أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الياس خليل نصرالله - ع الروزْنَا أُغَنيَةٌ شَعْبيَّةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ صَفَد، حَلَب، بَيرُوت والْموصِلِ















المزيد.....

ع الروزْنَا أُغَنيَةٌ شَعْبيَّةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ صَفَد، حَلَب، بَيرُوت والْموصِلِ


الياس خليل نصرالله

الحوار المتمدن-العدد: 7181 - 2022 / 3 / 5 - 14:12
المحور: الادب والفن
    


مَدْخَل:
الأُغْنيَةُ الشَّعْبيَّةُ هِيَ قَصيدَةٌ غِنائيَّةٌ يَتَدَاوَلُهَا النّاسُ فِي الوَسَطِ الشَّعْبيِّ، وَتَتَناقَلُ شَفَاهَيةً مِن جِيلِ إلى آخَرَ، وَتَتَأَثَّرُ بِالْبِيئَةِ اَلتِي تُعَايشها . وَلِكَوْنِها تَتَناقَلُ شَفَاهَيةً، فَتُؤَثِّرُ فِيهَا عِدَّة عَوامِل، مِنْهَا ، السَّماع والنِّسْيان وَعَدَم فَهْمِ كَلِماتِها بِفِعلِ التَقادُمِ. وَيُؤَدِّي هَذَا بِدَوْرِهِ مَعَ جَدَليَّةِ المُتَغَيِّرَاتِ الحَياتيَّةِ، إلى إِحْلالَ كَلِماتِ بَدَل كَلِماتٍ، وَإِدْخال بَعْض الكَلِماتِ الدّالَّةِ عَلَى المُسْتَجِدّاتِ. لكِن كُل مَا ذَكَرَتْهُ لَا يُغَيِّرُ جَوْهَرِ رِسالَتِها، وَطَريقَةِ إِدَائِهَا الجَماعيِّ، وَدَوْرها فِي تَناقُلِ المَوْروثِ الثَّقافيِّ الشَّعْبيِّ - الجَمْعيِّ شَفَاهَةً، مِنْ جِيلِ إلى آخَر.

والْأُغْنيَةُ الشَّعْبيَّةُ لَهَا خُصوصيّتها اَلَّتِي تُمَيِّزُها عَن بَقيَّةِ أَلْوانِ الفولْكُلورِ الشَّعْبيِّ، لِأَنَّهَا لَا تَعْتَمِدُ فَقَط عَلَى الفَرْديَّةِ، بَلْ هِيَ اكَّثِر جَماعيَّةٌ الأَداءَ. كَمَا أَنَّهَا تُعَبِّرُ عَن مَشاعِرِ مُشْتَرَكة لَا عَن مَشاعِرِ مُغَنّيها فَحَسْبُ، كَمَا أَنَّهَا فِي الغالِبِ هِيَ نَتيجَة جُهْدٍ جَماعي، وَمُتَعَدِّدَةُ الأَهداف وَصالِحَةٌ لِأَكْثَر مِنْ زَمانٍ وَمَكانٍ، مِمَّا يَمْنَحُها الدَّيْمُومَةَ والتَّلَهُّفَ لِسَماعِها.

الروزنَةُ - تُعْتَبَرُ مِنْ الأَغاني التُّراثيَّةِ الشَّعْبيَّةِ، وَهُنَاكَ مَن يَعْتَبِرُهَا الْأَغْنِية الِأَكْثُر شَعْبيَّة فِي سُورْيَا، فِلَسْطينَ، العِراقَ وَلُبْنانَ.

وَبِرَأْيِ باحِث التُّراثِ السّوريِّ، حَسَن إسماعيل: "(أُغْنيَةُ اَلْروزانا) هِيَ مِن الأَغاني الرَّقيقَةِ والْجَميلَةِ وَالَّتِي تَحْمِلُ بَيْنَ مُفْرَداتِها وَمَقاطِعِ جُمَلِها وَلَحَّنَها نَوْعًا مِن الرّومانْسيَّةِ اللّافِتَةِ وَالجَاذِبةِ لِلْمَشَاعِرِ بِشَكْلٍ عام، وَبِهَذَا، تَخْتَلِفُ عَن غَيْرِها مِن الأَغاني الشَّعْبيَّةِ الأُخْرَى اَلَّتِي تَغَنَّى بِهَا رِيفنا السَّاحِلِيُّ عَلَى مَدَى عُقودٍ مُتَتاليَةٍ فِي مَسارِحِ الأَفْراحِ وَاَلْدَبْكَةِ -الشَّعْبيَّةِ".

تَأْثِيلُ كَلِمَةٍ روزنَا: إنّ مَصْدَرها كَلِمَة روشن الفَارِسِية ومَعْنَاها الضوء أي هِي الفَتْحة التِي تُدْخِل الضوء إلى البُيوت. يَذْكُرُ "الْجَوَالِيقِيُّ مِن القَرْنِ التّاسِعَ م، فِي كِتابِهِ اَلْمُعْرَبِ مِنْ الكَلامِ ص - ٧٣" قَالَ اَبو حاتِمٌ سَأَلُتْ الاصْمَعيَّ، مَا هوَ اَلْروزَنُ، فَقَالَ فارِسِيٌّ وَلَا أَقولُ فِيه شَيْئًا آخَر". وَفِي مُعْجَمِ المَعاني الجامِعِ هِي كَلِمَة مُعْرَبٌة - الكوَّةَ. وَفِي قَامُوسِ المُعْجَمِ الوَسيطِ، الروزنَا: الكوَّةُ غَيْر النّافِذَةِ. وَفِي قَامُوسِ فارِسي إِنْجِليزي تَرْجِمْتها، aperture ، window . وَوَرَدَ فِي قَامُوسِ "إِدي شيرْ" مَعْنَاهَا الحَرْفيُّ في الْفَارِسِيَّةِ الضوء. (مُعْجَمُ الأَلْفاظِ الفارِسيَّةِ المُعَرَّبَةِ). وَمَذْكُور فِي مُدَوَّنَةِ "الأَلْفاظِ الفارِسيَّةِ فِي اللَّهْجَةِ البَغْدَادِيَّةِ": رَازَونَا - روزَنه، بِلَهْجَةِ اهَلِ الموصِلِ هِي فتْحَةٌ فِي سَقْفِ البَيْتِ أَوْ الغُرْفَةِ يَنْفُذُ مِنْهَا الضَّوْءَ. وَتُوجَدُ قَرْيَةٌ صَغيرَةٌ فِي إيْرانِ اسْمها روزنَا.
استخدمت الروزنَة لِنَقْلِ الحُبُوبِ إلى سَطْحِ المَنْزِلِ ليتم تَنْشيفها وَإِعادَتِها إلى البَيْتِ. وَاَيْضًا لِخُرُوجِ دُخانِ اَلْمَواقِدِ مِنْ البَيْتِ وَوَسيلَةِ إِنارَةٍ وَتهويةٍ المسْكن. رَغْمَ أَنَّهَا الأُغْنيَةُ الأَشْهَرُ فِي بِلادِ الشّامِ والْعِراقِ ،لَكِنْ تَعَدَّدَتْ الرِّوايات المُخْتَلِفَة المُتَناقِضَة لِأَسْبابِها وَفَتْرَةِ ظُهورِها.

الرِّوايَةُ الأُولَى تنقُل لَنا أنَّ سَفينَة عُثْمانيَّة كَانَتْ مُحَمَّلَةً عِنَبًا وَتُفّاحًا، وَرَسَت فِي مِينَاء بَيْروتَ لِبيع كُلّ إِنْتاجِها، بَدَلَ مَحْصُول المُزَارِعِينَ اللُّبْنَانِيِّينَ. . . وَهَذا مَا حَصَلَ، فَكَسَدَ الإِنْتاجَ اللُّبْنانيَّ، لِيَحْضر تُجّار حَلَب وَيَتَضامَنوا مَعَ اللُّبْنَانِيِّينَ وَيَشْتَروا كُل مَحْصولِهِمْ، وَيَنْقُذُوهُمَ مِن الفَقْرِ والْعَوَزِ.

أَمَّا الرِّوايَةُ الثّانيَةُ تَروي أنَّ السَّفينَةَ اَلتِي تُدْعَى "رُوزَانَا" هِيَ إيطاليَّةٌ والتي أُرْسَلتْهَا إيطَاليا إِلَى لُبْنَان وَسوريَّة إِبَان المَجاعَة الكُبْرَى، فَتْرَةُ السَّفْرِ بَرْلَكْ فِي عَامِ 1914، مُحَمَّلَة بِالْقَمْحِ. لَكِنْ عِنْدَمَا رَسَتْ فِي الْمِينَاءِ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مُحَمَّلَة عِنَب وَتُفّاح فَأُصِيبَ اللُّبْنَانِيُّونَ والسّوريّونَ بِالْخَيْبَةِ. وَرَغْمَ ذَلِكَ قَامَ أَهالي حَلَب بِتَأْمِينِ القَمْحِ اللّازِمِ لِأَهْلِ لُبْنَان لِإِنْقاذِهِمْ مِن المَجاعَةِ.

أَمّا الرِّوايَةُ الثّالِثَةُ، فتَحْكي أنَّ فَتاة عِراقيَّة مِن مَدينَةِ الموصِلِ، كَانَتْ تَتَبَادَل نَغَمَاتِ الحُبِّ مَعَ شاب مِنْ أَقارِبِها، عبْرَ فُتْحَةٍ صَغيرَةٍ فِي جِدارِ بَيْتِهَا، وَأَهْل الموصِل يُسَمّونَ هَذِهِ الفَتْحَةَ روزنَا وَتُعْرَفُ فِي بَغْدَادَ باسم رازوِنَّةِ. فَلَمَّا عَلِمْتَ أُم الفَتاةُ بِأَمْرِهَا أُقْفِلَتْ الروزْنَةُ الصَّغيرَةُ وَصَدَحَ صَوْتها بِهَذِهِ الكَلِماتِ:
عَ الرُّوزْنَا عَ الرُّوزْنَا كُلُّ البِلَى بِيهَا فَرَدَّتْ الفَتاةُ عَلَىيها:
شُو عَمِلَتْ الرُّوزْنَا حَتَّى تسْدِيَهَا.

والرِّوايَةُ الرّابِعَةُ تَفْرِض، أنَّ أَصْل الأُغْنيَةِ مِن التُّراثِ الفِلَسْطينيِّ وَأَغْلَب الظَّنِّ أَنَّهَا مِن قُرَى الجَليلِ. حِينَ كَانَ أَهْلُ تِلْكَ المِنْطَقَةِ يَنْقلون الفَوَاكِهَ مِن عِنَبٍ وَتينٍ وَتُفّاحٍ عَلَى البَهائِمِ، لِيبِيعُوهَا فِي حَلَب وَغَيْرِها مِن مُدُنِ الشّامِ. وَحَسْبَ هَذِهِ الرِّوايَةِ، أَنَّ فَتاةً جَمِيلَة، وَالِدها مِسْكينٌ وَالأُم قاسيَةٌ وَمُسَيْطِرَةٌ. أَحَبَّتْ هَذِهِ الفتاة شَابًّا مِن أَقارِبِها، وَلَمْ تَكُنْ لَدَيْها وَسيلَةٌ لِلِقاءٍ والوِصال مَعَهُ، إِلَّا عِنْدَمَا كَانَتْ تَغيبُ أُمّها، وَوالِدها فِي البُسْتانِ. فَيَقُومُ حَبيبُها بِالتَّسَلُّلِ إلى حَيِ مَحْبوبَتِهِ، فَيَجْلِسُ أمام الرُّوزْنَا، وَيَتَبادَلانِ الغَزْلَ. وَلَكِنْ لِسُوء الحَظ دَخَلَتْ الأُم مَنْزِلَها فَجْأَةً، واكْتَشَفَتْ سِرَّهمَا. عِنْدَهَا قَرَّرَتْ الاَمُّ سَطْم الرُّوزْنَا. وَحكَمَ الاَهلُ عَلَى ابْنِهِمْ، تَحْميلَ العِنَبِ وَاَلْتُفّاحَ والتَّوَجُّهَ بِهِ إلَى حَلَبَ. وأدَى هَذَا النَئِيُّ لأن تُطْلِقُ الفَتاةَ هَذِهِ الأُغْنيَةَ اَلْشَجيَّةَ.

عَالِرُوزَانَا عَالْرُوزَانَا . . . . كُلُّ اَلْحَلّا فِيهَا
شُو عِمْلَتْ اَلْروزانا . . . . اللَّهُ يّجازيها
يَا نَازِلِينْ عَا حَلَبَ . . . . حُبِّي مَعاكُمْ رَاحَ

يَا رَبِّي نَسَمَةَ هَوَا . . . . تُرَدُّ الحَبيبُ لِيَا
لِاطَّلَعَ عَلَى دارِكُمْ . . . . وَعاشِرُ احْبابِي
سَهْرانِ شُو هَمْكُمْ . . . . مَا تِدِرّوا بِعَذابِي
وَسياجِ عَ سُطوحِكُمْ . . . . مِنْ غَيْرِ بَوّابَه

كَمَا لِلْحُبِّ أَغانيه للحرْبِ أَيْضًا أَغَانِيها. والْحُزْنُ وَجْهٌ آخَرُ لِلْفَرَحِ كَمَا الحَرْبُ وَجْه آخَرُ لِلسَّلَام. كَانَتْ وَسَتَبْقَى الأَغاني المُلْتَزِمَةُ وَسيلَةً لِكِتَابَةِ سَرْدِيَة التّاريخ بِالْغَناءِ، ولِنَقُلِ التَّعْبيرِ عَن الأَلَمِ بِالْمُوسِيقَى واللَّحْنِ. وَمِن تِلْكَ الأَغاني حِكايَة أُغْنيَةِ "الرُّوزْنَا" وَالَّتِي تَعَدَّدَتْ الرِّواياتُ حَوْلَها، إلّا أَنَّهَا كَانَتْ وَمَا زَالَتْ، وَسَتَبْقَى الأُغْنيَةُ الشَّعْبيَّةُ الأَكْثَر رَوَاجًا فِي سُورْيَا، فِلَسْطينَ، العِراقِ وَلُبْنانَ.

والْمُثيرُ لِلدَّهْشَةِ، التَّنافُسُ الخَلّاقُ وَاَلْمُتَناعِم، بَيْنَ صَفَد الموصِلِ وَحَلَب وَبَيْروت لِتَبَنِّي أَحَقّيَّةِ المِلْكيَّةِ الفِكْريَّةِ، لِانْطِلَاقِ أُغْنيَةِ الرُّوزْنَا الساحِرة وَاَلْرَقيقَةِ، وَان تَقوم كُلّ واحِدَةٍ مِنْهَا بِنَسْجِ رِوايَتِها الخاصَّةِ، الزَّاخِرَةِ بِالْقِيَمِ والْمَواقِفِ الإِنْسانيَّةِ، الوَطَنِية، السّياسيَّةِ، الْاقْتِصَادِيَّةِ، الْاجْتِمَاعِيَّةُ والْأَخْلاقيَّةِ.

فَالرِّوَايَةُ السّوريَّةُ اللُّبْنانيَّة مِحْوَر رِسالَتُها، حِكايَةُ الوَفاءِ والشَّهامَةِ السّوريَّةِ مَع أَهْلِ لُبْنَانَ فِي وَجْهِ الِاسْتِعْمارِ العُثْمانيِّ، وَالَّذِي سَخَّرَ جَميعَ مَوارِد سُورْيَا الكُبْرَى فِي خِدْمَةِ مَصالِحِهِ الضَّيِّقَة. فَفَرْضَ عَلَى السُّكّانِ التَّجْنِيدَ الإِجْبَارِيَّ القَسْري. وَأَرْغَمَ هَذَا النِّظامُ الجائِرُ غالِبيَّة المُجَنَّدِينَ العَرَبِ خَوْضَ حَرْبًا، لَيْسَتْ حَرْبَهُمْ. وَيُؤَكِّدُ البَاحِثُونَ، أن الكَثير الكَثير مِن اَهَلِ بِرِّ الشّامِ مَاتُوا جُوعًا في فَتْرَة السَّفَر بَرْلَكْ، وَنَجْم ذَلِكَ بِفِعْلِ النَّقْصِ فِي القُوَى العامِلَةِ الَتي أُرْغِمَت علَى التَجْنيد أو فَرَّت إلَى الجِبَالِ مِن ناحيَةٍ، أو كَنَتيجَة لِلِسياسَةِ الإمْبَراطورية التُرْكِية الجائِرَةِ، التي احْتَكَرَت جَمْع المَحاصيلِ الزِّراعيَّةِ، وكل المَوَارِد لِصَالِحِ الجَيْش مِن ناحيَةٍ اخْرَى. كَمَا سَاهَمَ فِي تَفاقُمِ ازِمَةِ الغِذاءِ، والْفَقْرِ المُدْقِعِ والْمَجاعَةِ القَتّالَةِ، الحِصار البَحْريِّ والِاقْتِصاديِّ، الذِي فَرَضَهُ الحُلَفاءُ عَلَى الوِلاياتِ العَرَبيَّةِ الخاضِعَةِ لِلاحتلالِ العُثْماني.

والرِّوايَةُ الفِلَسْطينيَّةُ، اهَلُ صَفَدَ لِلروزْنَا، وَالَّتِي اعْتَمَدَها الكاتِبُ "اَحْمَدُ حَرْبَاوِي" وَغَنْتْهَا كُل مِن أَمَلُ مُرْقُص، وَسَناءُ مُوسَى. تَرْوِي قِيَام الاَهْل بِسِجْنِ ابْنَتِهِم داخِلَ حُجْرَة مُغْلَقَة بَعْدَ كَشْفِهِم مُغازَلَةَ مَحْبُوبِهَا مِن الروزْنَا والتي مِن مَعَانِيها فِي فِلَسْطينَ خَرَزَةً أوْ فُتْحَةَ البِئْرِ أوْ المَغَارَةُ، وَكَذَلِكَ هِيَ حُجْرَةٌ مُغْلَقَةٌ لِتَخْزِينِ الحُبُوبِ لَهَا فُتْحَةٌ عُلوية وَأخْرَى سُفلِية، وَهِيَ أيضًا الفَتْحَةُ الصَّغيرَةُ اَوْ الطَّاقَةُ أوْ اَلْرُفوف المَحْفورَة فِي الحائِطِ. كَمَا أدَت اَلصُّعوبَةُ فِي توَفِّرِ مَوادِّ البِناءِ، والْحاجَةِ لِتَوْفِيرِ الأمْنِ مِنْ الأَعْداءِ، بِأَنْ تَكون المَبَانِي مُتَراصَّةً، تَتَطَلَّبُ ذَلِكَ ضَرورَةَ تَرْكِ كوَّةٍ جِداريَّةٍ أو فِي السَقفِ (رُوزْنَا) بَيْنَ البُيوتِ لِتَخْدمَ أَهْدَافًا مَعيشَيَّة أسَاسَيَّة، مِثْل تَبادُلِ رَبّاتِ البُيوتِ الأَطْعِمَةِ والْأَحاديثِ مِن خِلالِها وَتَوْفيرِ إِمْكانيّات الهَرَبِ فِي حَالَاتِ الخَطَرِ.

رَغْمَ تَعَدُّدِ الرِّواياتِ حَوْلَ أُغْنيَةِ الروزنَا وَاسْتِحالة إِثْباتِ صِحَّة كُل واحِدَةٍ مِنْهَا. مِما دَفَعَ بَعْض البَاحِثِينَ لِرِواياتِ الروزنَا لِتَوْجيه النَقْد لَها مِن مُنْطَلَقِ أَنَّ مَضْمون وَتَسَلْسُل أحِّداثِها، لا يَقْبَلُه العَقْلُ السَلِيم والْمَنْطِقُ، أيْ هِيَ فِي مَنْظورِهِمْ اقَّرِب لِلْأُسْطُورَةِ. لَكِنَّ شَوْقِي عَبْدِ الحَكيمِ دَحَضَ هَذَا النَّقْدَ بِمَقولَتِهِ "إذَا أرْدْنا أنْ نَفْهَم شَعْبًا، فَعَلَيْنَا قِراءَة تُراثِهِ مِن خِلال رِواياتٍ حَقيقيَّةٍ وَأخْرَى خُرافيَّةٍ (دِراساتٌ فِي اَلْفولْكلورِ الفِلَسْطينيِّ - التُّراثَ الغِنائيَّ). فَرَغْمَ أنهُ فولْكُلور قَدْ انْتَقَلَ مُشَافَهَةً بِشَكْلٍ عامٍّ، فَمَن العَسيرِ تَتْبَع بِدَاياته وَصِدْقَهُ. لَكِنْ رَغْمَ ذَلِكَ يَبْقَى لَنَا ضرورَة إِدراكُ وَظيفَة الأُغْنيَةِ التُّراثيَّة، كَعُنْصُرٍ، مَخْزون فِي اذِّهانِهِمْ وَمُتَراكِمٌ فِي ذاكِرَتهم وَمُلْهِم، ليُساهِمَ فِي بَلْوَرَةِ وَتَعْزيزِ الانْتِماء، وَالهُويِّة الجَمْعيَّةِ وَالقَوْمِيَّةِ، بِهَدَفِ تَمْتينِ أَواصِر الوِحْدَة وَالمَصير المُشْتَرَكِ. عِنْدَهَا يُصْبِحُ الِاهْتِمامُ بِدِراسَةِ التُّراثِ، وَهُنَا المِثَال ع الروزْنَا، بِعَدَمِ حَصْرِه فِي تَقَصّي حَقيقَتِهِ، إنَّما بِتَشْجيعِ الافِّرادِ وَالمُهْتَمِّينَ بِالتُّرَاثِ، جَمَعَهُ وبَعْثه وَنَقَلَهُ لِلْأَجْيَالِ النّاشِئَةِ ليُرَسِّخَ جُذُورها فِي تُرابِ الوَطَنِ، ليَرْسِم ويُعَزِز القَواسِم التي تبني وتُسَانِد وِحْدتنا، لِتَزْخَر القُلوب بِالْفَرَحِ والتَّفاؤُلِ والأَمَل وَاَلْنيرڤانَا عِنْدَ إِنْشَادِ وسَماعِ أُغنِيَة عَ الروزَنا".



#الياس_خليل_نصرالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سَاسُونْ ِحِسْقِيل صَفَحاتٍ مَطْويَّةٌ مِنْ تَارِيخِ العِراق ...
- شَمْسُ الحَصَاد
- تَأْثِيلُ الدَّبَكَةِ، دَلْعونا، اَبو الزَلْفِ وميْجانًا
- صَفْجَاتٌ مُغَيَّبَةٌ مِنْ تَارِيخِ سُورْيَا الْحُقوقيُّ الس ...
- رُهابُ (فوبيا) العَيْنِ والْحَسَدِ – تَغْليبُ الخُرَافَاتِ ع ...
- تَأْصيلُ عِبارَتَي اَلْدحَيِّ وَاَلْدحْيَةِ
- التَّلاقُحُ بَيْنَ اللُّغَاتِ
- مرحلة الاتزان
- مرحلة الرزانة
- طقوس وعادات من عَبَقِ الماضي السحيق، ما زلنا نمارسها!
- قراءة في كتاب وليد الفاهوم* -دراسات في الدين والدنيا والإسلا ...
- آراء المؤرخين في نشأة المعتزلة، تّسميتها ومواقفها!
- أسطورة نفرتيتي بين الواقع والخلود
- التخمة بين القمة والقاع في الدولة العباسية
- الولوج الى العتبات الحياتية في قواني امورابي (حمورابي)
- المثقف وأوتاد الثقافة المنفتحة
- نظرة عصرية في ادب ابن العميد
- الحصانة البرلمانية بين الانتهازية والمساواة
- لمحة عن صراع عبدالله اوچلان والنظام الاوردوغاني
- الطب الشعبي في الميزان تعريف الطب الشعبي - التقليدي


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الياس خليل نصرالله - ع الروزْنَا أُغَنيَةٌ شَعْبيَّةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ صَفَد، حَلَب، بَيرُوت والْموصِلِ