالكامل بما في ذلك الختان ويحافظون على السبت ويحتفلون بنفس اعياد اليهود ، وبالتالي لا يمكن أن تكون تلك الفرقة هي التي ورد ذكرها في القرآن .
من ناحية أخرى ، من غير الوارد أن يتحدث القرآن عن (نصارى) في مجتمع يسمي أتباع المسيح مسيحيين . لو حدث لكنا وجدنا آثار ذلك عند المسلمين ألأوائل أو المسيحيين من أمثال يوحنا الدمشقي أو من جاءوا بعده ، لكن لا اثر لتبريرات أو إعتراضات على تسمية القرآن للمسيحيين بالنصارى في المصادر
أما بقية ألأسفار فقد بقيت متداولة طيلة قرون وتم وسم بعضها في فترة متأخرة بالأسفار الأبوكريفية * اي الكتابات المخفية .
---------------------------------------------------------------------------------
*توجد أيضا اسفار يهودية أبوكريفية ، والنقاد يفرقون بينهما بتسمية ألأسفار المسيحية ب(أبوكريفا العهد الجديد) في مقابل (أبوكريفا العهد القديم ) للأشارة الى ألأسفار اليهودية "المنحولة ".
ومع إنتشار المسيحية بطوائفها المختلفة وجد كم كبير من الآراء الدينية والفلسفية بعضها متأثر بما كان سائدا من إعتقادات قديمة فكان أن ظهرت كتابات جدلية كثيرة ومتنوعة عن جميع تلك الفرق بمختلف أروماتها .
سنة 303 الأمبراطور الروماني ديوقليسيانوس يأمر بإبادة كُلِّ الكتب المسيحية بعد ذلك بحوالي 30 عاما فقط قسطنطين يأمر بإبادة كل الكتب التي تخالف مذهبه . فكان من الطبيعي أن يحاول أصحاب المذاهب إنقاذ دينهم عبر إخفاء كتبهم * حتى لاتطالها يدُ ألأمبراطور.
----------------------------------------------------------------------------------
*ذلك ما فعلته مثلا جماعة غنوصية عمدت الى دفن كتبها في منطقة (نجع حمادي) بمصر مابين القرنين الثالث والرابع الميلاديين كانت المسيحية بمذاهبها المختلفة منتشرة بين العرب في بلاد الشام وبلاد الرافدين ، وكان مفهوم الرسالة والنبوة يختلف عن مفهومه اليوم عند المسلمين ، فقد تواصل ظهور ألأنبياء بعد المسيح منهم (بولس) و(أغابوس ) و(سيلا ) وغيرهم ، ولم يكن النبي بالضرورة من كانت له معجزات حسية أو إتصال مباشرة بملك من الملائكة ، أو نزل عليه كتاب من السماء ، بل قد يكفي أن يكون شخصا قادرا على فهم وتأويل النصوص الدينية ، والتي لم تكن قديما في متناول أي كان ، أو الشخص الذي يتكهن بأحداث مستقبلية ، أو غيرها من الخصال ، بشرط أن يحل فيه الروح القدس .
ولأنّ اليهود كانوا يمارسون طقوسهم بلغات يفهمونها ، وهي (ألآرامية ) ، والعبرية بالنسبة لأحبارهم ، وكذلك المسيحيون السريان بلغتهم السريانية ، سيكون من الطبيعي أن يمارس المسيحيون العرب عباداتهم بلغتهم التي يفهمون .ولأنه ليس يوجد سبب يمنع العرب من تأليف نصوص دينية بلغتهم ، خاصة عندما نعلم أنَّ العرب في الشام والعراق كانوا أهل كتاب وعلم ، على خلاف عرب الحجاز الذين كانت الكتابة فيهم قليلة حسب بعض الأخباريين ، يبدو أنّ صحفا كتبت باللغة العربية الفصحى في العراق وفي بلاد الشام ، كتبها مبشرون وأنبياء ، واستعملوا الخط السرياني المُعرَّب لكتابتها في مرحلة أولى ...
لقد تحدث المحمديون ألأولون – فيما يشبه ألأجماع – على انحدار الخط الذي كتب به القرآن من خط قادم من الحيرة *كما جاء أنّهم استعملوا خط السريان كاساس للخط الجديد.
*هناك فئة من الباحثين على رأسهم
يرون أنّ الخط الحجازي أقدم من الخط الكوفي ، حجتهم الوحيدة Francois Deroche
نص يتيم لأبن النديم ، وقد أسيء فهم كلامه – المبهم الى حد كبير : لقد تكلم عن تعويج الى اليمين في ألألف فقط وهو حال الألف في الكوفي و"الحجازي" على السواء ، لا عن ميلان كل الحروف الى اليمين كما فهم بعض المستشرقين ، هذا الى جانب تجاهلهم - او ربما عدم وقوفهم على – اكثر من نص سابق لأبن النديم يقول باسبقية الكوفي .
ومن المعاصرين * من تكلم عن كتابة كرشونية ل "قرآن " قبل ألأسلام ، لكنه تبسيط شديد لعملية أكثر تعقيدا :
------------------------------------------------------------------------------
*من بين من قالوا بذلك (كريستوف لوكسنبارغ) . أمّا قراءته السريانية للقرآن ، فإنه لاشك في تأثر القرآن بمصطلحات سريانية – دينية بشكل خاص- غير أنّ المشكل كوديكولوجي في المصحف وليس فيلوجيا بالقدر الذي يظنه لوكسنبرغ .مثال :يبدو محقا عندما يدعي أنّ (ذكر) تصفحت الى (ركز) [مريم 98] لكنه يخطئ عندما يرد الكلمة الى الجذر السرياني ( ) لأنّ الجرين (ذكر) و( ) نظيران من سلف سامي مشترك. إدعاءه ألأصل السرياني للكلمة لا يختلف في شيء عمن قد يدعي أنّ كلمة (دي) الأنكليزية مأخوذة عن كلمة (تاك) الألمانية . لاشك انه اصاب عندما ارجع بعض الكلمات الى اصل سرياني . لكن رده الجذور المشتركة الى السريانية محض خيال .

بعد ان ساد الخط الآرامي زمنا طويلا
انبثق منه الخط النبطي ثم الخط السرياني القديم
وليس بعيدا ان الخطان تأثرا بطريقة ما
سيتطور الخط النبطي في احد فروعه الى الخط الذي نراه في نقش "زبن" لينبثق منه الخط الذي سمّية حجازيّا . سيستعمل ذلك الخط في الكتابة العادية مثل الرسائل ونحوها وسيتطور منه الخط المائل الحروف ، وسيكتب به بعض المخطوطات القرآنية
وأمّا السرياني القديم فقد تطور عنه الخط الحديث المعروف اليوم ، ثم اعتمد على قياسه الهجاء العربية فانبثق منه الخط السرياني المعرّب . المرجَّح انّه من تطوير رجلٍ اسمه مارمر من العراق .
ما الذي نقصده بالخط السرياني القديم وبالخط السرياني المُعرَّب ؟
لقد تطور الخط السرياني الحالي من الخط الآرامي لكن ذلك لم يحدث بطفرة واحدة ، بل لقد مر بالعديد من المراحل تثبتها النقوش والمخطوطات :
عثر على نقش في منطقة قلعة النجم في سوريا يعود الى السنة 73 بعد الميلاد .
في هذا النقش حرف "شين" آرامية "وتاء " سريانية. وبالكاد يمكن ان نرى حرفين متصلين .
ثمّ لدينا نقش بعده بثلاثة قرون ربما كتب عام 407 بعد الميلاد صارت فيه الحروف متصلة في الغالب. صحيح انّ شكلها يختلف بعض الشيء عن الخط المعروف اليوم لكننا نستطيع وسمه بالسرياني الحديث .
فنحن نملك مخطوطات كتب بعد ذلك بنحو 60 عاما (سة 463 م) نرى فيه الخط السرياني بخصائصة السائدة اليوم.
فالأقلام السريانية التي تواجدت بين القرنين الأول والرابع الميلاديين ، هي ما نسميه الخط السرياني القديم أو ألآرامي المتأخّر . سيعتمد السريانيُّ القديم ُ لصناعة الخط العرب ذلك ما نسميه بالخط السرياني المعرَّب .
تطور ذلك الخط مع مرور الزمن وازدهر في الحيرة وعرف بالخط الجزم وهو الخط الذي كتب به اصحاب محمد المصاحف ألأولى. تطورقليلا في القرن الأول الهجري ثُمّ تغيَّر أسمه الى "الخط الكوفي". بعد اضمحلال الحيرة ستنبثق من ذلك الخط أقلامٌ عديدة مثل القيرواني وغيره. كما لايمنع ان يكون الخط الحجازي المائل متطورا عن الأصل من الخط الكوفي .
استعمل المسحيون العرب الخط السرياني المعرَّب في كتابة نصوص دينية بالعربية الفصحى ، وقد كانت أغراض تلك النصوص متعددة : منها ما هو تذكير بقصص ألأنبياء وألأمم الغابرة ، ومنها نصوص اسكاتولوجية
]Eschatological texts[
، تصف اهوال ونعيم الآخرة من أجل التذكير بالعقاب والثواب .
النصوص التي أُلِّفت كانت مختصرات [ ملخصّات ] للقصص التوراتية أساسا أو ما كان خصيصا بثقافة العرب كحكايات عن بعض الأنبياء الذين ظهروا فيهم * مثل هود وشعيب .
------------------------------------------------------------------------------------
*هناك خلاف واسع حول الزمن الذي فيه اولئك الأنبياء : رأي يقول إنّهم كانوا بعد الميلاد لذلك لم ييرد ذكرهم في الأسفار اليهودية ، أو لأنّ اليهود لم يهتموا بتدوين أخبار أنبياء من غير بني اسرائيل ، ورأي آخر قاله ألأخباريون وهو أنهم من العرب البائدة عاشوا في فترة موغلة في القدم : أغلبهم بعد نوح وقبل ابراهيم . وقد ربطوا بينهم وبين بعض الشخصيات التوراتية : صالح الذي يقابله في التورات "شالح" و "هود" يقابله "عابر" ، "شعيب " يقابله رعوئيل . حسب الطبري : "أمرهم عند العرب في الشهرة في الجاهلية والأسلام كشهرة ابراهيم وقومه ".
لجأ المسيحيون الى القفلات* والسجع حتى يسهل حفظ تلك المختصرات التي ستتلى في صلواتهم وتسبيحاتهم في البيع والكنائس [ نصوص ليتوريجة ].
----------------------------------------------------------------------------------
*القفلات : هو المصطلح الذي اخترناه لترجمة :
وهي تعبر في حقل الدراسات القرآنية عن صيغ Clausulaمفردها Clausulae
تنتهي بها آيات القرآن – المدني خصوصا – مثل : (إنَّ الله سميعٌ حكيم)، أو ( والله عليمٌ خبير ) ....الخ
من بين النصوص التي ألفها أحد المنذرين المسيحيين في ألأردن أو قريبا منها نص يذكر بما كان مع بعض ألأنبياء ، مثل إلياس ولوط ويونس :
السطر ألأول : الخط السرياني المعرب . من المفترض أن واضعه جعل بعض الحروف المتقاربة صوتيا متقاربة أيضا على مستوى الشكل ، مثل مجموعة ( صاد ظاء ، ضاد طاء) و ( السين الشين ) ...الخ
السطر الثاني : الخط الكوفي
السطر الثالث : خط عصري مكتمل الضبط
(الصور ادناه توضح ما شرحناه اعلاه)
ولأنّ تلك النصوص كانت لمجرّد التذكير بسرديات معروفة ، سنجدهم ينتقلون بين الفقرات دون مقدمات من موضوع الى آخر .
سنعرض الآن نصا نتمثل فيه ما يشبه أن يكون أُلِّف قبل ألأسلام بقرون ، حيث يبدأ النص بتمجيد الإله ، ثمّ يمر فجأة الى سرد مختصرٍ لأحدى قصص بني إسرائيل :
لم يكن محررو تلك النصوص بمختلف أغراضها يعتبرونها نصوصا إلهية بالمعنى الحرفي ، بل كانت عندهم مجرَّد وعظ وإرشاد وتذكير[ذِكرٌ] بما في الكتب المقدسة خصوصا التوراة ، او ما ظنّوا أنّهُ التوراة .
بداية من أواخر القرن الثالث بعد الميلاد تقريبا ستُحفظ الكثير من تلك المواد الليتورجية في صدور المؤمنين المسيحيين العرب وفي صحفهم وستُتلى في بيعهم وكنائسهم في العراق وفي الشام على مدى قرون .
الفصل الرابع
الكتاب النواة
يمكن أن نسميّه أيضا : الكتاب المُرقّم
من بين الكتب التي أُلفت قبل ألأسلام بزمن طويل كتاب سرياني سيكون النواة التي سيشكل منها المصحف المحمدي ، بعد أن أدخل عليه نبي الأسلام وأصحابه تحويرات عديدة .
كان الكتاب مرقم " الفصول " ، وفق نظام الترقيم الذي كان سائدا في العصور القديمة وكان يحتوي على 113 فصلا . مر الكتاب المرقم في القرون التي سبقت الدعوة المحمدية بعدة مراحل قبل ان يتحول الى مصحف .
أثناء الترجمات والأملاء والنسخ وقعت بعض الأخطاء ، وهو ما كان يحدث مع جل الكتب في تلك الفترة *فالكتابة يدوية ، كما أنّ النساخ لم يكونوا مؤهلين جميعا بالضرورة للقيام بعملية النسخ التي تحتاج مهارة وتركيزا :
*المقعطع المترجم الذي سنعرضه ألآن فيه كلام عن كم ألأخطاء التي وقعت أثناء نقل ونسخ مخطوطات أسفار العهد الجديد التي كتبت أساسا باليونانية . لكنه يعبر عن حالة عامة بين النساخ في فترة ألأنتيك المتأخر تشمل المسيحيين العرب الذين كتبوا بالخط الذي صنعه مرامر ورفاقه
الأخطاء تحدث عندما ينسخ الناس نصوصا . المشكل هو انه عندما ينسخ شخص ما نصا ويرتكب خطأ فإنّ الشخص التالي الذي سينسخ تلك النسخة سيعيد إنتاج خطأ الشخص السابق ، ثم إنّه سيرتكب أخطاء خاصة به ثم يأتي آخر وينسخ النسخة ويعيد إنتاج أخطاء من سبقوه ، ثم إنه يقع بدوره في بعض ألأخطاء ويستمر الحال على هذا النحو سنة بعد سنة بعد سنة . لأ تُصحِّح تلك ألأخطاء إلّا عندما يدرك بعض النساخ وجودها عند نسخ النص . يحاولون إصلاح ألأخطاء ، لكنهم لا يعرفون ماذا يقول النص الأصلي . سيحاولون ألأصلاح لكن من الوارد أّن يصححوها بشكل غير صحيح . وبهذا نحصل على :1- النسخة ألأصلية 2 – نسخة فيها الخطأ 3 – نسخة فيها الخطأ الناجم عن محاولة التصحيح . ثم يأتي شخص ما لينسخ تلك الصيغة ألأخيرة من النص . ويستمر ألأمر على هذا النحو شهرا بعد شهر ، سنة بعد سنة ، وعقدا بعد عقد .
لم يكن الكتبة في العالم القديم أفضل من طلبتي اليوم في التهجئة . لم تكن لديهم قواميس ناهيك عن المصحَّحات اللغوية . وبالتالي فإن الأخطاء في هجاء الكلمات تمثل غالبية الأختلافات وهذا ما أسميه "الأخطاء الغير مقصودة ". لقد كان النُسّاخُ غير قادرين على التهجئة بكل بساطة في الرقاع ، إنهم لم يهتموا أبدا بكيفية النطق ، حتى أننا نجد الكلمة مكتوبة في سطر بهجاء معين ثم نجدها بعد سطرين فقط بهجاء مختلف . لم يروا في ذلك مشكلا . في الواقع هناك بعض الأختلافات الهجائية المهمة ولكن معظم الأختلافات الهجائية لا تؤثر على شيء . النسّاخ كانوا في الغالب غير مؤهلين أو أنهم كانوا مغفلين او مهملين ، لذلك كانوا يرتكبون ألأخطاء .
يقول دانيال . بي . ولاسي :
هناك خمسة اشياء نتفق عليها
أولا: مخطوطات العهد الجديد تحتوي على إختلافات كثيرة
لسنا متأكدين من عدد تلك ألأختلافات لكني أتفق مع (بارت) في القول :
إنّ عدد ألأختلافات بين المخطوطات يفوق بكل تأكيد عدد كلمات نص العهد الجديد .!!!!
[لا اعرف على ماذا استند هذا الشخص حيث لم يقدم اي دليل على قوله ].
يقول بلكين :
يتكون المصحف الحالي من 114 سورة .أرقام السور التي نراها في المصاحف الحالية لم تكن موجودة قديما ، عدم وجود بسملة في سورة التوبة مع تظاهر الروايات على تسمية سورة يونس بالتاسعة 1 يجعل من دمج ألأنفال والتوبة في سورة واحدة أمرا ضروريا
1 وقفنا في الجملة على اربع روايات تتفق على ان يونس كانت تسمى التاسعة : رواية سنية تحكي ان القراء طلبوا من عثمان أن يفتح "التاسعة " ففتح سورة يونس [ وهي رواية تشي بان القرآن كان مرتبا قبل مقتل عثمان بزمن طويل ] رواية ثانية عن عكرمة سمى فيها التاسعة ضمن قائمة السور ، ذكر التوبة باسم براءة في القائمة لكنه لم يذكر يونس . ثم ثالثة عن جابر بن زيد سمى فيها يونس بالتاسعة ، ثم رواية شيعية تقول ان محمدا الباقر كان يسمي يونس التاسعة
تحتل سورة الأنفال المرتبة الثامنة في المصاحف المطبوعة تليها التوبة ثم يونس في المرتبة العاشرة . بدمج سورة الأنفال والتوبة يغدو اطلاقُ القدماء على سورة يونس اسم التاسعة مفهوما .
سنعتمد إذن ترقيم الفريق الذي دمج السورتين وسمّى يونس بالتاسعة وسنسميّه الترقيم الأصلي. وهكذا يصبح المصحف مكوّنا من 113 سورة
المصحف المحمدي
كان في الأصل كتابا سريانيا مرقَّما بالحروف على عادة الكتب في العصور القديمة على غرار ما نراه هنا في الترجمة السريانية للكتاب المقدس.
اي ما تمثل الأحاد باول 9 حروف .الحروف 9 تليها العشرات والبقية للمئات . لذلك يبدأ الأصاح الأول بالحرف أ ثم هكذا وصولا للأصحاح التاسع .
يقابله حرف ط
ثم الياء للأصحاح العاشر
ثم عندما ارادوا ترقيم الأصحاح 37 وضعو لاما ل 30 وزاء ل 7
كذلك تمّ ترقيم كتاب النواه . الفصل الأول يبدأ بحرف الف أ للتعبير عن العدد 1 الفصل الثاني يبدأ بالحرف ب وهو يرمز للعدد 2 .
وهكذا مع بقية الفصول . الفصل 11 يكون كما في الشكل التالي
ثم الوصول الى آخر الكتاب الفصل 113 كما في الشكل التالي (ف ي ج)
كان من نتائج التصحيفات التي طالت الكتاب المرقم أن جل الحروف الترقيمية حذفت من بدايات الفصول بعد أن صارت غير مفهومة عند احد النساخ وأما ما بقي منها فربما تعاملوا معها في مرحلة أولى كحروف تملك "قوة ما "* ثم على أنها علامات على ربانية ذلك الكتاب في مرحلة ثانية مع استغلال جزء منها في اولى كلمات بعض "السور"**
*العلاقة بين الكلمة ( منطوقة او مكتوبة ) والسحر في العالم القديم تمظهرت ايضا في الكتب المقدسة : الإله نفسه يخلق بالكلمة (بالكلام) . وهي ما زالت قائمة الى اليوم كما عند المسلمين وإنَّ اختلفت المسميات : لتحقيق غرض ما ، تُقرأ قرآنية محدّدة في اوقات معينة ...
التفاصيل في فيديو بعنوان ( فواتح السور : حروف ام أرقام ؟)
سنكتفي* هنا بذكر ما يشبه أن يكون حدث مع ثلاثة فصول ثلاثينية قبل أن يقع الكتاب بين يدي محمد :
*للدلالة على أنّ المصحف كان كتابا مرقما بحروف سريانية في الأصل ، ألأمر لا يتعلق بالحروف المقطعة فحسب ، إنما بسور أخرى لاتبدأ بها ، لذلك نفضل تسميتها ب ( فواتح السور ) . السور المائوية مثلا من بين السور الدالة على وجود حروف ترقيمية ، فالمائة تمثلها حرف القاف ، لذلك تبدأ بعض السور في آخر المصحف بكلمة (قل) ، وهي على ما يبدو نتاج تصحيفات لحروف ترقيمية مثل ( قيج) الدالة على العدد 113 . نفس الشيء مع السور الستينية التي يُفتتح بعضها بكلمة ( سبح) السين تمثل العدد ستين ...
الفصل 35 من كتاب النواه لام وهاء حيث ل هي 30 وهاء هي 5 فالكتاب كان يدويا ذلك
وقع خلط بين الهاء والسين أثناء إحدى عمليات النسخ ذلك يعود الى التشابه بين الحرفين كما نراه في المخطوطات
تُرجم الكتاب النواة الى العربية وكتب بالخط السرياني المعرب .
لذلك نجد اليوم سورة ياسين تبدأ بنبرة وسين لذلك نجدها في المرتبة الخامسة والثلاثين 35
وفق الترتيب الأصلي
الفصل 37 لام وزاي .اللامل 30 وزاي ل 7
لا و زاي سريانيان سكتبان بالخط السرياني المعرب
ذلك الشكل شبيه بالصاد السريانية
فترجم صادا عربية
لذلك نجد اليوم صورة ص تبدأ بحرف ص
وفي مرتبة 37 وفق الترتيب الأصلي.
ثُم نختم بالفصل 39 لام وطاء
اللام ل 30 والطاء ل 9
الطاء والميم متشابهان في الخط السرياني
ستصبح الطاء ميما لذلك تبدا سورة غافر بحرفي حاء ميم وتحتل المرتبة 39 وفق الترتيب الأصلي .
من بين الترانيم التي كانت في ذلك الكتاب عند أحد أطواره ، نص يتغنى بشماسات * خرجن الى إحدى البيع صباحا [ البيعة : الكنيسة] حاملات قبسا من نور ، فأجتمع حولهن المؤمنون :
-------------------------------------------------------------------------------------
*كنا تكلمنا عن سورة (العاديات ) سابقا ، وبينا أن من القدامى من قرأ مطلعها : (والغاديات صُبحا) ، وهو حماد الراوية ، الباحث ( منذر يونس) من جهته اقترح قراءة ألآية الثالثة من السورة على أنها (فآثرن به نفعا ) من (الإيثار ) الذي يعني (التفضيل) . لكن من الوارد أن نبرة تصحفت الى قاف عند ذلك الموضع لتكون القراءة (فانرن به بيعا ) . من المفترض أنها ( أنرن به بيعة ) . فلعلها ذُكرت حتى تناسب القافية ...
الفصل الخامس
حروب ألأباطرة وظهور ألأنبياء
قبل دخول العصر الوسيط عاش الشرق ألأدنى القديم تحت وطأة قوتين عظيمتين طيلة قرون فالروم من جهة الغرب والفرس من جهة الشرق وقت نشات بينهما سلسلة حروب اخرها كانت في مطلع القرن السابع الميلادي .أثناء تلك الحرب الأخيرة وفي سنة 613 عقد الفرس ( الساسانيين) حلفا مع اليهود
ضذ البيزنطيّين(استولوا على القدس سنة 614) . كما تحالف اليهود مع العرب ونجح التحالف الثلاثي (الفرس العرب اليهود) في الأستيلاء على اورشليم .أستمر سيطرة الفرس على اجزاء واسعة من بلاد الشام نحو 20 عاما . وقد اصدروا طيلة تلك المدة نقودا عليها علامة الصليب .
يبدو أنّ بعض المعتنقين لمذهب يخالف عقائد الخلقدونيين ،أستغلوا انشغال البيزنطينيين بالحرب للتبشير بمذهبهم في معاقل الوثنيين ، فكان ان ظهر المدعين بالنبّوة في عِدّة أماكن مثل :"مُسَيلِمة " في اليمامة ،" طُليحة بن خويلد" في نجد و "مُحمَّدٌ " في مكّة و "ألأسود " في اليمن . كان لمُسيلمة كتاب"قُرآن" في مصاحف ، وكان ل "محمد" قرآنٌ أيضا ، نزل من الشمال على شكل صحف اليه في مكة . في سنة 618 م أستولى الفرس على مصر. لم يسكّوا الفرس عملات تعبِّر عن عقائدهم بل سكّوا عملة عليها صليب ، مخالفين المعتقد الرسمي للأمبراطورية الساسانية .
لقد سكَّ الفرس تلك العملات لضرورة إقتصادية وليس لذلك علاقة بالتسامح الديني أو أي سبب آخر ، فهي العملة المتداولة في تلك المناطق ، ولو أنَّ حكمهم دام عقودا أخرى لكانوا ضخّوا نقودهم الخاصة بالتدريج .
سيسك المحمديون لاحقا عملات لاتُعبِّر بدورها عن معتقداتهم الدينية. فقد قلدوا العملة السائدة في المناطق التي سيطروا عليها.
قطعة نقدية تعود الى موسى بن نصير في شمال افريقيا .
ونارٌ مجوسية في المناطق الآسيوية . تواصل ضربُ عُملات شبيهة بها طيلة 200 عام تقريبا .
لكنهم اضافوا عليها كلمات بالعربية في بعض ألأحيان أو جزءا من الشهادة الأسلامية .
امامنا درهم سك على الطراز العربي الساساني في سبعينات الهجرة تحت حكم إبن الزبير وهو مميز لانَّ كلمة مُحمَّد كُتبت بالحروف البهلوية .
[ الباحث خالد بلكين ينفي ان تكون القطعة النقدية لكلمة "محمد" صفة او نعتا ، مثل (المبارك ) او ( الممجّد) والخاصة بيسوع المسيح كما جاء في ألأبحاث الحديثة . نعم صحيح فقد قلّد العديدون من الملوك ومنهم قديكون "محمد" رسول المسلمين هذا اللقب او النعت"مُحمَّد" كمعنى المختار تقليدا لصفة المسيح "المُمَجَّد " او "المختار" فهو لقب ولم يكن اسما لهؤلاء الملوك او لرسول المسلمين محمد ] .
عندما بلغت الأمبراطورية الأسلامية أوجها ، قلّد المسيحيين ، بدورهم ،عملات المسلمين وهو ما لايختلف عليه
وهو ما لايختلف كثيرا حين بدات الحروب الصليبية .
حين اصدر السلاطين والمماليك المسلمون نقودا عليها صُلبان سنة 622م هاجر محمد رسول الأسلام الى يثرب شمالا
وهي السنة التي اعتمدها المحمديون للتقويم ، غير انّ الوثائق تُخبرنا بشيء آخر
لقد كان المحمديون ألأوائل يؤرخون بسنة يسمونها س"سنة قضاء المؤمنين " ولا أحدٌ يعرف المناسبة تحديدا
فالمسلمون ألأولون لم يقولوا لنا شيئا عن تلك المناسبة المهمة التي جعلوها مُبتدأً لتقويمهم.
في تلك السنة ايضا بدأت حملة هيرقل على الفرس إنتصر عليهم وأسترجع المناطق المحتلة ( التي استولى عليها الفرس) وانتهت الحرب سنة 628 م . وهي السنة السادسة بعد الهجرة وفق التقويم الهجري التقليدي .
مُلخّص وفق ترتيب كرونولوجي تقريبي مع بعض الأضافات
من المفترض أنّ المسيحية بدأت تنتشر بين العرب منذُ أواخر القرن ألأول وربما مع مطلع القرن الثاني
في تلك الفترة كانت كتب المسيحيين الآراميين تنتشر في أنحاء الهلال الخصيب . يعنينا منها كتاب المرقم "الفصول"
قد يكون قد ظهر في القرن الثاني
مع اواخر القرن الثالث كان العرب بمختلف مذاهبهم بحاجة الى ما يتعبدون به بلغتهم كما يفعل اليهود والسريان .
بدأوا بتوليف وترجمة مقتطفات من الأسفار الدينية اليهودية والمسيحية الى جانب القصص الخاصة باخبار و أنبياء العرب . وكتبوها بالخط السرياني المعرَّب .
من المفترض أنّ نشأة تلك الكتابات [النصوص الدينية التي ألفها وترجمها المسيحيين العرب] تزامنت مع انتشار المسيحية بشكل واسع بين عرب الهلال الخصيب . اي بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين . أي بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين .
كان الكتاب السرياني المرقم من الكتب التي ترجموها الى العربية [وكتابته بالخط السرياني المعرب بالخط الكرشوني]. ومرّ من ناسخ الى ناسخ ومن كاهن الى آخر ، فحدثت اخطاء مع النسخ كما كان يحدث في ذلك العصر مع جُلّ الكتب . ثم تحول الكتاب خطا ولغة الى العربية . ظهر محمدٌ في بداية القرن السابع ، وقع الكتاب بين يديه ثم مجموعة من تلك الصحف العربية المسيحية. أغلب الصحف التي كانت من نصيب محمد من تحرير وجمع تيار عربي مسيحي عتيق لم يعرف الأسفار التي في الكتاب المقدس الذي بين أيدينا . جادل فرقا مسيحية عتيقة لم تكن منتشرة بشكل واسع ، ويتمسّك بالكثير من أحكام الشريعة اليهودية .
ينزِّهون ألأنبياء وينكرون بنوة المسيح أو ألوهيّته . كان عدد حروفها : 1027000 وعدد آياتها 17000 ثم حاز محمد على 7 صحف من المشناة في يثرب (او ما ظن انه المشنه ) (لغتها آرامية ).
التعديلات التي طالت الكتاب المرقم
ادخل النبي واصحابه تعديلات على الكتاب على مدى سنوات :
تم حذف بعض النصوص الأصلية من الكتاب وتعويضها بنصوص من الصحف العربية المسيحية .
كما تم إضافة بعض المواد التي ترجمها زيد بن ثابت من صحف المشناه .
ثم أُضيفت نصوص طريفة(أصلية) تحكي شيئا من سيرة محمد
وهكذا تحوَّل الكتاب المرقم ُ الى مصحف على مدى سنوات على يد محمد واصحابه . ولأنّ نصوص المصحف كانت مزيجا من كتابات تعود الى أماكن وأزمنة مختلفة ، نجد داخله الى اليوم آثارا لتقاليد هجائية متنوعة .
سنضرب " بسورة هود " مثال ذلك : تبدأ السورة بكلام "نذير" يخاطب قومه ، وفي كلامه ترهيب وترغيب . ثم يبدأ عن نوح في بداية الآية 25 ، ثمّ مقطع عن هود الذي أُرسل الى قوم عاد ، ثُمّ قصة صالح ، ثُم إبراهيم ، ثم شُعيبٌ في مدين ثم موسى وقصته مع فرعون لتنتهي السورة بفقرة اخيرة يُرجعُ الخطاب الى "نذير"وقومه .
سنهتم بالجزءالأخير من السورة. كلمة "بقيّة " مكتوبة في الهجاء المعاصر ب"تاء مربوطة ، ولكن عندما ننظرفي الفقرة التي تحكي قصة شعيب سنجد نفس الكلمة مكتوبة ب"تاء" مفتوحة . الظاهر انّ الجزء الأكبر من السورة تمَّ تحريره من طرف اول (المحرّر 1) ، فيما مقدّمة السورة وخاتمتها من عمل محرر ثاني (المحرّر2).
نبي او نذير عاش قبل الأسلام يؤمن بأنبياء عرب مثل هود وصالح كانت التاء نهاية الكلمة تكتب مفتوحة في زمن او بيئة ذلك المحرر ألأول
المحرر الثاني المرجع انه ا من تحرير محمد لكن لاشيء يمنع ان تكون من تحرير نبي اخر عاش قبله ، كتب التاء مربوطة كما في الهجاء السائد في منطقته او عصره .
نفس الشيء عند عشرة كلمات اخرى مثال ذلك كلمة "نِعمة " كُتبت حينا ب"تاء" مفتوحة وأحيانا بتاء مربوطة، هكذا كلمات مثل صلاة وحياة وآلهة . قد يكون بعضها منقولا من صحف قادمة من الشام والبعض الآخر من صحف عراقية.
كلمة ألملاْ" كُتبت بهجائين مختلفين ، وهو ما حدث لبعض الكلمات مثل "شُركاء" وضعفاء . يعود اختلاف رسمها الى أنّها منقولة من صحف كتبت في ازمنة او مناطق مختلفة .
الفصل السادس
ألأنبياء لا يورثون
إن سيرة محمد في مكة ليست – في أغلبها – سوى عملية استقراء للقرآن المكي ، كانت أجزاء منه محررة في الهلال الخصيب تحكي قصص منذرين وأنبياء عرب . يمكن القول إننا نكاد لانعرف شيئا عن محمد المكي ، وأن سيرته في مكة مجرد اختلاق في جل فصولها :*قصص وجدها المحمديون ألأولون في المصحف فألفوا لها أحاديث تتلائم مع ما أرادوا له أن يكون دعوة محمدية بين الوثنيين .
*السور المتعلقة ببدء الوحي: (إقرأ ، المدثر ، المزمل ) ، عبس وتولى ، ألأسراء والمعراج في سورة النجم ، غلبت الروم ، تبت يدا أبي لهب ، وجل القصص التي تمثل ركائز السيرة المكية ليس لها على ألأرجح أي علاقة بمحمد .
من أجل ذلك ، يكون الأعتماد على القرآن لمعرفة ما كان يحصل في مكة بلا أساس ، كما لايمكن ألأعتماد على القرآن لفهم تاريخ القرآن زمن محمد
---------------------------------------------------------------------
* ليس أمامنا سوى الروايات ، بل وليس كل الروايات : فكل ما كان منها مرتبطا بقصص قرآنية مكية مشكوك فيه مبدئيا .
*مثال : (وأعانه عليه قوم آخرون) قد يُفهم منها أنّ القرآن تأليف جماعي ، وهو ما نقول به ، لكننا لانعرف ما إذا كانت تلك ألآية قرآنا طريفا من تأليف محمد أم انها منقولة عن الصحف القديمة أو نصا أصليا بقي من الكتاب المرقم . كذلك مع ( لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ) وغيرها مما قد يُحتج به لدعم وجهة نظر معينة أو نفيها : لايمكن الوقوف على مدى طرافتها إلّا بشواهد من خارج القرآن : لكن تلك ألآيات تخبرنا على أي حال أنَّ معاصرين للنص القرآني الذي بين أيدينا اليوم – أو لجزء منه على ألأقل – كانوا يرونه تأليفا جماعيا سواء كان ذلك زمن محمد او قبله.
لقد تمت صناعة * السيرة المكية تدريجيا منذ السنوات الأولى التي تلت وفاة النبي بسبب حرج المسلمين من أسئلة صعبة واجهتهم طرحها أناس دخلوا ألأسلام حديثا ،أو ربما من قبل من كانت تساورهم شكوك حول أصل القرآن .وقد بقي شيء من آثار ذلك الحرج في الكتب ، مثل قصة (صبيغ بن عسل)**.
---------------------------------------------------------------------
*ليس المقصود بالصناعة هنا اتفاقا بين أطرافا معية ، أو عملية تقودها السلطة السياسية بالضرورة ، إنّما تطور تدريجي نجم عن إسقاط فكرة ( وجود أسباب وأحداث أدت الى نزول آيات مدنية )على القرآن المكي.
**ضربه عمر بسبب سؤاله عن معاني بعض ألآيات ومُنع الناس من مجالسته ثم عفا عنه بعد أن تاب .
لم يخفِ محمد أمر الصحف التي كانت بين يديه عن أصحابه المقربين ، لا بل إنّهم آمنوا به لأنَّ الأله إصطفاه ليحوز تلك الكتب دون غيره ، فهو نبي عندهم بذلك المعنى .وقد شاركوه عملية عد حروف وآيات الصحف ، والتي يبدو أنها كانت أحد أشكال التعبد * في العصور القديمة .
---------------------------------------------------------------------
*مثل عمليات الأحصاء الدقيقة للغاية التي قام بها اليهود أثناء تحرير النسخة الماسورية وهي لاتختلف كثيرا عما فعله المسلمون ألأوائل زمن النبوة ، ثم لاحقا مع الحجاج . أمّا الآية (علم انكم لن تحصوه فتاب عليكم) [المزمل 20] فلا يمكن تحديد البت في طرافتها .
كان (أبو بكر ) و(عمر ) و (عثمان ) أهم معاونين لمحمد في عملية القراءة و التنسيق والتأليف *ولعل ذلك كان من بين العوامل التي ساهمت في توليهم الخلافة لاحقا رغم تواضع مكانتهم ألأجتماعية الى حد ما [باستثناء عثمان].وأما (علي) فإنه لم يلعب – على ما يبدو – دورا كبيرا في ذلك ربما بسبب حداثة سنه .
*لانملك روايات كثيرة يمكن أن نتبيّن دورأبي بكر من خلالها ، ربما لأنه لم يعمر طويلا بعد محمد فلم تُنقل عنه الكثير من ألأحاديث . أمّا عمر فقد كان ينطق بكلام وآراء سرعان ما تتحول الى آيات مدنية . ويبدو أنّ عثمان كان من كبار المثقفين في مكة ، وقد احتج أمام قتلته بأنَّه كان أول من كتب المفصل وهو الجزء الأخير من المصحف الذي يبدأ من سورة ق وصولا الى الناس . وقد جعله عمر بن الخطاب رئيسا للجنة التي كتبت المصاحف سنة 17 هجرية ثم أرسلت نسخ الى الأمصار . أمّا قصص جمع القرآن زمن أبي بكر وتوحيد المصاحف زمن عثمان فهي إختلاف متأخر مثل جل أخبار تاريخ القرآن في القرن الهجري الأول . المصاحف التي بين ايدينا عمرية وليست عثمانية .
هناك شخصيات أخرى لعبت أدوارا مهمة معهم مثل سلمان (الفارسي) ودحية الكلبي* غير أنّ عدم انتماءهم الى أحد البطون المكية قد يكون حال دون تولى أحدهم منصب الخليفة .
-----------------------------------------------------------------
*ماذا عن صحف مانوية عراقية محتمل عن طريق سلمان الفارسي تحمل قصصا أو عظات وتعاليم دينية ؟ ذلك وارد، لكن يبدو دحية الكلبي القادم من بلاد الشام أفضل مرشح ليكون مصدر الصحف أو مصدر الجزء الأكبر منها بما أننا نملك دليلا من داخل القرآن على أنّ جزءا منه حُرِّر في ألأردن أو قريبا منها . أمّا فكرة تلقي محمد لتعاليم شفوية على يد سلمان أثناء المجالسات الطويلة بينهما فهي مغرية لكننا نعرف ألآن بشأن الصحف ، وبالتالي يكون مصدر ألأفكار اللاهوتية الموجودة في القرآن ، مكي كانت او مدنية ، منقولا من مواد مكتوبة . وقد وجد لها بعض الباحثين ما يقابلها في أسفار الأبوكريفا والتلمود أو ضمن موارد أخرى مثل الديدسكاليا
التي تشترك مع القرآن – حسب هولغر Didascalia Apostolorum
تسلنتين نحو ثلاثين تشريعا . من الوارد إذن أن لها–Holger zellentin
سلفا مشتركا مع الصحف التي اعتقد محمد وأصحابه أنه (المشناة).
اعتقد محمد أنَّ الروح القدس – الذي قد يلهم عموم الناس خصوصا الصالحين منهم كما عند المسيحيين ، وكذلك في المعتقدالسائد آنذاك في الحجاز بين العرب- يلهمه [وربما بعض معاونيه أيضا ] في اصطفاء النصوص المناسبة من الصحف العتيقة وفي قراءتها .
غير أنّ كثيرا منها تشابه عليه ، بسبب صعوبة القراءة من صحف بالية متشابهة الحروف [راجع الفرق بين الآيات المتشابهات والآيات المحكمات في القران] حتى إنّ أبا بكر سأله ذات يوم عن سبب شيبته ، فقال إنّ هودا وأخواتها شيبنَّهُ ، لأنّ قراءة تلك السورة وسور أخرى تشبهها * كانت شاقة عليه .
---------------------------------------------------------------------
*المرجح أن كلام محمد كان عن "كتلة " من السور ، فيما يشبه كتلة (الحواميم ) أو كتلة (الطاسين) . وهي مجموعات من السور وقعت في حوزته جملة . وقد استشكل بعض القدامى تلك الرواية – ربما عن حسن نية – فتساءلوا : ما الذي جعل النبي يفسر تسرب الشيب الى شعره بسبب هود؟ ذلك أنّ سورة هود كما رأينا تحكي قصص أنبياء . سيفسرها أحدهم بأن يجعلها ضمن قائمة من السور تذكر أهوال ألآخرة . مثل القارعة وما شابهها ، ثم ستدرج في متن الحديث فتصير من كلام محمد .من الوارد أيضا أنّ من اقحم عليها قائمة من السور الأسكاتولوجية أراد تحويل وجهة تلك الرواية المنتشرة والشهيرة في وقت لم يعد القول بمعرفة النبي للقراءة والكتابة مسموحا ...
أدخل النبي واصحابه تعديلات على الكتاب النواة ، غير انه مات قبل ان يدخل تحويرات على بعض الفصول لذلك بقيت فقرات على حالها كما في الكتاب ألأصلي مثل آيات المرور [ الصافات 137] والسكن [إبراهيم 54]
لكن حتى لو عاش محمد ليدخل تعديلات عل كل الكتاب فإنه لم يكن ليشكل وجود مثل تلك ألآيات في المصحف ، فهو لم ير في نفسه – في الفترة المكية على الأقل – سوى مجرد جامع لوحي نزل على أنبياء سابقين بعثوا في العرب بلسان عربي مبين .
مات محمد وبقي الكتاب [ المصحف] والصحف العتيقة [ المقصود بالصحف العتيقة : مجموع الصحف التي كانت عنده : الصحف العربية + صحف المشناه ] في بيت عائشة ، ويبدو أنّه كان يضعها تحت السرير*
تكفَّلَ علي بتغسيل جثة النبي ، لكنه استولى على الصحف عند الأنتهاء من عملية التغسيل ، وذهب بها الى بيته . ذلك أنه كان يرى في نفسه وريثا للعلم النبوي .
---------------------------------------------------------------------
*تبدو رواية الداجن الذي أكل صحيفة كانت تحت السرير جديرة بالتصديق . ولعلها كانت مكتوبة في إحدى ورقات صحف "المشناه" . وإلّا كيف سنفسر وجود شريعة الرجم ؟ كذلك قول عمر بن الخطاب : إن آية الرجم كانت في كتاب الله . المقصود بكتاب الله هو الصحف العتيقة ، ستصبح تسمية (كتاب الله ) حكرا على المصحف في مرحلة أولى . ثم سيطلق اسم ألقرآن على كل ما في المصحف في مرحلة ثانية . ألأمر يشبه ما وقع مع اليهود الذين يسمون التناخ بالتوراة أيضا .
ستفتقد عائشة الصحف وستشك في علي بن أبي طالب . أخبرت أبا بكر والدها فأمر بتفتيش بيت علي ، وأرسل عمر بن الخطاب على رأس مجموعة من الرجال ، لكن عليا رفض فتح الباب ولم يسمح لهم بالدخول ،وذهبت فاطمة زوجته تكلم إبن الخطاب من وراء الباب تأمره بالأنصراف : مشهد تمثيلي (على الشاشة) من فيلم بروباغندا شيعي يجسّد هجوم عمر على بيت فاطمة .
قد يكون عمر بن الخطاب اعتدى على فاطمة ، لكنه إقتحم الدار على اي حال * ونجح في إستعادة الصحف لتعود الى مكانها : في بيت عائشة.
---------------------------------------------------------------------
*هل لواقعة ألأقتحام التي كان (عمر ) بطلها علاقة بمحاولة إجبار (علي ) على مبايعة (أبي بكر )كما يروي السنة والشيعة بلا خلاف ؟ موضوع واسع يحتاج مناقشة مفصلة داخل غابة من الروايات الشديدة الأضطراب والمغرقة في التحيَّز والمذهبية . لكن يمكن مبدئيا القول إنّه من الصعب ان يكون (علي) فكر آنذاك في تولي أمر جماعة المؤمنين بالمعنى السياسي فقد كان حديث السن يوم توفي النبي ، في الثلاثين تقريبا .
سيلح علي بن أبي طالب على استعادة الصحف ، وسيرسل زوجته الى أبي بكر مرارا لتطالب بإرثها ، لكن أبا بكر سيمنعها عنها بحجة أنَّ الأنبياء لايورثون *
---------------------------------------------------------------------
*هل طالبت فاطمة – الى جانب الصحف – بأرض فدك أو بعض متاع والدها مثل عمامته أو ما شابه ؟ غير وارد ، القصة مختلقة بالكامل ، وما من سبب سيجعل أبا بكر يسلبها قطعة ارض او غير ذلك ..يبدو ان مطالبتهم بالصحف تكررت في خلافة كل من عمر وعثمان .
لاشك ان السؤال ألأهم هنا : كيف تظاهر الشيعة مع السنة على تحويل المطالبة بالصحف الى مطالبة بقطعة ارض ؟ في ذلك تفصيل طويل سنأتي عليه مستقبلا ، لكن مبدئيا يمكن القول : كلام الشيعة عن "مصحف" فاطمة الذي يبلغ حجمه ثلاثة اضعاف القرآن الحالي ليس من فراغ ...
ستهدأ الأمور بعض الشيء الى ان يُثار موضوع الصحف مرة اخرى بعد نحو ربع قرن ...
ملخص لما سيأتي في الجزء القادم
+
استفتاء
ما سنتناوله في الجزء القادم الذي سنكمل فيه سرد الأحداث وفق النتائج التي توصلنا اليها في كتاب (الفتنة ) ، يمكن تلخيصه كما يلي :
انتشر القرآن زمن عمر بن الخطاب سنة 17 هجرية ، بعد أن استعار المصحف الذي تركه النبي من عائشة وأمر بنسخة ثم رده اليها . وفي خلافته استولى عمرو بن العاص على مصر . بعد موت عمر اقره عثمان مدة ثم عزله فانتقم منه ابن العاص بان طلق زوجته التي هي اخت عثمان . لم يشف غليله وبقي يؤلب عليه سنوات الى ان قرر ان يذيع في القراء المصريين ان الخليفة يخفي عنهم قرآنا نزل على نبيهم واختار ان يخبر راس القراء المصريين عبدالله بن وهب الراسبي السبئي وهو الذي سيختصر شيوخ الأخباريين سيف بن عمر اسمه الى عبدالله بن سبأ وسيحورون في قصته كثيرا خصوصا في الكيفية التي نجح بها في اشعال فتيل الفتنة .
تخابر ابن وهب مع بقية القراء في الكوفة والبصرة فاحدثوا شغبا في الكوفة على وجه الخصوص ، اين كان أئمة القراء العربية . عندما طالت المدة ولم يحصلوا على شيء رغم مطالباتهم الملحة ، قرروا في لحظة ما التوجه نحو عثمان للمطالبة ب "الوحي المكتوم ".
سيُبيد عثمان الصحف العتيقة [ الصحف العربية المسيحية + صحف المشناه] في الماء الحار والخل بعد ان طلبها من عائشة على ان يردها اليها . كفَّره الصحابة وجل اهل المدينة . دخل عليه القراء وقتلوه ومنعوا دفنه في مقابر المسلمين .
أُذيع في البداية بين الناس ان الكتاب انزل على النبي على حرفين : حرف عربي وآخر اعجمي [ المقصود بالأعجمي : ألآرامي اللغة التي كُتبت بها صحف المشناه ]على خلاف ما وقع مع انبياء سابقين الذين كانت تنزل عليهم الكتب بلغة واحدة ، وقالوا إنّ عثمان لم يبق الا على الحرف العربي حتى لايقع خلاف بين المؤمنين .
ستتطور رواية نزول القرآن على حرفين على مدى زمن طويل الى ان استقر العدد عند سبعة احرف .
سنتناول ايضا تطور الرواية الأسلامية وكيف تم اختلاق قصة جمع القرآن وأسباب تظاهر السنة والشيعة وبقية الفرق الأسلامية على رواية نفس القصة مع اختلاف في تفاصيل جانبية .
سنأخذ أسئلتكم واعتراضاتكم في الجزء القادم بعين ألأعتبار ، فإن كانت هناك نقاط تريدون التركيز عليه اخبرونا في التعليقات
لكن يبقى السؤال :
هناك فئة تريد استكمال السلاسل المطروحة : مناقشة اعمال المراجعين والحديث عن تاريخ (مكة ) وغيرها من القضايا المتعلقة بمدى موثوقية الملامح الرئيسية للرواية الأسلامية التقليدية ، ثم سلسلة (نظرية المحدثين ) و(هرمنوطيقا المعراج المحمدي) و(كيف وصلنا تاريخ الأسلام المبكر؟) ثم ستكون فئة تريد ان نكمل الجزء الثاني من هذه السردية والتي لخصتُ آنفا اهم محطاتها .
شخصيا احبذ استكمال السلاسل وعرض ألأدلة قبل سرد النتائج لكني سآخذ براي الأغلبية
مودتي
خالد بلكين
راجع الموقع التالي
قصة الكتاب العربي المسيحي الذي حوله محمد إلى مصحف | خالد بلكين
https://www.youtube.com/watch?v=iZzOlEKLYYo



#نافع_شابو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يستخدم الدين والقومية - وسيلتين خادعتين- لتحقيق مآرب و ...
- عندما يشوّه - حُكّام الدول- -صورة الله- بحروبهم الدموية.
- حُرّاسُ الدين أم -محاكم التفتيش-والتحكم بمصير جُهلاءِ الدين ...
- هل يعرف اخي المُسلم أنَّ المّسيح صُلِبَ - بشهادة القرآن - وم ...
- ماذا يعني أنَّ إبراهيم كانَ حنيفا مُسلِماً ؟ ولماذا المسلمين ...
- الله - الكون - الحياة . الجزء الثاني :علماء من مختلف الأختصا ...
- الناسخ والمنسوخ أكبر جريمة حدثت في التاريخ ألأسلامي !!!
- الله - الكون – الحياة . الجزء الأول :اسئلة وجودية تحتاج الى ...
- -الله موجود، وهذه براهينه العلمية- – الكتاب الذي احدث ضجة في ...
- هل يعرف المسلم انَّ -القرآن ألأول - كان كتاب -نصراني - ؟ الج ...
- هل يعرف المسلم انَّ -القرآن ألأول - كان كتاب -نصراني - ؟ الج ...
- التراث ألأسلامي وازدراء وتحقير الأنسان و الأديان. الجزء الثا ...
- تفسير جديد لنقش قبَّة الصخرة في القدس قد يُحدِث صَدمة للعالم ...
- تفسير جديد لنقش قبَّة الصخرة في القدس قد يُحدِث صَدمة للعالم ...
- من هو -مُحمَّد- القرآن ؟ كيف تحوَّل الى نبي المسلمين ؟ من كت ...
- التراث ألأسلامي وازدراء وتحقير الأنسان و الأديان الجزء الثان ...
- هل يعرف المسلم انَّ -القرآن ألأول - كان كتاب -نصراني - ؟ الج ...
- معنى ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ في سورة الأخلاص الآية (2) ...
- التراث ألأسلامي وازدراء وتحقير الأنسان و الأديان الجزء الأول ...
- هل يعرف المسلم انَّ -القرآن ألأول - كان كتاب -نصراني - ؟ الج ...


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نافع شابو - قصة الكتاب العربي المسيحي الذي حوله محمد إلى مصحف