أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - تفجير الثقافة العربية الإسلامية من الداخل














المزيد.....

تفجير الثقافة العربية الإسلامية من الداخل


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7119 - 2021 / 12 / 27 - 17:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثلت اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة ذروة التدهور والاضمحلال في الثقافة العربية، حين برهنت كيف تحولت إلى ما يشبه الوباء الفتاك الذي لا يكتفي بحامله، لكنه قابل لتجاوز حدوده الجغرافية إلى مناطق بعيدة أخرى حول العالم. هؤلاء الذين طاروا ليفجروا أنفسهم في آخرين بعيدين عن لم يحملوا في أذهانهم أي مبررات أو أهداف معقولة، مجرد أماني وهمية وكراهية وأحقاد عمياء. والطريقة التي نفذوا بها جريمتهم لم تخطر حتى على بال إنسان سوي، ليس لها سابقة في التاريخ، لأنها ببساطة غير متصورة من إنسان ذو عقل. هذا جنون. والسؤال: من أين أتى هؤلاء المجانين، وما هو بالضبط نوع المرض الذي يحملونه، وما هي مسبباته؟

كانت أعراض المرض جلية لا تحتاج لجهد كبير في التشخيص. وسرعان ما وضع مفكرو الغرب بقيادة أمريكية أيديهم على أصل الداء الذي ابتلاهم بهذا الوباء: أنظمة الحكم السائدة في المنطقة، وكان معظم الحكام العرب أصدقاء وحلفاء لهم. لكن رغم صداقتهم وخدمتهم للمصالح الأمريكية والأوروبية، كانوا في الوقت ذاته- وبفضل هذه الصداقة- سداً فولاذياً منيعاً بين شعوبهم وأسباب الحياة الصحية الطبيعية. لقد مارس هؤلاء الحكام- بأسلحة وأدوات وأموال أمريكية وغربية- القمع والاضطهاد بحق شعوبهم، حرموهم من النمو والتنمية على كل الأصعدة، ووقفوا بينهم وبين عيش الحياة العصرية مثل بقية شعوب العالم. أصبحت هذه الشعوب أشبه بأهل الكهف، تعيش في عالم من نسج أوهامها، غير حقيقي وغير موجود. حتى صعد نفر من أهل الكهف طائراتهم بعد استغفار ربهم وتسبيحه لتسخيره لما ما كانوا له مقرنون.

أنظمة الحكم في المنطقة العربية والإسلامية هي المشكلة، وهي الحل، أو هكذا على الأقل خلصت مراكز الأبحاث ودوائر صنع القرار الأمريكية والغربية. وهم أيضاً حلفاء وأصدقاء، يمررون ويسهلون ويحرسون ويخدمون المصالح الأمريكية والغربية. لكن الخطر الآتي الآن من الشعوب- بسبب سياسات هذه الأنظمة الصديقة ذاتها- أصبح يفوق بكثير فائدة الحكام الأصدقاء. وانتهى التنظير إلى ما يعرف بنظرية "الفوضى الخلاقة"، أو تهيئة الظروف الموضوعية للتغيير الفعلي على الأرض حتى لو انفجر الوضع القائم حتماً إلى فوضى مدمرة حتى حين، وفي الوقت نفسه محاولة حصار الفوضى بأكبر قدر ممكن من السيطرة. وعلى المدى الطويل، يؤمل أن تؤتي هذه السياسة بثمارها تدريجياً خيراً من الاكتفاء بالجلوس الساكن وانتظار الموت الأكيد.

انطلق التطبيق العملي لنظرية التفجير الثقافي الداخلي أو الفوضى الخلاقة على مسارين، أحدهما إسلامي عن طريق غزو أفغانستان في العام نفسه، والآخر عربي عن طريق غزو العراق بعدها بعامين في 2003. من الناحية النظرية، ثمة تداخل لا ينفك بين الحيزين الثقافيين الإسلامي والعربي، لدرجة لا يمكن معها معرفة أيهما الأكثر تأثيراً في الآخر على مر التاريخ، حتى قبل آلاف السنين من انطلاق الإسلام من شبه الجزيرة العربية. هذا التطبيق، على أرض الواقع، ليس أكثر من زرع لجرثومة التغيير المنشود عبر المنطقة العربية والإسلامية، التي ستتكفل فيما بعد استكمال عملية التغيير بنفسها، من داخلها. الأمر لا يعدو أكثر من مجرد فتح أبواب المنطقة الموصدة أمام الرياح العالمية، وترك الباقي لأهلها أنفسهم.

لكن بعد أكثر من عقدين من الزمن، لم يأتي المسار الإسلامي عبر بوابة أفغانستان بأي نتائج تذكر في اتجاه التغيير الثقافي المنشود. بالتالي انسحبت أمريكا ومعها بقية الدول الغربية. وأغلق هذا الملف، ولو مؤقتاً.

على المسار الآخر، وقبل حتى مرور الذكرى العشرية الأولى لغزو العراق وفرجة الجماهير العربية كلها على الزعيم العراقي السابق صدام حسين داخل قفص الاتهام، ثم مشاهدته يشنق في يوم عيد كما الأضحية، أخذت الأحداث مساراً متسارعاً لم يتوقعه حتى منظرو الفوضى الخلاقة أنفسهم. ها هو الرئيس التونسي زين العابدين يفر متخفياً في الليل بعد عقود من الحكم الديكتاتوري المطلق. وسرعان ما لحق بصدام وزين العابدين الرئيس المصري السابق حسني مبارك. المشهد متكرر لكن التفاصيل مختلفة. الأحداث تحبس الأنفاس ولا تتوقف ولا تهدأ، ولا تبدو لها نهاية في الأفق. بمجرد أن يسقط واحد هنا، ستجد آخر يقاوم باستماتة هناك، وثالث تتكبد الغيوم من فوق رأسه من بعيد. هكذا المشهد منذ أكثر من عقد من الزمن، ومستمر حتى اللحظة بنفس قوة انطلاقته.

كأن المنطقة العربية انفجرت في فوضى حقيقية، لكنها بالتأكيد حتى الآن لا هي خلاقة ولا هي مثمرة بعد. يبقي هناك جيب بالغ الأهمية من المنطقة في حمى وسالم ومعافى إلى حد بعيد من حمى هذه الفوضى المسعورة- السعودية ودول الخليج العربي. لماذا بقيت الأنظمة الخليجية في منأى من رياح التغيير التي هزت وأسقطت ولا تزال أغلب أنظمة الحكم في بقية الدول العربية- تحديداً ذات أنظمة الحكم الجمهورية؟! وهل سيستطيع جسد الثقافة العربية الجديد- المنشود بعد هذه الفوضى- أن يسير على قدم دون الآخر؟ كيف؟! لكن دورة الفوضى لا تزال نشطة ولم تسكن بعد.

كرة الفوضى تقفز عبر الحدود من قطر إلى آخر، ثم تعاود أدراجها لزيارة القطر ذاته حتى بعد مرور السنين. وهناك أماكن تأخرت الكرة حتى بلغتها، مثل السودان، لكنها في الملعب السوداني الآن وبكل قوتها. وقد عادت إلى تونس بعد نحو عقد من قذفها من هناك أول مرة. لكنها في كل مرة تغادر ثم تعود في ثوب آخر، أسباب وغايات أخرى؟ فهل نحن في وسط تغيير حقيقي، حتى لو طال بنا الزمن وعظمت التضحيات؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بداية الإصلاح الديني في إنجلترا-2
- بداية الإصلاح الديني في إنجلترا-1
- بداية الإصلاح الديني في إنجلترا
- ولاد الحرام
- التحول من الفلسفة إلى الدين: مقتل هيباتيا
- كائنات جبارة من صنع البشر
- الكائن المفكر الأوحد
- مع إبليس- الوجود الإدراكي التطوري
- لقاء مع إبليس- المساواة في الوجود
- لقاء مع إبليس
- كيف أصبحت الكلاب من أعز أصدقائنا: رحلة ممتدة منذ القدم حتى ا ...
- الاحتكار وابن عمه الشرير
- جنرال الكتريك والإيمان بسحر الإدارة
- سفاح الحمير
- أحياة بلا خطة هي؟
- عذاب الوعي
- دين وثلاث دول
- مدينة لكن بعقل قرية
- قرويون على أرصفة المدن
- إنصافاً للتجربة الديمقراطية في العراق


المزيد.....




- السيارات سقطت بركابها في الوادي.. فيديو يظهر لحظة انهيار طري ...
- فيديو يظهر انتشار الدبابات الإسرائيلية قرب حدود قطاع غزة الج ...
- تقرير: -حزب الله- يقلق إسرائيل بترسانته الجوية
- تركيا توكد عدم نيتها إرسال منظومة -إس-400- إلى أي دولة
- في ظل تصاعد الانتقادات الدولية.. نتنياهو يدعو الإسرائيليين ل ...
- مقترح الهدنة: شولتس يهاتف نتنياهو وهنية يتحدث مع مسئولين بمص ...
- جيمس ويب يكشف عن تفاصيل -غير مسبوقة- لسديم رأس الحصان على بع ...
- هجوم عنيف على أردوغان بعد تعليق تركيا تجارتها مع إسرائيل
- الدفاع الروسية: اسقاط مسيرتين معاديتين فوق مقاطعة بيلغورود
- بعد طرد النيجر القوات الأمريكية.. نفوذ واشنطن بإفريقيا ينحسر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - تفجير الثقافة العربية الإسلامية من الداخل