أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازغ محمد مولود - الحياة والموت..وجهان لعملة واحدة















المزيد.....

الحياة والموت..وجهان لعملة واحدة


مازغ محمد مولود

الحوار المتمدن-العدد: 7118 - 2021 / 12 / 26 - 04:18
المحور: الادب والفن
    


لماذا أتحدث عن الموت؟ أليس ظاهرة مألوفة..ام مجرد حادثة عابرة ؟ حادثة قد تغيب عنا شخصا ما. حبيبا أو قريبا ّ.ألا يعلمنا الموت أن نترقبه بقلقّ؟يعلمنا انه الحقيقة الوحيدة التي هي نقيض الحياة...حقيقة لا جدال فيها .إنها نهاية حياة .أو النهاية الحقيقية لقصة كل واحد منا.ورغم أن الحيوان ليس له تصور للموت .يبقى الإنسان يحمل وعيه بالموت .يبدو وعيا شقيا يلازمه إلى أن ينتهي. شخصيا رأيت الموت في نهاية حياة والدي وأمي وأخي وأختي . ا ومنذ شهرين رايته يأخذ أخي الثاني ..إن العدم قرين خطا الإنسان مهما بلغ ومهما شيد ..وان الذات الإنسانية ستكون مفردة وحيدة أمام هذا المصير المحتوم ...حتى وان دفنا أفكارنا عن الموت. كما ندفن موتانا. سيحل ،ونتحول إلى أجسادا هامدة .. عاجزين عن التعاطي مع الحياة
تجربة الفقد أمام حضرة الموت ..تجعلك تحس انك فقدت أشياء منك أنت. أشياء بداخلك لا تدرك ما هي، لكنها مؤثرة جدا فيك وعلى نفسك.إحساس مرير بارد وثقيل يحتويك. لدرجة انك تعيش موجوعا أكثر من شعورك بالوجع. وما يؤلم النفس ..إحساسك بالعجز و قلة الحيلة .إن الذين تحبهم فقدتهم أو رحلوا عنك والى الأبد..لن يشعر بألمك احد غيرك .ولا يحس به إلا إياك...لكن الحياة تستمر ..وستعلم حتى وان عادت الحياة إلى مجراها الطبيعي..سيظل ذلك اليوم موشوما بداخلك..أنت رهينة فيه ..لن تستطيع التخلص منه.سيعاد مشهد ذاك اليوم ، ستستحضره أمام كل فقد أو جنازة.
نعيش لنفهم ، نفهم لنتجاوز.
نعيش الحياة بقلق،يولد القلق ليرتبط بالحياة والموت. نفهم أننا لا نستطيع تجاوز الموت. رغم ما لدينا من العلف الابيستمولوجي عن الموت .يبقى مجرد ضجيج يفسد علينا وجودنا. فلا نستطيع تجاوز القلق. نكتشف مجاورة الموت للحياة. نكتشف انه تهديدا ، وان الحياة لا يمكن أن تكون خالدة.
يبدو أن الموت ليس فكرة، الموت حقيقة .وحتى وان كان جزء من الحياة .فهو غير جميل .انه أصعب ما يلاقيه الإنسان.قاس مؤلم .غير جميل ...قبيح، من الصعب الاعتراف به..انه سارق ، يسرق ظلنا .يسرق منا الزمن .يسرق منا الحياة .يسرقنا وننتهي.نختفي كما لم نكن وما كنا.ربما هي رحلة أخرى .
ما من احد إلا فكر في الموت وهو يمارس الحياة.ربما نمارس الحياة لنعاند الموت. أو نسعى إلى السيطرة على القلق .إن حياتنا مهددة بالموت ، هذا الخطر الداهم المتربص بنا ، يولد وعيا نرجسيا، وهو بذاته مصدر القلق . انه الخوف ، وما يخيفنا كامن مدفون في نفوسنا.نمارس الحياة لنتصالح مع الموت.مع حتميته ، فهو سيد لا يهدأ .سيد لا يعيف يلتهم الأحياء يودعهم خارج دائرة الحياة.ورغم النصوص المقدسة والمدنسة .ورغم الاستعارة والمجاز، قد تستطيع أن تقتل .لكن لا تستطيع أن لا تموت.
الحديث عن الموت موجع.دليل خوفنا، و قلقنا . وفعلا نحن نخافه ، لكن كيف لهذا الخوف أن يفصح عن نفسه؟ تحت خيمة الموت ، هناك يظهر جمال الحياة . قيمة الحياة .فأنت تودع الأماكن ، تودع الأشياء، تودع الأشخاص، تودع نور الشمس وفي النهاية تودع نفسك . إن الذي يموت ليس ذاك المسافر الذي سيعود. وليس الغائب الذي سيظهر ونراه. انه الرحيل إلى االماوراء انه العدم..انه تلك المسخرة التي تضحك فيها الطبيعة على الإنسان على حد قول شوبنهاور .وبإغراء ملح لا يعرف التوقف.
الحديث عن الموت.قد يكون موضوع خلاف. لكنه رديف الحياة، أو ربما وجهها الأخر المخفي. المظلم. الحياة ، وجود وحضور نعيها، ينفع معها التأمل والكلام .بينما الموت عدم ، والعدم لا فضاء فيه للكلام..أينما يحل الموت تحل الكآبة وتنكفئ النفس إلى الخلف .تزول البهجة ، تتوقف دوافع الحياة الأصلية. تحل كل مشاعر الإحباط، والقنوط والشعور بعبثية الحياة . انه سفر يتسع للحزن وسواد النفس.وسراب الحلم .وتيه الإحساس. سفر يحيل على الصمت الشائك،والحب المؤلم كشظايا الزجاج .وموج يتكسر وجعا. سفر يتجلى في كلمات العزاء ودمع البكاء وألم الكمد .
قال احد فلاسفة المغرب مرة عن الموت( عندما يشيخ الجسد ، فانه من حق الروح أن ترتاح في وقت ما)لكن حتى الجسد عليه أن يرتاح. يبدو الجسد عارض. معرض للألم والمرض والحرمان والمعاناة والشقاء والعذاب ..عليه أيضا أن يستريح.أن يتمدد.إن أي جسد يختزل في كتلته الموت. يقول بيل برايسون(( في كتابه موجز تاريخ كل شيء تقريبا)).إن الحياة على مستوى الكيمياء هي دنيوية على نحو خيالي فنتازي. كربون، هيدروجين، اوكسوجين، نتروجين وقليل من الكالسيوم ولمسة من الكبريت ورشة خفيفة من عناصر أخرى عادية جدا. وهذا ما تحتاج إليه .والشيء الوحيد الخاص حيال الذرات التي تصنعك هي إنها تصنعك وهذه هي معجزة الحياة .. إن أطول حياة إنسانية تصل الى650.000 ساعة فقط..فان ذراتك سوف تقضي عليك لسبب مجهول. ثم تتفكك بصمت وتتلاشى كي تصبح أشياء أخرى . وهذا ما سيحدث لك..
اقسي ما يتعرض إليه الإنسان أن يتحول إلى ميت . تبكيه أسرته وأحبته وأقاربه.ولا عزاء له.. إلا انه ليس أخر من يموت.مات الإباء والأجداد وآباء الأجداد والإسلاف إلى أخر عضو في سلسلة القرابة .قطار الموت يمضي يحمل الكبير والصغير.كل إنسان مر بتجارب و بمحن..فالحياة امتحان ومحن لا يتوقفان .هكذا تعاش. نفقد معرفتنا بأنفسنا نبحث عن أنفسنا فينا. ولا نصل إلى مركز الذات إلا أمام الموت.هذه أحوالنا .لسنا ملائكة ولا أبطال ميتولوجيا. تنتابنا حالة اليقظة. نتعرف إلى أنفسنا . لكن سرعان ما تذهب معرفتنا أدراج الرياح.معنى ذلك، أن الحياة تمضي قدما لا تتوقف.
حين نرى الموت ماثلا في جسد هامدا مسجيا . هناك نرى صورة الموت الخفي .لا نستطيع تجاهل الصورة .تقتحمنا مرارا وتكرارا.كيف لنا أن نصفه .إنها الهشاشة أمامه.نتعرف عليه بواسطة مشهد موت الأحياء .موت الواحد تلو الأخر.القلق والخوف يقربنا إليه والى معرفته...كون كل الأحياء يموتون جميعا .بالتالي نحن أيضا...كيف إذن يبدو الموت؟. انه قلق منقوشا في حميميتنا ..انه خوف ورعب .صمت الغائبين الذين لا يجيبون..يلج إلى كيان الأخر بوصفه كيانا مشتركا.وبوصفي أنا كيان أخر أيضا.أتوقع موتي مستقبلا.
الموت لغة عصية غامضة .رغم وضوحه في الحضور. لا ادري من قال مرة..حين يموت كائن شديد القرب منا .في غيابه ينتهي بنا الآمر إلى أن نحييه بلغة لم يعد يفهما..إن القلق الذي يساورنا بشان فقدان أحبتنا. يكون اشد من القلق بشان موتنا نحن. يبلغ قلق موتنا من الكثافة روحانيا أن يجعلنا أكثر صرامة وأكثر تدينا. ورغم ذلك فالقلق من الموت هو القلق الأولي الذي يصل كياننا بالعالم وبالحياة .فالذي لا يموت، من لم تمسه الحياة بعد. لما لا نستدعي العبارة المعاكسة لكونفوشيوس حين قال (( إننا لا نعرف شيئا عن الحياة ،فكيف نستطيع أن نعرف شيئا عن الموت؟)) وبقدر ما للموت من قبح..فالحياة عليها ان تعاش بجمالها ولعل اجمل ما فيه هو الحب.. لذا يقول الكاتب الكولومبي غارسيا مركيز وهو على فراش الموت((لو قدر لي ان اعيش وقتا اطول، لن اترك يوما واحدا يمر دون أن أقول للناس كم أحبكم ، أحبكم جميعا ، ولأقنعت الجميع رحالا ونساء ألا شيء أثمن من الحب.وسأبرهن لهم جميعا كم هم مخطئون ، حينما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقا متى شاخوا؟))



#مازغ_محمد_مولود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت.. لا يشبه الموت
- الكورونا..بين المأساة والمسخرة
- شكرا كورونا ..لقد فضحت العالم
- الشاعر لا يحب الموت
- كنز سرغينة بين الجهل المركب والفقر المؤسس
- كليميم من زمن القداسة إلى زمن العهر
- القبيلة و لعنة التعالي
- المسرح بوادنون عبداللطيف أصاف تجربة متميزة
- الموت في الانتظار
- استهامات واقعية
- القدس ..بين الهيمنة الامريكية والخيانة العربية
- ماركس النافع
- كليميم مدينة ولدت من رحم حي- لكصر-
- ثورة اكتوبر لن تموت
- كليميم ..ينبت الحجر مكان الشجر
- لماذا علينا ان نكون يساريين ؟
- السياسة المغربية بين الاخلاق والنضج
- المعطل بين الحق والهامش .
- كليميم...هل تستحقين هذا المديح ؟
- اية حكومة يجري الرهان عليها في المغرب


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازغ محمد مولود - الحياة والموت..وجهان لعملة واحدة