أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الحمّار - وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...














المزيد.....

وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4831 - 2015 / 6 / 8 - 15:05
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تعيش تونس اليوم أزمة متعددة الأبعاد. أما أسبابها فهي مختلفة ومتنوعة. لكن لو تأملنا في العقلية المجتمعية لتفطنّا إلى أنّ الناس في بلادنا، للأسف، لا سيما و شهر رمضان المعظم – المتحول منذ عقود إلى"شهر الاستهلاك " - على الأبواب، يعملون لدنياهم كأنهم يموتون غدا (اللهفة و"الرغبة" والجشع والتهور من بين إخلالات أخرى) ويعملون لآخرتهم كأنهم يعيشون أبدا. بينما جاء في الأثر الديني أن "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا". فكيف يبرز هذا التقلب؟ ومن المسؤول عنه ؟ وما السبيل إلى وقف النزيف المترتب عنه؟

ظاهريا يتبادر للذهن اليوم أن نتهم الفئاتِ العمالية المضربة عن العمل والفئات المعتصمة وسائر الفئات المحتجة على تدني المقدرة الشرائية والشرائح المطالبة بالتوزيع العادل لثروات البلاد (حملة "وينو البترول" نموذجا)، أن نتهمها بأنها هي التي تعمل لدنياها وكأنّ يد المنون ستأخذها في الغد. بينما لو تمعنّا في المسألة للاحظنا أن ليس هؤلاء سوى ضحايا الفئات التي استثرت منذ فترة السبعينيات إلى اليوم، منتفعة بالسياسات الرأسمالية التي توختها الحكومات المتتالية.

أما تشكّلُ ما عُرف – محليا و حتى عالميا- باسم "الأثرياء الجدد" « nouveaux riches » فيتمثل في استفادة شرائح اجتماعية دون سواها من الفئات المستفيدة من النظام الرأسمالي المحلي الذي بدأ باستنساخ النموذج العالمي بصفة معدلة في أول الأمر (حقبة الوزير الأول، رجل الاقتصاد الهادي نويرة) ثم أخذ في التغلغل إلى أن بلغ التوحش (اليوم).

هكذا كان الممارسون للاستثراء – وهم أرباب الصناعة والتجارة الجدد- قدوةً للمستضعفين، ومثالا يحتذى به من طرف الفقراء والمعطلين عن العمل وأصحاب الشهائد الجامعية العليا وغيرهم. لكنه لم يكن اقتداء في مجال الأمر بالمعروف (التحكم بالنفس، ترشيد الإنفاق، التحلي بالقناعة) والنهي على منكرٍ اسمه "الاستثراء"، والوقاية من تبعاته، وإنما كان تقليدا في مجال السعي نحو تحقيق المنكر، محاكاةً للمتنفذين في مجال الاستثراء.

بهذه الطريقة، يتبين لدينا كيف أن الإثم صار بمثابة السلسلة، حلقاتُها متصلة بعضها ببعض في شكل عروةٍ فاسدة. هكذا، نرى حلقةَ عدم التحلي بالتروي والتأني ( بناء على "عقيدة قصر العمر"، وهي عقيدة غير مبررة لأنّ لا أحد يختار عمره)، نراها تقوّي حلقة الرغبة في الاستفادة من الخيرات الوطنية بشكل انفعالي حتى تتحول إلى رغبةٍ في النفع المادي السريع. ثم تقويها أضعاف المرات حتى تتحول الرغبة إلى طمعٍ، فجشعٍ، فتهورٍ فتحيّلٍ فسرقةٍ فنهبٍ، مما يكسر حلقة التضامن الاجتماعي تكسيرا لتحل محلها حلقة "الداروينية الاجتماعية" المبنية على المبدأ الطبيعي "البقاء للأقوى".

بالمحصلة، من الضروري أن يراجع مجتمعنا عقائدَ، ثابتة لديه لكنها ليست من الثوابت في شيء، لا في الدين ولا في الدنيا. وهذه مهمةٌ لطالما غابت عن السياسيين لكن ما إن فاتت عن هؤلاء فرصة التشخيص الصحيح للمشكلات الأساسية في المجتمع حتى غيّبوا، ولا زالوا يغيّبون، أولي الأمر في هذا المجال ألا وهم التربويون.




#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: الإصلاح اللغوي والتربوي من أضغاث الأحلام إلى الحلم
- تونس: وهل سيُنجز الإصلاح التربوي بعقل غير صالح؟
- تونس: التجديد الديني بين تطاول المفكرين وتبرير المشايخ
- آفة الدروس الخصوصية وعلاقتها بالعولمة
- الإرهاب الفكري المستدام
- تونس لن تستسلم للإرهاب
- مبادرة من أجل مدرسة المستقبل في تونس
- تونس: أزمة التعليم تتجاوز الوزارة والنقابات
- في مقاومة داعش وسلوكنا الفاحش
- هل الحكومة التونسية قادرة على الردّ الحضاري؟
- تونس: إصلاح الغصن أم الشجرة؟
- تونس: نصيب الجمعيات من حصة تخريب البلاد
- تونس: شهادة حول الخميس الأسود من سنة 1978
- تونس: ما معنى أن يشنّ أساتذة الثانوي إضرابهم لآن؟
- أية مقاربة لاقتصادٍ تونسي ديمقراطي؟
- متى يعيد التونسيون قراءة التاريخ؟
- السِّبْسُوقِيّة التونسية أم الطريق إلى الميتا- ديمقراطية؟
- الشباب التونسي والسبسية/المرزوقية والطريق الثالث
- تونس تستعيد مكانتها بين الكبار
- الشباب التونسي لم يقم بثورة، فما العمل؟


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الحمّار - وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...