أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - لارس والآودي














المزيد.....

لارس والآودي


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 7099 - 2021 / 12 / 7 - 18:32
المحور: الادب والفن
    


عرفتهُ في منتصف التسعينات.
كنّا نجتمع بتنسيق مبيت في حمّام الساونا بعد الإنتهاء من التمارين الرياضيّة التي، ودعوني أعترف، لم تساهم في إنقاص وزني حينذاك.
«لارس» وأنا كنّا الأكثر إهتماماً بتزامن الوقت. أحاديثنا شملت شؤون العالم وحتّى الكثير من الخصوصيات.
كانت عظامه مُصابة في كل مليميتر بالروماتيزم، وقد حشاه الأطباء، لسنوات طويلة، بالأدوية لجعله يستقيم ويقف على رجليه دون معرفة، أو الأخذ بالإعتبار تلك المضار الجانبيّة التي دمّرت كليتيه فيما بعد. أصابعه كانت غريبة الشكل وفي كل مفصل ظهر إنتفاخ جعله يشبه مخلوق الفضاء «إي تي».
لكنه لم يفقد مزاجه الرائق يوماً ولا إعجابه بـ «لينا» حسناء النادي، دون منازع. الخمسينية البرجوازية التي كانت تأتي ممتطية صهوة «الپورشه» الصفراء الموروثة من زوجها المتوفي، مرتدية ثياباً ترشح وجاهة.
كنّا، خارج مجال الرياضة، نجتمعُ مرّة في الشهر في إحدى المطاعم المحلية لتناول الغداء وإحتساء بعض المُنكر، هو، لينا، ليزا، بوديل، ايريك، يان وأنا كأعضاء دائمين. وفي كلّ مرّة كان يدعونا إلى شقّته الفارهة الكبيرة ليُقدّم لنا كأس كونياك وفنجان قهوة. وحينما كنّا نهمّ بالمغادرة كان يحاول إستمالة لينا بالبقاء دون أن ينجح أبداً. «ولا في أحلامك يا لارس». تقول له لينا بخبث.
حدّثني مرّة عن زوجته المُطلّقة وإبنته وولده. حينما تطلّقا عام ١٩٧١ كانت زوجته حاملاً بصبي، بينما إبنته كانت بعمر سنة.
«أين هم الآن؟». سألته. «لا أعرف، ربما أولبورغ، مسقط رأس زوجتي». أولبورغ أبعد مدينة كبيرة عن كوبنهاغن.
استغرق الأمر جهود عدّة أشهر حتّى اقنعته بالبحث عن عائلته المفقودة. «هل تريد أن تموت دون أن تلتقي بأطفالك؟». كنتُ أكرّرها لهُ.
الزوجة متوفاة. إبنته «سوزان» متزوجة وعندها صبي وتسكن في تلك المدينة، والصبي يدرس الطبّ في جامعة كوبنهاغن. هكذا كانت نتائج الإستقصاء.
بعد العديد من النقاشات حول ضرورة الإتصال بابنته وافق. النتائج نجحت وتطوّر الأمر ليتّفقا على الزيارة.
رافقتهُ إلى محل بيع الألعاب، واخترتُ له بعض الهدايا، لأنه قال لي أن خبرتي في هكذا أمور تتجاوز إمكانياته كأب لا يعرف ذريّته.
عاد بعد ثلاثة أيام سعيداً يحمل ضحكة ملأت وجهه من الأذن إلى الأذن. «لا أعرف كيف أشكرك». قالَ. «لقد أسعدتني أيضاً» قلتُ.
ثمّ قابل إبنه «راسموس»، الذي، ويا لغرابة الأمور، كان يسكن في غرفة على مسافة قصيرة منه.

كان ذلك في العام ٢٠٠٣، وبدا الأمر برمّته وكأنه قصّة بديعة في لمّ شمل العائلة، لكن عظام لارس صارت تتفتّت وكأنها قطع من البسكويت.
في أحد الأيام كان في طريقه إلى سيّارته الآودي حينما سقط كخرقة على الرصيف. حدث ذلك بعد شهرين من تواصله مع العائلة.
اتصل بي، بصوت واهن، من المستشفى، وذهبت لزيارته حاملاً باقة من الورد. كان هشّاً وبالكاد يتكلّم.
بعد يومين، ذهبتُ، هذه المرّة مع لينا. استقبلنا شاب وسيم وقدّم نفسه «راسموس». «هو الآن في الطابق الأعلى يتعرّض لغسيل الكلى». ثم نقل لنا رغبة والده بإيقاف الزيارات. «لا يطيق أن يُرى بهذه الحالة». طلبنا منه أن ينقل تحياتنا وأمنياتنا. كان الأطباء قد أعطوه أسبوعاً على الأكثر.
هكذا انتهت صداقتي بلارس، التي امتدت لثمانية أعوام.

البارحة رنّ هاتفي.
«أنا راسموس إبن لارس، إلتقينا في العام ٢٠٠٣ لمدة دقيقة». «طبعاً، أذكر ذلك جيّداً». قلتُ له.
تحادثنا كثيراً، وأعطاني تفاصيل عن جنازة والده. يعمل الآن كطبيب مختصّ في الجراحة، ومتزوج ولديه ولدٌ أسمّاه عرفاناً لذكرى والده بـ «لارس».
قال أيضاً أنه بحث عني كثيراً إلى أن وجدني على الفيس بوك، ويرغب في التعرّف عليّ بعد أن حدّثهُ والده عن أنني كنتُ السبب في لمّ شمل العائلة لفترة قصيرة.
إتّفقنا على اللقاء في كوبنهاغن. «أنت تتذكّر العنوان على الأغلب. لقد إنتقلتُ إلى شقة والدي مُباشرة بعد وفاته». «والآودي؟»، سألته، فضحك.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجّ على الطريقة اليابانية
- محافظة يهودية في روسيا
- الحورية على شكل حشرة
- رأي سابق في المقتلة السورية
- الزطّ (الغجر)
- الشيطان والحمار
- الزيزان
- النمل
- العتائق ونشأة الحياة
- فوتبول
- لونا وروبيرت
- الحمار
- ورد جوري دمشق
- المتّة
- صابون
- الخنزير
- سپاگيتي
- ليس «هاپي اندينغ»
- ثقافة التواليت اليابانية
- ماكس، الكلب


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - لارس والآودي