أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الحمّار - الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين














المزيد.....

الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 5287 - 2016 / 9 / 17 - 09:40
المحور: كتابات ساخرة
    


يقول المثل الشعبي التونسي ما معناه بالفصحى "ضحكوا له فتمدد على طوله". و ذلك هو ما حدث للمجتمع التونسي. كيف ذلك؟
منذ الاستقلال ما انفك يقال للشعب: "أنت تملك رئيسا (الحبيب بورقيبة) بامكانه أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية حيث إن بلدك صغير تتجاوزه عبقرية بورقيبة؛ أنت من تُعد مدرسة بلاده أفضل من مدارس سائر العرب؛ أنت تعيش في البلد العربي الوحيد الذي لديه مجلة الأحوال الشخصية؛ التونسي أذكى من النلس أجمعين؛ اللهجة العامية التونسية هي الأقرب للفصحى: أنت ستكون شاهدا على "الإقلاع الاقتصادي" في غضون بضعة أعوام؛ وسيلتحق مجتمعك على التو "بركب الحضارة… ".
ثم جاءت الثورة "المجيدة"، وبدأت دورة جديدة من الديماغوجيا في التهليل بالمواطن والشعب التونسيين ثم تبشيره: "أنت من أشعل فتيل الثورة؛ أنت بلد البوعزيزي؛ يا ابن تونس الثورة؛ بلدك هو من نظم أول انتخابات حرة ونزيهة ومن صادق على أول دستور ديمقراطي... "
لكن الحقيقة والواقع لهما كلام آخر يخاطبان به الفرد والمجموعة في تونس:" أنت أول من شحنوا عقله بالأوهام والترهات؛ أنت لم تلتحق بركب الحضارة لا لشيء سوى لأنه لم يقال لك إن بلدك كبير بدليل أنه كان في القديم يسمى "مطمور روما" وبدليل أنه كان في القرنين 18 و19 ذا صناعة مرموقة وفي صدارة البلدان المصدرة للمواد الغذائية وللسلع الراقية في المنطقة المتوسطية. لقد علموك أن بلدك صغير. شاؤوا أن تكون من الصغار، لماذا، لكي يسهل ابتزازك."
وذلك هو ما حصل بالفعل نتيجة لانطلاء الايديولوجيات التقزيمية عليك: لم تقدر على الحفاظ على أي شي؛ مدرستك صارت "دار امْعَلْمة" (قديما قبل تأسيس المدرسة، بيت تجتمع فيه النسوة للتدرب على بعض الأشغال اليدوية مثل الخياطة والتطريز) خير منها؛ بلدك كان ثالث مصدر للفسفاط في العالم وإذا به يتوقف عن إنتاج هذه البضاعة؛ كان من أشهر الوجهات السياحية في العالم وإذا بفنادقه تخسر بين عشية وضحاها كل زبائنها؛ بلدك الآن من بين أكبر الموردين للسيارات لكنه ربما من بين أتعس البلدان من حيث عدم تطبيق قانون المرور و من حيث الفوضى والتهور والهمجية؛ تتوفر في العاصمة وحدها سلسلة من البيتزاريات ودكاكين بيع الحلويات والمثلجات (التي لا تبقى على رفوفها قطعة واحدة في آخر اليوم) قد يضاهيى أسطول بلد بحاله من اوروبا المتطورة، لكنك يا "عياش" لا تقدم من العمل الصالح بالساعد الأيمن ما يقابل ما تأكله باليد اليمنى؛ دستور بلادك باق حبرا على ورق طالما انه ليس مبنيا على أفكار معبر عنها بلغة سليمة وإنما هو مبني على مفردات تم تركيب أفكار معروفة عليها؛ برلمانه لا يمثل إلا نفسه؛ إعلام بلادك متكلس طالما أنه يُعلمك أنت بما تريد الحكومة بدلا من أن يُعلم الحكومة بما تريد أنت. ألسنا مجتمعا متخلفا، وبمقاييس ثورية؟
في ضوء هذا، لا يسعني إلا أن أدعو الله أن يتوب على ذوي الحَول العقلي منا والذين بسبب هذه العاهة التي هي من صنع البشر صاروا يرون الشخصيات السياسية مجرد أوعية لأفكار متداولة، فتراهم يُركّبونها عليهم، صانعين منهم هياكل طفيلية وتاركين لهؤلاء المرتزقة الذين صنعوهم بأيديهم المجال الفسيح للتحكم بإرادة الشعب بتمامه وكماله قبل أن ينقلبوا عليهم ليحملوهم المسؤولية كاملة ويتنصلون هكذا من مسؤولية المواطنة.
كما أسأل الله أن يرزق النخب الساهرة على هذا الشعب حسن البصيرة حتى تكون للشعب مدرسة تعلم النشء مناهج الشك البنّاء لا مناهج الخلط بين الخرافات والحقائق أوأنماط الابتهاج لضحكة مُوَلدة للانبطاح.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: خسرنا الدنيا فهل ربحنا الدين؟
- كيف أكون عربيا إسلاميا مستقبلا؟
- لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟
- الكدح إلى الله والكدح التاريخي
- اللهجة العامية عربيةٌ فما الذي يزعج دعاة التعريب؟
- هل فهِمنا الإسلام وطوَّرنا اللغة العربية؟
- تونس، بلد عربي؟
- كفى استخفافا بالتونسيين
- لو أصبحت تونس بلدا ديمقراطيا، لَما انتحر أرسطو وقدم ساركوزي
- هل الإسلاميون وحدهم يلعبون لعبة الغرب؟
- جريمة سوسة: لماذا بريطانيا؟
- المسلمون والفهم الضبابي للواقع، داعش نموذجا
- تونس: كفانا مغالطة لأنفسنا !
- الشباب التونسي بين إخلالات الحاضر ورهانات المستقبل
- وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...
- تونس: الإصلاح اللغوي والتربوي من أضغاث الأحلام إلى الحلم
- تونس: وهل سيُنجز الإصلاح التربوي بعقل غير صالح؟
- تونس: التجديد الديني بين تطاول المفكرين وتبرير المشايخ
- آفة الدروس الخصوصية وعلاقتها بالعولمة
- الإرهاب الفكري المستدام


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الحمّار - الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين