أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تونس ومفترق الطرق














المزيد.....

تونس ومفترق الطرق


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6999 - 2021 / 8 / 25 - 11:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ربما من السابق لأوانه إصدار حكمٍ نهائي وموضوعي على ما حصل في تونس بعد إصدار الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 يوليو/ تموز 2021، قراراته بإقالة حكومة هشام المشيشي وحلّ البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، لكن ما هو ماثل للعيان أن ثمّة مرحلة جديدة قد بدأت ولا يمكن تقدير أبعادها أو التكهّن بنتائجها، الأمر الذي قد يثير إشكالات جديدة نظرية وعملية وقانونية وسياسية في المشهد التونسي بشكل خاص إزاء الموقف من الإسلام السياسي وإزاء الموقف من المشروع الإسلامي إقليمياً ودولياً، وهو ما قد يفتح باب المراجعة والنقد بشأن تقييم جديد لما سُميّ ب «الربيع العربي» وموضوع الانتقال الديمقراطي والتحوّلات التي أعقبته سياسياً ودستورياً.
وإذا كان انكسار حاجز الخوف بوصول اللحظة الثورية إلى ذروتها بعد انتفاضة سيدي بو زيد إثر حرق بو عزيزي نفسه وصولاً إلى العاصمة تونس، والتي توّجت بفرار الرئيس زين العابدين بن علي وانتهاء فترة حكمه التي دامت ما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن، فإن الشرعية الجديدة التي يُفترض تأسيسها محلّ الشرعية القديمة لم يتمّ استكمالها وواجهتها عقبات جديّة بعضها يتعلّق بمساعي الثورة المضادة لوضع العصي في عجلتها وبعضها الآخر يتعلّق بعدم قدرة وأهلية وكفاءة النخب التي تولّت مقاليد الأمور بعد التغيير على إدارة الحكم بطريقة شفّافة ومقبولة بحيث تحظى رضا الناس، ناهيك عن هشاشة وضعف المشروعية القانونية والمقصود بذلك حكم القانون في ظلّ محاولات الهيمنة على السلطة والحصول على الامتيازات والمغانم وتفشّي الفساد المالي والإداري على نحو مريع وغياب الحدّ الأدنى من الاتفاق والتوافق على مستقبل التطوّر والوحدة الوطنية.
وبغضّ النظر عن الموقف الدستوري من قرارات الرئيس سعيّد إلاّ أنه لجأ إليها بعد فترة خلافات طويلة تعمّقت بمرور الأيام وقادت إلى أزمة حقيقية بين أركان السلطة التنفيذية (الرئيس) و(رئيس الوزراء) والأخير قريب من حزب النهضة الإخواني، ولم يكن الفشل الذي مُنيت به الحكومة وحده أو الرغبة في احكتار السلطة، بل إن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدّلات البطالة والفقر والركود الاقتصادي، إضافة إلى ارتفاع منسوب الهجرة غير الشرعية كان وراء اندلاع الأزمة. وفوق كل ذلك جاء انتشار وباء «كوفيد- 19» ليزيد الطين بلّة بحيث أصبحت تونس من الدول العربية الأكثر انتشاراً للوباء، ما كشف فشل المنظومة الطبية والإجراءات القاصرة المتبعة لتطويق المرض، الأمر الذي كان وراء إقالة وزير الصحة تمهيداً لانفجار الأزمة.
ولم تكن المؤسسة القضائية خارج دائرة الصراع، فقد كان الحديث يتصاعد داخل البرلمان وخارجه، وهو ما أدّى إلى أن تطفو الأزمة على السطح على نحو شديد وحاد، دون نسيان دور الأطراف الخارجية الإقليمية والدولية وعلاقتها بالقوى المتصارعة، إضافة إلى قلقٍ عربي بشأن الإسلام السياسي ممثلاً في حزب النهضة، وهو وإن امتلك قدرات تنظيمية إلاّ أنه لم يمتلك عقولاً وكفاءات وقيادات إدارية تستطيع أن تقود الدولة، على الرغم من حصوله على أغلبية برلمانية في جميع الدورات الانتخابية، ناهيك عن مشروعه السياسي.
وقد كان البرلمان الذي ترأسه راشد الغنوشي في الدورة الحالية، وعلى مدى أكثر من عام في صراع دائم داخله ومع مؤسسة الرئاسة أيضاً، الأمر الذي عطّل التنمية وجعل البلاد تدور في دوامة لا مخرج منها، يضاف إلى ذلك تشتّت القوى التي تطلق على نفسها «مدنية» وتوزّعها على محاور بعضها متنافر مع البعض الآخر، ناهيك عن غياب برنامج وطني جامع لها ولو بمعايير الحد الأدنى والذي يمثّل مرحلة الانتقال وصولاً إلى التحوّل الديمقراطي.
وقد انعكس ذلك على خلافات دستورية حول صلاحيات رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب بسبب عدم وضوح أو التباس الأمر دستورياً أو أن تفسيرات وتأويلات ظلّت مصدر خلاف بين الفرقاء، فبين من يريد أن يعطيه صلاحيات أعلى ومن يريد اختزالها في الجوانب البروتوكولية، كانت الأزمة الاقتصادية تستفحل وأوضاع الناس المعيشية تزداد تدهوراً، فلم تعد ثورة الياسمين التي بدت واعدة، بل نموذجاً، وإذا بها هي الأخرى عرضة للتجاذب والشدّ والحلّ من جانب قوى مختلفة كلٌ منها يريد أن يقود المركب بنفسه ولصالحه حتى وإن أدى إلى الإخفاق.
فهل سينجح سعيّد في تشكيل حكومة كفوءة وجديرة من تكنوقراط بحيث يحتوي الأزمة السياسية، كما يمهّد الطريق لاحتواء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتخفيف حدّة الاحتقان المجتمعي، خصوصاً من جانب جيل الشباب؟ وهل ستكون الحركة السياسية بجميع صنوفها وألوانها جديرة باستيعاب هذا الدرس التاريخي، خصوصاً بعدم توظيف الدين لمصالح سياسية ضيقة؟ وهل ستدرك القوى الإقليمية والدولية أهمية الاستقرار في الأوضاع التونسية، خصوصاً وأن جارتها ليبيا لا تزال منذ عقد من الزمن في احترابٍ ونزاع مسلّح حيث تمّ تعويم الدولة وقاد إلى تفشّي مظاهر التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب؟
إنها أسئلة برسم الحاضر فهل تعي النخب الفكرية والسياسية مخاطر الوقوف عند مفترق الطرق؟
[email protected]



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا: مشروع الغاب.. للتحكم بمياه سوريا والعراق (4)
- رسائل روسية إلى طالبان
- البارومتر الساخر والمحرّض
- في -مملكة- الجواهري
- السودان: الطريق إلى المصالحة
- العدالة الإنتقالية الدولية
- اليسار أخطأ في نظرته إلى الدين
- الشاعر حسن عبد الحميد ومجموعته الشعرية -حين تنكَرّ الموج ... ...
- أثيوبيا تقفز فوق الحواجز.. فهل تُشعل حرب مياه مع مصر؟(3)
- “إسرائيل” من “الأسلحة في الحرب إلى المياه في السلام”! (2)
- شفرة مقتدى الصدر
- الانتخابات العراقية والخريطة السياسية
- دمينو الشرق الأوسط: حرب المياه متى تنفجر؟
- سعدي يوسف: شاعر الدهشة الأولى والحداثة الثانية
- أفغانستان من الحرب إلى الحرب
- الانتخابات العراقية: خريطة التحالفات والتضاريس الوعرة
- سليم الحص: الضمير والكلمة
- الإعدام معنى ومبنى
- ليبيا ومسار برلين
- التصدّع بالهوّية العراقية الموّحدة ما زال سارياً/ مقابلة مع ...


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تونس ومفترق الطرق