أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - الياس خليل نصرالله - سَاسُونْ ِحِسْقِيل صَفَحاتٍ مَطْويَّةٌ مِنْ تَارِيخِ العِراقِ الحَديثِ















المزيد.....


سَاسُونْ ِحِسْقِيل صَفَحاتٍ مَطْويَّةٌ مِنْ تَارِيخِ العِراقِ الحَديثِ


الياس خليل نصرالله

الحوار المتمدن-العدد: 7179 - 2022 / 3 / 3 - 01:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يَتَّفِقُ كَثِيرُون فِي تَثْمينِ شَخْصيَّتِهِ وَمُمَارَسَاتِهِ فِي إِدارَةِ وَصيانَةِ الْمَالِ العامِّ وَأَنَّهُ كَانَ أَشْهُر وَأَنْزَه وَزير ماليَّةٍ عِراقي فِي تَارِيخِ الحُكوماتِ العِراقيَّةِ المُتَعاقِبَةِ، فَهُوَ أَوَّلُ وَزيرِ أَسْهَمَ بِشَكْلٍ كَبيرٍ فِي وَضْعِ الأُسُسِ الصَّحيحَةِ وَاَلْسَليمَةِ لِقِيَامِ الْاقْتِصَادِ العِراقي.
وُلِّدَ وعاش سَاسُونْ حِسْقِيلَ 1860 - 1932، لِأُسْرَةٍ يَهوديَّةٍ بَغْداديَّةٍ قَديمَةٍ، وَكَانَ والِدُهُ مِنْ رِجالِ الدّي نِ اَلْمُتَفَقِّهينَ فِي الشَّريعَةِ اليَهوديَّةِ، وَقَدْ شَيَّدَ كَنيسًا فِي بَغْدَادَ سَنَةَ 1909 م. وَتَلَقَّى سَاسُون دِراسَتَه فِي مَدْرَسَةِ اَلْاليانِسْ. ثُمَّ قَصْدَ اسْتانْبولْ فِي أَوائِلِ سَنَةِ 1877م ليَدْرُسَ فِي المَدْرَسَةِ السُّلْطانيَّةِ، وَالْتَحِقَ بَعْدَهَا بالأكاديمية القُنْصُليَّةِ فِي فِينَا. ثُمَّ عَرَّجَ بَعْدَ تَخَرُّجِهِ مِن الأَكاديميَّةِ عَلَى بِرْلينْ وَلَنْدَنْ. وَعادَ بَعْدَهَا إِلَى اسْتانْبولْ وَنَالَ إِجازَةَ الحُقوقِ، وَعادَ إِلَى بَغْدَادَ عام 1885 م، وَجَرَى تَعْيينهُ بِوَظيفَةٍ مُهِمَّةٍ كَمتُرْجُم لِوِلايَةِ بَغْدَادَ، والتي وفَرت لَهُ حَلْقَةَ اتْصال بقناصل أَجانِبِ. أُنْتُخِبَ سَاسُونَ كنَائِب عَنْ بَغْدَادَ فِي مَجْلِسِ النّوّابِ التُّرْكيِّ الأَوَّلِ مَعَ إِعْلانِ الدُّسْتورِ 1908، وَظَلَّ يَشْغَل مَقْعَد النّيابَةِ إِلَى نِهايَةِ الحَرْبِ العالَميَّةِ الأُولَى ، وَانْفَصَالُ العِراقِ عَنْ الدَّوْلَةِ العُثْمانيَّةِ عام 1918. وَبَرَزَ فِي المَجْلِسِ بِتَعَدُّدِ نَشَاطَاتِهِ وَتَوَلّيه رِئاسَةَ لَجْنَةِ الماليَّةِ فِي المَجْلِسِ. تَمَّ تَعْيينُهُ عَامَ 1913 مُسْتَشَارًا لِوَزارَةِ التِّجارَةِ. وَفِي آذَارَ 1921 حَضَرَ مُؤْتَمَرُ القاهِرَةِ بِرِئَاسَةِ وَزيرِ المُسْتَعْمَرَاتِ "وِنْسْتونْ تْشِرْشِلْ" مَعَ المَنْدوبِ السّامي السير بِرْسي كُوكسْ وَوَزيرِ الدِّفَاعِ جَعْفَرِ العَسْكَريِّ، حَيْثُ تَقَرَّرَ تأْسِيس المَمْلَكَةِ العِراقيَّةِ وَتَتْويجُ الأَمير فَيْصَل ملِكًا عَلَيْهَا.

سَاسُونْ حِسْقِيلْ وَتاريخ العِراقِ الحَديثِ:
خَطًّا العِراقُ نَحْوَ تَوْثيقِ حِقْبَةٍ مُهِمَّةٍ في تاريخِهِ الحَديثِ تَتَعَلَّقُ بِشَخْصيَّةٍ يَهوديَّةٍ عِراقيَّةٍ، كَانَ أَوَّل وَزيرٍ ماليَّةٍ لِلْبِلَادِ وَرائِد إِصْدارِ عمْلَتِها الوَطَنيَّةِ وهوَ سَاسِونَ حِسْقِيل اَلَّذِي تَوَلَّى حَقيبَةَ الماليَّةِ فِي خَمْسِ حُكوماتٍ بَيْنَ عَامَيْ 1921 - 1925. إِلَّا أَنَّ بِرِيطَانْيَا عَارَضَتْ وَمَنَعَتْ تَوَلّيه هَذِهِ اَلْحَقيبَةَ لَاحِقًا.
كَانَ سَاسُونَ حِسْقِيلْ هوَ أَحَد الأَعْضاءِ الثَّمَانِيَةِ فِي أَوَّلِ حُكومَةٍ عِراقيَّةٍ قَامَ بِتَأْسيسِها السَّيْرُ بِرْسي كُوكسْ "المَنْدوبُ السّامي البِريطانيُّ"، ثُمَّ جَرَى تَعْيينه أَوَّل وَزير ماليَّةٍ فِي حُكومَةِ رَئيسِ الوُزَرَاءِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّقيبِ المُؤَقَّتَةِ بَيْنَ عَامَيْ 1918 وَ 1921 وَتَمَّتْ تَسْميَتُهُ وَزِيرًا لِلْمَالِيَّةِ فِي وِزارَةِ النَّقيبِ الثّانيَةِ والثّالِثَةِ عَامَ 1921، وَفِي وِزارَةِ عَبْدِ اَلْمُحْسِنِ اَلْسَعْدونَ الأولَى وَفِي وِزارَةِ يَاسِينَ الهاشِمي، أَيْ شَغَلَ مَنْصِبَ وَزيرِ الماليَّةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ إِبَّانَ الحُكْمِ المَلَكيِّ. وَيُعْتَبَرُ سَاسُونَ مِنْ الشَّخْصِيَّاتِ العِراقيَّةِ البارِزَةِ فِي تَارِيخِ العِراقِ المُعاصِرِ، وَيَرْتَبِطُ هَذَا بِحِرْصِهِ عَلَى التَّقاليدِ البَرْلَمانيَّةِ الصَّحيحَةِ وَتَطْبيقِ النِّظامِ الدّاخِليِّ لِمَجْلِسِ النّوّابِ العِراقيِّ. لَقَدْ نَالَ بِفَضْلِ إِنْجازاتِهِ أَنَّهُ "أُقَدِّر رَجُل فِي مَجْلِسِ الوُزَرَاءِ لِمَواقِفِهِ الصّلْبَةِ وَالْمُتَزَنَةِ، وَنَظْرَتِهِ إِلَى الأُمورِ مِن خَلْفيَّةِ وَمَنْظورِ حُقوقيِّ دُّسْتوريِّ".
وَكَانَ يُمارِسُ مَهامّه وَصَلاحياتِهِ بِحُرّيَّةٍ وَنَزاهَة وَمِهْنيَّة وإِخًلاصِه وَبِرُؤْيَةٍ عَميقَةٍ وَبَعيدَةَ المَدَى. كَمَا أَسْهَّمَ بِشَكْلٍ كَبيرٍ فِي وَضْعِ الأُسُسِ الصَّحيحَةِ لِبُنْيِّةِ الاقْتِصادِ العِراقيِّ وَبِناءِ نِظامٍ ماليَّتِهِ عَلَى أُسُسٍ دَقيقة وَمَتِينة. وَيَذْكُرُ فَتْحي صَفْوَتٍ، فِي مَجَلَّةِ دِراساتٍ فِلَسْطينيَّةٍ بِأَنَّهُ عُثِرَ فِي أَوْراقِ رَفائيلْ بَطّو بِأَنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ الهِيبِي، أَحَدَ أَعْضاءِ وِزارَةِ الهَاشِمِي الأُولَى أَنَّهُ عِنْدَمَا كَانَ حِسْقيلُ وَزِيرًا لِلْمَالِيَّةِ، وَجَرَتْ مُناقَشَة بَعْض الأُمورِ الْاقْتِصَادِيَّةِ وَعَرضَ حيسْقُلُ فِي حِينِهِ عَلَى مَجْلِسِ الوُزَرَاءِ النِظام الماليِّ لِلوِزارَةِ، وَخطَّته الاقْتِصَادِيَّةُ، فواجَهَ مُعارضَة وَمَقاطعَة بَعْض الوُزَرَاءِ، كَانَ مِنْ بَيْنِهِمْ جَعْفَرُ العَسْكَريِّ، فَمَا كَانَ مِنْ سَاسُونَ إِلّا أَن يَنْتَفِضَّ فِي وَجَّهِهِمْ وَبِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ "أَرْجُو يَا جَعْفَرٌ بَاشَا أَلّا تَتَدَخَّلَ فِي أُمور لَا عَلاقَةَ لَكَ بِهَا، وَلَا تعْرفُ عَنْهَا شَيْئًا، فَهَذِهِ قَضَايَا قانونيَّة وَأَنْتَ رَجُلٌ عَسْكَريٌّ". "وَكَمَا أَنِّي لَا أُعَارِضُكَ فِي الشُّؤُونِ العَسْكَريَّةِ، فَأَطْلِبُ مِنْ حَضْرَتِكَ عَدَمُ مُعارَضَتِي فِي مَوْضوعٍ هوَ مِن اخْتَصَاصِي. فَإِذَا وَافِقَتْمْ عَلَيْهُ فَفِيه خَيْرًا وَإِلَّا فَلَنْ أَعْمَل مَعَكُمْ وَغَادَرَ الجَلْسَةَ". إِلَّا أَنَّ رَئيسَ الوُزَرَاءِ الهاشِمي قَامَ بِإرْجاعِهِ، وَتَمَّتْ المُصادَقَةُ عَلَى اقْتَرَاحَاتِهِ الماليَّةِ. يَتَّفِقُ كَثِيرُونَ فِي تَقْويمِ شَخْصيَّتِهِ وَمُمَارَسَاتِهِ فِي إِدارَةِ وَصيانَةِ الْمَالِ العامِّ بِأَنَّهُ كَانَ أَشْهر وَأَنْزَه وَزيرَ ماليَّةٍ عِراقيٍّ فِي تَارِيخِ الحُكوماتِ العِراقيَّةِ المُتَعاقِبَةِ، فَهُوَ أَوَّلُ وَزيرِ أَسْهم بِشَكْلٍ كَبيرٍ فِي وَضْع الأُسُسِ وَالأَنْظِمَةِ الصَّحيحَةِ وَاَلْسَليمَةِ لِقِيَامِ مَنْظومَةِ اقْتَصَادٍ عِراقيٍّ وَماليٍّ يَرْتَكِزُ عَلَى قَواعِدِ الإِدارَةِ السَّليمَةِ، النّاجِعَةِ وَاَلْشَفّافَةِ. حَيْثُ قَالَ عَنْهُ أَمينُ الرَّيْحاني فِي كِتابِهِ مُلوك العَرَبِ: "إنْهُ الوَزير الثّابِت فِي الوِزَارَاتِ العِراقيَّةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي العِراقِ مَن يُضاهيه فِي عِلْمِ الاقْتِصادِ وَبُعْدِ البَصيرَة فِي إِدْراكِ وَإِدارَةِ الشُّؤُونِ الماليَّةِ". وَاشْتَهْرَ أَنَّهُ كَانَ مُتَشَدِّدًا فِي مُحاسَبَةِ المُوَظَّفِينَ وَالمَسْؤُولِينَ غَيْر مُسْتَثْنيّ مِنْ ذَلِكَ، الْمَلِك فَيْصَل الأَوَّل والحُكومَة البِريطانيَّةُ، فَلَمْ يَتْرُكْ لَهُمْ ثغْرَةً لِلإسَاءَةِ لِماليَّةِ البِلادِ، وَمِن هُنَا جَاءَتْ الكَلِمَةُ اَلْمُتَرَدِّدَةُ عَلَى أَلْسِنَةِ الكَثيرِ مِنْ العِرَاقِيِّينَ "يَحْسُقَلْهَا. . . تُرِيدُ إتَحَسُّقُلَهَا عَلي"، بِمَعْنَى التَشَدُّدُ فِي المُحاسَبَةِ. كَمَا يَذْك عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ سَريعَ الغَضَبِ مَعَ المُوَظَّفِينَ إِذَا وجِدَ مِنْهُمْ تَهَاوُنًا أَوْ تَقْصِيرًا. وَيَنْقل مِيرْ بَصَري، أَنَّ صَفْوَتَ بَاشَا حَدَّثَهُ حِينَمَا كَانَ ناظِرًا لِلْخَزِينَةِ المِلْكيَّةِ الخاصَّةِ عَنْ نَفَقاتِ البَرِيدِ والْبَرْقِ المُخَصَّصَةِ لِلدِّيوَانِ المَلَكيِّ عَامَ 1925، بِأَنَّهَا كَانت قَدْ نَفّذَتْ قَبْلَ أَشْهُرٍ مِن انْتِهاءِ السَّنَةِ الماليَّةِ نَتيجَةَ تَواتُر اَلْبَرْقيّاتِ اليَوْميَّة لِلْاطْلَاعِ عَلَى تَطَوُّراتِ الحَرْبِ الحِجازيَّةِ النَجَديَّةِ. فَكَتَبَ الدّيوانُ المَلَكي إِلَى وِزارَةِ الماليَّةِ يَسْأَلُهُا الموافَقَةُ عَلَى نَقْلِ مَبالِغَ مِن بَنْدٍ آخَرَ فِي الميزانيَّةِ المُصادَق عَلَيْهَا لِخِدْمَاتِ البَرِيدِ ، وَذَلِكَ لِتَغْطِيَةِ العَجْزِ الحاصِلِ ، فَرَفَضَ هَذَا الِاقْتِراحُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا والْمُلْكُ كان يَسْمَعُ رَدَّهُ لوُجودِه فِي غُرْفَةٍ مُجاوِرَةٍ. إِلَّا أَنَّ المَلِكَ تَقبَلُ هَذَا الرَّفْضَ، تَقْدِيرًا لِحِرْصِ وَزيرِ ماليَّتِهِ المتَّمَسّك بِقَواعِدِ التَّوْفيرِ والْمُحافَظَةِ عَلَى خَزينَةِ الدَّوْلَةِ. وَيَكْتُبُ عَنْهُ الباحِثُ ضِيَاء كاظِمِ العِراقيِّ: "عِنْدَمَا طَلَبَ المَلِكُ مِن حِسقيل صَرْفَ مَبْلَغ 20 دِينَار لِبِنَاءِ مَدْرَسَةٍ فِي لِواءِ الدّيوانيَّةِ، بَعْدَ مُطالَبَةِ السُّكّان بِبِنَائِهَا، رَدَّ سَاسُونَ عَلَى المَلِكِ: "لَقَدْ أُقِرَّتْ الميزانيَّةُ وصادَقَ عَلَيْهَا البَرْلَمانَ، وَلَيْسَ هُنَاكَ أَيّ مَجالٍ لِلتَّلَاعُبِ فِي الشُّؤُونِ اَلَّتِي أقرّها البَرْلَمان".

وَكَتَبَ كَثِيرُونَ عَن مَواقِفِهِ الثّاقِبَةِ عِنْدَمَا كَانَ عُضْوًا فِي الوَفْدِ العِراقيِّ عَامَ 1923 لِلتَّفَاوُضِ بَيْنَ العِراقِ وَشَرِكَةِ النِّفْطِ البِريطانيَّةِ، اَلَّتِي كَانَتْ مُسَجَّلَةً إلى حِينِهِ بِاسْمِ شَرِكَةِ النِّفْطِ العِراقيَّةِ التُّرْكيَّةِ، لِتَوْقِيعِ اتْفَاقِيَّةٍ جَديدِهِ لِحِصَّةِ العِراقِ مِنْ النِّفْطِ. وَأَثْبَتَ فِي هَذِهِ المُفاوَضاتِ بَرَاعته وَبُعْد نَظَرِهِ فِي المَجالِ الْاقْتِصَادِيِّ وَالشُؤونِ الماليِّة بِالْاسْتِجَابَةِ لِطَلَبِهِ بِأَن يَتَضَمَّنَ الْاتْفَاقُ أحد الشروط بِأَنْ تَدْفَعَ الشَّرِكَةُ حِصَّتَها لِلْعِرَاقِ بِالذَّهَبِ وَلَيْسَ بِالنَّقْدِ الوَرَقيِّ البِريطانيِّ. وَوَاجَهَ فِي حِينِهِ اقْتِراحهُ هَذَا، إصبع الاتْهامُ بِأَنَّهُ مِن الطِّرازِ القديم، لِأَنَّ النَّقْد البِريطانيَّ كَانَ فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ أَقْوَى النقود فِي العالَمِ. فَرَدٌ عَلَيْهُمْ صَحيحٌ أَنَا رَجُلٌ مُتَحَجِّرِ الفِكْرِ وَمِن بَقَايَا العَهْدِ العُثْماني وَلَكِنْ أُصِر على تَسْجيل اشْتِرَاطِ الدَّفْعِ بِالذَّهَبِ وَكَانَ لَهُ مَا طالَبَ بِهِ بِإِصْرارٍ. وَمَعَ انْفَصَالِ ارْتِبَاطِ صَرْفِ نَقْدِ بِرِيطَانْيَا بِالذَّهَبِ عام[ 1930] وَالَّذِي أَدَّى لِهُبوطِ قيمَةِ النَّقْدِ البِريطانيِّ وَارْتِفَاعِ سِعْرِ الذَّهَبِ، الأَمْر الذي أَدَّى لِاسْتِفَادَةِ العِراقِ مَالِيًّا نَتيجَةَ هَذَا التَّغْييرِ لِازْدِيَادِ مَدْخُولَاتِهِ مِنْ عَائِدَات النِّفْطِ، لِيُؤَكِّدَ بِشَكْل قاطِعٍ أَنّ مَا اشْتَرَطَهُ حِسْقِيلُ صَبَّ فِي مَصْلَحَةِ مَالِيَة العِراقِ. وَلَا عَجَبَ أَنْ تَنْزَعِجَ بِرِيطَانِيّا مِن وُجودِهِ عَلَى رَأْسِ وِزارَةِ الماليَّةِ فِي كُلِّ مُفَاوَضَاتِهَا مَعَ حُكومَةِ العِراقِ، وسَعت إِلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ، وَتَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ سُقوطِ حُكومَةِ يَاسِينَ الهاشِمي.

وَيَنْعَكِسُ وَيَتَجَلَّى دوْره الوَطَنِي بِأَنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا ومُخْلِصا كَغَيْرِهِ مِنْ النُّخَبِ العِراقيَّةِ الوَطَنيَّةِ بِكُلِّ أَطْيَافِهَا، بِإِمْكَانِيَّةِ صهْرِ جَميعِ الطَّوائِفِ والْفِئاتِ والْأَقَلّيّاتِ فِي بَوْتَقَةِ الوَطَنِ وأن يَبْذُل كُل طَاقَاته وَقُدْراته لِخِدْمَةِ مَصْلَحَةِ الوَطَنِ. وَهَذَا مَا أَكَّدَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهُ د. مَظْهَرُ صالِح فِي نَدْوَةِ مَعْرض أَرْبيل الدَّوْليُّ لِلْكِتَابِ فِي مَوْضوعِ دَوْرِ الْاقْتِصَادِيِّ اليَهوديِّ سَاسُونَ حِسْقِيلْ "بَانَهُ كَانَ شَخْصيَّةً عِراقيَّةً مُثَقَّفَةً وَمُؤَسِّسَةً لِلدَّوْلَةِ العِراقيَّةِ انتَمِت إِلَى عائِلَةٍ بَغْداديَّةٍ عَريقَةٍ غَنيَّةٍ كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا لَقَب رُوتْشِيلْدْ الشَّرْقِ. وَأَضَافَ أَنَّهُ كان شَخْصيَّة عِراقيَّة وَطَنيَّة، عَملَتْ بِإِخْلاصٍ فِي الدَّوْلَةِ العُثْمانيَّةِ بِوَظيفَةِ تُرْجُمانِ الدَّوْلَةِ وَبِعُضْويَّته فِي مَجْلِسِ النّوّابِ العُثْماني 1908. وَأَضَافَ أَنَّهُ عِنْدَمَا انْسَلِخَ العِراقُ عَنْ الدَّوْلَةِ العُثْمانيَّةِ بَعْدَ الْاحْتِلال وَفُرِّض عَلَيه الانْتِدَابِ البِريطانيِّ، اشْتَرِكَ فِي مُؤْتَمَرِ المُسْتَعْمَرَاتِ في القاهِرَةِ، وَالَّذِي جَرَى فِيه تَقْريرُ مَصير العِراقِ كَدَوْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ. وَكَانَ اَوَّل اَلْمُرَحَّبينَ بِفِكْرَةِ قُدومِ فَيْصَل الأَوَّلِ مِلْكًا لِلْعِرَاقِ. كَمَا أَنَّهُ كَانَ أَوَّل وَزيرٍ ماليَّةٍ فِي فَتْرَةِ الِانْتِدابِ، وشَغْلَ لِخَمْسِ مَرَّاتٍ مَنْصِبَ وَزيرٍ ماليَّةٍ في دوْلَةِ العِرَاق المُسْتَقلِ. وَتُؤَكِّدُ كُلّ الكِتَابَاتِ، أَنَّهُ كَانَ أَذْكَى وَأَخْلِصَ وَزيرٌ عِراقيٌّ". رَغْمَ أَنَّ المَلِكَ فَيْصَل حَاوَلَ أَنْ يلْبَسَهُ السيدارَة، لَكِنَّهُ رَفَضَ ذَلِكَ رَغْمَ أَنَّهُ علْماني التَّوَجُّهَ. وَسَاهَمَت هَذَه الشَخصية ولأول مَرَّةٍ فِي تَارِيخِ المِنْطَقَةِ بِاعْتِمادِهِا موازَنَةً الميزانية وَالمَعْروفَةِ بِاسْمِ موازَنَة البُنودِ الَتِي نَقلَها مِنْ بِرِيطَانْيَا، اَلَا أنْهُ طَبَّقهَا تَزَامُنًا مَعَ تَطْبيقِها فِي الوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ. وَتُعْتَبَرُ هَذِهِ الخُطْوَةُ حَجَر الأَساسِ لِبِنَاءِ ميزانيَّةٍ وَنِظامٍ ماليٍّ فِي العِراقِ عِنْدَمَا كَانَتْ المِنْطَقَةُ كُلّها لَا تَعْرِفُ الموازَنَةَ. كَمَا سَاهَمَ فِي بِناءِ نِظامِ مَالِي انْطَلَقَ مِن قاعِدَةِ المُعارَضَةِ لِلتَّبْذِيرِ والتَّلاعُبِ بِالْمَالِ العامِّ، وَعَدَمِ التَّواني والتَّرَدُّدِ لإيقَافِ الحُكومَةِ عِنْدَ حَدِّها إِذَا أَسَاءَتْ التَّصَرُّف بِالْمِيزَانِيَّةِ.
وَيَكْتب يَاسِينُ الهاشِمي: "عِنْدَ ذِكْرِ سَاسُونَ أَفَنْدِي، يَجيء ذَلِكَ مَقْرُونًا بِالْكِفَاحِ العَظيمِ فِي تَنْظيمِ شُؤونِ دَوْلَةِ العِراقِ فِي سنّي الِانْتِدابِ العِجافِ". وَكَمِثالٍ لِتَوَجُّهِهِ الحَريصِ عَلَى الْمَالِ العامِّ، تَدْقيقُهُ فِي الاقْتِراح لِتَخْصيصِ ميزانيَّةِ 300 دِينَار، لِتَرْمِيمِ القَشْلَةِ. فَقَامَ بِبَحْثِ وَتَدْقيق التَّكاليفِ مَعَ المُهَنْدِسِ المَسْؤولِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ هُنَاكَ 45 دِينَارًا مِنْ اَلْمالِ السَّائِبِ، فَصادِقَ بِأَنْ تَكونَ ميزانيَّة هَذَا المَشْروعِ 255 دِينَارًا، احْتَجَّ وَزيرُ الدّاخِليَّةِ فِي حِينِهِ مُصِرًّا تَخْصيصَ الميزانيَّةِ اَلَّتِي قَدَّمَهَا لِلْأَهَمِّيَّةِ التّاريخيَّةِ لِهَذَا المَشْروعِ. فَرَد عَلَيْهُ، يَا سيادَةُ الوَزيرِ إِنَّ الحِفاظَ عَلَى المَعَالِمِ التّاريخيَّةِ فِي بَغْدَادَ، يَجِبُ أَن يَكونَ مُتَوازيًا مَعَ الحِفاظِ عَلَى الْمَالِ العامِّ، وَبَعِيد عَنْ الاهْدارِ. لِأَنَّ الإِهْدارَ يُؤَدي لِأن يُصْبِح الْمَال سَائِباً، وَهَذَا بِدَوْرِهِ يُعَلِّمُ اَلسَّرِقَةَ، عِنْدَما العِراق يُسْرِقُ، وَماله يُهْدِرُ، والشَّعْبُ يَجوعُ، سَيَكون اللَّهُ فِي عَوْنِ الشَّعْبِ المِسْكينِ". وَمِن إِنْجازاتِهِ فِي حُقولِ الْمَالِ دَعْمهُ مَعَ مُديرِ المُحاسَباتِ ابْراهيمْ الكَبيرِ، وَهُوَ خَبيرٌ مَالِيٌّ عِراقيٌّ يَهوديٌّ، بالمُشَارَكة مِن لندن فِي تَأْسيسِ مَجْلِس نَقْدِيٍّ عِراقيٍّ ليَحلَّ مَكان نِظامِ التَّداوُلِ النَّقْديِّ، الَّذِي كَانَ خَلِيطًا مِن نُقودٍ انْجِلِيزِيَّةً، روبيَّةً هِنْديَّةً وَليرَة عُثْمانيَّةً. وَفِعْلًا أَصْدَرَتْ العِراقُ أَوَّل دِينَارٍ عِراقيٍّ بَعْدَ وَفاتِهِ، فَيَكُونُ لَهُ بذلك الفَضْل في هَذا لمِضْمار بِتَأْسِيسِ موازَنَةِ البُنودِ وَالسّياسَةِ النَّقْديَّةِ وَإِصْدارِ أول نَقْدٍ عِراقي موَحَّد.
إنّ شَخْصيَّة حِسْقُيلَ تركت بصماتها فِي تَارِيخِ العِراقِ السّياسيِّ الحَديثِ، فَهُوَ أَوَّلُ وَزيرٍ ماليَّةٍ فِي دَوْلَةِ العِراقِ الحَديث، والْيَهوديِّ الوَحيدُ اَلَّذِي شَغَلَ مَنْصِبَ الوِزارَةِ فِيهَا، وَمِن رِجالاتِ العِراقِ اَلَّذِينَ أَسْهَمُوا مُساهَمَةً فَعّالَةً فِي تخطيط وَتَأْسيسِ مُسْتَقْبَلِهِ، وَإِرْسَاءِ كيانه السّياسيِّ والْإِداريِّ والْماليِّ. أضَّفَّ لكل ذَلِكَ تَمَيّز بثَقافَتُهُ متَعَددة مَجالاتِ المَعْرِفَة، فَكَانَ يُتْقِنُ سَبْع لُغاتٍ وَيَمْلِكُ مَكْتَبَةً ضَخْمَةً وَثَريَّةً بِمَصادِرِها وَالَّتِي بِقَرارِ مِنْ الحُكومَةِ أَصْبَحَتْ فِي السَّبْعيناتِ مِنْ القَرْنِ الْمَاضِي جُزْءًا مِن المَكتَبَة العِراقيِّة الوَطَنيّة. وَحَظِيَ بِتَقْديرٍ واسع لِيَتَقَلَّدَ عَدَدًا مِن اَلْأَوْسِمَةِ مِنْهَا وِسامُ المَلِكِ جُورْجْ الخامِسِ، وِسامُ الِامْبِرَاطُورِيَّةِ الفارِسيَّةِ وَكُوِرُش، إِضافَةً إِلَى وِسامِ الرَّافِدَيْنِ مِنْ فَيْصَلِ الأول وَوِسامِ الامْتِيَازِ مِنْ الحُكومَةِ العُثْمانيَّةِ.

رَغْمَ مَا قَدَّمَهُ لِلْعِرَاقِ، هُنَاكَ مِنْ يُشَكِّكُ فِي الهَالَةِ اَلَّتِي أُحِيطَتْ بِهِ وبِنَزاهَتِهِ، فَيَصِفُ البَعْضُ أَنَّ سِرَّ نَجاحه هُو دَعْمَ بِرِيطَانْيَا لَهُ. لَكِنَّ سيرَتَهُ أَثْبَتَتْ تَحَدّيَه وَتَصَدّيه لِكُلِّ مَشْروعٍ وَخطَّةٍ بِريطانيَّةٍ إِذَا كَانَتْ لَا تَصُبُّ فِي خِدْمَةِ مَصْلَحَةِ العِراقِ. وَيَتَوَجَّبُ عَلَى كُلِّ باحِثٍ في تَارِيخِ العِراقِ الحَديثِ عَدَم التَجاهلِ، وَالتَغْييبِ وَالتهمْيش لِلظُّروفِ والسّياقُ التّاريخيُّ لِهَذِهِ الحِقْبَةِ حَيْثُ كَانَ الاسْتِعْمَارُ الْبَرِيطَانَي مِنْ القُوَى المُسَيْطِرَةِ عَلَى شَرْقِنا وَعالِمِنا. لِذَا مِنْ الضَّرُورِيِّ التَّعامُل مَعَ أَعْمالِهِ وَإِنْجَازَاتِهِ وَتَقْوِيمِهَا مِن خِلالِ عَمَليّاتِ صَيْرورَةِ مخاضِ تَارِيخِ العِراقِ فِي حِينِهِ. وَيَتَصَدَّى الكاتِبُ المارْكِسيُّ جاسِمُ المَطيِرِ، لِمُحاوَلاتِ الطَّعْنِ فِي شَخْصيَّةِ حِسَقُيلَ بِتَأْكيدِهِ "بِأَنَّ اخْتِيَارَهُ لِمَنْصِبِ وَزيرٍ كَانَ اخْتِيَارًا وَظِيفِيًّا مهنيا وَلَيْسَ من باب السِيَاسِية وَلَا الديانة وَلَا المَذْهَب. كَانَ هَذَا الْاخْتِيَارُ ينطلق من الكَفَاءةِ والْمِهْنيَّةِ والفعالية فِي الأداء لِإِدَارَةِ الْمَالِ العِراقيِّ الْعَامِّ. وَيُضِيفُ أَنَّهُ كَانَ فِي قِمَّةِ الكَفاءَةِ، النَّزاهَةُ والْأَمانَةُ والْإِخْلاصُ لِلْمَالِ العِراقيِّ العامِّ، حَتَّى أَنَّهُ هَدَّدَ ذَاتَ مَرَة بِالْاسْتِقَالَةِ، إِذَا أَصَرَّ المَلِكُ فَيْصَلٌ رفضه عَدَم الِموافَقَة عَلَى المطلب لِتَخْصيصِ ميزانيَّةٍ إِضافيَّةٍ لِمَصْروفاتِ البَلَاطِ المَلَكيِّ".
بِرَأْيِي مَواقِف كهَذِهِ هِيَ البُرْهانُ القاطِع لالتِزامِهِ الجَريءِ بِالْحَقِّ، العَدْلُ والْأَمانَةُ والإخْلَاص لِلْوَطَن والشَعْب.

وَيُشِيرُ لَبيب رَؤوف حَسَن فِي كِتابِهِ "مُعْجَمُ الكَلِماتِ، المُصْطَلَحاتُ العِراقيَّةُ" بِأَنَّ العِراقيَّ حَتَّى يَوْمِنَا يسْتَعْمَلُ مُصْطَلَحَ حسقل بِمَعْنَى قَتَر. وَيذْكَرُ أَنَّ أَصْلها وَمَصْدَرها اسْم سَاسُون حِسْقِيلْ (وَزيرُ الماليَّةِ) لِأَنَّهُ كَانَ يُحَقِّقُ وَيُدَقِّقُ فِي جَميعِ مَصاريفِ الدَّوْلَةِ قَبْلَ موافَقَتِهِ عَلَيْهَا. أَيْ هَذَا المُصْطَلَحُ لَا يُشِير إِلَى البُخْلِ إِنَّمَا لِلأَمانَةِ والْحِرْصِ عَلَى أَمْوالِ الدَّوْلَةِ، حَتَّى أَصْبَحَت مقولة، يَسْتَعْمِلُهُا العِراقيُّ يَوْمِيًّا فِي اللُغة العَامية بِقَوْلِهِ "لَا تَحْسَقُلُهَا"، بِمَعْنَى لَا تَمْحِصَ وَتُدَقِّقَ فِيهَا لِحَدِّ تحسب الفِلَسْ.
وَأَخِيرًا يَبْقَى أَن نَسْأَلَ لِمَاذَا غُيّبَ رِثَاء كُل مِنْ سَاسُونْ وَالمُحْسِنِ العِراقيِّ مَناحِمْ دانْيالْ (اَلْمُتَبَرِّع بِبِنَاءِ عمارَةِ الايْتَامِ الإِسْلاميَّةِ 1928) مِن ديوان الأشعار الكاملة للشّاعِرِ مَعْروفِ الرِّصافي، والصّادِرُ بِطَبْعَته الأُولى وَالثَانِيَة عَنْ دَارِ الْعُودِة، فِي بَيْروتَ عَامَ 1972، وَبِأَيِّ حَقٍّ تتجاسر وتَكْتَبُ دَارُ النَّشْرِ أَنَّهَا نشِرَتْ ديوَان شِعْر الرِّصافي كَامِلًا. سَتَبْقَى هَذِهِ المُمارَساتُ وَصْمَة عَارٍ، وَمَسًّا بِالْأَمَانَةِ فِي النَّشْرِ، مِنْ مُنْطَلَقات مُنافيَةٍ لِلْمَنْطِقِ وَالمَوْضُوعِيَّةِ وَحَقِّ الجُمْهورِ فِي المَعْرِفَةِ، وَتَجاهُلِها هذا لَا يَمسّ بِمَكانَةِ وَسُمْعَةِ الشَّخْصِيَّتَيْن حذِفَ قَصيدَةَ رِثاءِ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا، إِنَّمَا هوَ كَيْدٌ مُرْتَدّ الَّى نَحْرِ اَلْمُزَيَّفينَ أَصْحاب الضَّمائِرِ المَطّاطيَّةِ.
وَأُرْفَقُ هنا القَصيدَةُ اَلَّتِي كَتَبَها وَأَلْقَاهَا مَعْروفُ الرِّصافي فِي رِثائِهِ:

نَعَى البَرْقُ مِنْ بَارِيسْ سَاسُونَ فَاغتدَت
بَغْدَادُ أَمُّ المَجْدُ تَبْكِي وتَنَدَّبٌ
وَلَا غَرْوَ أَنْ تَبْكيَهُ اذَّ فَقَدَتْ بِهِ
نَواطق اعِّمالٌ مِنْ المَجْدِ تُعْرِبُ
لَقَدْ كَانَ مَيْمونُ النَقيبَةِ كُلُّها
تَذَوْقُتُهُ فِي النَّفْسِ يَحْلُو وَيُعَذِّبُ
تُشِيرُ إِليه المَكْرُماتُ بِكَفِّها
إِذَا سُئِلَتْ ايْ الرِّجالِ المُهَذَّبِ
الَا لِا تْقَلَ قَدْ مَاتَ سَاسُونَ، بَلْ فَقُلْ:
تَغوَرٌ مِنْ أُفُقِ المَكارِمِ كَوْكَبٌ
فَقَدْنَا بِهَا شَيْخُ البَرْلَمانِ
يَنْجَلي بِهِ لَيْلَهُ الدَّاجِيُّ إِذًا قَامَ يَخْطُبُ
وَكَانَ إِذًا مَا قَالَ أَوَّجِزْ قَوْلَهُ
وَلَكِنَّهُ فِي فِعْلِهِ الخَيْرُ مُسَهَّبٌ
وَكَانَتْ لَهُ فِي التُرْكِ قَبْلَا مَكانَةً
بِهَا كُلُّ ذِي فَضْلٍ مِنْ التُرْكِ مُعْجَبٌ
رَزينُ اَلْنٍهَى لَا يَسْتَخِفُّ حَصاةً
مَعَ الغيْدِ مَلْهًى و مَعَ الصَّيْدِ مَلْعَبٌ
وَمَا سِرُّهُ مِنْ دَوْلَةِ العَجَمِ رُتْبَةً
وَلَا غَرَّهُ مِنْ دَوْلَةِ العَرَبِ مَنْصِبٌ
لَقَدْ كَانَ فِي الأَوْطان يَرْأَبُ صَدْعها
فَيَسْعَى الَّى الاصِّلاحِ فِيهَا يَدأَب
فَأَصْغَى لِشَكوْاها وَزِيرًا وَنَائِبًا
وَعالَجَها مِنْهُ والطَّبيبُ والمُجَرَّبُ
وَأبْعَدْ مَرْمَى حُبِّها فِي شَبابِهِ
وَجَاهَدٌ فِي اسِّعادِها وَهُوَ أَشيبٌ
لَئِنْ كُنْتَ، يَا سَاسُونَ، غَيْبُكَ
عَنَّا الرَّدَى وذكْراك بِاَلْعَلْياءِ لَا تَتَغيَّبُ

وَفِي الخِتَامِ هَلْ هَذِهِ المَرْثيَّةُ حُذِفَتْ عَمْدًا وَهَلْ هَدَفَتْ عَمَليَّةٌ حَذْفِها تَغْييبُ وَطَمْسُ صَفَحاتٍ مُضيئَةٍ مِنْ تَارِيخِ العِراقِ الحَديثِ؟

شفاعمرو - أوائل آذار 2022



#الياس_خليل_نصرالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شَمْسُ الحَصَاد
- تَأْثِيلُ الدَّبَكَةِ، دَلْعونا، اَبو الزَلْفِ وميْجانًا
- صَفْجَاتٌ مُغَيَّبَةٌ مِنْ تَارِيخِ سُورْيَا الْحُقوقيُّ الس ...
- رُهابُ (فوبيا) العَيْنِ والْحَسَدِ – تَغْليبُ الخُرَافَاتِ ع ...
- تَأْصيلُ عِبارَتَي اَلْدحَيِّ وَاَلْدحْيَةِ
- التَّلاقُحُ بَيْنَ اللُّغَاتِ
- مرحلة الاتزان
- مرحلة الرزانة
- طقوس وعادات من عَبَقِ الماضي السحيق، ما زلنا نمارسها!
- قراءة في كتاب وليد الفاهوم* -دراسات في الدين والدنيا والإسلا ...
- آراء المؤرخين في نشأة المعتزلة، تّسميتها ومواقفها!
- أسطورة نفرتيتي بين الواقع والخلود
- التخمة بين القمة والقاع في الدولة العباسية
- الولوج الى العتبات الحياتية في قواني امورابي (حمورابي)
- المثقف وأوتاد الثقافة المنفتحة
- نظرة عصرية في ادب ابن العميد
- الحصانة البرلمانية بين الانتهازية والمساواة
- لمحة عن صراع عبدالله اوچلان والنظام الاوردوغاني
- الطب الشعبي في الميزان تعريف الطب الشعبي - التقليدي
- محيي الدين بن عربي، فيلسوفًا ومتصوّفًا!


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - الياس خليل نصرالله - سَاسُونْ ِحِسْقِيل صَفَحاتٍ مَطْويَّةٌ مِنْ تَارِيخِ العِراقِ الحَديثِ