أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الجواهري - ليس علما للعراق















المزيد.....

ليس علما للعراق


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 1664 - 2006 / 9 / 5 - 10:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


إنه علم لحزب أسوأ من الفاشية، علم البعث، وأنا كشاهد اقسم بالله العظيم أن أقول الحق على ما تم تحت هذه الخرقة الملوثة بدماء العراقيين، سأحاول أن أدلي بشهادتي عما تم تحتها من آثام، فأنا كشاهد أقسمت على قول الحق، سأقول ما لم أشهده بنفسي قبل أن أقول ما شهدته.
للحق أنا لم أكن جنديا في جيوش البعث لكي أرى بنفسي حروب صدام مع دول الجوار والعالم، ولكني شاهدتها على الفضائيات وقرأت عنها وسمعت من أهلي والأصدقاء، كلها كانت تحت هذه الخرقة المشؤومة.
ولم أرى بنفسي ما جرى تحت العلم من عمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية وتغيير للبنية الديمغرافية في الجنوب العراقي وكوردستان، ولكني قرأت وسمعت وشهدت على الفضائيات.
ولم أرى أيضا كيف تم قمع الانتفاضات الجبارة لأبناء الشعب العراقي وهي تثور بوحه البعث ونظامه الدكتاتوري الهمجي مما خلف مئات المقابر الجماعية لأناس قتلوا تحت هذا العلم الأغبر الكالح اللون ونظير الشؤم لكل من يراه، لكن شاهدت المقابر بعد أن ولى البعث إلى مزبلة التاريخ.
ولم أكن شاهدا على موت المنظومة الأخلاقية وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة يوم تولى الدكتاتور مطلق الحرية والصلاحيات، وكان كل من في العراق، إما عبيدا أو متمردين خارجين على نزوات الدكتاتور المريضة، تلك الأخلاق التي كانت أهم وأكبر هدف للنظام الدكتاتوري الهمجي، لأنه لا يستطيع العيش والتنفس في بيئة أخلاقية نظيفة، وها هم فلوله خير شاهد على همجية وبهيمية ودموية وسادية ودونية البعث، وشاهدت بنفسي جثة الأخلاق مسجاة على الطرقات في بلدي.
في تلك الأيام لم أكن في العراق، فقد هجرت الوطن بحثا عن حرية حتى لو كانت منقوصة، لأن من يترك الوطن عليه أن ينسى المعنى الكامل للحرية، فأنا لست كذلك الشاهد الذي لم يرى شيئا، بل الشاهد الذي يؤخذ بشهادته، لأنها من الحقائق التي ما عاد إنسان، وهنا أشدد على كلمة إنسان، لم يرى أو يسمع كل أو بعض جرائم النظام البعثي البغيض، لأن بالفعل مازال هناك أشباه بشر لم يروا ولم يسمعوا، لأنهم صم عمي ولا يفقهون شيئا مما نعرفه نحن البشر، الإنسان السوي الكامل الأهلية.
لكن أنا شاهد عيان على تجويع الشعب العراقي بلا استثناء إلا جلاوزة الجلاد، هذا إذا تنازلنا واعتبرناهم من أبناء الشعب العراقي، ألائك السقط المتاع من كلاب الدكتاتور البعثي الذين كانوا منتشرين في كل السجون والمعتقلات والبيوت والشوارع يعدون على الناس أنفاسهم وهمساتهم، ويحملون آلة القتل البعثي في قلوبهم قبل أن يحملوها بأيدهم القذرة، ألائك فقط الذين كانوا منعمين بخيرات الفراتين وينابيع الذهب السود.
وأنا شاهد كامل الأهلية على مشاهد تخريب البني التحتية للعراق، وأستطيع القول إن ما حدث تحت هذه الخرقة الكالحة كان تخريبا عن قصد وسابق تصميم وإصرار وفي مناطق واسعة من العراق.
تحت هذه الخرقة التي لا أحترمها، ولا أحترم من يحترمها، صودرت أموالي المنقولة وغير المنقولة بعد أن نلت نصيبي من السجون والتعذيب وأنواع القهر، وشاهد على تهجير العائلات العراقية العريقة بدعوى ما أنزل بها من سلطان، وشاهد على نهب حقوق الناس واستباحة أعراضهم وبيوتهم وممتلكاتهم، وشاهد على كل رذيلة من الرذائل التي لم تعرف البشرية لها مثيلا من قبل.
كنت فتى في الرابعة عشرة من عمري يوم انزلوا علم العراق ورفعوا خرقتهم بدلا منه على أنها العلم، كان ذلك في شباط عام 63 من القرن الماضي، وبعد أيام من رفع هذه الخرقة البالية المشؤومة، أدخلت المعتقل وأنا لا أعرف السبب! ضربت ضربا مبرحا وتمزقت ملابسي وجرى الدم من كل مكان في جسدي! ثم ألقوا بي في المعتقل، وأنا لا أعرف السبب! بعد أن أفقت من الغيبوبة، وجدت أمامي هناك خيرة أبناء المدينة، كان أحدهم يخيط لي أزرارا بدل التي تقطعت من ملابسي، وآخر يخيط الثوب الذي تقطع على جسدي من شدة الضرب، وآخر يمسح الدماء ويضمد الجراح، كل هذا جرى لي تحت خرقة البعث وأنا لا أعلم لماذا! صدقوني لم أكن أعلم!!!! كل ما أعلمه هو أن القائمقام الذي تولى بنفسه عملية التعذيب وهو يردد كلمات قبل أن ينهال علي بالضرب المبرح بعصا غليظة، كان يردد "إمسك الحبل وأشدد من........" فيزمجر...... ثم ينهال ضربا على جسد بض لفتى لم يزل في الرابعة عشرة من عمره! لقد كان طويلا، بل أكثر طولا من الخزانة التي كان يقف إلى جانبها، ضخم الجثة قبيح الوجه كريه، كل شيئ فيه كان كريها، ويزداد قبحا وهو يردد مزمجرا تلك الكلمات التي فهمت أنها بيتا شعريا للجواهري ينصح به عبد الكريم قاسم الذي لم يأخذ بالنصيحة كعادته، ولم أكن أعرف لماذا كان ينصح، ولا من هو المقصود بالنصيحة، فكيف لي أن أعرف علاقتي بهذا الموضوع؟!
لقد كان الدرس الأول لي بالسياسة، وأنا رجل أدنوا من الستين، أشهد أني مازلت حين أكتب أو أرى بعثيا أو تلك الخرقة التي يسموها علما، أحس بوقع تلك العصا وهي تمزق جسدي.
من منا لم يعرف صدام كونه منافقا أفاقا دجالا خبيثا دونيا وجبان؟ وهو الذي كتب شهادة تمثلت بكلمة "الله أكبر" على تلك الخرقة المشؤومة، فهل يؤخذ بشهادة من هو بكل هذه الصفات التي عرفناها؟ وهل رفعها سيقلل من شأن الخالق؟! أم هو النفاق لمن يريدون مصادرة العراق من فرسان المحاصة؟ مسيلمة الكذاب كان يقول "الله أكبر" أيضا!
ثم ما الذي في هذا العلم يمثل أو يرمز للعراق لكي نستطيع القول أنه رمز وعلم؟ فليس فيه ما يرمز للفراتين، ولا فيه ما يرمز للحضارات التي علمت الإنسانية أول الكلمات، وعلمتهم الكتابة والقراءة ومعنى النظام، وصنعت لهم العجلة والدواء ومشرط الجراح! وليس فيه ما يرمز أو يعترف بوجود قوميات متآخية في العراق، وليس فيه ما يرمز إلى أن البعث، الذي استباح العراق أربعة عقود من الزمن، قد ولى إلى مزبلة التاريخ ولن يعود أبدا، فلم التمسك به بالله عليكم؟!
فإذا كان الأمر يتعلق بعبارة "الله أكبر"، لنضع علما جديدا ونكتب فيه كل ما يرضي المنافقين الجدد من فرسان المحاصة الخبيثة.
رئيس فدرالية كوردستان مسعود البرزاني لم يكن نصيبه من التعسف تحت هذا العلم أقل مني، فكيف يحترم الدولة التي هو أحد أقطابها وهي ترفع هذا العلم؟ في حين يطلب منه أن يقف إجلالا للعلم الذي هو رمزا للدولة! فهل يستطيع إنسان حقيقي صادق مع نفسه أن يحترم هذه الخرقة المشؤومة ويعتبرها علما للعراق العظيم؟
خلال القرن الماضي كان للعراق أربعة أعلام، وخلال تاريخ العراق القديم قدم الإنسانية كان للعراق خلالها ألف علم، فهل توقف التاريخ لكي نبقى نقدس ما نحتقر ونكره؟!



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ستوقف مرجعية النجف دعمها لأحزاب الإسلام السياسي؟
- سياسة التفريط بالنفط مقابل الأمان
- النفط مقابل الأمان!؟
- زلماي يجر العراق إلى حرب أهلية، وربما أبعد
- فدرالية الجنوب والأربعين سياسي
- هل عاد قرقوش للحياة؟
- صواريخ حزب الله لها أهدافا أخرى!!
- تصويب لخطأ غير مقصود من حمزة الجواهري
- لك الله يا بغداد من خيانة الأمانة!
- لف ودوران ومحاولات سافرة لسرقة النفط العراقي
- الإرهاب الأكثر همجية هو إرهاب الأزارقة
- من أجل الوحدة الوطنية، وزراء للداخلية والدفاع من الأقليات
- إلى أنظار الحكومة الجديدة، انتبهوا قبل أن يسرقوا النفط
- غاز قطري للعراق؟؟!! لماذا؟؟!!
- حوار أم انتحار؟ حوار مع الأعسم حول الحوار
- مليشيات البعث والأزارقة
- النفاق ونزع الأسلحة والبرامج المخيفة
- عمي فضوهة عاد.....ترة طلعت رواحنة
- رسالة إلى مثقف عربي
- حسوني الذي لا بارك الله فيه ليس عليه حرج


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الجواهري - ليس علما للعراق