أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - فيلم فاطمة -سيدة الجنة- دراما تاريخية مثيرة تحاكي عصرين مختلفين















المزيد.....

فيلم فاطمة -سيدة الجنة- دراما تاريخية مثيرة تحاكي عصرين مختلفين


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 7191 - 2022 / 3 / 15 - 15:03
المحور: الادب والفن
    


يعيد فيلم "سيدة الجنة"The Lady of Heaven ، الى الذاكرة، رحلة مؤلمة للسيدة فاطمة ابنة النبي محمد بعد 1400عام.. القصة تبدأ اثناء غزو داعش للعراق الحديث. الفتى ليث (غابرييل كارتاد) يقف مرعوبا على مشهد قتل جهاديين من داعش أمه، ويتم تبنيه من قبل جندي عراقي تحرص والدته الطيبة (دينيس بلاك) على مواساة الصبي المصاب بصدمة اثر الحادث، من خلال سرد قصة فاطمة التي تدور احداثها في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع. دور الممثلة بلاك "بيبي ـ الجده" يضفي على القصة بعض الجاذبية بشكل درامي مثير للغاية.

في وسط بلد مزقته الحرب يتعلم طفل عراقي، أهمية الصبر وقوته بعد أن فقد والدته ووجد نفسه في منزل جديد، لدى سيدة عجوز محبة تروي له القصة التاريخية للسيدة فاطمة ابنة الرسول وأول ضحية للإرهاب. وكيف ظهرت معاناتها عن السيطرة في القرن الحادي والعشرين.. وهو الفيلم الاول الذي يتناول حياة فاطمة، ابنة النبي محمد.. (الفيلم: طوله ساعتين و20 دقيقة، دراما، اللغة إنجليزي ـ سيناريو، عن النص التاريخي لاصل الرواية، نظرا للتقاليد الإسلامية المتعلقة بشخصية مقدسة. العرض الاول في 10 ديسمبر 2021. اخراج ايلي كينج، الكاتب الشيخ ياسر الحبيب، انتاج ـ شركة المملكة المستنيرة).. بطولة راي فيرون، مارك أنتوني برايتون، دينيس بلاك، أوسكار جارلاند، كريس جرمان، أندرو هاريسون، ألبانا كورتوس، سامي كريم، لوكاس بوند، كريستوفر سويرف. حرص المخرج كينج على جعل وجوه الممثلين الذين قاموا بأدوار شخصيات تاريخية مهمة، ان تظل شبحية. وهو أمر طبيعي بالنسبة لمعظم الأفلام الدينية أو التاريخية التي تنتج او توزع في العالم العربي والاسلامي.. المثير ان شكل والوان الملابس والصنادل التي صممت خصيصا للفيلم، الى جانب طريقة وروعة التصوير، اضفت على أحداث القصة ومظاهر ذلك العصر، نوعا من الاثارة والجمالية لعمل تفاني أكثر منه دراما تاريخية، كان البعض يتوقعها.

فيلم "سيدة الجنة": ملحمة تاريخية تحاكي عصرين مختلفين، زمانا ومكانا، الحاضر، حيث تتصدى امرأة عراقية لجماعات داعش الارهابية فتصبح ضحية للتطرف. وعصر فاطمة الزهراء ابنة الرسول محمد مؤسس الإسلام، في زمن المكننة المليء بالكليشيهات الدرامية والصراع السياسي ـ الطائفي لاجل الاستئثار بالسلطة.

في العام 622 م رحل النبي محمد ، من مكة إلى المدينة المنورة مع أفراد أسرته ومجموعة من أتباعه هربا من الظلم والاضطهاد. اعتزم، إنشاء نظام جديد لبناء مستقبل أفضل للناس، مستقبل سلام. أعلن، مَن هم مِن غير المسلمين مرحب بهم للعيش في المدينة المنورة.. رحلة "فاطمة" ابنة الرسول الحبيبة والمطيعة لتعاليمه، جعلتها ان تكرس نفسها بشدة لخدمة الإسلام ومجتمعها، خاصة بعد وفاة النبي. لتصبح أمل المسلمين في زمن الصراع الديني الذي حرض وطال أمده الصراعات التي أشعلها التطرف في السنوات التي أعقبت وفاة النبي وما زالت حتى اليوم.

بالنسبة للمسلمين المعاصرين يبدو أن إرث فاطمة، لازال حاضرا وقت الشدائد. مصدر قوة لمواجهة الإرهاب الذي وصلت به الحماقة قتل امرأة بريئة تدعى فاطمة أيضا، على يد مسلح داعشي امام ابنها الصبي. هجمة شرسة تجمع بين الحقد والسلوك الطائفي الذي يشكل التطرف الاسلاموي " الداعشي" أحد مظاهره، كما يتعارض مع قيّم الاسلام الحقيقي. انه من الصعب متابعة السرد القيمي لفيلم "سيدة الجنة" دون الحاجة إلى فهم أفضل لتاريخ ونهج الإسلام الحقيقي للحكم على دقة الاحداث.

في قراءة القصة الرئيسية، بالكاد يتحدث الفيلم عن فاطمة، مع هذا فقد تعرض التصوير المباشر للحظر،على الرغم من فرض القيود على ان تكون شخصية "سيدة الجنة ـ فاطمة"، مغطاة بحجاب أسود بالكامل، بما في ذلك الوجه، والأهم، أن لا تبدو أبدا أنها محور التركيز.. طاقم الفيلم اعتبر ـ خلال تصوير اهم المشاهد (زواج فاطمة بنت الرسول من علي ابن عمه، ويوم موت النبي) مثلا، حدثا تاريخيا يقودهم الى جوهر العمل بطريقة ابسط ومختصرة. فيما استطاع المخرج في الفصل الأخير من الفيلم اظهار مكائد الفصائل التي تروج لانتزاع السلطة تحت مظلة الدين، بطريقة مذهلة وبشكل لا يخلو من الحبكة. وان يربط بين تسلسل الاحداث الملحمية لانتشار الارهاب والتطرف والانقسام بين المسلمين، وبالنهاية تلقى قصة معاناة فاطمة التاريخية كضحية في عصر حديث، صدى معاصرا لرفض الصبي ليث للتطرف العقائدي ـ السياسي، والتحكم بمصائر الناس.

دراما "سيدة الجنة" عرض سينمائي، ادخل صناعة التنوير ولغة الحوار حقبة جديدة من التعاون بين الاوساط المجتمعية والثقافية في وسائل الإعلام المرئي والمقروء للوقوف على حقائق التاريخ.. في باكستان تم حظر الفيلم، فيما رفع في بلدان أخرى. اصحاب المصلحة المشتركة ابدوا التساؤل: كيف يمكن دمج وتفسير ثقافاتهم بما ينسجم وحاضر عصرهم؟. وهل بامكان نتائج - قطعة عمل فني يحتفي بمعتقدات وقيم السكان المحليين التاريخية والعصرية، ازالة سوء التفاهم والجدل؟. اعتقد ان فيلم "فاطمة" أحد هذه المساعي متعددة الثقافات. كلف إنتاجه جرأة كبيرة، استطاع المخرج إيلي كينج، وهو ممثل أسترالي المولد من أصل مصري، والكاتب الشيخ ياسر الحبيب، رجل دين كويتي مسلم مقيم في لندن اختراقها.


الفيلم يبدو وكأنه قصة حية متعددة الطبقات والايحاءات الدينية الهامة في حياتنا المعاصرة. كان من المقرر عرضه في باكستان في 30 ديسمبر2021 ولكن هيئة الاتصالات الباكستانية حظرته، واعتبرته "تدنيسا" دون تقديم سبب رسمي. وأمرت منصات التواصل الاجتماعي بإزالة المقطورات والمواد الترويجية. في مصر، دعا القادة الدينيون والعلماء القلقون إلى وقف العروض. ودعوا إلى إصدار فتاوى (تفسير قانوني رسمي للشريعة الإسلامية) تمنع مشاهدة الفيلم وطالبوا المملكة المتحدة بوقف توزيعه في جميع أنحاء العالم. وندد مجلس علماء جبل عامل في لبنان بالإنتاج، قائلا إن المادة تحرض على الكراهية والفتنة. قبل بضع سنوات، بينما كان مشروع الفيلم لا يزال في مرحلة ما قبل الإنتاج، وضع رجال الدين الإيرانيون الفيلم على القائمة السوداء. ملخص الحكم على قصة الفيلم جاء: "اعادة مؤلمة للسيدة فاطمة، ابنة النبي محمد بعد 1400 عام". ويضيف بيان إخلاء المسؤولية ايضا: "وفقا للتقاليد الإسلامية، غير مسموح ان يمثل أي شخص دور شخصية مقدسة". لكن التحقق من أداء الشخصيات المقدسة من خلال توليفة فريدة قام بها الممثلين وقدرة الكاميرا والإضاءة والمؤثرات المرئية، جعل تلك الحجج اسبابا واهية.


أعتقد أن الفيلم هو رسالة حب وسلام ـ دعوة إلى عقلية أفضل للتعامل مع التحديات العقائدية التي لازالت مجتمعاتنا لم تغادرها بسبب التطرف الديني والسياسي الذي انتج الارهاب، على الرغم من مرور اكثر من 1400 عام على احداث تم تدوينها على رغبة صانع القرار، الخليفة والوالي. بالنسبة للنقاد، فإن إحدى أكثر قضايا الفيلم إشكالية، اعتبار صور الشخصيات الدينية خارج الأوصاف الشفوية والمكتوبة محرم، امرا غير واقعي. ففي حين أن القرآن لا يحظر على وجه التحديد الصور والرسومات او التمثيليات الأخرى، إلا أن بعض التعاليم الملحقة التي تواردت بشكل غير دقيق بعد وفاة الرسول على مر السنين تحظر ذلك.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يمارس الاعلام دور الوسيط غير النزيه اثناء الازمات الدو ...
- أوجه التشابه والإختلاف في روايتي هيرمان هيسه وجميل الساعدي
- التضليل الإعلامي في السلم والحرب
- مهرجان برلين السينمائي -برليناله 72- الدولي 2022 ثقافة سينما ...
- نسخة جديدة من الفيلم الموسيقي الكلاسيكي -قصة الجانب الغربي-
- كيف خطط بوش وبلير للحرب في العراق
- تشكيل الحكومة الجديدة في حلبة المصارعة.. فما النتيجة المنتظر ...
- ماساة التعليم واستهداف الكفاءات والهجرة القسرية.. من المسؤول ...
- الاستراتيحية الايرانية في العراق بعد الانتخابات
- التحول النقدي لظاهرة الفلسفة الثقافية .
- أحلام العراقيين تراوح داخل حلقة الصراع الأكثر شهرة
- متى تنتهي ماساة العراق والعراقيين وتتوقف احزاب السلطة عن اطم ...
- بعد خامس انتخابات برلمانية أسس لها الاحتلال... العراق إلى أي ...
- دراما تعاطي المخدرات في العراق.. والمستفيدة، هي ايران!
- ألمانية من اصول عراقية من بين اربعة شباب يحظون بوزارات هامة ...
- من بعد الانتخابات.. الانتفاضة مستمرة رغم الضجيج والتهريج!
- العراق على حافة الرصيف
- متى تنتهي لعبة المصالح الآيديولوجية!
- الغموض والتأويل والتسويف إحدى أبجديات اللغة السياسية للاحزاب ...
- تِرَاجِيدِيًّا خَاتِمَةَ فَنَّانٍ بَعِيدٍ عَنْ وَطَنٍ اِنْكَ ...


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - فيلم فاطمة -سيدة الجنة- دراما تاريخية مثيرة تحاكي عصرين مختلفين