أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر نواف المسعودي - الدولة المدنية المفاهيم .. وما بين الطموح والواقع الحلقة ١٢















المزيد.....

الدولة المدنية المفاهيم .. وما بين الطموح والواقع الحلقة ١٢


حيدر نواف المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 7160 - 2022 / 2 / 12 - 15:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعريف الدولة المدنية
الدولة المدنية : هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية
وقد اختلف المفكرون في تعريف الدولة المدنية فمنهم  - من عرفها : بأنها هي دولة تحتوي على عدة قوميات وأفكار وأديان، وتحميها بغض النظر عن الاختلاف.
- ومن قال:  هي الدولة القائمة على أساس المواطنة، ويسمح فيها بتعدد الأديان، والمذاهب، ويسود فيها القانون على الجميع.
وعرفها آخرون على انها : هي التي يحكم فيها المختصون من الحكام فيما يتعلق بالإدارة، والسياسية، والاقتصاد.
أدت هذه التعريفات لظهور مصطلح الدولة المدنية الحديثة، التي تكون فيها السيادة للشعب، وهي دولة القانون وليس الأفراد، وتفصل هذه الدولة بين السلطات الثلاث.

ظهور المصطلح وبداية النشوء
ظهر مصطلح الدولة المدنية بشكل واضح في اوربا خلال العصور الوسطى كرد فعل على دور الكنيسة ورجال الدين  وتدخلاتهم السافرة في الحكم والسياسة والحياة العامة للناس وما لهذا الدور والتدخلات من اثار اجتماعية وفكرية وسياسية سيئة وسلبية أدت الى ظهور ديكتاتورية دينية  قمعت حريات الناس العامة في الراي والفكر والمعتقد وحتى العلوم وادت الى نشوب صراعات مريرة على السلطة والحكم والسياسة وتفشي الصراع الطائفي داخل الدين الواحد والمتمثل بالصراع بين البروتستانت والكاثوليك والذي انعكس الى حروب دينية وطائفية مدمرة عمت اوربا .
فيما يرى عدد اخر من الباحثين والمؤرخين ان الاسباب المباشرة والاساسية التي ساهمت في ظهور مصطلح الدولة المدنية وساعدت على ظهور بوادرها ونشاتها في اوربا ومن ثم انتشارها على نطاق اوسع في العالم هي ثلاث احداث تاريخية مهمة :
اولا - عام ١٦٨٨م : وهو تاريخ «إعلان الحقوق» الذي من خلاله منح البرلمان الإنجليزي نفسه صلاحيات واسعة إزاء الملك فأرسى الأسس الأولى للديمقراطية البرلمانية فى الغرب ولكن فى إطار نظام سياسي ملكي أرستقراطي بما أدى إلى انتقال إنجلترا إلى نظام الملكية الدستورية فى إطار ملك يملك ولا يحكم .

ثانيا - عام ١٧٧٦م : وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي وفيه بدأ السعي لاستقلال أمريكا عن الاستعمار البريطاني وفى هذا الإعلان تم التأكيد على أن البشر ولدوا متساوين ولهم حقوق غير قابلة للتصرف أو المصادرة مثل حق الحياة والحرية. ولضمان هذه الحقوق تقوم حكومات تستمد سلطتها الشرعية والقانونية من رضاء المواطنين الذين لهم الحق، في حالة إخلال الحكومة بهذه الحقوق، فى تغييرها وإقامة حكومة جديدة.

ثالثا - عام ١٧٨٩م : وهو عام انتصار الثورة الفرنسية على النظام الملكي تحت شعارات (حرية، مساواة، إخاء).

اما في الستينات والسبعينات فقد تم التطرق الى مصطلح الدولة المدنية بشكل محدود جراء انتشار انظمة الحكم العسكرية، وقيام العسكر بتشكيل الحكومات في كل من العراق ومصر وسوريا وليبيا واليمن وبعض دول امريكا اللاتينية ثم انتقال عدواها الى تركيا.
ثم عاد المصطلح للتداول اثناء ثورات ما اطلق عليه الربيع العربي وخصوصا اثناء الثورة المصرية ضد نظام حكم مبارك المنحدر من العسكر إذ رفعت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١  شعارات (عيش- حرية- عدالة اجتماعية) وهي شعارات دعاة الدولة المدنية بالأساس.
اما في العراق فقد جرى تداول مصطلح الدولة المدنية في نفس فترة قيام ثورات الربيع وخصوصا بعد تفشي قوى الاسلام السياسي والاحزاب الدينية وهيمنتها وتدخلها القوي في الدولة والحكم والسياسة والحياة العامة ودورها في تقويض بناء دولة المواطنة وجنوح هذه الاحزاب نحو الطائفية والعرقية اضافة إلى ظهور بوادر محاولات لسن قوانين وتشريعات دينية ومذهبية بديلا عن القوانين المدنية من مثل قانون الاحوال المدنية الجعفري اضافة إلى تشكيل الاحزاب الاسلامية محاكم وهيئات شرعية بدات تحل محل محاكم ومؤسسات القضاء وحلول القوانين والقضاء والأعراف العشائرية محل مؤسسات القضاء وقوانين الدولة الى جانب تنامي دور العشائر السياسي والاجتماعي كمؤسسة بديلة عن دور السلطة والحكومة في الكثير من المواضع .
وقد تبنت القوى اليسارية والديمقراطية اكثر من غيرها مصطلح الدولة المدنية وهي اكثر القوى التي رفعت شعارات الدولة المدنية وتبنت افكارها في كل نشاطاتها ومناسباتها وحملاتها الانتخابية باعتبارها الاقرب الى مفهوم وشكل الدولة المدنية .
يضاف الى ذلك تبني كافة الحركات الاحتجاجية الشبابية والتظاهرات للشعارات المدنية والدعوة الى اقامة الدولة المدنية ولعل أبرزها تلك التي رافقت انتفاضة تشرين الخالدة في العام ٢٠١٩.
اما المفارقة ان قوى الاسلام السياسي والاحزاب الدينية والطائفية وحتى الفصائل المسلحة والميليشيات بدات هي الاخرى تتبنى وتحمل شعارات الدولة وتدعو إليها في محاولة منها لاستغفال الجماهير واستمالتها بعد ان فقدت مصداقيتها وانحسرت وخسرت الكثير من مؤيديها واتباعها وكثيرا ما لجأت الى مصطلح وشعارات الدولة المدنية اثناء الانتخابات.

مباديء الدولة المدنية
تقوم الدولة المدنية على مجموعة من المباديء والقيم تشكل ما يطلق عليه الثقافة المدنية، وهي ثقافة تتأسس على مبدأ الاتفاق ووجود حد أدنى من القواعد يتم اعتبارها خطوطا حمراء لاينبغي تجاوزها واهم هذه المباديء والقيم :
١. تقوم الدولة المدنية على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات .
٢. لا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر ووجود سلطة عليا هي سلطة الدولة  يلجأ إليها الأفراد عندما تهدد حقوقهم أو تنتهك والدولة وحدها هي التي تطبق القوانين وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم.
٣. الثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة.
٤. مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد لا يُعرف بمهنته أو دينه أو إقليمه أو ماله أو سلطته، وإنما يُعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات ويتساوى فيها مع جميع المواطنين.
٥. لا تقوم الدولة المدنية على خلط الدين بالسياسة كما أنها لاتعادي الدين أو ترفضه.
بل هي ترفض  استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية.
كما أن هذا الأمر قد يعتبر من أهم العوامل التي تحول الدين إلى موضوع خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية الضيقة.
٦. الديمقراطية : وهو من اهم مباديء الدولة المدنية وهي تمنع اخذ الدولة والحكم  غصبا من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو أرستقراطية أو نزعة أيديولوجية.
هذه القيم والمباديء هي التي ترسخ دولة القانون والمؤسسات والمواطنة والعدالة وهي المرتكزات الاساسية للدولة المدنية .

الفرق بين المدنية والعلمانية
هناك اشتباك كبير في الفهم بين مفهوم المدنية والعلمانية فهناك من يظن أن المدنية هي نفسها العلمانية او انهما وجهان لعملة واحدة وهذا الفهم الخاطيء وعدم الوضوح في الفرق بين المفهومين جعل الكثير من الانظمة والحكومات الفاسدة والديكتاتورية تحرض ضد مفهوم الدولة المدنية واعلان الحرب عليها والوقوف بوجه الدعاة إليها ومواجهتها بمختلف وسائل العداء والقمع وخصوصا الاحزاب والقوى الدينية التي اشاعت مفاهيم مزيفة ومنحرفة عن المدنية باعتبارها حركة مناهضة ومعادية للدين وان الدولة المدنية هي تلك الدولة التي تقوم على معاداة الدين وان قوانينها وتشريعاتها لا تستند الى الاصول والقوانين الشرعية.
ومن هنا اصبح لابد من اظهار اوجه الفرق والاختلاف بين العلمانية والمدنية وهي :

١. العلمانية والمدنية كلاهما لا يدعوان إلى مفهوم ديني للدولة .
لكن العلمانية: ترى ان الدين لديه شكل معين للدولة وبالتالي فهو خطر يجب فصله.
بينما المدنية: ترى ان الدين ليس لديه شكل للدولة .
٢. العلمانية تدعو للمساواة.
المدنية تدعو للعدل.
ولايضاح الفرق بينهما ..
فان المساواة الذي هو مبدأ العلمانية : تعني فرض قانون واحد على الجميع دون اعتبار الاغلبية أو المناسب للناس.
بينما العدل الذي هو مبدأ المدنية : يراعي الاغلبية ويراعي المناسب للناس.

مثال : شكل فوز مسلمة محجبة في الكونجرس الأمريكي عام ٢٠١٨م مثالا صارخا للفرق بين المدنية والعلمانية.
فالولايات المتحدة ذات نظام مدني مع بعض العلمانية كما هو معروف على اثر ذلك عدل الكونجرس لاحقا قوانينه التي كانت تنص على منع غطاء الرأس ليسمح للنائبة بدخول المجلس. لكن معظم الدول العلمانية لا يمكنها قبول ذلك لأن هذا ضد المساواة برأي العلمانية كما انه يظهر الدولة بمظهر ديني . 
٣. التشريع والقوانين في العلمانية يجب فصلها عن الدين.
اما المدنية ترحب بحصول التغيير عبر الأغلبية لانها تحترم الاستحقاق الديمقراطي وبالتالي يجوز للأغلبية الفائزة تعديل القوانين مع مراعاة حقوق الأقلية والحفاظ على الشكل المدني للدولة.

٤. العلمانية لا تهتم بشكل نظام الحكم : علماني ملكي (المغرب) - علماني عسكري ( كوريا الشمالية) - علماني حزبي ( الصين) - جمهوري شكلي ( روسيا).
فالمهم هو فصل الدين عن الدولة وقوانينها.
ولذلك انقسمت أوروبا بعد نجاح العلمانية إلى معسكرين غربي اقرب للمدنية وشرقي ديكتاتوريِ وكلاهما علماني طبعا.
اما المدنية تشترط التداول السلمي المدني للسلطة. وبالتالي لا ملكية ولا عسكرية ولا ديكتاتورية ولا جمهورية شكلية لزعيم ابدي اذ لا بد في المدنية ان يتم التداول السلمي المدني للسلطة بشكل ديمقراطي دوري عبر الانتخابات .



#حيدر_نواف_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة المدنية في مواجهة الدولة الدينية
- قصص قصيرة
- تلة السيد ما شا الله - قصة
- انثيالات الذاكرة - قصة قصيرة
- قصة قصيرة ساخرة - العتب على النظر
- قصة - الليلة بعد الألف ليلة وليلة
- زائر الخريف - قصة قصيرة
- النهر - قصة قصيرة قصيرة
- عزيز نيسين - السخرية حد المرارة والوجع
- هل تضحي ايران بالمالكي حفاظا على بقاء الحكم الشيعي الموالي و ...
- غابريل غارسيا ماركيز - موت حالم
- المعقول واللامعقول في قرار مقتدى حل التيار الصدري
- صباحكم تظاهرات وديمقراطية
- دلالات الرموز الطائفية في اعلان المعركة المقدسة لبطل التحرير ...
- معركة الرمادي .. معركة سياسية ام عسكرية ام ورقة المالكي الاخ ...
- فيروز وقصيدة حب ضاعت في صباح من دخان
- هل ثمة ثقافة ... في عاصمة الثقافة ؟؟؟
- امطار .. فيضانات .. انتخابات .. حكومات
- احمد القبانجي امام محاكم التفتيش
- هل سينجح المالكي فيما فشل فيه الامريكان ؟


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر نواف المسعودي - الدولة المدنية المفاهيم .. وما بين الطموح والواقع الحلقة ١٢