أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - التحول النقدي لظاهرة الفلسفة الثقافية .















المزيد.....

التحول النقدي لظاهرة الفلسفة الثقافية .


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 7131 - 2022 / 1 / 9 - 14:00
المحور: الادب والفن
    


فلسفة الثقافة تخضع إلى حد كبير الى أساليب التنمية الثقافية، وهي "فلسفة" توضح النظريات الثقافية المختلفة، وتعبر عن المسافة بين المعتقدات التقليدية وظواهرها ومن ثم تطويرها. ظهرت في سياق التغيرات الاجتماعية والسياسية في مطلع القرن 19 والـ 20 في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها. مثقفون مثل سيميل Georg Simmel وفاليري Paul Valéryتساءلوا أو رفضوا النظريات المتعلقة بمفهوم الثقافة في الفلسفات المثالية، وخاصة تلك الخاصة بهيغل وكانت، بسبب ملايين القتلى وفقدان عام للقواعد الانسانية والاخلاقية. اليوم، ووفقا للدراسات الصادرة في عام 1980 توضح مدى ارتباط الفلسفة الثقافية بالدراسات الثقافية والمجتمعية، وتبيّن نأي ممثليها اي "الفلسفة المثالية" بأنفسهم وقصور دراستهم لعلوم الفلسفة ذاتها.

تحدث بعض النقاد المهتمين بالشأن الثقافي في ذلك الوقت بما فيهم أوزفالد شبنغلرOswald Spengler عن نهاية الثقافة. معظمهم تبنى برنامجا مثاليا للنقد، مرتبطا بأفكار القرن التاسع عشر. الهدف من هذا البرنامج في ذلك الوقت كان هو البدء بإصلاح الفكر الفلسفي على نحو: تكييف النظريات الفلسفية مع احتياجات الناس والمطالب العلمية. على أن الثقافة هي هيكل مختلف عن "عوالم الوجود" التي تتكون من منتجات مؤهلة للفنون والعلوم، أيضا الادعاء بأن "الأشخاص ذوي الثقافة" قد طوروا استخدام هذه المنتجات.

فقدت هذه الفكرة عموميتها من خلال أحداث الحرب والتغيرات الاجتماعية والسياسية السابقة واللاحقة. في بداية القرن العشرين، بدأ فلاسفة الثقافة في اعتبار الثقافة مهمة مشتركة لجميع الناس. والأشكال التعبيرية للثقافة جزءاً من المنتجات المتغيرة وهياكل العمل المشترك. وكان يُنظر إلى الثقافة على أنها كيان ديناميكي"كمجموعة من التفاعلات" التي ينتجها البشر معا وتخدم الفرد في التوجه نحو الحياة. بمعنى ما يعرف اليوم في مفهوم "العلاقة الغريبة" بين الفرد والمجتمع هي "الثقافة"، والمكوّن يشكل حقيقة مشتركة.

الانتقال إلى هذا التفكير الوظيفي حول الثقافة، وما آل الى فهم ذاتي للفلسفة الثقافية، انعكس في النظريات التي لها تأثير مبتكر على الدراسات الثقافية. السمة المميزة لهذا التحول النقدي للظواهر الثقافية، كان مطلوبا من الناحية السياسية التي افرزها الثلث الأخير من القرن التاسع عشر الذي شهد تغييرات سياسية متوافقة مع الميول والتعلق الطائفي في سياق الوحدة الالمانية وتوجه الناس نحو "فلسفة شعبية" تأثرت بتنوع الأفكار المثالية الكانتية والهيجلية والرومانسية. أيضا أفكار النصف الأول من القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية. وتعد أوقات "الاضطرابات" ذات أهمية ثقافية - فلسفية أو ثقافية - علمية. يحتوي قسم منها على بعض ردود الفعل والظواهر التي ظل على متابعتها الفلاسفة أو العلماء.

يصف المؤرخون اليوم الحرب العالمية الأولى بأنها نهاية حقبة تاريخية تتميز بالقوة الاجتماعية والسياسية للإمبراطورية وأيديولوجياتها. ونتيجة لتلك السياسة والتجاوز على الدستور يمكن للمرء أن يفهم الفشل في الحرب والثورات، او تميُز عدم صلابة المؤسسات والمصالح والأفكار دليلًا على الهشاشة خلال العهد الإمبراطوري السائد آنذاك.

الحرب العالمية الأولى التي بدأت في 1914 انتهت بعد اربع سنوات في 11 نوفمبر 1918، بأكثر من تسعة ملايين شخص فقدوا أرواحهم، وأصيب 20 مليون شخص، و25 دولة كانت قد شاركت في الحرب مع حوالي 1.4 مليار نسمة، كان هذا حوالي ثلاثة أرباع سكان الكرة الأرضية. واصبحت آثار الحرب الخاسرة على السكان الألمان وخيمة، والقى بموجب معاهدة فردان"Verdun" الإنجليز والفرنسيون والبلجيك باللائمة للكارثة على ألمانيا والنمسا والمجر.


جادل المثقفون في ألمانيا زمن الحرب فيما إذا كانت حربا "عادلة" أو "غير عادلة". واعتبر الفيلسوف الالماني ماكس شيلرMax Ferdinand Scheler بانها حرب عادلة لأنها تدور حول السياسة الصحيحة. وهو يشير إلى ميل الإنجليز إلى إساءة فهم "الجودة الروحية" للمفاهيم الفلسفية المركزية عن طريق"أخطاء الفئة". فيما اعتبرها جورج سيميل في كلمة ألقاها في عام 1914 بما معناه حرب "توحيد الوحدة الألمانية"، التي نُسفت جميع مقوماتها في جميع أنحاء ألمانيا منذ عام 1870. هكذا كان "طوق الخيال" موضوع شائع الاستخدام في النقاش حول الحرب. سيميل، الذي تحدث أيضا في كلمته عن المدى غير المقبول لهذه الكارثة، اختار "أطروحة الحرب" عاملاً هاما من شأنه أن يحدث التغيير إلى ولادة "انسان جديد".

كرد فعل جمع المثقفون بعد الحرب بين شروط الحياة والفكر ومصطلحات مثل "اختفاء الألفة العالمية" ماكس فيبر Max Weber، "أزمة العقل" بول فاليري، "العالم المنسي" جورج لوكاش Georg Lukács، "فقدان العالم للأفكار القديمة" و"تدهور الغرب" أوزفالد شبنغلر Oswald Spengler، "إتساع التشرد" الكانتيين. وضح جورج سيميل أن جيله يقف على حافة الهاوية بين الأمس والغد، بين الميتافيزيقيا أو المثالية وفلسفة ما زالت غير معروفة من شأنها ان تعيد صناعة إنسان جديد. وكاد بول فاليري غير قادر على وصف الحالة الراهنة لأوروبا بالقول: اننا نعاني من ان ثقافتنا تموت، وانها لم تعد تشبه نفسها. وأشار قدامى المحاربين في الحرب إلى فكرة "حمل السلاح" الى انها انتصار الحمقى، وحذروا من أن الدوغماتيين من أي اتجاه يشكلون خطرا دائما بالحرب.

يلخص الفيلسوف الالماني المعاصر "رالف كونيرسمان" Ralf Konersmann خصوصية "الفلسفة الثقافية" ومفهوم التطرف بالقول: انهما أمران مفهومان، إذ شكلا رد فعل فكري عنيف وتحديا للفلسفة والعلوم. يلخصان التراجع الثقافي المؤسف ورفض فكرة الحقيقة في العلم. بيد ان الفهم السائد للعلوم في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، توافق مع تعامل المثقفين وعلماء العلوم والفلاسفة في كيفية معالجة "مأساة الثقافة" أو "سقوط الغرب"، أيضا مع كيف يمكن للناس التكيف في المستقبل مع الأحداث. وتم تطوير النظريات الثقافية التي افرزت فرص بداية ثقافية جديدة لمواجهة الأزمة الثقافية وتحديد إجابات على آراء بعض المؤلفين والمفكرين.. وبالتالي فهما، اي فلسفة الثقافة والتطرف، تبعا لاستنتاج الدراسات الثقافية، قابلتان، للتغيير وليستا ثابتة المنهجية والتفسيرات التحليلية والعقائدية او التقارير التاريخية ومفهوم الأنثروبولوجيا الثقافية.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام العراقيين تراوح داخل حلقة الصراع الأكثر شهرة
- متى تنتهي ماساة العراق والعراقيين وتتوقف احزاب السلطة عن اطم ...
- بعد خامس انتخابات برلمانية أسس لها الاحتلال... العراق إلى أي ...
- دراما تعاطي المخدرات في العراق.. والمستفيدة، هي ايران!
- ألمانية من اصول عراقية من بين اربعة شباب يحظون بوزارات هامة ...
- من بعد الانتخابات.. الانتفاضة مستمرة رغم الضجيج والتهريج!
- العراق على حافة الرصيف
- متى تنتهي لعبة المصالح الآيديولوجية!
- الغموض والتأويل والتسويف إحدى أبجديات اللغة السياسية للاحزاب ...
- تِرَاجِيدِيًّا خَاتِمَةَ فَنَّانٍ بَعِيدٍ عَنْ وَطَنٍ اِنْكَ ...
- لعبة اصلاح النظام السياسي عبثية الاحزاب نحو المجهول!
- الانتخابات في بلد كالعراق ، رهينة القتل والإفلات من العقاب!
- العراق والانتخابات إصطفافات سياسية.. فهل من تغيير؟
- العراق على حافة الهاوية والسياسيون يدفعون به نحوها
- طبول الاحزاب تصدح في اضرحة النفاق السياسي!
- الإستياء العام والظلم والتمييز الطبقي سبب الإطاحة بالنظام ال ...
- المجتمع العراقي ومناورات غزل المصالح لاغراض فئوية
- الحد من مخاطر الميليشيات وسلاحها المنفلت لا يقبل التهاون وال ...
- فرضية التغيير بين الواقع وديماغوغية الاحزاب..
- متى تتوقف أعمال الاغتيال السياسي وإشتداد الصراع على السلطة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام الياسري - التحول النقدي لظاهرة الفلسفة الثقافية .