أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - العروبة المؤنسنة














المزيد.....

العروبة المؤنسنة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7086 - 2021 / 11 / 24 - 14:04
المحور: الادب والفن
    


كان اختيار منتدى أصيلة وجامعة المعتمد بن عبّاد المفتوحة بالمغرب لموضوع "العروبة والبناء الإقليمي العربي: التجربة والآفاق" كعنوان لندوة ذات طابع راهني بأفق مستقبلي وقراءة إستشرافية ، فرصة مناسبة لتبادل الآراء واستمزاج وجهات النظر والاستئناس بأفكار حاولت ملامسة الجديد في فكرة العروبة، التي ظلّت تشغل الأفق السياسي والاستراتيجي لغالبية مشاريع النهضة والإصلاح في العالم العربي منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الأن، وقد اتخذت ثلاث اتجاهات أساسية:
الأول – "العروبة الثقافية"، وهي الفكرة التي حاولت محاكاة مشاريع النهضة الأوروبية التي كان توجّهها نحو "دولة مدنية"، وقد أخذت هذه الفكرة تتعمّق بالتجربة العملية وبعد طائفة من الإخفاقات والممارسات السلبية التي عملت باسم "العروبة" .
الثاني – "العروبة الآيديولوجية"، وهي الفكرة التي حاكت السياسة والتيارات القومية الأوروبية الإستعلائية الشوفينيّة بشيفرة قومويّة.
الثالث – "العروبة في طور التكوين المؤسساتي"، وهي فكرة قامت عليها جامعة الدول العربية (22 مارس / آذار1945 ) كمنظّمة إقليمية أرادها الآباء المؤسسون أن تكون نواة أو خطوة للوحدة العربية وعلى طريقها، وهي وإن أخفقت سياسياً في حل المشكلات والنزاعات والحروب العربية – العربية، والعربية – الأجنبية، إلاّ أنها تمكنت من لعب دور إيجابي في دعم البلدان العربية لنيل استقلالها والتحرر من الإستعمار وفي دعم تنميتها، إضافة إلى مساندة القضية الفلسطينية في المحافل الأممية ضدّ العدوان "الإسرائيلي" المتكرر.
و خلال القرن ونيّف الماضي تعرّضت العروبة إلى تحدّيات عديدة، من خارجها ومن داخلها إذا جاز التعبير.
أولها – إخفاق المشروع السياسي الوحدوي وتضبّب صورته الحلمية، والأكثر من ذلك فإن الدولة العربية (القُطرية) التي اعتُبرت من مخرجات التجزئة وسبباً في عدم تحقيق مشروع النهضة تصدّعت هي الأخرى بسبب الحروب والنزاعات الأهلية، إلى درجة أصبح الحفاظ عليها مهمةً عروبية بامتياز.
وثانيها – التداخلات الإقليمية غير العربية وتأثيرها على القرار العربي، وذلك بسبب محاولات الهيمنة الإيرانية والتركية، فضلاً عن محاولات أثيوبيا المائية التي ألحقت ضرراً بالمصالح العربية، ناهيك عن تحالفاتها الإقليمية.
وثالثها – تراجع القضية الفلسطينية، التي مثلّت جامعاً للعروبة الثقافية والمؤسساتية .
ورابعها – إنفجار الهويّات الفرعية وانبعاث رياح الطائفية والإثنية المناوئة لفكرة العروبة، خصوصاً بعد تنكّر أو عدم اعتراف بها.
وخامسها – الممارسات الإستبدادية السلبية لأنظمة حكمت باسم العروبة.
العروبة بصفتها هويّة منفتحة ليست ساكنة أو نهائية أو تمامية. لأنها متجدّدة ومتحوّلة ومتفاعلة ، حيث تتغير بعض عناصرها مثل العادات والتقاليد والفنون والآداب حذفاً أو إضافة، ومثلما هي كذلك، فلا بدّ أن تقّر باختلاف الهويّات وتعترف بحقوقها وتتعامل معها كأمر واقعي وليس مفتعلاً أو متخَيّلاً، كما هي النظرة الإستعلائية الشوفينيّة. وهكذا يصبح من واجب العروبة المؤنسنة احترام حق كل شعب أو مجموعة بشرية تشعر بوجود خصائص تجمعها هويةً وانتماءً، بل و أن تعمل على مساعدتها في تعزيز وتطوير خصوصيتها بما يجعلها تتفاعل إنسانياً معها.
وبهذا المعنى لا يمكن إختزال العروبة بالقومية أو العرق أو النسب ، وإذا ما فعلنا ذلك فأين سيكون مكان الأندلس والمعتمد بن عبّاد وابن طُفيل وابن باجة وابن حزم وعبّاس بن فرناس من فكرة العروبة ؟
والعروبة هي لغة امرؤ القيس والمتنبّي وأبو القاسم الشّابي وطه حسين وجبران خليل جبران والجواهري، وكانت وما تزال فعل مواجهة، خصوصاً حين تبلورت في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين من خلال مفكرين ورُوّاد مثل جورج أنطونيوس وشكيب أرسلان ورشيد رضا والبساتنة والريحاني واليازجي وصولاً إلى ساطع الحصري، ولعلّ ما هو مطلوب اليوم تعزيز العروبة وتجذيرها وتحصينها وأنسنتها بالحرية والإقرار بالتنوّع وقبول الآخر والاعتراف بالحق في الإختلاف.
وكان مشروع النهضة الأول الذي ساهم فيه الأفغاني ومحمد عبدو والكواكبي والطهطاوي والتونسي والقائيني قد ارتكز على عاملين أساسيين وهما: الحريّة والتنمية وهذان يمثلان الأساس للمشروع النهضوي العربي الحديث بأركانه الستة وهي: التحرّر السياسي والتنمية الإقتصادية المستقلّة والوحدة العربية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية والتجدد الحضاري، وهو يمثّل العروبة المؤنسنة البعيدة عن التعصّب ووليده التطرّف ونتاجهما العنف والإرهاب. وبذلك يمكن أن نضع الجاحظ وابن خلدون وابن المقفّع وابن سينا وابن رشد وأبو نوّاس وسيبويه ونفطوية وبشار بن برد وغيرهم في عداد من أسسوا للعروبة على أساس الثقافة واللغة، ويمكن إضافة الدين والجغرافيا كأُسس للهويّة لا علاقة لها بالإنتماء العرقي والقَبلي، بعيداً عن محاولات تفضيل العرب وتمييزهم بسبب ذلك، وبعيداً عن نقيضه، محاولات تبخيس دورهم وقدرهم.
وما تحتاجه العروبة اليوم هو إعادة هندستها لتكون أكثر انفتاحاً وتعدّديةً وقبولاً للآخر، أي الإقرار بالتنوّع في إطار الوحدة وهو ما يجنّبها التفتّت والتذرّر ويجعلها جامعةً ومتعددة في آن، ولعلّ ذلك يعطيها كهويّة مصادر قوّة روحيّة لم تُكتَشف تاريخياً حتى الآن، والعروبة حسب قسطنطين زريق "مشروع لم يُنجز بعد"، وإنجازه يحتاج إلى وعي جديد، وهو ما كان خلاصة البحث في منتدى أصيلة "الأصيلة" التاريخي في دورته الثانية والأربعين.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين: الحضور الاستراتيجي
- عشر دقائق مع الحلاج
- صورة الأردن في العالم في 100 عام / الملك حسين الاستثناء في ا ...
- صورة الأردن
- ثقافة اللاّعنف
- الوهم الديمقراطي
- مناظرة السليمانية : واستذكارات الحوار العربي - الكردي
- السلطة ذكورية ولا كتابة حقيقية دون جرأة
- كورونا والسلام العالمي
- المناخ والنفط
- الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل
- مآلات الربيع العربي- وقفة مراجعة
- صاحب الحكيم وسوسيولوجية الشيوعية في النجف
- الطائفية وأسئلة الضرورة
- مئوية الدولة العراقية
- الإرهاب الدولي : قراءة مغايرة
- من دروس التجربة المغربية
- الإختفاء القسري
- صالون 15 في بيروت... لماذا؟
- الملك فيصل الأول والهويات القاتلة


المزيد.....




- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - العروبة المؤنسنة