أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبناء الشيطان . رائد الحواري















المزيد.....

أبناء الشيطان . رائد الحواري


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 7127 - 2022 / 1 / 5 - 02:39
المحور: الادب والفن
    


المجتمع العربي يهمل التعليم الجنسي ويتعامل معه كفعل محرم يحظر تناوله أو الحديث فيه أو عنه، فثقافة "العيب والحرام" ـ حسب راي الاستاذ "نضال دروزة" مسيطرة ومهيمنة على العقول، لهذا نجد العديد من حالات الزواج تنتهي بالطلاق لوجود خلل في الثقافة الجنسية عند الأزواج، "محمود شاهين" يقدم رواية جريئة، لأنها تكشف احدى عيوبنا، وطريقتنا في التعامل مع المرأة، ففي هذه الرواية تتحمل "ذؤابة" من زوجها "حكيم" ما لا تتحمله عشيرة من النساء، إن كان هذا التحمل لكونها زوجة وعليها أن تحافظ على زوجها في مجتمع ذكوري ينظر إليها نظرة دونية، أو كانت أنثى وعليها أن تلبي وتشبع رغبات الذكر "زوجها" أو كانت إنسانة تتفهم الحالة المرضية التي يمر بها "حكيم" وعليها أن تراعي حالته.
الأهم في الرواية أنها تقدم لنا امرأة جلدة وصابرة لكنها تبقى إنسانة من هنا نجدها ـ احيانا ـ تتقهقر متراجعة عن ثباتها وجلدها أمام عتو حالة "حكيم" المرضية، يبدأ الراوي روايته بمشهد في غاية القسوة والعنف: "أركعها على ركبتيها على حافة السرير وشمر لباس البيت الفضفاض الذي ترتديه على ظهرها وحسر سروالها قليلا أسفل رد فيها واستل (سوأته ) ! وواقعها بعنف في سرعة فائقة متأوهاً بصوت عال دون أن ينزع قطعة من ملابسه، ودون أن تفارق مؤخرة فتاة البكيني التي شاهدها على المسبح مخيلته" رواية تبدأ بهذا المشهد لا بد أن تجعلنا نتألم لواقع المرأة، فهي مجرد وعاء يضع/يفرغ فيه الزوج حاجته، فما قام به "حكيم" لا يتعدى فعل حيوان يمارس غريزة الجنس. أما "ذؤابة" فكانت ضحية تغتصب أقرب منها إلى زوجة تمارس الحب مع زوجها.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تعامل فيها بوحشية من قبل "حكيم" ولم تكن المرة الأولى التي لا تشبع غريزيا كما شبع زوجها، بل هو نهج متكرر ومتواصل يقوم به "حكيم"، وهي دائما من تقدم التنازلات له، فهي قبلت أن تكون وسيلة التفريغ حارمة نفسها من المتعة في سبيل ارضاء الزوج المريض: "وصممت على أن تمتعه بأقصى ما تستطيع دافعها أمر واحد ، أن تجعله يشعر بالإشباع ويكف عن اختلاس النظرات إلى النساء، وكانت مستعده لأن تجعله يواقعها أينما شاء !!!" هذا حال المرأة العربية، لكن هذه الارادة يلازمها ألم جسدي ونفسي، وهنا تكون "ذؤابة" تمارس شيء من المازوشية بحق ذاتها، معطيه المجال "لحكيم" لأن يمارس سادية جنسية بشكل فج وغير عادي، "وحين استند على بطنها مقرباً باهه من عنقها ،احتوته بقبضتيها ،ثم أخذته ملء فيها ، وأطبقت عليه بشدقيها .
تأوه حكيم من أعماقه وذؤابة تقبل عليه تقديماً وتأخيراً. وجاهد قدر الإمكان أن لا يمثل فم سارة في مخيلته ، غير أنه لم يفلح .صرخ بعد لحظات .مخافة أن ينتشي في فيها ! " خلص توقفي " غير أنها لم تتوقف !!!!
ما أدهشه أن ذؤابة راحت تنتشي أيضا مطلقة الرعشات الرعشة تلو الرعشة . لم يصدق ماذا يجري " فهي هنا ضحية ومساهمة في جلد ذاتها، بينما كان "حكيم" جلاد بامتياز، يمارس دوره كذكر مسيطر ومهين لا ينافسه أحد في زوجته.
لكن ليت الأمر توقف عند هذا الحد، بمعنى أنه أخذ حاجته منها، ولم يسمح لها بأن تأخذ كافيتها منه كما أخذ كفايته منها، بل نجده يمر بحالة من الصرع الشيطاني فيبدأ بالصراع: "باكيا من أعماقه ويلطم بيديه على جانبي رأسه " لا ،لا ، لا لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا بالله "" ولم يكتفي بهذا الأمر بل أضاف إليه هذا الفعل: " ابعدي عني ، لا تلمسيني ، الشيطان يسكنك الآن ، أنت قذرة ، وسخة "...لا ! عاهرة ! عاهرة ! اخرجي من حياتي ، انصرفي ، لن أحيا مع امرأة عاهرة تسكنها الشياطين " أي امرأة هذه التي تتحمل كل هذا، تتحمل ممارسة جنسية غير سوية، وزوج لا يعطيها كفايتها، وعليها أن تتحمل مرضه وما يلازمه من صراخ وشتم.
فهل سيتوقف الأمر عند هذا الحد أم أن هناك مزيد من الضغط ستتعرض له "ذؤابة"؟ ، المشهد التالي يعطينا الاجابة: "" أخرجي قبل أن أمزق جسدك "
تراجعت ذؤابة تقهقراً دون أن تستدير
... هربت نحو مدخل البيت ... . فوجئت به يخرج خلفها ويصرخ " أين تهربين يا عاهرة " ... فتح الجيران أبواب بيوتهم ليتبينوا الأمر . هرع شاب بعباءة خلف ذؤابة . توقفت حين التفتت وشاهدت الشاب يتبعها على المصعد حاملاً عباءة . لف الشاب العباءة على جسدها فيما فتحت فتاة باب بيتها وهتفت " ذؤابة حبيبتي "...كانت ترتجف بشدة والدموع تغطي وجهها" أي امرأة هذه التي تستطيع أن تتحمل مثل هذا الوضع؟ وأي ذكر هذا الذي يقوم بهذا الفعل؟ مشهد في غاية القسوة والعنف، ليس العنف الجنسي فحسب، بل العنف السادي، عنف متطرف وغير إنساني، ومع كل هذا نجدها تتحمل وتقبل بالزوج على علته.
يطلب منها "حاتم" أخ "حكيم" أن ترتدي النقاب لكي تخفف من حدة التوتر والمرض عند "حكيم" فما كان منها إلا أن قبلت الأمر بصدر رحب: " من أجل أن يشفى حكيم مستعدة لأن أرتدي النقاب مدى الحياة يا حاتم" بهذا الشكل كانت الزوجة العربية تتحمل فوق طاقتها الجسدية والنفسية والاجتماعية في سبيل الحفاظ على الزوج.
سنتوقف عند هذا الأمر لنشير إلى أن المرأة تلعب دور الضحية وبشكل متقن، فلا نجد منها أي مبادرة للرد أو للمواجهة أو لصد أفعال الزوج غير السوية، فقد وضعت نفسها لتكون "جمل المحامل" وكأنها كمرأة عربية عليها أن تقوم بهذا الدور فقط، وليس من واجبها أن تقاوم أو تواجه العنف الجسدي والنفسي، من هنا نقول أن "ذؤابة" تعاني من "المازوشية" كما يعاني "حكيم" من السادية، وكأن المجتمع العربي مقسوم إلى هاذين المرضين، قسم مازوشي "نساء" وقسم سادي "ذكور" .
بعد أن تخف حالة "حكيم" المرضية يعود إلى البيت، لكن الحالة تعاوده بشكل أكبر من الأول، حتى أن "ذؤابة" تطلب من "حاتم" الحضور بعد أن كسر شاشة التلفزيون لأنه يبث صور شيطانية، وهنا تتعرض "ذؤابة" إلى ضغط إضافي عندما قبلت أن يسمع "حاتم" ما يدور بينها وبين "حكيم" لنجدتها عند اللزوم: "وحرصت على أن تخبره أن حكيم سيواقعها بعنف إن لم يكن بوحشية في تلك الليلة وعليه أن ينام عندهما حتى إذا حدث ما لا تحمد عقباه يتدبر الأمر .ستتحمل كل ما سيفعله حكيم إلا إذا تجاوز قدرتها على الاحتمال ، حينها ستصرخ باسمه وعليه أن يهرع لنجدتها فوراً . بل وطلبت إليه أن يظل قريبا من باب غرفة النوم ليسمع استغاثتها. وستحاول أن ترفع صوتها ليعرف ما يجري." لهذا نقول أن المرأة العربية تتحمل فوق طاقتها وتعطي أكثر مما ينبغي لها، ومع هذا تعامل باحتقار.
نلخص حالة المرأة العربية بما قاله الطبيب النفسي عنها: "صدق أو لا تصدق ثمة نساء يتزوجن وينجبن ويمتن دون أن يعرفن ما هي النشوة الجنسية ،هن مجرد جسد شبه وعاء وظيفته أن يمتع الزوج ويتقبل إفراغ طاقته فيه ليحمل وينجب ، ويخدم الزوج" وهذه الشهادة كافية لنتأكد أننا نحن مجتمع الذكور ساديين في تعاملنا مع المرأة إن كنا نعي هذه الممارسة السيادية أم لا.
بخصوص حالة "حكيم" فقد أوضح لنا الطبيب ما يمرفيه من مرض يتمثل في "مشكلة أخيك يا عزيزي هي هوس ذهاني ديني، يتصارع في شخصيته الجنس والدين ، الأول يدفعه إلى الحياة بجمالها والثاني إلى التدين ، ودائما ينتصر الدين عنده على رغبات الحياة .وهي الحالات الأخطر في الهوس الحاد ، مبعثها كبت جنسي وتربية دينية واجتماعية خاطئة بتخويف الأجيال منذ طفولتهم من عذاب النار ومن عقاب الله ومن غواية الشيطان" وهذا التوضيح لحالة "حكيم" يشير بطريقة ما إلى الحمل الثقيل الذي تحملته الزوجة.
ينهي الراوي روايته بنهاية طبيعية، حيث تستفحل حالة "حكيم" المرضية بعد أن يقوم والده بأرساله إلى أحد الشيوخ ثم إل أحد الكهنة بحيث يتعرض للجلد على مؤخرته ليطرد الشيطان منه، وبعد أن يخرج من جلسة الشعوذة يقوم: "ليراه يتحول إلى وحش تكسو جسده حراب شوكية فتاكة ، راح ينتفض ويطلقها يمينا وشمالا وخلفاً وأماماً لتصرع أو تجرح عشرات الناس ، وكان أول الصرعى أبوه الذي اخترقت جسده سبع حراب . راح الوحش يجري صارخاً في الشارع " كفرة ملحدين " ويطلق حرابه في كل الاتجاهات ليصرع العشرات " وكرد طبيعي على هذا العنف كان لا بد من إيقافه بأي طريقة ومهما كان الثمن . هرع رجال الأمن "وراحوا يطلقون النار عليه من مسدساتهم ، لكنه لم يسقط ، إلا بعد أن أتى أحدهم برشاش وأفرغ طلقاته في جسده"
الراوي يتعاطف مع المرأة وهو أن ينصفها، لهذا نجده ينهي روايته بنهاية سعيدة والتي جاءت بهذا المشهد "بعد قرابة ثلاثة أشهر من مقتل حكيم وأبيه .
تزوج حاتم من ذؤابة في حفل مهيب دام فيه الرقص حتى الصباح
... عاشت ذؤابة مع حاتم حياة سعيدة " وكأن الراوي لم يرد لنا أن نكون مكتئبين، فجعل النهاية سعيدة، أو أنه أراد أن يخفف عن بطلة الراوي "ذؤابة" فجعلها تنعم بحياة سعيدة في نهاية الأحداث. أو أراد أن يكافئها على جلدها وعلى صبرها وعلى عطائها بهذه النهاية، واعتقد بأن النهاية كانت موفقة تماما، وقد اعطت القارئ شيء من راحة الضمير خاصة بعد المشاهد القاسية والمؤلمة.
الرواية منشورة على الحوار المتمدن من خلال هذا الرابط http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=434543



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى كافة الصديقات والأصدقاء في العالم
- المأساة في رواية -النهر المقدس-(5)
- لكاتب في رواية -موتي وقط لوسيان- (4)
- لماذا لا يكون القائم بالخلق طاقة عقلانية !
- هل وشة الأذنين نذير نهاية ؟
- القائم بالخلق طاقة عقلانية ( أي عقل ) وليس كائناً أو كياناً ...
- معنى أن يكون الخالق طاقة عقلانية غير طقمادية ؟
- مقاربة لفلسفة محمود شاهين مع فلسفات ومعتقدات مختلفة.
- الحيوان نموذج لإنسانية الإنسان في قصص محمود شاهين.
- رائد الحواري :مقالات في أدب محمود شاهين
- رد الصديق محمد القاسم على ما نشرته عن لقائنا وتعارفنا، وقد ش ...
- رُبّ صديق خيرمن أخ أو حتى ابن ، وألف عديق!
- مأساة العقل البشري!
- بعدين مع هذا الكورونا ، لا حب لا قُبل لا غرام ؟!
- عملية الخلق المنشودة لم تبدأ بعد !
- عملية الخلق ما تزال في بداياتها! مقالات ومقولات في الخلق وال ...
- رحمه الله أم لروحه السلام ! ؟
- نجوت من كورونا.. شكراً إلهي !
- في يوم مولدي: عملت جهدي لأن يكون لوجودي ضرورة !
- الكاتب العربي غيرمثقف !


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبناء الشيطان . رائد الحواري