أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحمّار - هل الأحزاب التونسية مُكَوَّنة بشكل يضمن استدامة النظام الديمقراطي؟














المزيد.....

هل الأحزاب التونسية مُكَوَّنة بشكل يضمن استدامة النظام الديمقراطي؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 7070 - 2021 / 11 / 7 - 21:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيش تونس منذ يوم 25 جويلية 2021 ما أسماه بعضهم انقلابا على الديمقرطية والبعض الآخر تصحيحا للمسار وآخرون ثورة ثانية، لكن إلى حد هذه الساعة لم يفرز هذا الحدثُ الذي يبقى مُحركه الأساسي الرئيس قيس سعيد، لم يفرز التغييرَ المأمول لدى الشعب بل لا أحد بإمكانه التنبؤ بالمستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد.

فقط ما يعلمه القاصي والداني هو أنّ المجتمع السياسي منقسم إلى مساند ومعارض للحركة الرئاسية. في هذا المضمار و أمام معاينتنا أنّ أولائك وهؤلاء لا يفعلون شيئا يذكر لتجسيد مساندتهم او معارضتهم باتجاه تحريك الواقع والتأثير في القرار السياسي لرئيس الدولة، نفترض أنّ هشاشة الأحزاب السياسية على الرغم من العدد المهول لهذه الاخيرة (أكثر من 200) هي السبب الأصلي في التصحر الحركي الموصوف. لو كانت للأحزاب (على الأخص الكبرى) وزنا حقيقيا على الساحة لشهدنا تطورات سريعة في التفكير وفي التصور وفي المشاركة في القرار. لو كان ذلك كذلك لمَا اكتفت الأحزاب المعارِضة للحراك السياسي بالتمسك بشماعة "عودة الحكم الفردي"، لمَا اكتفت الأحزاب المساندة للحراك بالتفكير السحري والأمل والتطبيل، لأنه كان على المعارضين وأيضا المساندين أن يقدموا مقترحات باتجاه تكريس التعددية و الذود عن النظام الديمقراطي. لو فعلت الأحزاب ما كان ينبغي فعله لَما كان لحديثِ عودة الدكتاتورية أيّ معنى من جهة، ولَما كان لحديث البناء الجديد أيّ تشكيك من الجهة الثانية، بل لَما "احتقر" الرئيس المنظومة الحزبية بكاملها لعدم جدواها. وبالتالي إذا تمادت الأحزاب في تلك الوضعية الهشة، القبْلية للديمقراطية، فستكون جميعها سببا في عودة الدكتاتورية لا سمح الله.

إذن لم تفعل الأحزاب ما ينبغي فعله من تفكير سليم وتصور رصين وقرار ناجع لأنها لم تستطع ولا تزال لا تستطيع القيام بذلك. فلنرَ لماذا لا تستطيع الأحزاب السياسية تشكيل الوزن المضاد لأي عودة للنظام الفردي.
أعتقد أنّ هذا الغياب للاستطاعة الحزبية يعود بالأساس إلى عدم استطاعة المجتمع التونسي بتمامه وكماله تأسيس حزب سياسي يستحق هذه التسمية. فالمجتمع لا يستطيع لأنّ المفكر فيه إما انه لا يحرص على تطبيق ما يعرضه في كتاباته وأقواله، إما أن أفكاره وقناعاته المعلنة يُكذبها الواقع وبالتالي فهو بهذا التمشي لا يساهم في تغيير الواقع وإنما ينهار أمام قوة الواقع وبالتالي يُربكُ الفكر السياسي، بل يسهم في تدليس كل فكرة سياسية.

هشام جعيط مثلا كان قد صرّح ان "النهضة" حزب ثوري يستحق تمثيل الشعب وحُكم البلاد لكن ها أننا شاهدون اليوم على ذوبان هذا "الحزب" بشكل أسطوري و ميلودرامي . احميدة النيفر كان قد كتبَ عن تعريب الحداثة ولكن انتهى به الأمر إلى فتح أبواب الجمعية التي يرأسها لجماعة المنصف المرزوقي (المعرب والعروبي؟) حتى يقوموا بالدعاية لمن سيصبح أسوأ رئيس عرفته البلاد. المرزوقي نفسه ادعى العروبة والتعريب لكنه انحاز إلى أعداء سوريا العربية وساهم بطريقة او بأخرى في الحملة الدموية ضدها.

إنّ الحزب فكرة تتطلب الالتفاف حولها ورعايتها، ثم هو تنظيم يسعى إلى إنزالها إلى حيّز التطبيق، لكنّ مفكري تونس، وعددهم ضئيل في عهد الاستقلال، نظرا لكونهم يتميزون هكذا بانعدام الانسجام بين الوجود والموجود، بين الفكر والواقع، فمن الطبيعي جدا أن يفرز المجتمع السياسي الذي يعتاشون منه فكريا مقابل تزويدهم إياه بقناعات (وهي في معظمها متباينة مع سلوكهم)، من الطبيعي أن يفرز التباين والتناقض وحتى العداوة بين مكونات الطبقة السياسية بشكل يحرم كل مجموعة تعتزم تأسيس حزب من استكمال التأسيس، ناهيك بناء المجتمع، فيكون مآل المجموعة السقوط في الارتعاش هي الأخرى، على غرار مفكري البلاد، ومن ثمة التخبط فالتشرذم وأخيرا الاندثار.

في ضوء هذا لسائل أن يسأل كيف كان لتونس أن تؤسس حزبا بقوة الحزب الدستوري التاريخي والحال أنّ الحَوَل الوجودي للمفكر التونسي ينتصب حاجزا أمام النجاح في البناء الحزبي ومنه في بناء نظام حكم متين ومجتمع متجانس. في الحقيقة، يعود ازدهار حزب الدستور بالأساس إلى استثناء: لقد كان مؤسسه الحبيب بورقيبة هو المفكر وهو المُطبق في الآن ذاته وبالتالي قد تكون هذه الميزة هي التي تفسر مَيل كفة الحكم في الحقبة البورقيبية وأيضا في الحقبة النوفمبرية (وهي بمثابة الامتداد للأولى) مَيلها نحو الحكم الفردي الشمولي الدكتاتوري. وبالتالي قد يكون مجتمعنا مفطوما خطأ على مثل هذا الاستثناء الجامع بين المفكر والسياسي في شخص واحد أحد، مما يعني أنه مفطوم تبعا لذلك على عدم استطاعة الجمع بين الفكر والسياسة في مجموعات من أفراد عديدة بإمكانها التحول إلى أحزاب سياسية. وكأنّي بمجتمعنا راضٍ بتوقف التاريخ عند بورقيبة! وكأني به راضِ بإعادة إنتاج نموذج الشخص الأوحد المفكر والسياسي والحاكم الواحد دون سواه.

متى يا ترى سيقع كسر هذا الاستثناء؟ واقعيا، قُل هل أنّ 25 جويلية سيفضي إلى عملية ناسخٍ ومنسوخٍ للاستثناء؟ (وهل أتاك أيّ حديثٍ لإعادة إنتاج الاستثناء، مهما كان نوعه؟) أم إلى نهاية صلوحية الاستثناء فالانطلاق في تحويل الاستثناء إلى قاعدة ؟ إنّ إحدى هاتين الفرضيتين هي التي ستحدد نظام الحكم المقبل، إما باتجاه الحكم الفردي الكلياني لا قدر الله وإما باتجاه حكم تجريبي يكون وَقودُه فكُّ شفرة شيزوفرينيا الفكر/السياسة، و يكون مركزُه تعميمُ الإحساس بهذه الضرورة لدى كل مواطن حتى يتسنى لمجموعات المواطنين الفاهمين للدرس الديمقراطي(أحزاب المستقبل)ممارسة الديمقراطية عن دراية وذلك برفع رغباتهم وتطلعاتهم إلى سلطة القرار بكل رِفعة فتتبلور حينئذ مخرجات الديمققراطية التونسية.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن التونسي بين -كَلسونية- لطفي العبدلي وجمهورية قَيس سع ...
- فَرمتة العقل السياسي التونسي ضرورة عاجلة، لماذا وكيف؟
- كيف وصلت تونس إلى هذا وهل من مخرج؟
- متى تكون القدس لنا؟
- هل يفهمُ المتخصصون الإسلامَ أفضلَ من العوام؟
- هل الدين حقا مسألة شخصية؟
- ما وراء حديث الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم
- الليبرالية بين حُروبهم الناعمة وعقولنا النائمة
- حديث -البْرِيكَة- أم الهَبْطة اللغوية الوشيكة؟!
- ما بَعدَ العلمانية لسَترِ العَورَة التونسية
- هل مدرستنا تحذق القراءة؟
- بعد برلين، إلى أين سيُهَجّرنا الإعلام التونسي؟
- تونس بين مؤتمر الاستثمار ومدرسة الاستهتار
- هل القرآن بحاجة إلى تفسير جديد؟
- مخالفة القانون: أين الداء وما الدواء؟
- حتى تنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر...
- الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين
- تونس: خسرنا الدنيا فهل ربحنا الدين؟
- كيف أكون عربيا إسلاميا مستقبلا؟
- لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحمّار - هل الأحزاب التونسية مُكَوَّنة بشكل يضمن استدامة النظام الديمقراطي؟