دفاع عن ابراهيم عيسى

عدنان إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 7175 - 2022 / 2 / 27 - 11:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ليس الكمال أن تكون جميل الصورة، ولكن الجمال أن تكون جميل الصفات
ليس الكمال أن تمشي على الماء أو تطير في الهواء، ولكن الكمال أن تكون إنساناً مجملاً بمحاب الرحمن
ليس العلم هو ما تراه عين البصر، ولكن العلم هو الذي لا تحيط به إلا عين البصيرة!
هذا هو ما يجب أن تعلمه لغير المسلم إن دعوته للإسلام، لا سيما إن كان من الأمريكان أو الأوروبيين.. افهمه فحوى رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أن تعي نفسك كإنسان مختلف عن الحيوان، إنسان مكرم لأنه نفخة عُلوية حملت أنوار معاني الأسماء والصفات.
الإنسان حقيقة روحانية بالأصالة، والجسد جماد لا قيمة له، سواء كان متصلا بالروح أو ميت.. فالروح هي التي تتعامل، وأنت روح تتعامل مع أرواح.. والجسد جماد وعناصر أرضية ليست لها أي قيمة.
هذا الوعي وعي عالي جدا، لم يكن في القديم إلا بين الأولياء والأنبياء، ولذلك ظهرت على أيديهم الكرامات والمعجزات، لأنهم جانسوا عالم الأرواح
وغلب عليهم حكمه.
وللعلم: فإن ميدان معركة المؤمنين مع الدجال، هو هذا الميدان، فالدجال مهمته أن يوحي إليك أنك مادة فحسب، حيوان ناطق ينكر عالم الغيب، ومهمة أهل الإيمان هي مقاومة هذا الوعي المادي وتنمية الوعي الروحي، ولذلك أمرنا رسول الله لقراءه فواتح سورة الكهف عليه في اخر الزمان، الذي هو نحن فيه الان، زمن الحضارة المعاصرة.
هذا الوعي كان نادرا عند عرب الجاهلية الذين بعث فيهم رسول الله، وهو كنبي كان مكلفا بالتحدى من خلال المعجزات، ولذلك جعل خبر الإسراء والمعراج على ظاهره وتركه هكذا دون تفصيل، بعدما رأى كل شيء وهو في مكانه، وذلك لعلو مكانته ولعدم واستحالة المكان على الله.
لم يفصل أو يحدد لهم رسول الله هل كان بالروح أو بالروح والجسد، لأنهم أصلا لايعرفون إلا الجسد في تلك الأزمنة، أهل جاهلية وعيهم منخفض! مشركون يعبدون اللات والعزى ويصنعون في بيوتهم صنما من العجوة فإذا جاعوا أكلوه!! فهل هذه عقلية تصلح أن تستوعب أنها روح وهي تعتقد أن ربها الأعلى جماد ومادة ؟! ليس عليهم حرج في هذا، ولكن العيب أن يجمد على هذا السخف قوم اتبعوا أحبارا ورهبانا عطلوا عقولهم أكثر من ألف سنة، ويريدون أن يدعون إلى الإسلام بهذه العقلية البدائية اليوم!
إن معجزة رسول الله الحقيقية ليست في طيران الجسد وهذا الهراء الأخلاق، ولكن في تحويل عقلية قوم بدو يبولون على أنفسهم ويقتل بعضهم بعضاً إلى أولياء روحانيين متصوفة، يعلمون الناس الحب والتحلي بالصفات الحميدة من الرأفة والرحمة والإتصال بالله من خلال المعرفة الداخلية، وليس بالرحلات المكوكية السخيفة!
وإنك لتحزن حينما ترى على يوتيوب قوما من أتباع المسيح يتخاطرون مع أرواح الأنبياء والملائكة (فقط اكتب Channeling أو استمع لقناة Abraham Hicks أو أي وسيط روحي) بينما يجمد المسلمون ويخاصمون التطور حتى على المستوى الروحي.
((كيف تريد أن تدعو أناساً هم أنضج منك روحياً))؟
قوم تحرروا من عقلية الخرافة، بينما الدين عند قومنا لازال هو ما قاله (عمي الشيخ) حتى ولو عارض عقلي، بل حتى ولو كانت هناك تأويلات قيمة كالقول بأن الإسراء والمعراج كان بالروح، فلو اختار الشيخ الجسد اخترته تبعاً له بينما أشعر أن الصدق في الكفة الأخرى.. هذا اسمه ((كذب)) ونفاق.
طيب ما رأيك إذا كان عمك الشيخ هذا يعتقد أن الله في السماء، ولذلك فالمعراج بالجسد، ولا يعلم أنه خلق الإنسان وأسجد له الملائكة لأنه ظهر فيه؟ لا يعلم هذا إلا القليل النادر من العلماء الأثبات، وهم قدامك سلهُم! وستعلم بنفسك.. ولو كان من أهل التنزيه وينزه الله عن الجهة والمكان والشكل والصورة، فما معنى معراج الجسد، ماهذا التناقض؟
لعل السبب هو التقليد، فالكل لا يفكر ولكن يكتفي بالنقل عمن سبق، وليس العيب في القرآن ولا في نبي رحيم يؤلف قلوب قومه، ولا في شخص يحترم عقله ويريد أن يستريح من الكذب. وأما من لا زال يعيش تبعاً للمشايخ أحياء وأمواتاً، فأسوق إليه كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على البخاري، يقول: (فإن الله ‏سبحانه وتعالى قال‎:‎‏ (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد ‏الحرام الى المسجد الأقصى) فلو وقع المعراج في اليقظة لكان ذلك ‏أبلغ في الذكر، فلما لم يقع ذكره في هذا الموضع، مع كون شأنه ‏أعجب من الاسراء وأمره أغرب من الاسراء بكثير، دل على أنه ‏كان مناما)‏ اهـ‎ لا يشترط المنام لحصول العلوم والمكاشفات، فهذا جائز في حق النبي والولي في اليقظة، وحال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي أكمل حالات التلقي، حتى دون واسطة جبريل ولا غيره (وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم).
وابن حجر هذا عاش منذ ستة قرون.. لتعلم فقط مدى تطورنا الروحي الرهيب.‎

#عدنان_إبراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات