أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ليلو كريم - سفر التكوين العلمي















المزيد.....

سفر التكوين العلمي


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 7096 - 2021 / 12 / 4 - 18:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في اعماقي شعور يُرجعني الى ماضٍ سحيق لا أتمكن من تحديد حتى حقبته الزمنية، ولكنه شعور مدعوم بدليل يخبرني أن الخلية كانت اللبنة الأولى لنشوء الكائنات، كل الكائنات، وقد رافقت تطورها ومازالت اللبنة الأساسية في البناء العضوي، فالخلية الواحدة ظهرت اولًا، في البدء، والخلية تطورت فكانت أكثر، وأكثر، حتى بلغت الخلايا في تراصفها اشكالًا من الأحياء يصعب حصرها، ولكن الكل بدء من خلية.
هذا الوصف يُعادل ما ورد في النص المقدس الإبراهيمي الأول؛ سفر التكوين "בראשית Genesis" ففي البدء خلق الله ( في البدء خلق الله السموات و الأرض • و كانت الأرض خربة و خالية و على وجه الغمر ظلمة/سفر التكوين، ١ - ١ ) وفي مذهبي التفكري تُعادل الظلمة المرحلة السابقة لظهور الخلية، فالخلية أول حالة عضوية تمارس الوعي، طبعًا هو وعي متخلف جدًا عن وعينا الذي نتمتع به اليوم، وقد جرت تجربة في مختبر على خلية واحدة أفردت وعزلت في ظروف تمكنها من البقاء فأظهرت التجربة أن تلك الخلية طلبت أولًا المعرفة إذ راحت تتحسس محيطها، إذن؛ خلو الحياة من أي معلمٍ حي يدفعها عن الوصف " حياة " ولتختر لها وصفًا آخر، وكيف لها أن تختار وهي بلا حياة، فهي ظلمة، ظلام إذ لم يظهر بعد الوعي الناتج عن لبنة حية، فالوعي نتاج عضوي يبدأ بسيطًا كما البساطة العضوية ثم يتعقد بتعقدها ويبلغ ذرى بلغتها، فليس هناك من انسان بحجم أصبع، ولم يكن للإنسان أن يتكون بخلية واحدة أو حتى مئة خلية، فالتراكيب المليارية من الخلايا وما يدعمها من سوائل وطاقة تُكون الإنسان، وهذه التراكيب المليارية نتج عنها تطور الأجهزة الباعثة على الوعي، ففي البدء كانت خلية بوعي يعادل ما هي فيه من مستوى عضوي، والآن يكون الوعي نتاج ما بلغنا كبشر من مستوى التطور العضوي، وليس من انسان مُكون من عقل مجرد أو ادراك غيبي غير مرئي كما هو الحال عند من يؤمن بأن الملائكة عبارة عن عقل مجرد في مبحث لا متسع لذكره هنا.
يبدو وبحسب العلم أن الخلية ظهرت في الماء بدءًا، ولما تطورت وتعقدت وتنوعت في تراصف عضوي متعدد توزعت الى مسارات أجناس (و قال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية و ليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء
فخلق الله التنانين العظام و كل ذوات الانفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كاجناسها و كل طائر ذي جناح كجنسه/١ : ٢٠ - ٢١ ) وأنا هنا لا أتطرق الى الخلق والإله، ولا ألفت الإنتباه الى إيمان أو عقيدة دينية، بل استخدم النص الديني للإشارة الى مستهل المقال، ففي داخلي شعور يرجعني الى ماضٍ سحيق لا أتمكن من تحديد حتى حقبته الزمنية، ولكنه شعور مدعوم بدليل يخبرني أن الخلية كانت اللبنة الأولى لنشوء الكائنات، كل الكائنات، واعتقد أن الإنسان في عهود ظهور النصوص المقدسة شعر بما أشعر به ولكن العلم لم يسعفه في حينه بما أسعفني به من اكتشافات وما تمخض عن الاكتشافات من مصطلحات وتعاريف (يمكن تعريف الخلية [بالإنجليزية: Cell] بأنّها الوحدة الأساسية المُحاطة بغشاء، والتي تحتوي على الجزيئات الأساسيّة للحياة، وتتكوّن منها جميع الكائنات الحية) فعبّر هو عن شعوره الفلسفي بنص لغوي قدسه لأنه اعتبره علمًا، أي أن تقديسه للنص توجه لما في النص من رأي علمي وليس لنفس النص، أما أنا فقد تحول البحث العلمي في زماني من الرأي الفلسفي الى الإكتشاف العلمي، وفي هذا الزمان هناك تقديس للعلم قد نلمسه في طقوس الإنشغال بالتقنيات، وفي هذا يقول الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون (فلقد نرى في السابق، أو في الحاضر، مجتمعات إنسانية لا حظ لها من علم أو فن أو فلسفة، ولكنا لا نعرف قط مجتمعًا لا دين له/ منبعا الأخلاق والدين،ص ١٢٣.. الطبعة الثانية، دار العلم للملايين).
لم يكن لأهل عهود ظهور النصوص المقدسة التعرف على اللبنة الأساس لتكوين الكائن الحي، ولهذا اشاروا الى المكون الأولي العضوي بحسب ما توصلوا له من علم وتصور، وها أن سورة الحج في القرآن تكشف لنا مستوى التحقق العلمي لأهل ذلك الزمان من موضوعة منطلق التركيب العضوي، حيث تقول السورة:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ/ ٥) ونلاحظ وبوضوح التوصيف والتشخيص المتسلسل الذي ساقه النص لعملية التكوين العضوي للجنين فبدأ بالتراب ثم النطفة وهذا دليل دامغ على جهل أهل زمان النص بوجود تسلسل عضوي حقيقي يبدأ من الخلية، وهذا جهل حتمي لغياب التقنيات المتطورة كالمجهر، بل أن سورة الرعد القرآنية تتطرق لسؤال طرحه مشككون علميون بنظرية إعادة المخلوق بعد فناءه: (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ )؟؟.. فما هو جواب القرآن على هذا التساؤل الشكّي العلمي.. لقد أجاب القرآن كالتالي:( أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ولو أن القرآن في حينها طرح موضوع الخلية وكيفية نشوئها وتكونها ودورها في ظهور الحياة وكيفية تصنيعها بطرق علمية لأقنع أهل العلم حتى في هذا الزمان، ولكن أهل ذلك الزمان القديم لا يعرفون الخلية ولا تتوفر لديهم التقنيات اللازمة لإكتشافها ومعرفة مكوناتها ودورها، فلا داعي لأن نتعجب من رد القرآن على السؤال الذي طالب بدليل علمي لكيفية التخلّق والنشأة بالتوبيخ والتهديد والوعيد الغيبي، فالجواب والمُجيب في إحراج وتلعثم ومحاولة انفعالية لتغيير مسار الجدل.
اقول؛ وبشكل دقيق: لم تتحدث النصوص الدينية بتفصيل ودقة عن دقائق التركيب العضوي وأولياته بمثل ما تحدث العلم الحديث.
عزيزي المتدين والمعتقد بعلمية النص الديني؛ أتمنى أن تكون كل خلايا جسدك بخير وأن تلقى الرعاية الصحية من المختبرات الحديثة بما يُعزز سلامتها ويرفع من كفائتها لتطول أيام تنعمك بالصحة وتضاف لك أيام كثيرة كما سعى لذلك الفقهاء الذين تقدسهم والمشايخ الذين تردد بعدهم الأدعية فهم يتوجهون للمستشفيات الحديثة عند نزول المرض بهم.



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإشتراكية الإجتهادية
- قيمة الديموقراطية عند المصابين بذهان عقائدي شديد
- المواطنة أمي والبيروقراطية المتوحشة
- وجهة نظر كافر
- خل يتلاحگها كردي
- جبال مُقيّدة
- نظام ديمقراطي ونظام آخر .. الشراكة المستحيلة
- لن تتمكن ولا بألف أبرة من تَقْويض جبل
- لنستكشف الإجتهاد .. 5
- لنستكشف الإجتهاد .. 4
- لنستكشف الإجتهاد 3
- جامعة أم جامع ؟
- لنستكشف الإجتهاد .. ٢
- لنستكشف الاجتهاد .. ١
- لنستكشف المقاومة ٤
- عن أي عُزير تحدث القرآن
- لنستكشف المقاومة ٣
- لنستكشف المقاومة ٢
- لنستكشف المقاومة ١
- النص المُقرْأن 4


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ليلو كريم - سفر التكوين العلمي