أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر نواف المسعودي - غابريل غارسيا ماركيز - موت حالم















المزيد.....

غابريل غارسيا ماركيز - موت حالم


حيدر نواف المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 07:20
المحور: الادب والفن
    


غابريل غارسيا ماركيز
موت حالم

"ليس صحيحا ان المرء يكف عن الحلم لانه اصبح عجوزا .. بل يصبح عجوزا حين يكف عن الحلم"
غابرييل غارسيا ماركيز

هكذا عاش ماركيز حتى اخر يوم في حياته .. حالم كبير .. استطاع ان يعيد صياغة الاحلام وقصص جدته الخيالية والاساطير التي كانت ترويها له اضافة الى الاحداث التاريخية والملاحم التي شهدتها امريكا الجنوبية والتي تعرف عليها عن طريق جده .. فقد عاش وترعرع ماركيز في بيت جده وجدته .. ومن هنا انطلق ماركيز في مسيرة الاحلام والخيال التي امتدت حتى لحظة موته .. يعبر عن ماركيز بانه احد ابرز اعلام (الواقعية السحرية) والتي تعرف بانها : تلك التقنية الروائية التي تختلط فيها الأوهام و المحاولات و التصورات الغريبة بسياق السرد الذي يظل محتفظا بنبرة حيادية موضوعية كتلك التي تميز التقرير الواقعي.
(من عرفونى، وأنا فى الرابعة من عمرى، يقولون إننى كنت شاحبًا، مستغرقًا، فى التأمل، وإننى لم أكن أتكلم إلا لأروى هذيانات. ولكن حكاياتى، فى معظمها، كانت أحداثا بسيطة من الحياة اليومية، اجعلها أنا أكثر جاذبية بتفاصيل متخيلة، لكى يصغى إلىّ الكبار. وكانت أفضل مصادر إلهامى، هى الأحاديث التى يتبادلها الكبار أمامى، لأنهم يظنون أننى لا أفهمها، أو التى يشفرنها عمدا، كيلا أفهمها. لكن الأمر كان خلاف ذلك: فقد كنت امتصها مثل اسفنجة، وأفككها إلى أجزاء، وأقلبها لكى أخفى الأصل، وعندما أرويها للأشخاص أنفسهم الذين رووها، تتمكلهم الحيرة للتوافق الغريب بين ما أقوله، وما يفكرون فيه.)(1)
(يعتبر ماركيز من أشهر أدباء أمريكا اللاتينية سواء فى العالم المتحدث بالإسبانية أو خارج هذا العالم. ترجمت أعماله إلى كل اللغات الكبرى فى العالم، لكن أهم سمة من سمات أدب ماركيز أنه استطاع أن يجسد واقع أمريكا اللاتينية فى لغة سحرية تجمع بين عنصرين فى غاية الأهمية، وهما الواقع والسحر، أو الفانتازيا أى الواقع والخيال. والكل يعتبره أبرز كتاب الواقعية السحرية إلى الدرجة التى صار فيها هذا الاتجاه شبه مرتبط باسمه، بالإضافة إلى شهرته الواسعة فى العالم العربى، وماركيز فى الأساس يعتبر نفسه كاتبا واقعيا لأنه استطاع أن يمثل هذا الواقع فى لغة سحرية. وفى كتابى «فى الواقعية السحرية» أوضحت أنه ليس فى قصص ماركيز سطر واحد لا يستند على الواقع. ولم تأت شهرة ماركيز العالمية من فراغ، فمنذ أن نشر أول قصة له، وهى «الأوراق الساقطة» عام 1955، أخذ نجمه يصعد بصورة مستمرة، ثم توالت أعماله المهمة «الكولونيل لا يجد من يكاتبه»، و«جنازة ماما الكبيرة»، و«الوقت السىء»، حتى صدرت رائعته المشهورة «مائة عام من العزلة» التى جعلت الناس فى كل مكان فى العالم ينظرون إليه على أنه واحد من أهم كتاب العصر.
ماركيز لم يكن روائيا كبيرا فقط أو كاتب قصة قصيرة وإنما كان صحفيا موضوعيا يمثل الضمير الحى للواقع الإنسانى المثالى الذى كان يحلم به ) (2)
ان ما قام به ماركيز حقا ومن خلال قراءة رواياته الكبرى وجميع اعماله الاخرى هو انه اعاد صياغة الواقع بشكل اخر مع تركيز الضوء على مافي هذا الواقع المفعم بتناقضاته من حزن وسعادة وموت وولادة وظلم وعدالة وعبودية وتحر وثورة وخنوع ... الخ برغم كل تلك المتناقضات الواقعية فان ماركيز استطاع وبعبقريته الادبية الساحرة والحس الفني الغير طبيعي وكانه وحي يوحى اليه استطاع ان يستخرج مافي الواقع من سحر ويرسم به لوحاته الروائية الرائعة .. لم يكن ماركيز الى الكتابة وفق المناهج الاخرى غير الواقعية ليحقق ذلك السحر الاخاذ ويجذب اليه تلك الملايين من القراء كما يفعل اصحاب المذاهب الروائية الاخرى غير الواقعية والتي تركز على جمالية الشكل واللغة التي تهرب بالقارئ بعيدا عن الواقع .. اما ماركيز فعلى العكس كان يوغل في التعمق في الواقع وبقوة ليمارس عمل الذي ينقل عن اجمل واثمن الاشياء فاستخرج من الواقع برغم كل مراراته وماسيه سحرا لم يسيقه اليه احد .. ومن هنا فانني ارى ان ماركيز لم يكن يكتب حسب مذهب الواقعية السحرية بل انه اعادة كتابة الواقع وصياغته بسحر او انه استخرج ما في عمق الواقع من سحر في رواياته وهذا ما اكده ماركيز بقوله : (لم اخترع شيئا جديدا ..يمتدح الناس دائما خيالي في حين ارى انني واقعي حد النخاع وكل ما يقال انني اخترعته هو موجود في الواقع ...)
ومن هنا باتي اصرار النقاد على ان كتاباته هي مزيج من الواقعية والخيال خرجت عن التقاليد الادبية والروائية المالوفة في منطقته .. وقد يكون هذا البعض محقا ولنفس السبب الذي ذكرته سابقا من ان ماركيز استطاع بعبقريته ان يستخرج مافي بطن الواقع من سحر لم يسبقه اليه احد من قبل .
وفي روايه خريف البطريرك والتي تعبر عن الكثير من المواقف السياسية ومقاومة الاستبداد استعان ماركيز باحداث واقعية فكانت صور الديكتاتور حاضرة في تلك الرواية والمستوحاة من هروب الديكتاتور الفنزويلي فنينيز والعزلة التي عاشها.
كان ماركيز صحافيا وروائيا وثوريا وسياسيا وعاشقا وحالما .. كان احد الحالمين والتواقين الى الحرية والى تحرر الشعوب والانسان من الخوف والاستبداد والظلم هذا التوق الذي حلم به منذ الطفولة :( أول ما أثر فىّ، هو الحرية التى لا يمكن تصورها. فكل ما كان ينقصنا، نحن الأطفال، وكل ما كنا نتلهف إليه، صار فجأة فى متناول أيدينا. كل واحد يأكل عندما يجوع، وينام فى أى وقت يشاء. ولم يكن من السهل الاهتمام بأحد، إذ إن الكبار، على الرغم من صرامة قوانينهم، كانوا يمضون غارقين فى أوقاتهم الشخصية التى تكاد لا تكفيهم للاهتمام بأنفسهم. كان شرط الأمان الوحيد للأطفال أن يتعلموا السباحة قبل أن يتعلموا المشى، لأن القرية مقسومة إلى شطرين، قناة مياه قاتمة تُستخدم فى الوقت نفسه، كمجرى مائى ومجرور صرف صحي) (3)
اما روايته الرائعة الحب في زمن الكوليرا والتي حولت الى عمل سينمائي ضخم فرغم مافيها من سحر وخيال فان احداثها فهي تدور في قرية ماكوندو التي تشبه قريته التي عاش والرواية نفسها مستوحاة من قصة الحب التي جمعت بين والديه.

مائة عام من العزلة
استغرقت مائة عام من العزلة سنة ونصف السنة من الوقت وعاش خلالها عزلة اضطر خلالها لبيع سيارته وكانت زوجته تشتري الخبز بالدين وعند نشرها حققت مبيعات عالية وصلت حتى الان الى 50 مليون نسخة وباكثر من 30 لغة .
يبرز في هذه الرواية عنصر الخيال الذي يأخذ القارئ الى عالم ماكوندو وحياتها البسيطة التي لا تلبث تنغصها صراعات بين المحافظين والأحرار وغيرها من الصعاب الاخرى.
كما تمتد أحداث هذه القصة على مدة عشرة عقود من الزمن، وتتوالى الشخصيات وما يترافق معها من أحداث برع المؤلف في سردها وأبدع في تصوير الأحداث والمشاكل وفي وضع النهاية لهذه العائلة عبر العودة إلى إحدى الأساطير القديمة التي لطالما آمنت بها أورسولا.
لقد نجح الكاتب ببراعة أن يخلق تاريخ قرية كامل من نسج خياله منذ أن كانت بدايتها الأولى على يد خوسيه أركاديو بوينديا وعدد قليل من أصدقائه. تلك القرية التي أخفى ليلها قصص حب بعضها نجح وبعضها كان مكتوب له أن يفشل، مرورًا بنمو القرية حتى أصبحت أشبه بمدينة صغيرة توالت عليها الحروب والحكومات.( من أجمل الافكار التي أراد الكاتب إيصالها للقاريء ان الزمن لا يسير في خط مستقيم بل في دائرة ، فكلما تلاشت الاحداث من ذاكرتنا اعادها الكون لكن في شخصيات و ازمنة مختلفة) (4)
قالت صحيفة نيويورك تايمز : (مائة عام من العزلة هو الكتاب الاول منذ سفر التكوين الذي يجب ان تفرض قراءته على جنس البشر بكامله)
يطلق على غابريل غارسيا ماركيز ورفاقه ( جيل الطفرة) (5) فى أمريكا اللاتينية، وكان غابريل واحدا من أبرز هؤلاء الجيل : فهو كاتب صحفى وعاشق للسينما ومبدع عوالم أو بالأحرى خالقها، أخذت تنمو وتنتشر بفضل القراء فى كل أنحاء العالم الذين هم فى نظر بعض النقاد اليوم السبب الحقيقى لهذا التوجه , وأصبح ماركيز ومائة عام من العزلة مثل ثربانتس ودون كيخوته القرن العشرين (6)



حيدر نواف المسعودي
25 ابريل 2014

___________________________________________________________________

الهوامش
(1) غابريل غارسيا ماركيز – رواية عشت لاروي.
(2) الدكتور احمد ابو حامد - في الواقعية السحرية.
(3) غابريل غارسيا ماركيز – رواية عشت لاروي.
(4) غابريل غارسيا ماركيز – رواية مائة عام من العزلة
(5) جيل الطفرة (: (Boomersالبومرز الأمريكي اللاتيني, بالإسبانية:( Boom latinoamericano) ظاهرة أدبية ظهرت في أمريكا اللاتينية في ستينات وسبعينات القرن العشرين في الأدب بوجه عام والرواية على وجه الخصوص. وشكلت الحركة حدثًا أدبيًا هامّا ونقلة نوعية جديدة في عالم الخلق والإبداع الأدبي عندما نُشرت أعمال مجموعة من الروائيين الشباب نسبيًا من مختلف بلدان أمريكا اللاتينية على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم ارتبط مصطلح البوم كثيرًا بكتاب مثل غابرييل غارثيا ماركيث من كولومبيا وماريو بارجاس يوسا من بيرو وخوليو كورتاثر من الأرجنتين وكارلوس فوينتس من المكسيك. وتحدى هؤلاء الكتاب القواعد التقليدية التي سنها الأدب الأمريكي اللاتيني. واتسمت إبداعاتهم بالجرأة والزخرفة والتنميق، وطُبعت بقلق رائع مع نوع من الجنون الذي يتناقض مع الواقعية الأوروبية، وعدم التكيف مع واقع النمط الأمريكي، حيث أطلقت هذه الحركة الأدبية العنان لحرية الخيال. وكان عملهم يميل تجاه كل ما هو تجريبي وذو طابع سياسي، حيث الظروف التي أحاطت بالوضع العام في أمريكا اللاتينية في الستينات . المصدر :موسوعة ويكيبديا
(6) الدكتور احمد ابو حامد - في الواقعية السحرية.



#حيدر_نواف_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعقول واللامعقول في قرار مقتدى حل التيار الصدري
- صباحكم تظاهرات وديمقراطية
- دلالات الرموز الطائفية في اعلان المعركة المقدسة لبطل التحرير ...
- معركة الرمادي .. معركة سياسية ام عسكرية ام ورقة المالكي الاخ ...
- فيروز وقصيدة حب ضاعت في صباح من دخان
- هل ثمة ثقافة ... في عاصمة الثقافة ؟؟؟
- امطار .. فيضانات .. انتخابات .. حكومات
- احمد القبانجي امام محاكم التفتيش
- هل سينجح المالكي فيما فشل فيه الامريكان ؟
- فنتازيا المدينة الكونية البدء من خارج الأرض وبلا ذاكرة أو م ...
- سقط الاخوان في في السياسة و الحكم و -الميدان- *
- الربيع العراقي ... خارطة طريق
- ايران اثارة الفوضى وحلم الدولة الكبرى
- قناة الشرقية اعلام هادف وادوار متنوعة وعطاء انساني
- استنساخ المالكي والتجربة !!!
- الديكتاتورية تتعرى بلا حياء في العراق
- دراسة - من الاستبداد الديكتاتوري الى الاستبداد الديمقراطي
- دراسة - بانتظار المنقذ هل هي فكرة لتأجيل الثورة ؟
- العلاقة بين القمة العربية والأفلام الهندية
- دراسة - نهضة المجتمعات والأمم وسقوطها


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر نواف المسعودي - غابريل غارسيا ماركيز - موت حالم