أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحسين شعبان - الملك فيصل الأول والهويات القاتلة














المزيد.....

الملك فيصل الأول والهويات القاتلة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 7014 - 2021 / 9 / 9 - 12:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



أدرك الملك فيصل الأول (المولود في 20 مايو/أيار 1883) الذي تولى عرش المملكة العراقية في عام 1921، عمق الأزمة العراقية المتعلقة بالهوية الموحدة بعد أن حكم العراق 12 عاماً، ففي مارس/آذار 1932 وقبل وفاته بعام واحد وبضعة أشهر كتب مذكرته الشهيرة والتي تمثّل خلاصة تجربته وقد شخّص فيها «الجهل واختلاف العناصر والأديان والمذاهب والميول والبيئات» وها نحن نستعيد رؤيته بعد 100 عام على تأسيس الدولة العراقية.
وباستعارة من الروائي أمين معلوف فإن تلك الهويات الفرعية تصبح «قاتلة» إذا تحوّلت من «تطلّع مشروع» إلى «أداة حرب» وهو ما انفجر في العراق ما بعد الاحتلال الأمريكي العام 2003، وقاد إلى اقتتال أقرب إلى «الحرب الأهلية» في عام 2006 أثر تفجير مرقدي الإمامين الحسن العسكري وعلي الهادي في سامراء.
إن القراءة الارتجاعية لمذكّرة الملك فيصل الأول تفصح عن عوامل التفتّت والتشتّت والافتراق في الهوية العراقية وانعكاساتها على الوحدة الوطنية رؤية وموقفاً وقراراً. ومن استنتاجاته المهمة والمبكّرة «أن البلاد العراقية... ينقصها... الوحدة الفكرية والملية والدينية...»
ووفقاً لمنظوره لا بد من عدم الانقياد إلى «تأثيرات رجعية أو أفكار متطرفة تستوجب رد الفعل» لذلك دعا الساسة إلى أن يكونوا حكماء مدبرين وفي نفس الوقت أقوياء مادة ومعنى، غير مجبولين لأغراض شخصية أو طائفية أو متطرفة يداومون على سياسة العدل والموازنة والقوة معاً.
ويحدد فيصل الأول الاختلافات السنية- الشيعية - الكردية، وما أسماه «الأقليات غير المسلمة»، وهو ما أطلقت عليه منظومة 9 إبريل/نيسان بعد الاحتلال مصطلح «المكوّنات» التي جرى تكريسها في الدستور النافذ (في المقدمة - مرتان) وفي المادة 9 و 12 و 49 و125 و 142، وليس ذلك سوى نظام للمحاصصة والتقاسم الطائفي- الإثني الذي قام على الزبائنية والمغانم مقتفياً أثر التجربة اللبنانية، في حين كانت مذكرته تريد تجاوز ذلك الواقع البائس، «المستعد لقبول كل فكرة سيئة بدون مناقشة أو محاكمة» على حد تعبيره، لاسيّما من "السواد الأعظم الجاهل".
ويتناول فيصل الأول، آراء المتعصبين وأرباب الأفكار القديمة الذين جبلوا على تفكير يرجع عهده إلى عصور «خوَت» وآراء الحداثيين الذين يريدون سوق البلاد إلى الأمام دون الالتفات إلى أي رأي كان للوصول بالأمة إلى المستوى اللائق طبقاً للقانون والنظام، وفرض هيبة الحكومة (الدولة) على الجميع. ولعل تلك إحدى العقبات التي واجهت الدولة العراقية منذ تأسيسها، وزاد الصراع بعد الاحتلال؛ حيث تم تعويم الدولة من جانب السلطة ومن طرف مجموعات مسلحة خارج سلطة الدولة أو باسمها، إضافة إلى مرجعيات دينية أو عشائرية أو سياسية أو حزبية أو جهوية أو غيرها، وكل ذلك ينبغي أن يخضع للدولة التي من واجبها حماية أرواح وممتلكات الناس وضبط النظام والأمن العام والتمسك بحقها في امتلاك السلاح.
إن ما حذّر منه فيصل الأول لا يزال ماثلاً للعيان، فالحكومة حسب رأيه أضعف من الشعب بكثير ويقصد بذلك امتلاك السلاح، «فلو كانت البلاد خالية من السلاح لهان الأمر، لكن يوجد في المملكة ما يزيد على 100 ألف بندقية، يقابلها 15 ألف بندقية حكومية، ولا يوجد في بلد من بلاد الله حالة حكومية وشعب كهذه». وهو ما ينطبق على حال العراق اليوم.
ويضع فيصل الأول أصبعه على الجرح حين يقول: الاختلافات الكبرى بين الطوائف يثيرها المفسدون بين المسلمين أنفسهم وبين الطوائف والأديان الأخرى، وذلك استناداً إلى «التعصّب للتفرقة بين هؤلاء الجهلاء». ويقترح الحل الذي ظل عائماً منذ تأسيس الدولة العراقية والمقصود به «المواطنة» التي تقوم على مبادئ الحرية والمساواة والشراكة والمشاركة والعدالة، وهي التي لا تزال غائبة أو منقوصة أو مشوّهة.
ويمضي في مذكرته إلى القول «فإذا لم تعالج هذه العوامل بأجمعها وذلك بقوة مادية وحكيمة معاً ردحاً من الزمن حتى تستقر البلاد وتزول الفوارق وتتكوّن الوطنية الصادقة وتحل محل التعصّب المذهبي والديني، فالموقف خطِر». ويعبّر عن ذلك بمرارة بقوله: "في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد؛ بل توجد كتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية مشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء، ميّالون للفوضى".
وحسب استنتاجه فمن المفروض «أن نشكّل من هذه الكتل شعباً نهذّبه وندرّبه ونعلّمه» وهي المهمة التي وضعها على عاتقه، عبر جيش موحّد وقوي لأنه العمود الفقري، وذلك بإعلان الخدمة الوطنية والتعامل مع التقاليد والشعائر الدينية بمنظور واحد «ميزان واحد»، إضافة إلى عدد من الإجراءات الإدارية والتشريعية والإجرائية. فهل نعيد قراءة مذكّرة فيصل الأول؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايران وشط العرب: صاعق التفجير (5)
- تونس ومفترق الطرق
- تركيا: مشروع الغاب.. للتحكم بمياه سوريا والعراق (4)
- رسائل روسية إلى طالبان
- البارومتر الساخر والمحرّض
- في -مملكة- الجواهري
- السودان: الطريق إلى المصالحة
- العدالة الإنتقالية الدولية
- اليسار أخطأ في نظرته إلى الدين
- الشاعر حسن عبد الحميد ومجموعته الشعرية -حين تنكَرّ الموج ... ...
- أثيوبيا تقفز فوق الحواجز.. فهل تُشعل حرب مياه مع مصر؟(3)
- “إسرائيل” من “الأسلحة في الحرب إلى المياه في السلام”! (2)
- شفرة مقتدى الصدر
- الانتخابات العراقية والخريطة السياسية
- دمينو الشرق الأوسط: حرب المياه متى تنفجر؟
- سعدي يوسف: شاعر الدهشة الأولى والحداثة الثانية
- أفغانستان من الحرب إلى الحرب
- الانتخابات العراقية: خريطة التحالفات والتضاريس الوعرة
- سليم الحص: الضمير والكلمة
- الإعدام معنى ومبنى


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الحسين شعبان - الملك فيصل الأول والهويات القاتلة